الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين القنبلة النووية و القنبلة الأسلامية .. أضاءة

يوسف يوسف

2023 / 6 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أستهلال :
من خطب الشيخ عبد الحميد كشك ( 1933 - 1996م / هو عالم وداعية إسلامي مصري كفيف ، ويُلَقَّب بفارس المنابر ومحامي الحركة الإسلامية ، ويعد من أشهر خطباء القرن العشرين في العالم العربي والإسلامي ، وله أكثر من 2000 خطبة مسجلة ، وخطب مدة أربعين سنة ) ، أنه قال : " أذا الغرب لديهم القنبلة النووية فنحن لدينا القنبلة الأسلامية ".

القراءة :
أولا . لنبدأ بالغرب ، ماذا لدى الغرب ، وماذا أخترع ، وماذا صنع ، وماذا أكتشف .. على مدى العقود السابقة : قنابل نووية / قصفت أميركا بهما مدينتي هيروشيما وناكازاكي - اليابان ، قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية ، والصواريخ والأسلحة البالستية والبيولوجية ، رادارات الرصد الجوي وطائرات الشبح .. ماذا أخترع الغرب ، سوى القطارات والطائرات والكبسولات الفضائية ، وأكتشفوا القمر ، وترجلوا عليه ، وأيضا الأجهزة وطرق العمليات الطبية المعقدة ، وأكتشفوا لكل جائحة لقاحا لها ، كما أخترعوا DNA ، وأخترعوا الطباعة - من قبل العالم غوتنبرغ ، مكائن الخياطة ، أختراع ألات الحراثة والحصاد - بعد أن كنا نستخدم الأدوات البدائية كالمنجل في الحصاد ! ، وجعلونا نحج لمكة برحلة بالطائرات بمدة أقصاها سويعات ، بعد أن كنا نسافر لأشهرعلى الجمال والبغال ، ومئات الأختراعات والأكتشافات الأخرى.

ثانيا . أما الأسلام ، فلديهم ثورة بكل المعايير ! ، المنتج منها : بدءا من حديث التحول الدموي الى الأسلام / الخيار بين الموت أو الأسلام .. ، وفق حديث ( وعَن ابن عُمَر ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ / مُتفقٌ عليه ) ، الى قتل من يخرج عن دين الأسلام ( قال البخاري - في باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم برقم (6922) قال رسول الله : من بدَّل دينه فاقتلوه ) . والأسلام أبتدع ثورة لقتال الأخر ، وهو الجهاد ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ / سورة المائدة ) . وبخصوص رسول الأسلام فلم يتجرأ أحدا على هجائه في عهده ، لذا كل الذين هجوه قتلوا ، منهم : قتل كعب بن الأشرف ، أم قرفة / وقيل أن زيد بن حارثة مَثل بِها عند قتلها وشوه جثتها ، فيقال : ربطها في ذنب فرسين ، وأجراهما فتقطعت . والرسول ذاته في فتح مكة ، خص بعض الانفار بقتلهم ، قائلا " اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة ، وهم : عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي السرح .. " والقتل محرم على جدار الكعبة ! - فلا سماح ولا غفران ولا عفو في الأسلام . أما في الأزمنة الحاضرة ، فكل مس لا بمحمد ، بل بأي مروية من الموروث الأسلامي ، يكون مصيره القتل : أغتيال المفكر د . فرج فودة في عام 1992 ، وفي عام 1995 طعن نجيب محفوظ ، مجزرة رسومات شارل أيبدوا - عام 2015/ وخلّف الهجوم 12 قتيلا على الأقل و 11 جريحًا في حالة خطيرة ، محاولة أغتيال سلمان رشدي 2022 .. كما أن الثورة الأسلامية ، أنبثق منها الأخوان المسلمين والقاعدة وداعش والنصرة وبوكوحرام .. الذين قاموا يذبحون ويحرقون ويسحلون ويصلبون ويحرقون الكنائس / 66 كنسية ومنشأة قبطية دمرها الإخوان المسلمية يوم فض رابعة - زمن حكم محمد مرسي لمصر . كما أن الثورة الأسلامية أوجدت لنا أيضا الأئمة والشيوخ والفقهاء ، والفرق والمذاهب ، وخلقت لنا التطرف وألغاء الأخر - متمثلة بالوهابية والسلفية .. والكلام يطول .

ثالثا . فقد صدق الشيخ كشك في مقولته " أذا الغرب لديهم القنبلة النووية فنحن لدينا القنبلة الأسلامية ". ولكن الشيخ كشك ، لم يكن صادقا شفافا وأمينا في مقولته ، لأنه لم يبين لنا ، من أننا أستعملنا كل أختراعات وأكتشافات وصناعات ، بل كل حضارة الغرب .. من الخيط الى عود الثقاب ، وبذات الوقت أستمرينا في تكفيرهم ، ووصفهم بأحفاد القردة والخنازير .

رابعا . الثورة الأسلامية ، بكل فقهائها وأئمتها ، وكل منظماتها الأرهابية / القاعدة وداعش والنصرة .. تدعوا الى عودة الخلافة الأسلامية - زمن محمد بن عبدالله ، أي هي ثورة ماضوية ، علما أن الثورة يجب أن تكون ثورة على المفاهيم والقيم المهترئة ! - ولكن هذه الثورة تسير عكس التيار ، وتؤمن هذه الثورة ، بأن ( السلطان ظل الله على الأرض ، فمن أكرمه أكرمه الله ، ومن أهانه أهانه الله / حديث عبد الله بن عمر وعمر بن الخطاب وأبي هريرة وأنس بن مالك .. ) ، أما الغرب فيؤمنون بالدولة المدنية ، وبقوانينها الحضارية ، شيوخ الثورة الأسلامية ، محتكرين للدين ومن ثم يعتبرون أنفسهم وكلاء الله على الارض ، أما الغرب فقد حجموا سلطة رجال الدين منذ القرون الوسطى .

أضاءة :
* نقطة نظام : والغرب بذات الوقت أوقع ظلما لا يغتفر على الدول ، وأني بهذا المقام لا أبررها ، منها ما قام به من حروب ظالمة على الدول / فيتنام والعراق .. ، وما قام به من أستعمار للدول / الجزائر وليبيا .. أضافة لحياكته للمؤامرات ! . * لو كان الشيخ كشك حيا ، لعلم أن هذه الثورة التي عبر عنها في خطابه ، قد أنفجرت على روادها وعلى أصحابها ، فتفرقوا وتمذهبوا ، وفق حديث الرسول ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة . قيل : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم ، وقال: صحيح على شرط مسلم ) .. فلا اليهود ولا المسيحيين تفرقوا ، بهكذا عدد / بالرغم من تعدد طوائفهم ، أما ما تحدث به محمد ، حول تعدد الفرق الأسلامية ، فهو أمرا جلل ، من أن يكون كل الفرق الأسلامية في النار ، ألا واحدة ! .
* وأخيرا أقول : أي ثورة تتحدث عنها يا شيخ كشك ! ، أهي ثورة تكميم الأفواه ، أم هي ثورة قتل المخالف ، أم هي ثورة تكفير الأخر .. فلا زالت الكنائس تحرق في بلدك مصر لحد اللحظة / حرق كنيسة أبو سيفين 12.8.2022 وكنيسة أمبابة 16.8.2022، فلا ثورة في الأسلام ، ولا تغيير في الأسلام ، لا في النهج ولا في الخطاب ، فالثورة يجب أن تكون على الموروث ، أما ثورتكم ، فهي ثورة ، على تكريس مفهوم هذا الموروث .. وعلى قول المصريين " بلا وكسة يا شيخ " ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي