الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة … والدولفين!

فاطمة ناعوت

2023 / 6 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صدمتنا الصحفُ بخير عن عائلة من ليبريا تعيشُ في أمريكا، قد "تبرأت" من "صغيرتها"؛ لأن أربعة من "الصغار" "اغتصبوها”! مقدمةُ الجملة السابقة عجبٌ وخاتمتها عجبٌ وكلُّ ما بين القوسين عجبٌ! يقولُ الخبرُ إن طفلةً لها من العمر ثمانية أعوام، غرّر بها بعضُ صِّبية تتراوح أعمارهم بين التاسعة والأربعة عشر! قدّموا لها قطعة من اللُبان، ثم استدرجوها إلى مكان ناء، وتناوبوا اغتصابَها! كلُّ ما سبق رديءٌ ومقزّزٌ ومُخجلٌ، ويشي بأن خيطًا من الجمال والبراءة والسُّموّ ينسحبُ من بساط كوكبنا التعس، ولا يعود. فالمُعتدون ليسوا إلاّ حِملانا صِغارًا تحوّلوا في لحظة خاطفة إلى ذئابٍ بارزة الأنياب، راحت تنهشُ حملا صغيرًا مثلهم! حكاية موجعة ومُدهشة، لكن الأعجبَ وجعًا وإدهاشًا، هو ردّة فعل أسرة الطفلة المغتصَبة. إذْ بدلا من احتضانها وعلاجها، أعلن الأبوان للشرطة الأمريكية، التي ألقت القبض على الجُناة، أن الطفلةَ أساءت لشرف العائلة، ولا محلَّ لها في البيت بعد الآن، وعليها أن تبحث لنفسها عن مأوًى! فتولّت أجهزة الخدمة الاجتماعية في "فينيكس" عاصمة ولاية "أريزونا" الاهتمامَ بالطفلة، بعدما أعلنت السُّلطات أن القانون لا يمكنه ملاحقة العائلة قضائيًّا!
ومن مانشيتات الصحف حول العالم أطرح عليكم هذه الأخبار العجائبية المشابهة: "العروس تبلغ من العمر ثمان سنوات، وعريسها الخمسيني ذي الزوجتين.وتمَّ الزواج مقابل سداد ديون والد الطفلة!” وفي خبر آخر نقرأ عن شيخ سبعيني بإحدى المدن العربية رضخ لضغوط قضائية لتأجيل دخوله بزوجته، ذات الأعوام العشرة، لمدة خمس سنوات ريثما تنضج. ويعلن خبرٌ آخر أن رجلا خمسينيًّا رفض التراجعَ عن قراره بالزواج من طفلة في السادسة، قائلا إنه لا يرتكب محرّمًا، ذاك إن الشرعَ لم يحدد عُمرًا للزواج. وفي جريدة أخرى نقرأ عن صَبيّة مراهقة حاولت الانتحار ليلة زفافها إلى عجوز في الخامسة والسبعين، مقابل أن يتزوّج أبوها من ابنة العريس ذات الثلاثة عشر عامًا! وفي جريدة أخرى نقرأ عن أبٍ قد زوّج طفلته ذات العشر سنوات من شيخ في الستين مقابل حفنة ضخمة من المال. وبعدما انهارت الحالة الصحية والنفسية للطفلة؛ حاول أبوها استرداد ابنته، لكن العريس رفض تطليقها إلا بعد استرداد ماله، وحين رفض الأبُ إعادة المال، تبّرعتِ إحدى الأميرات برد المبلغ لإنقاذ الطفلة.
وفي مملكة "الأردن" الشقيق، سنّتِ الحكومةُ قبل سنوات قانونًا يرفعُ سنَّ زواج الفتيات من ١٥ إلى ١٨ عامًا. والمدهشُ، والموجعُ أيضًا، أن القطاع النسائيّ في حزب جبهة العمل الإسلاميّ، رفضن هذا القانون، مُتعلّلاتٍ بأن ذلك من شأنه أن يزيد مشكلة العنوسة تفاقمًا! وعلى النقيض من ذلك، في "اليمن" الشقيق، تظاهر مئاتُ الفتيات قبل سنوات أمام مقر البرلمان في صنعاء، للمطالبة بسنّ قانون يحدّد سنَّ الزواج البنات بـ١٨ عاما، للحدّ من ظاهرة زواج طفلات دون العاشرة بأثرياءَ كهول، يستغلون فقر الصغيرات، فيما يُعرَف بـ"الزواج السياحيّ"! ونجحت تلك الفتيات المناضلات في الحصول على مليون توقيع من كافة أوساط المجتمع اليمنيّ، على البيان الذي أصدرنه ثم قدمنه إلى البرلمان. وكما هو متوقع، رفض بعضُ النواب الأصوليين هذا المطلب "الإنسانيّ العادل "، تحت زعم مخالفته الشريعة الإسلامية! وفي "كينيا" نقرأ عن قاض متقاعد أنجب من سبع زوجات، خمسين ابنًا وابنة، وبالطبع يعجزُ تمامًا عن تذكّر أسمائهم وتواريخ ميلادهم وأسماء أمهاتهم!
يحدث كلُّ ترويع الأنثى ذاك، ونهش لحم الصغيرات، قبل حتى أن يتشكّل وعيهن بأجسادهن، وقبل أن يدركن حقهن الإنسانيّ في الحياة الكريمة. بل ربما يرين أن من طبائع الأمور التعامل معهن بوصفهن سلعة تُباع وتُشترى، لا برغبتهن هنّ، بل برغبة المالك الشرعي لهن: الأب أو الشقيق! وأن من حق البائع والمشتري إبدالها واستبدالها والمتاجرة بجسدها، وبالطبع من صميم حق المشتري ومن قبله البائع قمعُها وضربها وإذلالها. الأخطر من كل ما سبق هو رضوخ الفتاة في كثير من الأحيان وتواطؤها مع جلاديها على نفسها، إما لأنها لا تدري أن من حقها الرفض، وإما لأنها تدرك حقوقها لكنها تخشى العقاب.
وبعد ما سبق من مآسٍ وكوارثَ، دعوني أختتم مقالي بشيء مبهج. البروفيسور "لوري مارينو" Lori Marino عالمة البيولوجيا المتخصصة في طب النفس والأعصاب بجامعة إيموري الأمريكية ومؤسسة إحدى جمعيات الدفاع عن الحيوان وإيواء الحيتان، قدّمت لجامعة "إيموري" دراسة علمية تنادي توصياتها بالتوقف عن استخدام الدلافين كأداة ترفيه بحرية؛ حيث أثبتت بالبراهين العلمية أن تلك الممارسات "تؤذي مشاعرَ تلك الحيوانات الذكية ذات الشخصية اللطيفة!” قالت "لوري" إن توسُّل الحيوان في متعة الإنسان والترفيه عنه، أمرٌ غير أخلاقي يجب التوقف عنه عالميًّا على الفور، لأن من حقِّ تلك الكائنات الطيبة الحياة باستقلالية وكرامة، دون التعرّض للصدمات النفسية! وليت للمرأة مثلُ حظّ الدلافين!


***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah