الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن والذَكاءُ الاصطناعي

حسام محمود فهمي

2023 / 5 / 24
التربية والتعليم والبحث العلمي


الذَكاءُ الاِصطناعي Artificial Intelligence تقنيةٌ لصنعِ أجهزةِ حواسيبٍ وروبوتاتٍ وبَرمجياتٍ تُفكِرُ بذكاءٍ مثل العقلِ البشري؛ ويتمُ تَحقيقُه من خلالِ دراسةِ أنماطِ الدماغِ البشري وتحليلِ العمليةِ المَعرفيةِ.

الذَكاءُ الاِصطناعي كمُصطَلحٍ صاغَه عام 1956 العالمُ الأمريكي John McCarthy (1927-2011)،ومنذ ذلك الحينِ، أكثرُ من خمسةٍ وستين عامًا، توالَت الأبحاثُ التي طوَرَته. لكن الجَدلَ حولَ تطبيقاتِ الدردشةِ مثل ChatGPT أعادَه إلى الواجِهةِ بمخاوفٍ مشروعةٍ من غِشٍ وسوءِ اِستخدامٍ.

يُعَدُ الذَكاءُ الاِصطناعي حاليًا تعبيرًا رنانًا في عالمِ التكنولوجيا حيث شَهدَت السنواتُ الماضيةُ اِبتكاراتٍ كانت مُجردَ خيالٍ علمي. وتُعتَبرُ الصين والولايات المتحدة أكثر المُستعدين للاِستفادةِ من هذه الطَفرةِ التي سَتُدِرُ مليارات الدولارات. تطبيقاتُ الذَكاءِ الاِصطناعي خارجُ الحَصرِ، فهي تَشمَلُ الأسلحةَ الحديثةَ التي تنتقي أهدافَها وتُصيبُها بمنتهى الدقةِ، الروبوتاتٍ الصناعيةٍ، روبوتاتِ الخِدمةٍ في المطاعمِ، روبوتاتِ اِكتشافِ الألغامِ والحراسةِ، وتلك المُستَخدمةِ في المُستشفياتِ، المَكانِسِ الهوائيةِ، وتَطبيقاتِ التَعَرُفِ على الوجوهِ والأصواتِ في المطاراتِ وفي الهواتفِ الذكيةِ، وغَيرِه وغَيرِه.

الذكاءُ الاِصطناعي أصبَحَ واقعًا قد لا يَشعُرُ غيرُ المُتخصصِ بوجودِه. شركاتُ التكنولوجيا مثل Apple، إضافةً لما توفرُه أجهزتُها من اِمكاناتٍ، اِبتكرَت تطبيقاتٍ تُقدمُ للمؤلفين خِدماتِ السَردِ التي تعملُ بالذَكاءِ الِاصطناعي لتحويلِ كتبِهم إلى كتبٍ صوتيةٍ ، وهو ما يُساعدُ في تَعَلُمِ النطقِ الصحيحِ ويفيدُ ضِعافَ النظرِ. وشركاتُ التجارةِ الإلكترونية العملاقةُ مثل Amazon تقدمُ توصياتٍ بمنتجاتٍ لتعزيزِ المبيعاتِ وإرضاءِ العُملاءِ. فكلما تمَت عمليةُ شراءٍ أو إضافةٍ إلى سَلةِ التَسوقِ، يقومُ التطبيقُ بإعدادِ قائمةٍ بالمشترياتِ الموصى بها من واقعِ مبيعاتِها واختياراتِ العُملاءِ لها.

لم تَنفصلُ جامِعاتُنا، قبل أي ترند وقبل جَودةِ اللاجَودةِ، ورغم المُعاناةِ، عن المَوادِ المُتَصِلةِ بالذَكاء الاِصطناعي، فهي تُدَرِسُها لما يزيدُ عن خمسةِ عَشر عامًا في أقسامِ الحاسباتِ بكلياتِ الهندسةِ وكذلك في كلياتِ الحاسباتِ والمعلوماتِ، كما تَمَ في السنواتِ الثلاث الماضيةِ تغيير مُسَمى بعضِ كلياتِ الحاسباتِ والمعلوماتِ إلى كليات الذَكاءِ الاِصطناعي. وعلى المُستوى الحُكومي، شُكِلَ عام 2019 المَجلسُ الوطني للذَكاءِ الاِصطناعي. أيضًا توجدُ بعضُ الشركاتٍ الخاصةٍ العاملةِ في هذا المَجالِ. أما خِريجي الجامعاتِ المصريةِ فيُعتَبَرون المادةَ الخامَ التي تحتاجُها الشركاتُ العالميةُ وتُعيدُ صياغتَها وتدريبَها؛ وكأي عالِمٍ طفشان تَنهالُ الطنطنةُ عن إبداعاتِه إذا نجَحَ في الخارجِ، وهو نَهجُ هواةِ الإدعاءِ والركوبِ على الأكتافِ. ما أكثرُ التهليلِ لمشروعاتِ تخرُجِ الطلابِ وكأنها فتوحاتٌ لهم وللمشرفين وليست مُجردَ تدريبٍ. ما جَدَ أيضًا الصراعُ على المًسَمى الوظيفي، هل يستأهلُ الخريجُ في هذا التخَصصِ لقبَ مهندسٍ وينضمُ لنقابةِ المهندسين؟!

الذَكاءُ الاِصطناعي كعِلمٍ يحتاجُ إنفاقًا باهظًا، لذا نحن مُستهلِكو ما يَصلُ لنا منه في حدودِ المُستطاعِ. ماذا اِستفادَت شركاتُنا ومؤسساتُنا من الذكاءِ الاِصطناعي؟ هل تمَت الاِستعانةُ به لمَعرفةِ اِتجاهاتِ المستهلكين؟ هل اِستُخدِمَ حقًا لزيادةِ إنتاجِ المصانعِ؟ أما التجارةُ الإلكترونيةُ عبر الإنترنت أو مواقعِ التواصل ِ فهي وسيلةٌ للنصبِ والهروبِ من العملاءِ في الفضاءِ الإلكتروني. تراكُمُ شكاوى المُستهلكين من الفوضى وسوءِ الخِدمةِ والغِشِ أثناءَ البيعِ وبعدَه شهادةٌ على البُعدِ عن ما هو ذكاءٍ.

الذكاءُ الاِصطناعي علمٌ جادٌ، ليس جِنيًا خرَجَ من القُمقمِ، ليس بالرؤى الشخصيةِ وأُحِبُ وأكره، ليس فهلوةً ولا قرَب قرَب وجلا جلا، ليسَ باللجانِ والاِحتفالياتِ ولا بتغييرِ المُسمياتِ واِستيفاءِ أشكالٍ ،،

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟