الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو مقدمة في علم النفس الوجودي

إبراهيم جركس

2023 / 6 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نحو مقدّمة في علم النفس الوجودي

يقول الفيلسوف الوجودي العظيم سورين كيركجارد: ((هناك طريقتان للخداع: إحداهما تضديق ما هو غير صحيح، والأخرى رفض تصديق ما هو حقيقي)).

المجتمع يُخَدّر عن طريق الامتثال للقواعد والتمسّك بالأعراف، لذلك تبدو إرادته مطلقة. ولكنّ الامتثال والتمسّك بالقواعد هو مجرّد وسيلة للعيش، وليس الوسيلة الوحيدة للحياة. لأنّه في الواقع، لا يوجد مسار صحيح واحد لكيفيّة العيش.

للأسف😞، ينشأ الإنسان مُحاطاً بهذا الأفيون الذي يسمّى الامتثال، والشخص الذي يرفض التّماهي والامتثال يُنبَذ أو يُخصى اجتماعياً. الامتثال هو دين الألفيّة الثانية. إنّه مرض الأغلبية الملتزمة والخاضعة للقواعد، إنّه العقيدة التي تضفي على حياة الجماهير ووجودهم معنى، لأنّه في أعماق زمازين وعيهم، يمكن سماع أصوات الزواحف وهي تصرخ بأنّ الحياة لا معنى لها، وأنّ الفرد يواجه موتاً مؤكّداً.

إذاً، كيف يمكن للإنسان أن يعيش تحت ضغط العدميّة الساحق هذا؟ إنّه يفعل ذلك بنفس الطريقة التي يركّز بها مُدمنو المخدّرات النمطيين حياتهم على إدمانهم… المخدّر الذي تركّز عليه الأغلبيّة هو الامتثال، وكما أنّ الهدف من حياة المدمن على المخدرات يتمحور حول الحصول على المورفين أو الهيرويين، كذلك يركّز الإنسان العادي حياته على أساس هذا الامتثال.

السبب في أنّني اقتبست من كيركجارد هنا هو أنّ الإنسان مذنب بكلنا الحالتين. إنّه يتّبع ما هو غير صحيح في الامتثال، ويرفض بعنادٍ قبول ما هو صحيح في النموذج الوجودي للحياة، ويفعل ذلك بشكل رئيسي هو الخوف. الخوف، مثله كمثل المال، من أقوى الدوافع البشرية. الإنسان يخاف من القلق، ويخاف من الحرية، والأهمّ من ذلك يخاف من عدم الموت. ومن ثمّ يهرب من هذه الحقائق عن طريق الإنكار، ويرتمي بسرعة في أحضان الامتثال.

لا يوجد خطأ أو صواب؛ لا يوجد ما هو سيء أو جيد، وبالرغم من هذه النظرة القاسية، لا يوجد وجود أو عباقرة في الحياة. أنت حُرٌّ، كإنسان، في العيش بالطريقة التي ترغب بها. وللأسف، يتبنّى الإنسان دون وعي منه أسلوب حياة نمطي ويقرّر وفقاً لذلك أنّه يعيش وجوداً فاضلاً، في حين أنّه في الواقع مجرّد نظامٍ مجيدٍ لكيفية العيش، وهناك عدّة أنظمة مختلفة.

وهكذا يُلَقّن الناس هذا النظام، ويُعَلّمون الصورة والعائلة والزواج والعمل، كما لو كانت مكوّنات ضرورية للعيش، في حين أنّ الفرد في الواقع يخضع لهذا النظام ومبادءه فقط لمجرّد أنّ الجميع يفعلون ذلك. إرادة الامتثال لاشعورية، وخداعها المأساوي يكمن في إقناع أنفسنا بأنّنا أحرار. لكنّنا بعيدون كلّ البعد عن التّحرّر، لأنّ سلاسل الامتثال طويلة جداً لدرجة أنّها تمنحنا الوهم بأنّنا نعيش وفقاً لإرادتنا وخياراتنا الخاصّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا