الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلامُ … والنور

فاطمة ناعوت

2023 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


“علينا أن نتعلّمَ العَيشَ معًا كإخوة، أو الهلاك معًا كحفنة من الأغبياء"، وقائل هذه العبارة الشهيرة بالطبع هو "مارتن لوثر كينج"، المناضل الأمريكي الإصلاحي الشهير. قبل أيام حلَّت مناسبتان عالميتان في يوم واحد. "اليومُ العالمي للعيش معًا في سلام"، كما أقرّته "الأممُ المتحدة" في ١٦ مايو من كل عام، و“اليومُ العالمي للضوء" في اليوم نفسه، ولاختيار هذا التاريخ بالذات سببٌ مهم سوف أذكره في متن المقال. ولعلّها مصادفةٌ روزنامية رقمية ذكية أقرنت السلامَ بالنور والضياء، وكأن فلسفةَ المصادفات تودُّ أن تقول لنا إن السلامَ نورٌ وحياة، والعنفَ والدموية ظلامٌ وهلاك. ولأهمية السلام وحتميته لهذا الكوكب المنذور للويلات والحروب، ولخوف البشر من الهلاك وشعورهم بالعوز إلى السلام، فقد دُشّن يومٌ آخرُ ينادي بالسلام في ٢١ سبتمبر من كل عام، وهو: "اليوم العالمي للسلام". وللحق فإن جميع أيام السنة يجب أن تكون يومًا يحتفي بالسلام وينبذ الحروب والاقتتال والعنف والدموية والبغضاء. وعلينا أن نتذكر جميعًا أن "السلام" هو أحد أسماء الله الحسنى.
اليومُ الدولي للعيش في سلام، هو احتفالٌ عالمي أقرّته الأمم المتحدة UN لتعبئة جهود المجتمع الدولي لتعزيز ثقافة التسامح والتضامن والتفاهم والتكافل والمحبة، والتأكيد على رغبة أفراد المجتمع الدولي في العيش معًا متحدين "على اختلافهم" من أجل بناء عالم ينعمُ بالسلام والهدوء والتحضّر. "العيش معًا في سلام" هو أن نتقبّل اختلافاتنا عن بعضنا البعض، بل ونعتبر أن "الاختلاف" مصدرُ ثراء بشري رائع. لأن التنوّع هو حكمةُ الله في خلقه، ولو شاء لجعلنا أمةً واحدة ولونًا واحدًا. السلامُ يبدأ من القدرة على الإنصات للرأي الآخر واحترامه. ويمثلُ هذا اليومُ دعوة للبلدان لتعزيز المصالحة المجتمعية وتكريس السِّلم والتنمية المستدامة، والتشجيع على غرس قيم التسامح والتعاطف بين البشر. وعلينا أن نتذكّر أن ميلاد "الأمم المتحدة" عام ١٩٤٥، تزامن أصلا مع رغبة المجتمع الدولي في منع الحروب وإنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الاقتتال وتكريس فضيلة السلام العالمي بعد ويلات الخراب الذي خلّفته الحربُ العالمية الثانية. وحدّد ميثاقُ الأمم المتحدة أن الغاية من تأسيسها هو الحفاظ على السلم الدولي باتخاذ تدابير جماعية فعالة لمنع وإزالة أسباب تهديد السلام، وتنمية العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق بين البشر دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين. وفي عام ١٩٥٢ أنشأت اليابان جرسًا ضخمًا أطلقت عليه: "جرس السلام"، يُقرعُ مرتين في العام. مرةً مع بداية فصل الربيع يوم ٢١ مارس، ومرةً يوم ٢١ سبتمبر احتفالا بـ"اليوم العالمي للسلام".
أما "اليوم العالمي للضوء" والذي أقرّته اليونسكو يوم ١٦ مايو من كل عام، في تزامن مصادفي جميل مع "اليوم العالمي للعيش معًا في سلام"، فله سببٌ علمي. فهو يتزامن مع عيد ميلاد أول إطلاق ناجح لأشعة الليزر في ١٦ مايو ١٩٦٠ على يد الفيزيائي المهندس الأمريكي "ثيودور مايمن" Theodore Maiman وفيه يحتفل العالمُ بأهمية "الضوء" في حياة البشر والدور المحوري الذي يلعبه في مجالات العلوم والثقافة والفنون والتعليم والتنمية المستدامة والطب والاتصالات والطاقة والتكنولوجيا. ومن أهداف اليونسكو تسخير كل ما سبق لوضع حجر الأساس لإنشاء مجتمعات يعمّها السلام.
وفي هذا المقام علينا أن نتذكر أن الثورة الصناعية والتكنولوجية والعلمية والمعلوماتية التي صنعها "الضوء"، كانت ثمرة قرون من الأبحاث المتواصلة حول دراسة خصائص الضوء بدأها العبقري "الحسن بن الهيثم" العالم الموسوعي الذي قدّم للبشرية إسهامات مهمة وأبحاثًا تخضع للمنهج العلمي في مجال البصريات والفيزياء وطب العيون والإدراك البصري والرياضيات، بالإضافة إلى اكتشافات "ألبرت آينشتاين" حول طبيعة الضوء والتي غيرت من أسلوب نظرتنا للزمان والمكان.
تأملوا الفقرة السابقة! إنها جوهرُ السلام. أن تتضافر جهودُ وأبحاثُ عالمين عظيمين: "ابن الهيثم” في كتاب “المناظر عام ١٠١١، و"آينشتاين" في بدايات القرن العشرين، من أجل سعادة البشرية ورغدها! عالمان عظيمان لم يعيشا في زمن واحد، ولم يجمع بينهما مكانٌ واحد، ولم يجتمعا على عقيدة واحدة، بينما ثمراتُ عقليهما الفذّين، مازالت تُطعم البشرية بأسرها حتى اليوم وإلى نهاية الحياة في جميع ما نتوسّل من اختراعات ووسائل حياة! تأملوا عبقرية الفكرة! هذا هو جوهر السلام وثمرته. أن نتعاون معًا، نحن البشر جميعًا، على البرّ والتقوى، ولا نتعاون على الإثم والعدوان. وليكن شعار البشرية وناموسها قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السِّلم كافّة، ولا تتبعوا خطواتِ الشيطان إنه لكم عدوٌّ مبين.” وطوبى لصنّاع السلام. كل عام والعالم بأسره في سلام وتحضر وعلم وعمل.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah