الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى ندرك الإنسانية السعيدة ونضع نهاية للصراع الفكري؟

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2023 / 5 / 28
حقوق الانسان


الغالبية مخدوعة بعبارة (ما هذا وما ذاك؟)، المقارنة ليست صائبة بل وهم وخداع للنفس، المعرفة خدعة تأتي من اختراع الفكرة او العبارة ومن ثم الإجابة عليها بمثالية الحالة، يبتدعها العقل البشري، لتأتي نتاج تلك الأفكار متهيئة للفعل. فالفكر يضع الأمور العقلانية والمثالية كإجابة لهكذا أسئلة ووفق ذلك يتصرف الانسان. النزاع الفكري يبدأ من فكرة ماهية الحالة وما المفترض ان تكون عليها، وفي هذا الصراع المقارن، نقتبس الشيء الأعظم من العصاب. ففي الادب والفنون الجميلة نقارن الفكرة نتيجة صراع الحالة مع ما يفترض ان تكون عليها مثاليا وفق المعايير الاجتماعية. وفي الأديان صراع دائم للحالات الاجتماعية السائدة مع الأسس المثالية المفروض ان تكون مبنية عليها كل حالة. في هكذا مقارنة تختفي الانتباه الى خوارزمية الطبيعة، السماء والجبال والانهار والألوان وغيرها مما يحيط بها الانسان، وفي الانتباه تُدحض الكثير من الأفكار للبحث عن البراهين وليس بصقل الفكرة باتجاه بعيد عن المألوف المتوارث، تلك المقيدة بزمن عصرٍ لم يعد قائما، فتتغير الألوان وتفاسير وجود مكونات الطبيعة. اخترعنا عبارة الله، الجنة، الجهنم، وهكذا .. فأفعالنا مستندة اذن على الفكرة والتقرب نحو الفكرة هو الفعل. انا مخدوع بعبارة (ماذا وما هذا) فالفكر يضع الامور العقلانية والمثالية كأفكار للإجابة على هذا السؤال، ووفق هذه الافكار يعيش، وتأتي وفقها الافعال.
الانتباه لعبارة ما هذا، يقودك للبناء البراغماتي بدون الهروب الى المثاليات المتوارثة، وهنا يكمن أسى المتنور وحزنه الدائم، لان ذلك بداية التعقل. في نهاية الأسف يبدأ الفهم الصحيح الواعي، لنكون أحرارا متبصرين. بدون تلك الحرية لا يمكن للإنسان ان يتبصر، عندما تلاحظ بعمق عبارة (ما هذا)، ينتهي ويختفي الصراع بين النفس المراقب والفكرة الملاحظة (ما هذا).. وطالما بقي الصراع فلن نكون أحرارا في فضاء النفس واللاوعي.
ان المراقب يستمد المعلومة من الذاكرة، ذاكرة الاحداث، سواء اليوم او قبل سنوات، هذا المركز هو مركز تراكم المعلومات وهذا المركز هو دائما في الماضي. هذا المركز هو ذاكرة الاحداث في الماضي يتوسع مع الزمن، فهل بالإمكان النظر الى المركز بدون زمن؟! نحن نخلق عبارة ما هذا، كيف تصبح تلك العبارة الحقيقة المطلقة؟ في (الانتباه) لا يوجد زمن فهو ليس نتيجة الأفكار.. الفكر يخلق اموراً مثل الكتابات على جدران الجوامع والصور على جدران الكنائس وكذلك الرموز والطقوس ويقوم فيما بعد بتقديسها وهي من بناة افكاره (صور عقلية). الصور التي يكونه العقل او الفكر هي التي تخلق العبادة والرموز، فلماذا نخلق الرموز؟ هل بسبب الكتب التي جاءت بها الأديان؟ لماذا احتاج الى وسيط مع الخالق؟ الانسان يعاني منذ الاف السنين، ولم يتمكن الوسطاء منذ تلك الالاف من السنين معالجة تلك المعاناة.. كل شيء نخلقه بالفكر ونُكَون صور عنها في عقولنا ... الفكر يظن بان الشيء الذي خلقه هو مقدس! يا لسخرية الفكر...
يجب ان نفهم أنفسنا اولا والاخرين ثم البحث عن الاسرار.. وليس قبل ذلك اي بالتسليم المطلق بان هناك من يحاسبك في السماء! إذا اردت ان تعرف الغيب ابدأ بنفسك بعد ان تحرر نفسك من الغيرة والحسد والحقد والانانية. ان داخلك يعرف نفسه معرفة تامة بدون معلم او حاجة للغيب. المرشدون كثيرون من حولنا، ما هو قيمة كل ذلك! منذ بداية التاريخ البشري يخدع البشر بعضهم البعض، بأن يعطيك قيمة انت لم تدركها!!اين عقلك السليم؟ ما هو العقل الطاهر، المقدس؟ هل لدينا عقول سليمة ام مجرد صور وافكار؟ الفكر اللامنتمي غير المرتبط بالآراء؟ إنك إذا مررت بكل المعاناة والعذاب والسعادة بعمق في داخلك، سيكون عقلك سليماً. نحن تثقفنا ان نكون متخاصمين مع أنفسنا ثم مع بعضنا الاخر..
والاخلاق ثمرة معتقدات الشعوب، ولكل شعب من شعوب الأرض معتقدات اجتماعية ودينية، وثمرتها تظهر في اخلاق الافراد، تأمل كل ذلك..
جهاز مناعة الانسان يتآكل بالحقد والكراهية، وتسمم بدننا. ولد الانسان مع حليب امه، ولم يكن مدججا بالأسلحة! ان الاطفال يضحكون مع بعضهم الاخر ببراءة، ضحكاتهم تنبع من القلب، وكلما كبروا تتحول الضحكة الى تصنع ويزدادون حقدا وكرها ليخلقوا حياة مصطنعة، حيث تبرز الإقليمية في نفوسهم، فهذا بيتي، وهذه قوميتي، وجغرافيتي، مُلكي، ثم تبدأ المعاناة والنزاعات، فليتنا لم نكبر، وليتنا بقينا ببراءة الطفولة وقلبها الصاف! الاسلحة تدمرنا، فكيف نسمح لها ان تدمر حياة البشرية، نريد حياة سعيدة ملئها العواطف النبيلة، فنحن سواسية، لنا جميعا عقل وقلب وعواطف، بإمكان كل واحد المساهمة في بناء انسانية سعيدة. فالله هو الحب، والانسان بطبيعته عاطفي، حيوان عاطفي. لاحظ طفلا في عمر ستة أشهر يشاهد طفلا يرفع كرة لطفل اخر الى الاعلى منه والاخر يستلم الكرة برحابة ومرح، يبتسم بل يضحك الطفل ذي الستة أشهر لهذا المنظر، ولكن إذا الطفل في الاعلى دفع الكرة بشراسة الى الاخر وبعنف، يتغير سلوك الطفل ذي الستة أشهر الى حالة ضجر وبكاء. هذا هو الاصالة في الانسان انها العاطفة.
استعمرتنا الأديان، بل اغتصبت البشرية زمنا، ولا يزال شيوخ تلك الأديان تضمد جراح ادبار البشر الى يومنا! كذلك فعلت المدارس واستعمرتنا، متى نتحرر من هذه القيود؟ الغرب استعمرنا اقتصاديا وفكريا، الرجل الأبيض استعمر الرجل الأسود، في قمة التمييز العنصري.. الكل تريد الهيمنة، أهذا نتاج ما توصلت اليها الثقافة الإنسانية؟
حين جئنا للحياة من رحم امهاتنا وبقينا أحياء بحليب امهاتنا وعشنا بحنانها واول شيء تعلمناه هو الحنان والشفقة.. ثم كلما كبرنا تعلمنا المنافسة والكراهية، كل من يظهر الشفقة فهو متربي عليه ومعرف به، ولكن الحياة يجعلنا ان نبتعد شيئا فشيئا من الشفقة.. وهكذا لن نكون بمأمن من الخوف والحقد والكراهية التي تحطم نظام مناعتنا. الحيوان يلحس طلبا للشفقة من صاحبه متعاطفا معه.. ليتنا نتعلم ذلك من الكلب، الشفقة ليست دينا بل مقياس انساني للبشرية جمعاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين