الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصطفى مشَّرفة .. ونجيب ساويرس !!

أحمد فاروق عباس

2023 / 6 / 18
التربية والتعليم والبحث العلمي


كتب العالم المصري الكبير على مصطفى مشرفة مقالا في مجلة المقتطف فى أبريل ١٩٣٢ عنوانه " الإعداد العلمى ومستقبل النشء " عاب فيه على المصريين عموما واثرياءهم خصوصا عدم مساعدتهم لدور العلم فى البلاد ، فقال :
" إذا نحن قارنا مركز دور العلم فى مصر بمركزه في الأمم الأخرى فإن الفرق الظاهر والمحسوس بينها انما هو النقص الواضح في مجهودات أفراد الأمة المصرية نحو مساعدة هذه الدور المساعدة الكافية ، فكم من المصريين قد وقف جانبا من ماله على إنشاء المدارس أو معاهد التربية العالية أو على البحث العلمى ؟
كم من أساتذتنا ومعلمينا تدفع لهم مرتباتهم أو مكافأتهم من أموال وقفت على هذا الغرض ؟
هل يوجد في مصر قرش واحد خصص ريعه للبحث العلمي ؟!
هل تقدم أحد من المشتغلين بالزراعة في مصر بهبة ينفق ريعها على البحث الزراعى العلمى ؟!
أو تقدم ممول صناعى بإنشاء معهد لتعليم صناعى أو هندسى ؟
أو محسن بإنشاء كرسى في الجامعة لدراسة الكيمياء أو العلوم الطبية أو علوم النبات ؟
..........................
ومع أن كلام الدكتور مصطفى مشرفة قديم ، ومر عليه الآن تسعون عاما ، إلا اننى لا أعرف لماذا فكرت فيه كأنه موجه لزماننا نحن ، وفى ظروفنا الآن ؟!
ولا أعرف أيضا لماذا جاء على ذهنى مباشرة السيد نجيب ساويرس وعائلته ، ربما باعتبارهم اغنى الناس فى مصر الآن ..
وتذكرت ان نجيب ساويرس أنشأ مهرجانا للسينما فى منتجعه بالجونة ، وهو مهرجان مختلف حتى على قيمته الفنية ، بحكم ما يعرض فيه أحيانا من أفلام مثيرة للالتباس ..
وحتى عندما فكر فى الأدب أنشأ جائزة للرواية وأخرى للشعر العامى ..
وأنا لست فى خصومة مع فن السينما بالطبع ولا غيره من الفنون ، ولا مع الأدب ، سواء الرواية أو الشعر ..
وكلها أمور مهمة وضرورية ، ولكن العلم أيضا مهم ، والإنفاق على مؤسساته أيضا ضرورى ..
وفى حدود علمى فإنه لا يوجد من أصحاب المليارات فى مصر وعددهم بالمئات ، ولا من أصحاب مئات الملايين وعددهم بالآلاف ، ولا من أصحاب الملايين وعددهم عشرات الآلاف - وربما مئات الآلاف - من تقدم وفعل شيئا مما قاله الدكتور مشرفة من تسعين سنة إلا فيما ندر !!
وهو ما يلقى ضوء كاشفا على الطبقة الرأسمالية المصرية وطبيعة نظرتها للأمور ..
وبغض النظر عن كل ما يقال عن الطبقة الرأسمالية فى الغرب فإنها هى - وليست الدولة - من أنشأت المدارس والجامعات وهى من تنفق عليها حتى الآن ..
الرأسمالى المصرى لا يفهم شيئا فى الدنيا إلا الربح والمكاسب ، وهى أرباح ومكاسب مبالغ فيها جدا ، ولا تحدث في أى مكان آخر ، وحتى من ينفق من ماله على أغراض أخرى ، مثل نجيب ساويرس الذى ينفق على مهرجانات السينما أو بعض فروع الأدب فإنه - فى رأيي ولا ألزم به أحد - يفعل ذلك لأغراض غير بريئة ..
وبعضهم ينفق جزء من ماله على تزويج القاصرات أو صور الإحسان المختلفة ، وهى أنشطة اجتماعية تدل على التكافل والتراحم بين الناس ، ولا غبار عليها ..
ولكن العلم بين اثرياء مصر منسى بالكامل ، وحتى من يضع أمواله فيه - مدارس وجامعات خاصة - يكون غرضه الأول والأهم هو الربح ، ويأتى العلم فى المحل الأخير ..
.. هل تتعلم الطبقة الرأسمالية المصرية شيئا من الرأسمالية البريطانية أو الأمريكية أو اليابانية ، ام كعادتنا المعروفة نقوم بتمصير كل شئ وأعطاءه النكهة المصرية المعتادة ؟!

وكما كان عندنا اشتراكية بخصائص مصرية فى الستينات ، عندنا اليوم طبعة مصرية خالصة من الرأسمالية ..
فيها أن معدل الربح لابد ان يصل إلى ١٠٠% أو ٢٠٠% من القيمة الحقيقية للسلعة أو الخدمة ، ومنها أنه لا مسئولية اجتماعية مطلقا على الرأسمالى المصرى ، وإن أى كلام معه - حتى برفق - معناه اغضابه ، ورأس المال فى النهاية جبان ، ومعنى ذلك التأثير على مناخ الاستثمار في البلاد !!
نرجو ونتمنى - بكل أدب وحسن نية - أن يلتفت رجال الأعمال والرأسماليين المصريين إلى مسئوليتهم الاجتماعية ، وأن يكون للعلم إهتمام ولو بسيط فى جدول أعمالهم المزدحم ..
ونرجو ألا يكون فى ذلك ما يجرح شعورهم ..
وألا يغضب مناخ الاستثمار في البلاد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح