الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ فرنسا 25 – لويس الثالث عشر

محمد زكريا توفيق

2023 / 5 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الفصل الثالث والثلاثون.

لويس الثالث عشر، 1610-1643.


هو الابن الأكبر لهنري الرابع، لويس الثالث عشر، كان لا يزال في التاسعة من عمره عندما قتل والده. وأضحت والدته، ماري دي ميديشي، وصية على العرش.

كانت امرأة ضعيفة حمقاء، تركت نفسها لكي تكون تحت سيطرة كاملة لسيدة في بلاطها، تدعى ليونورا جاليجاي، التي تزوجت من رجل يدعى كونسيني.

جعلت ماري ابنها يعطيه لقب المارشال دانكر، وكان هو وزوجته يحكمان حقا فرنسا. عندما سئلت ليونورا كيف تمكنت من ذلك، أجابت: "بسيطرة عقل قوي على عقل ضعيف".

كان كل النبلاء القدامى الفرنسيون يكرهون بشدة دانكر، بسبب غروره ووقاحته. وكانوا يعتقدون أن ليونورا زوجته قد نجحت في السيطرة على الملكة بأعمال السحر والشعوذة.

استمر حكمهما سبع سنوات. وعندما بلغ الملك الشاب عمر ستة عشر عاما، جاء شاب صديق نبيل اسمه ليونيس، لكي يحث الملك على تحرير نفسه ومملكته منهما.

قال له: "الآن بعد أن كبرت وصرت على وشك ممارسة الحكم بنفسك، سوف يقتلانك سرا، حتى تصبح والدتك وصية على أخيك الصغير"

تنبه لويس لهذا الخطر المحتمل، وأمر حراسه بالقبض على دانكر عندما يأتي إلى القصر، وقتله إن لزم الأمر. وعندما قاوم الاعتقال، تم طرحه أرضا وقتله. ثم حوكمت زوجته بتهمة ممارس السحر، وحكم عليها بالموت.

أما الملكة ماري، فقد أرغمت على ترك البلاط والنفي في الريف الفرنسي. وبعد بضع سنوات من الجدل مع ابنها لويس، ذهبت إلى إنجلترا، لكي تعيش مع ابنتها الصغرى، هنريتا ماريا، التي تزوجت من الملك شارل الأول. بعد ذلك، ماتت وهي في فقر مدقع.

كان لويس الثالث عشر شخصا غريبا، بطيئا، مملا، وبارد القلب. لم يكن سيئ التصرف، لكن صحته كانت سيئة. وكان يكره المتاعب والتفكير في المشاكل أكثر من أي شيء آخر.

كان جل اهتمامه، بأصدقائه. يخرج لكي يصطاد أو للتحدث معهم. وكان هناك رجل ذكي جدا في بلاطه، هو أرماند دي ريشيليو، أسقف لوكون، الذي كان أقدر رجل في البلاط.

كان ألبرت دي لوينز، هو أول وزير للملك بعد سقوط دانكر. لكن بعدما توفي بسبب الحمى، حصل ريشيليو على إدارة كل شيء. تاركا الملك لأصدقائه والمفضلين لديه.

لكن إذا أظهر أحد هؤلاء الأصدقاء أي نشاط سياسي، وحاول تنبيه الملك أو حثه على العمل بنفسه وتقلد مهام منصبه، للتخلص من سيطرة ريشيليو، يكتشف ريشيليو الأمر، ويقوم بقتل هذا الرجل الجريء.

لم يفعل الملك شيئا لإنقاذ أصدقائه، وعندما يغيبون عن نظره، ينساهم بالمرة. لأنه في الحقيقة كان يكره المتاعب أكثر من أي شيء آخر، وكان لا يحب التفكير بنفسه، تاركا ريشيليو لكي يقوم بحل المشاكل والعمل من أجله.

كان الكاردينال ريشيليو، حقا واحدا من أروع رجال الدولة الذين عاشوا في أي وقت مضى. جعل فرنسا دولة كبيرة، وقوة جبارة.

لقد كان رجلا قاسيا وصارما. لا يهتم بالعدالة، ولا يلتفت لمعاناة الناس، إذا كان كل ذلك يصب في مصلحة فرنسا. النبلاء الذين باتوا أقوياء ومتغطرسين خلال الحروب الطويلة، تم إخضاعهم بكل قسوة وصرامة.

لم يتردد في اتهامهم بالخيانة، أو سجنهم، أو حتى إعدامهم. وبالتالي، تمكن من التخلص من كل الرجال العظماء، سواء كانوا نبلاء أو أمراء. منهم الكونت دي مونتمورني، حفيد الكونستابل السابق.

كما شن ريشيليو حربا على الهوجونوت أتباع كلفين، بالرغم من مرسوم نانت. وحاول الاستيلاء على مدينة لاروشيل منهم. وكان هناك حصار طويل ورهيب للمدينة.

أرسل شارل الأول ملك إنجلترا المساعدة لنجدة المدينة. وقاد قائده المفضل، دوق باكنغهام، الأسطول الإنجليزي، متوجها لهم. لكنه قتل في بورتسموث.

عندما تم تجويع الناس بالحصار الذي استمر أربعة عشر شهرا، جعل الكاردينال الملك يأتي بنفسه لكي يشاهد استسلامهم وخضوعهم.

كان سقوط لاروشيل خسارة فادحة لهم. وباتوا الآن تحت رحمة الملك، بعد أن كانوا يحتمون داخل أسوار هذه المدينة القوية. وصارت الكنيسة الكاثوليكية في حالة أفضل بكثير مما كانت عليه من قبل.

في ذلك الوقت، كان هناك العديد من رجال الدين الطيبين، مثل فرانسيس دي سال، أسقف جنيف، وفنسنت دي بول. وهو كاهن صالح، جمع الأطفال الفقراء المشردين، والذين ليس لديهم أهل أو مساكن، وكانوا يتضورون جوعا في شوارع باريس. ووظف سيدات للعناية بهم.

كما أسس فنسنت دي بول لأول مرة جمعية راهبات الرحمة، اللواتي يشبهن الراهبات. لا يعشن في الأديرة، ولكن يذهبن لتمريض المرضى، ورعاية الأيتام، وتعليم الأطفال الفقراء.

اعتادت السيدات العظيمات في البلاط على ارتداء فساتين عادية، والذهاب لتمريض المرضى في المستشفيات، بما في ذلك الملكة نفسها.

كانت الحروب مشتعلة مع الإسبان، في كل العهود. وفي إيطاليا والبلدان المنخفضة. وكانت هناك معارك رهيبة بين الكاثوليك والبروتستانت في ألمانيا، وهي تسمى حرب الثلاثين عاما.

أدار الكاردينال دي ريشيليو الأمور بشكل جيد للغاية لما فيه مصلحة فرنسا. بعض الجنرالات الممتازين كانوا يزدادون قوة ونفوذا في الجيش، وخاصة الفيكونت دي تورين، شقيق دوق بوالون، ودوق إنجين، الابن الأكبر للأمير من كوندي، الذي حقق بعض الانتصارات الرائعة في البلدان المنخفضة.

لكن، كان حكم ريشيليو الحديدي يقترب من الانتهاء. لقد كان في حالة صحية سيئة للغاية لسنوات، لكنه لم يكن يهتم بذلك أبدا.

وبالرغم من هذا، أعدم البارون دي سينك مارس، للتآمر ضده، وهو قاب قوسين أو أدني من القبر. وكان يقول إنني أعمل لمرضاة الله ولمجد فرنسا. ومات وهو في عامه الثامن والخمسين، في 4 ديسمبر عام 1642، بعد أن نصح الملك بوضع ثقته في كاهن إيطالي يدعى مازارين.

لم يهتم لويس كثيرا بفقد ريشيليو. قال فقط: "هناك رجل دولة عظيم قد مات" وعندما كانت هناك عاصفة كبيرة في يوم الجنازة، قال: "الكاردينال يقوم برحلته في يوم سيء"

لكن لويس نفسه كان هو الآخر في حالة صحية سيئة. فقد عاش خمسة أشهر فقط بعد ريشيليو. وكان عمره حينئذ يناهز الثانية والأربعين عاما، في 14 مايو 1643.

لقد كان لويس الثالث عشر يختلف عن والده، هنري الرابع. بل كان على النقيض منه تماما في كل صفاته. وبالرغم من أن عهده كان عظيما، إلا أن الفضل لم يكن له. بل كان لرجل الدولة العظيم الذي حكمه هو وحكم فرنسا، ريشيليو الداهية.

رواية الفرسان الثلاثة، لألكسندر دوماس الكبير، تدور أحداثها في عهد لويس الثالث عشر وريشيليو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة