الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاهٍ لها تاريخ

رشا الخفاجي
(Rasha Alkhfaji)

2023 / 5 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عندما تناول الاوربيون تلك المادة البنية اللون شعروا لأول مرة بالحياة تدب في اجسادهم المخدرة بفعل الخمر , فظهر عليهم النشاط والحماس وبدأوا بالتفكير والابداع في اعمالهم ,بارتيادهم المقاهي .
يقول عن هذا الكاتب ستيفن جونسن: "كان تأثير انتشار القهوة في أوروبا في القرن السابع عشر قويًا للغاية، فحتى ذلك الوقت، كانت أكثر المشروبات انتشارًا، حتى على الفطور، هي الخمر والجعة. وأولئك الذين استبدلوا القهوة بالخمر بدأوا يومهم في يقظة ونشاط، وتخلصوا من حالة الارتخاء والسُكر، ومن ثم تحسن أدائهم في العمل كمًا وكيفًا. بدأت أوروبا الغربية حينئذ تستيقظ من حالة الثمالة التي سيطرت عليها لقرون.

"ولدت ثمار القهوة، مثل أي ثمار، في الهواء الطلق، وظلت تنمو لحقب لا يعلم مداها أحد دون أن يعرف أي شخص عن مفعولها وطعمها السحريين شيئًا. وتقول الأسطورة إن مزارع صغير قد لاحظ يومًا اليقظة والنشاط التي تبثها شجرة غريبة في عنزاته عندما تتناولها، فتجرأ هو أيضًا وجربها، لتترك داخله حيوية لم يعهدها من قبل. فأسرع يخبر أبناء القرية عنها، وصاروا جميعًا يدأبون على تناولها. لا نعرف أين أو متى وقع هذا، لكن الأكيد أن القهوة قد زُرعت للمرة الأولى في إثيوبيا".
اما في الدول الاسلامية ففي عام 1623، كان في إسطنبول وحدها 600 مقهى.كانت المقاهي في أول انشائها أماكن للتشاور وابداء الآراء والاحتجاج على السلطة الحاكمة والتعبير عن الفنون والشعر والحديث عن مشاكل المجتمع وجمعت كل طبقات المجتمع الغني والفقير المثقف والعالم والامي "وصارت المقاهي بمثابة "جامعات رخيصة". فلقاء قرش واحد، تستطيع الجلوس والتمتع بفنجان قهوة يصحبه نقاشات ثرية حول كل شيء في العالم", يقول لويس لوين "في المقاهي، أثناء احتساؤهم الفنجان تلو الآخر، يستلهم السياسيون الحكمة فيما يتعلق بكل أمر دنيوي" من اشهر المقاهي في العالم الغربي والعربي والعراقي على وجه الخصوص التي شهدت احداث مختلفة المجالات مقهى دي فوي في باريس حين جلس الصحافي والمفكر السياسي كامي ديمولان في الثالث عشر من يوليو عام 1789 يخطط لاقتحام الباستيل، اطلق شرارة الثورة الفرنسية التي غيرت تاريخ أوروبا والعالم. ومن المقاهي أيضًا أن انطلقت ثورات 1848 في برلين والمجر وفينيسيا، أما مقهى «نيويورك كافيه» الذي يعود الى 125 عاما على أنشائه لم يكن مجرد مقهى، بل بمثابة نقطة الانطلاق للأدب المجري الحديث، فقد كان جميع الكتاب والشعراء الأكثر شهرة يأتون هنا، وكان المكان دائماً مكتظاً بالكتاب ,فيما شهد مقهى اغوتوند "La Rotonde" رسم احدى لوحات بيكاسو كم يقال .
وعلى صعيد العراق فالحديث عن مقاهيه واسع وثري بالأحداث مثل مقهى البولنجية سابقا، والذي تغير اسمه نتيجة وجود الراحل جميل صدقي الزهاوي الدائم فيه، تناسى الناس اسم المقهى الأصلي لينسب بعدها إلى هذا الشاعر المعروف.كان المقهى قبلة للعديد من الشخصيات البارزة وقتها، أمثال رئيس الوزراء في العهد الملكي نوري السعيد وجعفر أبو التمن الذي يعد أحد أبرز قادة الحركة الوطنية، ومن زعماء ثورة 1920 ضد الاحتلال البريطاني، كما كان منتدى للنقاشات الأدبية والثقافية التي يشارك فيها نخبة المجتمع العراقي.
ولدينا مقهى "عارف آغا" كان مُنطلقاً لتظاهرات الأحزاب والقوى الوطنية والمُثقّفين ضد الاحتلال البريطاني والحكومات المُتعاقِبة وصولاً إلى ثورة 14 تموز/يوليو 1958. وفي أحد جوانب شارع الرشيد ومقابل جامع الحيدر خانة يقع مقهى حسن عجمي -وصاحبه أبو فلح -، حيث السحر وأصالة المكان وعَراقته. من هذا المقهى انطلقت أولى التظاهرات التي تقدّمها الشاعر محمّد مهدي الجواهري ليُلقي قصائده الوطنية ومنها قصيدة "أخي جعفر":
أتعلم أم أنت لا تعلم بأن جراح الضحايا فمُ
فم ليس كالمدعي قولةً وليس كآخر يسترحم.

فيما اشتهر مقهى عزاوي بالأغاني والبستات البغدادية (الأغاني الشعبية التراثية) التي لايزال العراقيون يستمعون إليها حتى هذا اليوم، وكان يرتاده المُغنّون والفنانون والشعراء.

وذاع صيت مقهى البيروتي بعد احتضانه ثلّة من الأدباء والشعراء والفنانين، مثل الشاعر الفقيه محمّد سعيد الحبوبي والمرحوم ملا عبود الكرخي ويوسف العاني وخضر الطائي وعبد الحميد الهبش وآخرين.
المرحوم فائق التكريتي كان أول مَن تركوا المقهى، حتى ورد ذكره في قصيدة للشاعر الملا عبود الكرخي المنظومة في العام 1924 قال فيها:

"ترك كهوة البيروتي
الشهم فايق التكريتي
تركها، حق معاه قمار
بيها لعب ليل نهار
كال "الصاي" كال "الزار".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من