الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي مطلب جماهيري أم خيار امريكي؟؟

أحمد زكارنه

2006 / 10 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا شك أن التيار الإسلامي المتصاعد أصبح مطلبا جماهيريا إسلاميا وعربيا، فلا أحد يستطيع نكران الفساد الإداري والمالي الموصومه به الأنظمة العربية العلمانية في العقود الخمس الماضية، إضافة الى تتوق شعوب المنطقة الى الإنعتاق من الهيمنة الامبريالية الصهيونية المسيطرة اقتصاديا وسياسيا بل وثقافيا واجتماعيا على كامل منطقة الشرق الاوسط، ناهيك عن حالة العداء المستفحل جراء السياسة الامريكية العنصرية ضد كل ما هو عربي واسلامي والهجمة الشرسة التى يتعرض لها دين الاسلام ورسوله الكريم تحت ما بات يعرف باسم "صراع الحضارات".. ولكن السؤال الابرز هل يلتقى المطلب الجماهيري بالخيار الامبريالي الصهيوني حول ما اصطلح على تسميته ب " الاسلام السياسي"؟؟.
سؤال يبدو للوهلة الاولى صعب ومتشابك في آن، ولكن نظرة سريعة على تاريخ العلاقة العربية الامريكية فيما بعد الحرب العالمية الثانية تفك لنا شفرة هذا التسأل.. فبعد انتهاء عهد الاستعمار الامبراطوري بمفهومه العسكري بدأت تلوح في الافق بوادر سياسة استعمارية بثوب جديد مطرز بالاقتصاد ومدعوم بالثقافة خاصة مع إدراك القوى الاستعمارية للرياح القومية العاتيه باتجاه الاستقلال في جميع الاقطار العربية، فقام البناء الاستعماري الجديد على تقويض بعض التيارات المتلحفة زورا وبهتانا بشعار الوحدة وعلى اسس ومفاهيم تبدو في إطار الصورة حضارية وانسانية في آن متمركزه على الديمقراطية والسلام، إلا أن هذه المفاهيم قدمت كالسم في الدسم على أطباق من ذهب تخدع البصر وتسمى " الاستقلال" وما هو باستقلال إلا من التواجد العسكري الرسمي.
وكان لازما لاي استعمار جديد أن يقدم تحت راية قومية تستطيع مخاطبة الجماهير لتسويق خيار السلام كخيار إستراتيجي حضاري لحل النزاعات تحت مظلة دولية هي هيئة الامم المتحدة.. فكان أول الغيث قطرة بدأت بالسقوط مع إنتصار حرب السادس من أكتوبر73 التى أخرجت مصر كبرى الدول العربية من دائرة الصراع بدلا من انهائه عبر توقيع السادات لاتفاقية كامب ديفيد بشكل منفرد بعد زيارته الشهيرة للكنيست الاسرائيلي.. لتصبح الخطوة الاولى في عملية دفع العرب نحو مستنقع ما سمى بالسلام تحت راية قومية عربية لحقت بها راية الاردن بتوقيع الملك حسين اتفاقية وادي عربة ومن ثم منظمة التحرير الفلسطينية بتوقيع اتفاقية اوسلو.. وهكذا استطاعت الإدارات الامريكية المتعاقبة التخلص من التيار القومي العربي تحت رايات قومية عربية تهيأت لها الظروف بعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر لتلعب دورا وظيفيا من حيث تدري أو لا تدري لصالح المشروع الصهيو أمريكي.. حيث اعتمد المشروع الاستعماري الجديد على سياسة الاحتواء الاقتصادي مرفقا بالاحتلال الثقافي عوضا عن الاحتلال العسكري لتمرير مخططاته الاستراتيجية.
الا أن الأوضاع في الشرق الاوسط لم تبقى على حالها عشية انتهاء حرب الخليج الاولى التى خاضها العراق لحصر ثورة الخمئني داخل الحدود الايرانية والحيلولة دون تصديرها، إضافة الى انتصار الافغان العرب في حربهم التى خضوها للإجهاز على ما تبقى من المد الشيوعي.. والحربان تم خوضهما بالوكالة عن الولايات المتحدة المستفيد الاول من نتائجهما..فبعد انتهاء الحرب الافغانية الروسية وفرض حركة طالبان سيطرتها على أغلب الاراضي الافغانية واعلانها دولة اسلامية بداء التيار الاسلامي الاصولي في التصاعد مع انتشار الافغان العرب في جميع انحاء العالم لتشكيل قواعد اسلامية للانطلاق نحو اعادة انتاج الدولة الاسلامية في المشرق العربي الشيء الذي استدركته الولايات المتحدة الامريكية متأخرة عشية أحداث الحادي عشر من سبتمبر فكان السؤال الابرز كيف نعالج هذا التيار الاسلامي الاصولي؟ خاصة وان الولايات المتحدة الامريكية تعلم ان علوم السياسة والاقتصاد تنبىء بسقوط الامبراطوريات ما بين السنة الخامسة عشرة والعشرين من عمرها اي انها اصبحت على وشك السقوط خاصة وانها اصبحت القطب العالمي الاوحد بعد سقوط الشيوعية رسميا بداية تسعينيات القرن المنصرم، الا ان علوم السياسة ايضا تشير الى ان الامبراطوريية التي تستطيع تغيير شكلها ونمطها وافتعال احداث مستعرة وحروب متفرقة يمكنها ان تعمر اكثر من عقدين من الزمن وعليه رأى مفكروا السياسة الامريكية تغيير طرق واساليب ادارتهم للعالم باشعال الحروب هنا وهناك وتسمية عدو وهمي فكان الاسلام الاصولي.
ولما كانت تجربة الاحتواء في الشرق الاوسط قد لاقت نجاحا باهرا مع تيار القوميين العرب كما اسلفنا وجراء فشل الخيار العسكري في العراق وأفغانستان رأت الادارة الامريكيه تجربة المجرب في التعامل مع التيار الاسلام الاصولي الذي اصبح واقعا لا مناص منه بالبحث عن راية اسلامية معتدلة يمكن تقويضها روجت لتسميتها ب "الاسلام السياسي" فيما الاصوليون لا يؤمنون بالعمل السياسي.. وحتى تكلل هذه التجربة بالنجاح يجب اختيار الزمان والمكان والعنوان اختيارا دقيقا من حيث العوامل الجغرافية والاقتصادية والبشرية والعقائدية، وبما ان التجربة بحسب هذه العوامل لا تصلح في مصر او الجزائر او السودان وقع الاختيار على فلسطين بعنوانها الاسلامي الاكثر جماهيرية والاقل اصولية "حركة المقاومة الاسلامية حماس" خاصة وانها تعد امتدادا طبيعيا لحركة الاخوان المسلمين في مصر، وما هذا الحصار الجائر على الشعب الفلسطيني وحكومته الإسلامية الا للوصول الى التنازل المطلوب فكلما اشتددت وكبرت تداعيات الحصار كلما اتسعت وتتسع اسقف المطالب اذ أن الوصول الى اعلى سقف من الحصار يؤدي بطبيعة الامور الى اعلى سقف من التنازلات حتى وإن لم تؤتى ثمارها عاجلا.
فالتجربة التي بدأت خطط لها إن نجحت في فلسطين أن تعمم على سائر الاقطار العربية وهكذا يستطيع الغرب والامريكان معا التخلص من الاصولية الاسلامية بيد اسلامية تستطيع دمجها في النظام الدولي، وأما إن فشلت فتجهض في مهدها الاول فلسطين وهو ما يقودنا الى حقيقة أن "الاسلام السياسي" هو خيار امريكي اكثر مما هو مطلب جماهيري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا