الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جولة في المتحف المصري الكبير

فاطمة ناعوت

2023 / 6 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جولة لا تُنسى في باحات "المتحف المصري الكبير"، بدعوة طيبة من د. “أحمد عيسى" وزير السياحة والآثار لوفد من الأدباء والكتّاب والإعلاميين، لنشهد المراحل النهائية من تشييد هذا الصرح الأثري الهائل، الذي يُعدُّ، دون مبالغة، هرمَ مصرَ الرابعَ، الذي بناه المصريون في العصر الحديث، ليُطلَّ بوجهه على أهرامات مصر الثلاثة، فتكتمل معزوفةُ مصرَ التاريخيةُ التي لا تذوي. هذا الصرح العلمي الفاخر The Grand Egyptian Museum، ليس وحسب أكبر متحف في العالم للأثر المصري من حيث المساحة: ١١٧ فدانًا، ومن حيث عدد المعروضات: ١٠٠٠٠٠ قطعة أثرية، لا شبيه لها في كل الدنيا، يُعرض بعضها لأول مرة في التاريخ، وليس وحسب هو المكان الأوحد الذي يضمُّ "جميع" ممتلكات وكنوز الملك "توت" بما يزيد عن ٦٠٠٠ قطعة، تجتمع لأول مرة في مكان واحد بعدما تشتت بين مختلف المتاحف: عجلاته الحربية، ملابسه عطوره توابيته الذهبية مجوهراته وأدواته اليومية، وليس وحسب هو المتحف الأوحد على مستوى العالم الذي يزهو بالدَرَج_العظيم الذي يصطفُّ على جانبيه ملوكُ مصر وملكاتُها وينتهي مع الدرجة العليا بمشهد الأهرامات الثلاثة من وراء نافذة زجاجية عملاقة؛ وكأنما تقفُ الأهراماتُ في فاترينة عرض حيّة لا مثيل لجلالها، وليس وحسب هو المتحف الوحيد الذي يضم معامل ترميم حيّة تعمل وفق أحدث التقنيات العلمية والتكنولوجية، بل هو كذلك متحفٌ علمي مصممٌ وفق نهج تعليمي؛ بحيث يخرج الزائرُ حاشدًا بشَطرٍ كبير وسطرٍ طويل من كتاب مصر غزيز الأوراق لا نهائي الأسطر. وكما قال د. عيسى: “إن كل متحف لابد أن يروي حكاية"، فإن متحفنا المصري الكبير يتكلمُ ويحكي قصةَ أعظم حضارات البشرية: حضارتنا المصرية. يتحدث المتحفُ بأبجدياتِ ثلاث لغات: الهيروغليفية، العربية، الإنجليزية ليحكي قصة الحضارة التي سطرت السطرَ الأول في كتاب التاريخ.
العالمُ بأسره ينتظرُ افتتاح هذا الصرح الأثري المعماري السياحي العظيم خلال شهور، وسوف يكون بإذن الله يومًا مشهودًا تُصوّبُ فيه أنظارُ العالم نحو مصر، وتتواترُ الرحلاتُ السياحية التي من المتوقع أن تصل إلى ١٥ مليون سائح سنويًّا وفق خطّة وزارة السياحة وفريق الخبراء الذين يعملون على هذا الحدث المصري العالمي الكبير.
شكرًا لكل يد كريمة أرستْ حجرًا في هذا الصرح الهائل. شكرا للفنان التشكيلي "فاروق حسني"، وزير الثقافة الأسبق، الذي قال يومًا في بدايات الألفية الجديدة: "جدير بمصر أن يكون بها أكبرُ متحف أثري حضاري في العالم"، وبعد مراحل التصميم التي بدأت عام ٢٠٠٢، وضعَ بنفسه حجرَ الأساس عام ٢٠٠٥ وبدأ التشييد العملاق في عهد الرئيس "مبارك"، ثم توقف البناءُ مع ثورات مصر وتوابعها، ليعود العملُ على قدم وساق في عهد الرئيس "السيسي"، ومنذئذ لم يتوقف البناء لحظة؛ حتى في زمن حظر كورونا الذي أصاب العالمَ بالشلل التام، لم يتوقف التشييدُ يومًا، حتى وصلنا إلى بدء العدّ التنازلي لافتتاحه الوشيك، في أهم حدث عالمي يتشوّفُ العالمُ بأسره شعوبًا وقياداتٍ لحضوره ومتابعته عبر الفضائيات. شكرًا للواء المهندس "عاطف مفتاح"، المشرف العام للمتحف المصري الذي اعتبر هذا الصرح مشروع حياته وقضى سنواتٍ من عمره يتابع كل تفصيلة في مراحل التشييد والتشغيل حتى وصلنا إلى هذه المرحلة الختامية المشرقة، وشكرًا لفريق العمل الضخم من العلماء والخبراء المصريين في مجال الآثار علم المصريات.
شيءٌ يُشبه الحُلمَ أن تقفَ في حضرة جلال جثامين أجدادك القدامى الذين حفروا بعقولهم الاستثنائية حضارةَ الإنسان في فجر ميلاد المنظومة البشرية. وشيء يدعو للفخر أن تقف في حضرة أشقائك المصريين الراهنين، يُشيّدون تحت وهج الشمس، صرحًا عملاقًا يضمُّ آثارَ أولئك الأجداد الذين صنعوا مجدَ مصرَ الخالد.
قبل خمسة أعوام، كنتُ في جولة مشابهة بالمتحف المصري الكبير رفقة د. “خالد العناني" أستاذ المصريات ووزير السياحة والآثار السابق، وانبهرتُ بما شاهدتُ داخل مركز الترميم من عمل علمي دقيق لنفض غبار الزمان عن كنوز السلف وملابسهم ومومياوات طيورهم المقدسة، يقابله عمل جادًّ بالخارج، تحت نير الشمس وهجيرها، في تشييد الواجهات والأبنية والدَّرج العظيم، الذي سيحمل الزوّارَ نحو العُلا، فيما يتأملون أولَ صفحة في كتاب حكاية أعظم حضارات الأرض. فيما يصافحهم على جانبي الدرج، الخالدون من ملوك مصر: رمسيس الثاني، منكاورع، خفرع، أمنحتب الثالث، سونسرت، إخناتون، والمعبود حورس، والمعبودة سخمت، وغيرهم من بُناة مجدنا المصريّ.
ننتظر بشغف يومَ يقصُّ الرئيسُ "عبد الفتاح السيسي" شريطَ "المتحف المصري الكبير" وحوله ملوكُ العالم ورؤساؤه، لتُقدّمَ مصرُ للدنيا تاريخَها الذي أبهر العلماءَ والمؤرخين والشعراء. هذا الصرح العملاق هو هديةُ مصر للدنيا. تحيا مصرُ العظمى.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah