الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُشكلتنا نظام الحكُم ام العقول الحاكمة؟...

اسعد ابراهيم الخزاعي
كاتب وباحث

(Asaad Ibrahim Al-khuzaie)

2023 / 6 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشرق الاوسط وشمال افريقيا اختصارا MENA والتي تُصنف عالميا على انها من شعوب العالم الثالث و/او المُتخلفة (حسب وصفهم) تُعاني ومنذ قرون من فقدان مقومات الحياة الاساسية التي تتمتع بها الشعوب المُتمدنة, وعلى رأسها حُرية التعبير عن الرأي, وحُرية المُعتقدات الدينية حيث يتعرض المُخالف للمُعتقد السائد في هذه الدول والمُجاهر بالنقد من خلال نقاش او تغريده او منشور الى القتل او السجن في احسن الاحوال, كذلك القوانين الجائرة التي تكرس السلطة القمعية للأنظمة الدكتاتورية والتي تعاقب بالسجن على أفعال تُعد من الحريات الأساسية وأولها نقد وكشف جرائم فساد وانتهاكات المؤسسات الحكومية والقضائية والأمنية.

مطلع الالفية الثالثة وخلال العقدين الماضيين سقطت حكومات عديدة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا, على يد قوات التحالف الدولي او بما يسمى بثورات الربيع العربي, لكن هل حققت هذه العمليات العسكرية او الثورات اهدافها؟

بالتأكيد, كلا.. فلا حرية تعبير عن الرأي قد تحققت ولا قوانين تغيرت ولا انتخابات نزيهة توفرت, فقط تغيرت أسماء ووجوه!

من الناحية الشكلية قد تكون هناك تجربة ديمقراطية تتمثل في ذهاب الناس الى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم في انتخابات رئاسية او برلمانية, لكن هل المُرشح والناخب مؤهلين لتولي منصب حكومي مرموق أو ان الناخب أهل للاختيار؟

بالطبع, كلا ... شعوب العالم الثالث ليست مؤهلة من الناحية العملية للاختيار الصائب, فــ المعايير التي يضعها الناخب لاختيار مُرشحه لا ترقى الى مستوى عقلية ناضجة سياسيا.

نقاشات وحوارات مُعمقة مع ناخبين, لماذا اخترت المُرشح فُلان؟

لأن المرشح مُؤمن وقام بتوحيد المؤمنين ويدافع عن حقوقهم في كل أرجاء العالم!

لأن المرشح من نفس مذهبي ويدافع عن المذهب والعقيدة و يسمح لي بممارسة طقوسي! غير مهم لهذا الناخب حتى وإن كان في طقوسه الدينية إخلال بالنظام العام وإضرار بالمصالح العامة للبلد.

لأن المرشح انجز لي معاملة خاصة مُستغلا مقعده البرلماني!! غير مهم لهذا النوع من الناخبين حتى لو كانت تلك المخالفة الصريحة توقع المرشح في دائرة استغلال المنصب لتحقيق مكاسب دعاية انتخابية وإجراء تصرف خارج إطار القانون.

لان المرشح ابن عمي ومن عشيرتي و يمت لي بصلة قرابة او لأنه حضر في مجلس عزاء احد اقاربي!

بالنسبة لهؤلاء الناخبين غير مهم كفاءة المرشح وما يمكن ان يحققه من استقرار سياسي, اقتصادي, او على مستوى العلاقات الدولية, حقوق الإنسان, الحريات, الاهم هي مصالحهم الشخصية الضيقة ومعتقداتهم الدينية!

التمييز بين المُعتقدات الدينية الخاصة بكل انسان على حدة, والادارة (ادارة المرافق الحكومية) أزمة حالكة في تلك المُجتمعات...

العلمانية باختصار هي تثقيف المُرشح والناخب على ان يفصل بين ادارة الدولة ومعتقده الديني, على سبيل المثال لا الحصر, عندما يُراجع المواطن احدى المؤسسات الحكومية من رئاسة الوزراء والجمهورية والبرلمان الى اصغر موظف حكومي لا يهم معتقد المسؤول كما ان المسؤول لا يهمه معتقد ذلك المواطن, المهم انجازات الاجراءات المطلوبة منه أو الواجب المكلف به على اتم وجه.

العديد من المحاولات على مدى عقود لخلط الصور أمام الناخبين وتزييفها من جهات مختلفة وإظهار العلمانية بمظهر الوحش القاتل على انها دعوة للانحلال الأخلاقي ونشر فكرة مزيفة على انها تعارض الاديان وهذا أمر عجيب فالعلمانية في مضمونها احترام للأديان ووضعها في مكانها المناسب وتولي دور النصح والإرشاد والدعوة للمحبة والسلام والتعايش ونبذ العنف والكراهية الخ... في دور العبادة والأماكن المخصصة للطقوس الدينية, ثم فسح المجال امام اصحاب الاختصاص لتولي الأمور السياسية...

ان زج المعتقدات الدينية و الافكار القومية في السياسة واختيار شخصيات غير كفؤة لتولي مناصب عليا في الدولة من خلال ناخبين مؤدلجين بتلك المعتقدات يقف حائلا أمام تطور دول العالم الثالث وتحقيق الأهداف التي كانت سببا في انطلاق عمليات قوات التحالف في الشرق الاوسط او ما يسمى ثورات الربيع العربي في شمال افريقيا..

مهما تغير شكل نظام الحكم في هذه الدول لن تتحقق الرفاهية الحقيقية و احترام أدنى مقومات مبادئ حقوق الإنسان, بلد تحفظ فيه كرامة المواطن و يحاسب فيه المسؤول المقصر على العلن أمام قضاء مستقل ونزيه, ما لم تتغير طريقة تفكير الناخب والمُنتَخَب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديمقراطية.
فارس الكيخوه ( 2023 / 6 / 10 - 16:04 )
تحية للسيد الكاتب اسعد إبراهيم الخزاعي.يقول الدكتور علي الوردي- إن الديمقراطية ليست نظام سياسي فقط ،بل كذلك نظام اجتماعي ،فاذا لم يتعود الناس على الديمقراطية في حياتهم الاجتماعية فإنهم لن ينالوا خيرا في حياتهم السياسية.


2 - اشكاليه الشرق
على سالم ( 2023 / 6 / 10 - 19:46 )
يعتبر العالم العروبى الاسلامى وكذلك الافريقى منطقه موبؤه استبداديه ديكتاتوريه قمعيه وفاشله ويتم منع حريه التعبير والرأى والاعتقاد ومن يخالف يزج به الى السجن وربما القتل , هذه منطقه مريضه عليله عقليا ونفسيا واجتماعيا وفكريا ولاادرى متى سوف تتغير وتتحررعقليه هذه الامه المنكوبه المعذبه وتصبح فى عداد الامم الناضجه الرائده

اخر الافلام

.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين


.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ




.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح


.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا




.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم