الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مئوية دستور ١٩٢٣

بهاء الدين الصالحي

2023 / 5 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مئوية دستور ١٩٢٣
تعد الأبحاث الخاصة بتاريخ الدساتير امر ملتبس من خلال تعدد الزوايا فالبعض يري الأمر من خلال مسألة الهوية وأن الدستور هذا مؤشر لنمط الحياة الاجتماعية التي سادت وقت صدوره حيث يعكس البعد العقلي والاجتماعي للجنة الخمسين تلك اللجنة التي صاغت ذلك الدستور الذي عاني آفات السلطة المصرية عبر تاريخها ،علاوة علي خلل هيكلي وهو الاحتلال الذي افقد الارادة الوطنية القدرة علي الانفاذ لتلك المواد التي يفخر بها الدستور. والرؤية الاخري متعلقة بتطور القوانين من حيث دستوريتها وكذلك طبيعة القدرات المتاحة للسلطان الثلاثة وتأثير ذلك علي شكل الدولة ، وهي زاوية تتعلق بتاريخ القانون العام ، اما تطبيقات ذلك من خلال المذكرات التفسيرية وفتاوي مجلس الدولة فذلك امر متعلق بفئة معينة وهي فئة القضاء الواقف .
ولكننا هنا نتناول من باب علم الاجتماع القانوني والذي يتعلق بالتأثيرات الاجتماعية لتطبيق القانون وعلاقة ذلك بالبناء الاقتصادي وتوزيع القوي الاجتماعية ،ومن هنا نحن نرصد مفهوم الدين وعلاقته بالقيم من خلال الرؤية المجتمعية وذلك تأسيسا علي لغة الصياغة تعكس مجموعة من الدلالات تحت بند فلسفة اللغة حيث أن اللغة في النهاية معادل موضوعي للخبرة المجتمعية .
ونحن هنا نتحدث عن المادة الثانية عشر من دستور ٢٣ التي تعكس مساحة التعدد والاتفاق في نفس الوقت علي المشترك الأخلاقي وتجذر التعدد الديني داخل المجتمع المصري بحكم طبيعة التسامح التي خلقها وجود النيل كشريان حياة لمصر اقتضي التعاون لمواجهة الأخطار الوجودية مع عظم المردود الانتاجي الذي وقي ذلك المجتمع المصري ، مما جعل مصر تتجنب الحروب الأهلية بسبب المعتقد عبر تاريخها .
ومع استقصاء الواقع الاجتماعي لمصر وقت اصدار ذلك الدستور نجد ان اليهود كانت لهم تأثيرات كبيرة عبي الواقع فكان قطاع كبير من الاقتصاد المصري بأيديهم علاوة علي استيعاب قدر كبير من العمالة ، علاوة علي تمتعهم بأخلاق عمل جيدة ، وكذلك البعد المسيحي بحكم التاريخ حيث اثبتت الدراسات الانثروبولوجية ان ٩٤% من مسلمي مصر جذورهم مسيحية ، ومن هنا جاء النص بخصوص هوية المجتمع المصري قادر علي تجميع الأبعاد الثلاثة في إطار مرجعي وهي الحرية ،وهنا الصياغة مطلقة لا تفتح بابا للاستثناء يؤدي للتلاعب بواقع المشترك الأخلاقي ) حرية الاعتقاد مطلقة )
وتكتمل المادة ١٣ من نفس الدستور :
تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الاديان طبقا للقواعد المرعية في الديار المصرية علي ألا يخل ذلك بالنظام العام ولاينافي الآداب .
الصياغة هنا لها مدلولان رئيسيان اولهما الاعتراف بالعرف كسلطة اعتبارية وهو امر مرتبط بالصحة النفسية وقدرة ذلك المجتمع علي رأب مناطق الصدع ، والدليل الابرز علي ذلك وجود المؤتمر القبطي في أسيوط ١٩١١ ، وبعد ذلك عقد المؤتمر الوطني الأول الذي دحض الدفوعات التي سبقت خلال المؤتمر القبطي ،ويكفي وجود شخص متميز خلق ذلك التوافق الإنساني والعقلي لذلك الربط الموضوعي الموروث حيث كان مكرم عبيد وغيره كثر ولكن الاضواء التي سلطت علي مكرم بحكم انتسابه لحزب الوفد وخلافه مع النحاس باشا .
ولعل ذلك الإطار هو الذي افرز المادة ١٤ من نفس الدستور وهي المادة التي استند إليها رئيس النيابة المثقف محمد نور وهو الذي ابرأ طه حسين من تهمة اهانة الاديان بعد كتابه في الشعر الجاهلي وكذلك الموقف من محمود ابوريه الذي مارس المنهج العلمي في نقد الرواية الحديثية في نقده لبعض روايات ابي هريرة .
هنا الظهير الاجتماعي للدستور من خلال دقة الصياغة :
حرية الرأي مكفولة ، ولكل انسان الأعراب عن فكره بالقول او الكتابة او التصوير او بغير ذلك في حدود القانون .
هنا وعي الصائغ القانوني من خلال كلمة او بغير ذلك تأسيا بالنص القرأني ويخلق مالا تعلمون وتأسيسا علي البند الفقهي الأصل الاتاحة والحرية ، ومن هنا انتفت قضايا الحسبة والتصارع الفكري في ظل ذلك الدستور خاصة مع ضعف تأثير الإسلام السياسي مع معادلة تواجده بقوي اخري مثل الوفد وغيره ،اما التنامي لقوي الإسلام السياسي أدي للإحلال خاصة مع التغيرات الهيكلية القسرية من قبل الدولة دونما مراعاة البعد الاجتماعي ، وهو امر سيتبع مع مناقشة المادة ٢ من دساتير ٥٦، ٧١،٢٠١٤ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب