الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفس في الذات الانسانية / البحث عن الذات (2)

عمر قاسم أسعد

2023 / 5 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


النفس في الذات الانسانية
البحث عن الذات (2)

لا شك أن من يمتلك المعرفة يمتلك القوة ، لأنه من خلال المعرفة يتم فهم كيفية التعامل مع الطبيعة ــ بكل مكوناتها ــ وهذه المعرفة تقود للسيطرة على الطبيعة وبالتالي على هذا العالم الذي نعيش فيه ، وأيضا يستطيع من يمتلك المعرفة أن ينفصل عن الطبيعة التي كان خاضعا لها وخاضعا لكل ظواهرها الطبيعية من ( زلازل وبراكين وفيضانات وبرق ورعد وخسوف وكسوف ... ) ومن خلال المعرفة التي فسرت كل ما يتعلق بالظواهر وغيرها بطرق علمية ستنعكس الصورة حيث سيتم اخضاع الطبيعة وهنا تكمن قوة المعرفة الحقيقية .
وكما أوضحت ــ في مقالات سابقة ــ أن هذا العالم الذي قفز قفزات هائلة وتقدم خطوات متسارعة نحو التكنولوجيا والمكنكة والألة فإنه استطاع السيطرة على هذا العالم وانسلخ عن طبيعته وتوجهت النفس الانسانية نحو العامل المادي الصناعي ( الميكانيكي / الآلي ) وبذلك تراجع توجه النفس الانسانية نحو العامل المادي العضوي ومنظومة الوجدانيات ( الاحاسيس والمشاعر ) وفقدت النفس الكثير من صفاتها الانسانية واصبحت الدقائق والساعات ( الزمن ) هو ما يحكم مجمل علاقات الانسان الذي انسلخ عن محيطه الطبيعي ليندمج ــ لاحقا ــ إلى محيط الوقت والأله .
وهذا ما سأطلق عليه انسلاخ النفس الانسانية من حاضنتها ــ وعائها الجسدي المادي ــ الطبيعية إلى حاضنة أخرى قد صنعها بنفسه لينقل نفسه إليها باختياره ، وبذلك أصبحت النفس الانسانية رهينة ( الزمن ) واصبحت النفس تعيش على دقات عقارب الساعة ، واصبح الزمن الانساني يقاس بما يتم انتاجه من معرفة وعلم ووسائل انتاج وتقدم التكنولوجيا والعلم الحديث ، وأصبحت اللغة السائدة هي لغة الساعة . لغة الوقت . لغة المادة .
وبرز أقنوم ( العقل / التفكير ) ليتصدر باقي أقانيم الذات الانسانية ( كذات متكاملة ) ويسيطر عليها ويحد من نشاطها وأصبح يتناغم مع مقياس الزمن الذي يقاس عليه في كل ما يحيط به وبذلك أصبح أكثر قدرة على التفكير والابداع والتطور لتحقيق المزيد من زمن الآله ــ الذي صنعه الانسان ــ ليسطر على الانسان
في المقابل دخلت أقانيم الذات الانسانية ــ كذات متكاملة ــ في مرحلة سبات قصري ليخفت بريقها لأنه لا مجال في زمن الآلة لبروز أقانيم الذات الانسانية ، وفي رحلة الاندماج مع الآلة والانسياق وراء عقارب الزمن والانسلاخ عن حاضنة النفس الانسانية الطبيعية ( المادية العضوية ) وسيطرة أقنوم ( العقل ) ، في خضم كل ذلك تضيع الذات الانسانية وتتوه في دهاليز الزمن وتكون لقمة سائغة تطحنها عقارب الساعة في كل دقة من دقات عقاربها .
ويتغير مسار رحلة البحث عن الذات إلى مسارات أكثر تعقيدا في رحلة الآلات ، وكلما تاهت النفس الانسانية في طريق الزمن تتسع الهوة ويفقد الانسان ذاته أكثر وأكثر وليصبح عديم القدرة على فهم ذاته التي توحدت مع عقارب الزمن .
هي النفس ذاتها التي امتلكت المعرفة وطوعتها وطورتها للسيطرة على الطبيعة وإخضاعها بكل مكوناتها أصبحت هي ذاتها عاجزة عن فهم ذاتها وعاجزة عن خلق حالة من توافق النفس مع ذاتها الانسانية وستبقى النفس الانسانية تبحث عن اجابة لسؤال ( من أنا ؟؟؟ )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف