الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلام عليكم... الدين و الخلق و الإنسانية

محمد عبابو

2023 / 6 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن تحية السلام و قبل الحديث عنها كعنصر ديني و اسم الله عزوجل لا بد من الحديث عنها وفق الأخلاق و السلوكيات الرائعة و الفضلى، فتاريخ السلام و فقا لقول الدكتور و الفيلسوف و الموسوعي مصطفى محمود و كما تحدث عنها في احد حلقاته ببرنامج العلم و الإيمان في حلقة بعنوان فك طلاسم الكون فإن السلام لها علاقة و مشتق من لفظة الملح، كون الملح كان المعدن الثمين و جوهر المبادلات الإقتصادية في الحضارات القديمة، فقبل سك العملات المعدنية كان الملح يستخدم كعملات و مصدر تقييم الإقتصاد و الثروة و كان لصاحب المقدار الكثير من الملح شان عظيم و يعتبر من أثرى الأثرياء إذا كان له الكيل الكثير من معدن الملح، لذلك قال مثلا الرومان باللاتينية كتحية ب السالومي أو Sallomi و معناها تبادل القيمة و الخلق و السلوك بين الفرد و الآخر و منها جاءت و اشتقت كذلك كلمة salut بالفرنسية ومنها بالإسبانية كذلك saludo
كان مثلا الرومان و قبل أن يعتنقوا الديانة المسيحية أي قبل القرن 3 ميلادي و عندما ككانوا بالرغم وثننيون يعبدون الكواكب و النجوم و الآلهة يرون في الممتنع عن القول بتلك التحية بالحمار و الدابة من المجتمع و عذرا على هذه الالفاظ، يعني أن الرومان كان لهم رؤية اخلاقية في القول بتحية السالومي SALLOMI في ما بين الافراد من المجتمع، أما في المقابل و في عالمنا الاسلامي نرى ان الكثير يمتنع عن القول بتحية السلام و يحتج عن ذلك إذا سألته بمبرر قصة تافهة ذات أطماع لا أخلاقية بل لا يمكن لمن له سلامة عقلية في الاخلاق و السلوك ان يتحجج بها، فكثيرا ما ترى نص هذه القصة يتداول ما بين الناس:
أن رجلا مر ببستان بطيخ فألقى اللسام على صاحب البستان، و لكن ساحب البستان لم يرد بالسلام فتعجب القائل بها اولا وسأل صاحب البستان:
لماذا لم ترد السلام،
فقال صاحب البستان: قد يكون الرد بالسلام سببا في إكثار الكلام بيني و بينك و ذلك قد يكون سببا في ان تطلب مني بطيخ و هذا ما لا اريده.
فبهذه القصة التافهة قد يمتنع الكثير عن القول بالسلام و يزعم ان القول بها او الرد بها على القائل قد يكون سببا في الكلام، و العجيب و الملاحظ أنه تجد الاستاذ و الطبيب و ذوي المناصب العليا و ختى دعاة التدين في المجتمع هم من يمتنعون بالقول بها و هذا هو الخطر الأكبر فإذا كان النموذج من المجتمع يمتنع عن القول بالسلام فماذا يعني هذا، اليس أنه دليل على تفشي ظاهرة و خطر اللاخلق في أفراد المجتمع، أليس أن هذا يعبر عن السلوك اللاحضاري و الخلق القبيح الذي يمتاز به ذلك المدعي للتثقف و التعلم و التدين ...
بل إن حقيقة الامتناع التعمدي عن القول بها هو مرض نفسي و سيكوباتيا، لان الكثير تجده يمتنع عن القول بها لانه يرى في نفسه التفوق على الآخر فيقول مخاطبا نفسه كيف اقول السلام لهذا الشخص الذي هو اقل مني مرتبة فإما عن قصد بذلك اقتصاديا أو توظيفا او تحقيرا لصورة شخص من المجتمع، و هذا إلا من أعراض المرض النفسي الذي له علاقة بعقدة بعقدة قابيل و عقدة هتلر، فإذا كان الشخص يرى في نفسيته التفوق و لا يرغب في القول بالسلام فكيف يعقل أن يكون يحب الخير للغير و هو قد امتنع عن القول بالسلام التي هي خلق و سلوك لفظي و خلق شفوي نبيل،

و لا يوجد اشتثناءات في قول السلام من منظور ديني و كذب من يدعي بأنها لا تقال لغير المسلم و لا يبتدأ بها لهم او أنها لا تقال لتارك لصلاة، لان الحديث النبوي كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ينفي ذلك و يؤكد لزوم قولها للكل دون تمييز.
فعن عَبْدِالله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهمَا أنَّ رَجُلاً سَألَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قال: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». متفق عليه.
فنص الحديث لا يحتوي على استثناء في قول السلام، بل إنه دال على القول المطلق للكل اي تقال السلام لمن تعرف و لمن لا تعرف من الناس، فمعناها يمكن ان يكون المستقبل للسلام من غير المسلمين و هو صفة تدل على خلق المسلم في التعامل مع الناس على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم، فنص الحديث فيه دعوة إلى الخلق النبيل و السلوك الفاضل الذي يتميز به المسلمين أو حتى الإنسان عامة، فالقول بتحية السلام خير ما قيل في الكلام و السلوك المنطوق الأخلاقي و لكن العجب العجاب و الغريب في الامر ان دعاة بعض التيارات الدينية كأمثال السلفية و الإخوان و الشيعة و العديد من الفرق الأخرى زوروا نص الحديث و روجوا له حسب منطقهم و فكر معتقداتهم الذاتية لا الدينية و جعلوا بذلك السلام تقال إلا لأناس و يستثنى منها الآخرون، و إذا رغبت في الاستفسار عن الأمر تجدهم يتحججون بقول أنه لا سلام لغير مسلم و لا سلام لتارك صلاة و لكن هذا منافي لنص الحديث فبالسلام عليكم لإنسان يمكن ان ترغبه في الإسلام إذا كان غير مسلم و يرى الخلق النبيل في المسلم كونه يلقي السلام عليه و كذلك لإنسان مسلم لا يصلي فقد تكون انت سبب لترغيبه في الهداية و آداء الصلاة إذا رأى منك حسن الخلق و إلقاء السلام عليه، أما الإمتناع عن قول السلام فلا يكون إلا سبب لتنفير الناس من حولك و رؤية فيك السلوك اللاإنساني و اللافاضل بل إن الامتناع عنها بحجة دينية ما هو إلا تطرف و تعصب ديني ليس له صلة بخلق الاسلام الصحيح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت


.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق




.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با