الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويمكر ماكرون لضمان مصالح فرنسا،

حسن خليل غريب

2023 / 6 / 29
المجتمع المدني


وزعماء الطوائف في لبنان أمكر الماكرين لضمان مصالحهم
مرة أخرى يُوفد ماكرون، الرئيس الفرنسي، لودريان موفده الخاص إلى لبنان. بعد أن فشل شخصياً بعد مبادرته التي قام بها في أعقاب انفجار مرفأ بيروت مباشرة. وهو لا يزال يلملم ذيول فشلها حتى الآن.
انتظر لبنان لودريان واستقبله زعماء الطوائف، وفي جيب كل واحد منهم مشروعه الفئوي ليقوم بتسويقه. فاشترى لودريان كل البضائع من دون أن يبيع شيئاً انتظاراً للحصول على العرض الأدسم.
ورجع لودريان إلى فرنسا، وودعه الزعماء وكل منهم ينتظر فضَّ العروض، عسى عرضه يتقدَّم على العروض الأخرى، فيرسو الالتزام عليه.
نجاح السياسة بين الدول يُقاس بالأرباح التي تدرها تجارة المقايضات، والسمسرات. وكذلك يحصل بين زعماء الطوائف في لبنان من جهة، وبينهم وبين الدول الخارجية من جهة أخرى. والشاطر من بينهم هو مَن يغلِّف معروضاته بأجمل الألوان والوعود اللفظية المغلَّفة بأوراق الاحتيال الأكثر إقناعاً.
فرنسا، وغيرها من الدول الأجنبية، تضع مصالح الشعب اللبناني ظاهرياً في أولوياتها، وفي باطنها تضمر الترويج لمصالحها الاقتصادية. فمن يريد أن يعرف الأهداف التي جاء لودريان من أجلها إلى لبنان، عليه أن يُهمل ما يقوله بلسانه، وأن يستبطن ما في قلبه. وما حظي به من دعم شركائه لمبادرته في اللجان الدولية – العربية – الإقليمية، ليس تسهيلاً للجزء المتعلق بمصلحة الدولة اللبنانية، وخاصة مصالح الشعب اللبناني في أقسى صنوف إفقاره وتجويعه، بل لكي يحفظ للمشاركين الأجانب حصصهم في الاستثمار الاقتصادي والسياسي في لبنان.
ولأنه، ليس بالإمكان مرحلياً تحقيق ما يصب بإصلاح جذري في بنية النظام الطائفي السياسي في لبنان، نرى أن إنجاز الاستحقاقات الدستورية حاجة مُلحَّة لوقف الانهيار الكبير. وفي أولوية هذه الاستحقاقات ملء الفراغ في مؤسستيْ رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة، على شرط أن يتوفر فيهما الحد الأدنى من مواصفات ضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني. وبملئهما تجد قوى التغيير من تصرخ في وجهه وتطالبه بالإصلاح، وبهما تنتقل من حالة الصراع مع دواليب الهواء كصراع عبثي، كما هو حاصل الآن، يغيب فيها المسؤول الذي تحاسبه، تنتقل إلى حالة من الصراع الإيجابي الذي يكون فيها المسؤول معروفاً وواضحاً.
إن المرحلة الانتقالية التي سوف تتوفر للشعب اللبناني، من الواجب أن تكون محطة للتغيير والحركة كبديل للمرحلة الراهنة فيها المسؤول مجهول، والكل يحمِّل فيه المسؤولية للآخر.
وفي المرحلة الانتقالية المرتجاة، سوف يكون كل من يشارك في المؤسسات الدستورية مسؤولاً عن التقصير من دون استثناء.
ولأننا في أواسط شهر أيار من العام 2022، أي بعد إعلان نتائج الانتخبابات النيابية، نشرنا مقالاً تحت عنوان: (إلى نواب التغيير – مرونة في ملء الشغور في المؤسسات الدستورية، وتشدُّد في متابعة القضايا الاستراتيجية). فإننا اليوم، وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر من تركيب مسرحية انتخاب رئيس للجمهورية من دون نتيجة، كما كان متوقعاً، نعيد تذكير نواب التغيير من جديد بمضمون ذلك المقال، وأما السبب فلأن حالة الانهيار تزداد، وعدد الأمعاء الخاوية يتفاقم، والفلتان الاجتماعي الخطير يشقُّ طريقه؛ الأمر الذي يستدعي وقف الوصول إلى تلك النتيجة أولاً، ويجد فيه التغييريون من يلاحقونه بالمساءلة، خروجاً من مرحلة الصراع مع دواليب الهواء.
لا يعني أن إنجاز الاستحقاقات الدستورية نهاية للمأساة اللبنانية، بل هو بداية لوضعها على مسارات الحلول. ويعود السبب في تشخيصنا أنها البداية فلأننا نخشى، وبواقعية موضوعية، أن إعادة الحياة إلى مبادرة لودريان، المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي، وإذا أعلن عن نجاحها، فسوف تكون ملغومة بأكثر من لغم يحول دون الوصول إلى خواتيم سعيدة تصب في مصلحة الشعب اللبناني، وهي على المثال وليس الحصر، نذكر الألغام التالية:
-اللغم الأول: إن فرنسا وغيرها من الدول الأجنبية، سوف تعطي الأولوية في إنجاز تسوية لانتخاب رئيس لجمهورية لبنان، أن يكون ضامناً لمصالح تلك الدول، ومن أهمها:
-استفادة فرنسا من عقود شركة توتال النفطية، ومن عقود أخرى لعلَّ أهمها إعادة إعمار مرفأ بيروت.
-استفادة الولايات المتحدة الأميركية من مميزات التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين العدو الصهيوني والدولة اللبنانية.
-استفادة منظومة الاتحاد الأوروبي من نفط شرقي البحر الأبيض المتوسط، تعويضاً عن الغاز والنفط الروسي.
-استفادة إيران من المقايضات والمساومات مع تلك الدول حول تلك الاتفاقية، والتي تنازلت بأمر أتباعها في لبنان بالتوقيع عليها، لتقبض الثمن في قضايا أخرى كالعراق واليمن.

-اللغم الثاني: إن مجرد الوصول إلى تسوية بين مبادرة لودريان مع أحزاب السلطة بالاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، يعني حصول تلك الأحزاب على اتفاقية لتوزيع المكاسب فيما بينها، ولعل أهمها ما يلي:
-ضمان حماية أحزاب السلطة من فتح ملفات الفساد، والجرائم الأخرى، لمن عاث فساداً وسرقة من بين أعلى المسؤولين فيها رتبة إلى أقلها رتبة في مسلسلات الفسادة والرشوة وهدر المال العام.
-ضمان حصة كل حزب منها في مواقع السلطة، خاصة في المراتب العليا من بينها: تعيين الوزراء، والمدراء العامين، وأمناء الصناديق المستقلة، والحصول على الالتزامات في شتى مشاريع إعادة ترميم المرافق العامة... و...
-دفن ملفات الجرائم الكبرى، وتسجيل الجناة من أحزاب السلطة في خانات التجهيل. وقد تنتظر تلك الأحزاب مراسيم العفو الخاص والعام عما سبق، كما حصل منذ ما بعد اتفاق الطائف في العام 1989. الأمر الذي أدَّى إلى استلام أمراء ميليشيات الحرب الأهلية مقاليد السلطة، ووصل لبنان معهم للوقوع في أسوأ كارثة سياسية واقتصادية واجتماعية، عرف فيها لبنان أنموذجاً لـ(الدولة الفاشلة)، واحتلَّ فيها الرقم واحد على مستوى العالم كله.

اللغم الثالث: من ورشة إعادة إعمار لبنان، إعادة توفير مصادر دخل لأمراء الطائفية السياسية من أجل استمرار دعم أنصارهم، بقصد تجديد ولائهم لأمرائهم. وأنصارهم حتماً سيبقون أسرى لمن وصفهم المثل العامي، القائل: (من يأكل خبز السلطان، يضرب بسيفه). وفي هذا الاستمرار فيه ما فيه من إعادة (الاستثمار بتنمية الميليشيات) بدلاً من الاستثمار بزنودهم في تنمية زراعية وصناعية.

اللغم الرابع: الحذر من تغليب المصالح المشتركة بين قوى الخارج الأجنبية مع أحزاب السلطة اللبنانية الحاكمة، يمكن للخارج أن يطوي ملفات فساد أمراء الأحزاب اللبنانية، مقابل ضمان مصالحه.
في عتمة الليل المظلم السابق والحالي، لا يجوز أن نغفل أن نقطة ضوء ستبزغ في آخر النفق.
ولأن حذر قوى التغيير كافة من تلك الألغام يجب أن يكون ماثلاً في الأذهان، يمكننا أن نتوقَّع أن رحلة الألف ميل في نقل لبنان، من أسوأ حال إلى أفضله، أنها ستبدأ في اللحظة التي يتم فيها ملء الفراغ في المؤسسات الدستورية الرأسية.
وإلى فصل جديد، يرى اللبنانيون فيه بقعة الضوء في آخر النفق، ننتظر ولن نخشى من عاديات الزمن الذي وصلت فيه أحزاب الطائفية السياسية إلى مقاعد السلطة، بحيث حولوها إلى مراتب السلطة الفاشلة المثخنة بالفساد واللصوصية وإلى قمة الاستهتار بمصالح اللبنانيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار