الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة نقدية بين البوذية والاسلام تجسد اليات تحرير الفكر رؤية مغايرة في القدرة على قراءة النص الديني .

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2023 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ملاحظة / الموضوع هو فصل من كتاب الحتمية التنويرية للكاتب ياسر جاسم قاسم الصادر في دمشق 2018 عن الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين


ان الديانة البوذية التي نشات قبل الاف السنين وبالتحديد في القرن الخامس قبل الميلاد. أي قبل الاسلام بالاف السنين لها واقع انساني متميز يستطيع القارئ الحصيف ان يتبينه من خلال نصوصها التي جعلت منها ديانة انسانية بمعنى الكلمة واعطتها تلك الشهرة الواسعة التي اوصلتها من الهند منشأها حتى الشرق ودخلت بعمق الى تلك البلاد وبدأت فيها بأوقات قديمة جدا حيث وصلت اليابان بحدود القرن السادس ودخلت الى الصين بحدود القرن الاول الميلادي وهكذا امتدت البوذية لتشمل ملايين البشر الذين يدينون بها ، فهي ديانة انسانية بمعنى الكلمة وقد يطرح سؤال :كيف لنا ان نتعرف على انسانية هذا الدين وللاجابة نقول:
لكي نعرف ان البوذية انسانية نقول كيف نظرت البوذية للانسان كقيمة عليا ؟وقد نظرت اليه وعبر نصوصها وسننها التي سنتها بالشكل التالي:
1- تأمر البوذية اتباعها بازالة ما تسميه رجس الافعال الاربعة الا وهي(القتل والسرقة والزنا والبهتان) وكل هذه الافعال لها علاقة وثيقة بحفظ حياة وكرامة الانسان من ان تمس باذى وشر من قبيل القتل او السرقة او الزنا او البهتان .كذلك فان هذه الافعال الشريرة قد ورد النهي عنها في الكثير من الديانات مما يدلل اتصال الاديان في بعض الامور الانسانية المشتركة ومنها الدين الاسلامي الذي اورد ايات واضحة في رفض هذه الافعال على لسان القران والاسلام بشكل عام لم يات بجديد فيما يخص هذه القضايا بل جاء ليؤكد عليها كما وردت عند الديانات السابقة حيث ورد فيما يخص القتل في القران :
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء92 وكذلك ورد: ْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }المائدة32وكذلك ورد: قْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }الإسراء33.
حيث نجد مما ورد تاكيد القران على رفض القتل وهو بذلك لم يات بجديد كما قلنا بل جاء متمما لهذا المورد الاساسي لحماية الانسانية .
اما فيما يخص السرقة التي نهت عنها الديانة البوذية فقد ورد في القران ما يلي من الايات تنهى عن السرقة :
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }المائدة38
والزنا ورد في القران النهي عنه:
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }النور2وكذلك ورد :
الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }النور3 وهنا يتبين لدينا الاحكام المشددة من قبل الاسلام في التعامل مع مرتكبي هذه الاعمال وهذا مما يتنافى اليوم مع حقوق الانسان والتعاملات الحديثة مع هذه القضايا .
اما البهتان فقد نهت عنه البوذية ونهى عنه القران بالايات التالية :
ِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }النساء20
{وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }النساء112
وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً }النساء156
{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ }النور16
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }الأحزاب58
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الممتحنة12

2- تامر البوذية اتباعها بالسيطرة على الطباع الشريرة الاربع الا وهي الجشع والغضب والحمق والخوف والمستطلع لهذه الطبائع يجدها طبائع تنم عن امراض سايكولوجية كبيرة تسبب للمجتمع ازمات كثيرة فللجشع أي الطمع تاثيرات سلبية على المجتمع وكذلك الغضب والحمق والخوف فكلها طباع غير جيدة وصاحبها مريض سايكولوجيا والبوذية تحارب هذه الطباع ،وقد ورد في القران شواهد على رفض الطمع والغضب والحمق والخوف والسيطرة عليها والحد منها فقد امر القران بان يرفض الانسان الطمع بما ليس له:
{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }الأحزاب32
اما الطمع اذا كان في امور صالحة فهو جيد كقوله:
{وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ }المائدة84
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ }الأعراف46
{وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }الأعراف56
وفي الغضب ورد في القران ما يلي :

وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }الشورى37
وكدلالة عن ان الانسان اذا غضب لم يستطع ان يقوم بشيء جيد قوله :
{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ }الأعراف154
والغضب هو من صفات "الاله" التي يتوعد بها الظالمين كما ورد في القران :
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61
وكذلك:
بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ }البقرة90
وقوله:
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }آل عمران112
وغيرها من الايات كثير تدلل على ان مفهوم الغضب الالهي ليس جيدا للانسان بل ان يبشر بعذاب حسب المفهوم الاسلامي .والنهي عن الغضب الذي يؤدي الى عدم تفهم الانسان للمواقف كما مر في الاية السابقة التي تخص موسى .
والخوف امرت البوذية اتباعها بالسيطرة عليه فينبغي الانتباه لهذه المسالة واعتبرته من الطبائع الشريرة التي تلازم الانسان هو والغضب والحمق والجشع فالانسان ينبغي ان يسيطر على هذه الطباع لانها من صلب تكوينه وليس النهي عنها وهذا واضح في البوذية وكذلك في الاسلام وكما ورد في الايات اعلاه وكذلك الايات التي ذمت الخوف الذي اعتبره القران بلاء عظيم يصيب المرء فينبغي عدم الركون اليه :
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }البقرة155
وكذلك:
َإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83
بل ان الخوف يصبح احد بلاءات الرب اذا اراد ان يذيق اناس العذاب كقوله:

ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }النحل112
كذلك فيما يخص الخوف ورد في القران :
َشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً }الأحزاب19

والاحمق كصفة نهت عنها الاحاديث الاسلامية ومنها ما ورد عن علي بن ابي طالب قوله:
لا تصاحب الاحمق لانه يريد ان ينفعك فيضرك.وكذلك ورد عن لسان الرسول محمد ما يؤيد معارضة الغضب والطمع أي الجشع والحمق وكذلك الخوف لا مجال لذكرها هنا وعلى سبيل المثال قوله:
الشجاع من يكتم نفسه عند الغضب .
3- تامر البوذية اتباعها بردم الثغرات الست التي تذهب الثروة وتصنفها بالشكل التالي:

اشتهاء تناول المسكرات ، والتصرف بحماقة، والسهر ليلا الى وقت متاخر ،وفقدان العقل في الطيش ، والانغماس في متع الطرب واللهو والمقامرة ، ومخالطة معشر السوء ، واهمال الواجبات والمتطلع لهذه المسائل يجدها ثغرات حقيقية وكبيرة في حياة الانسان ينبغي مراعاة عدم الوقوع بها وبشكل كبير جدا لانها اذا لم تسد فسوف تذهب هذه الامور بثروة الانسان وخيره وتمنع عنه انسانيته المتأتية من عيش حياة حرة وهنيئة .وقد ورد في القران ما يؤيد كونها ثغرات كقوله فيما يخص
المسكرات ومنها الخمر ،فقد وردت فيه ايات كثيرة تامر بالحد منه وعدم تناوله وتبيان مضاره:كقوله:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }البقرة219
وقوله:
ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة90
وقوله:
{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ }المائدة91
وفي الاية السابقة بالذات الواردة في سورة المائدة ينهى القران عن اللعب بالاقمار المتمثلة بمفردة ((الميسر)) والخمر كذلك .
وعن التصرف بحماقة وردت ايات في القران تنهى عن هذه الامور ومنها :
{وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً }الإسراء37
وكذلك اية تشبهها كثيرا :
وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ }لقمان18
وفي اللهو وردت اية في القران تدعو للابتعاد عن اللهو وذمه وهو قوله :
{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }الجمعة11
وقد نهى القران عن مخالطة اهل السوء كما في قوله:
{وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }هود113وبين في اية اخرى اهل السوء وكيف ان الله ينجي انبياءه منهم بعد ان يخلص الى نتيجة عدم ايمانهم كقوله:



{وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ }الأنبياء74وقوله:

{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ }الأنبياء77
اما قوم السوء فحسب النظرية الاسلامية لهم عذاب مهين وعظيم كما في قوله:

{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }الفتح6
وكذلك بين القران كيف ان اهل السوء اذا قبضوا على المؤمنين ماهي افعالهم تجاه الناس والمجتمع كما في قوله:

{إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2
وقد حظ القران كثيرا على اتمام الواجبات كما في قوله:

{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ }البقرة40
وقوله كواجب إسلامي مهم حث عليه القران :
{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ }البقرة43
وقوله حول ضرورة اقامة الصلاة وإيتاء الزكاة كواجبات إسلامية مهمة حسب رؤية الدين :
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ }البقرة83
وقوله بما يشبه ما ورد في أعلاه:
{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }البقرة110وقوله:

{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ }البقرة238
وقوله:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة277
وغيرها كثير جدا تحظ المسلمين على القيام بواجباتهم المنصوص عليها في القران .
ولو أكملنا ما تقوله البوذية لرأينا العجب من إنسانية هذا الدين وهاهو يأمر فيما يأمر به ما يلي : 4- ينبغي للابن تبجيل أبويه وان يفعل بهما كل ما يجدر فعله فعليه خدمتهما ومساعدتهما في عمليهما والحرص على نفقة الاسرة وحماية ممتلكاتها وحفظ ذكراهما من بعد رحيلهما
وقد وردت الايات في القران بما يشبه هذا الكلام مطلقا وهي كما نصنفها :
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }الإسراء23
وقوله
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ }البقرة83
وقوله:
{وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }النساء36
وقوله:
{قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }الأنعام151
حيث نجد هذه الايات جميعها تؤكد على ضرورة مساعدة الوالدين واحترامهما اشد الاحترام والتواصل معهما دائما .

5- على الأبوين فعل خمسة اشياء للأولاد:
1- اجتناب فعل المنكر.
2- ضرب مثال للقدوة الحسنة .
3- ترتيب زيجاتهم.
4- السماح لهم بميراث ثروة الأسرة .في وقت ملائم فان اتبع الآباء والأبناء هذه القواعد عاشت الأسرة في سلام.
والكثير من هذه الحقوق التي هي بذمة الآباء لأبنائهم نجدها في الاسلام ومنها تزويج الاب لابنه والميراث من قبل الاباء لابنائهم والقدوة الحسنة ومفهومها.وكما يلي مما ورد في القران :
في الورث يقول القران بما يخص ميراث الاولاد كجزء من الميراث العام:
{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ }النساء12

وفي موضوع اجتناب فعل المنكر يصرح القران بحوار بين لقمان وابنه :
{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }لقمان17 وهذه اية صريحة يدعو الاب من خلالها ابنه الى اجتناب المنكر
كما ويصرح القران حول موضوع المنكر بشكل عام :

{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104 وغيرها من الايات كثير .
وفي موضوعة القدوة الحسنة ذكرت في القران بشكل عام وليس بشكل خاص حول الاب وابنه كما في قوله:
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }الممتحنة4
وكذلك:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21
6- ينبغي للتلميذ دوما الوقوف حين يدخل المعلم ويقوم على خدمته ويتبع تعليماته اتباعا حسنا والا يهمل تقديم عطية له والاصغاء لتعليمه باحترام.
وينبغي للمعلم في الوقت ذاته التصرف تصرفا قويما امام تلميذه مقدما له بذلك مثالا للاسوة الحسنة وينبغي له ان يوصل اليه ما تعلمه من تعليم ايصالا سليما وينبغي له اعتماد مناهج حسنة وان يحاول اعداد التلميذ للمعالي وعليه الا ينسى حمايته من الشر بكل سبيل ممكنة ،فان حفظ المعلم وتلميذه هذه القواعد مضت شراكتهما دون عقبات.
فالذي يدقق النظر بهذه التعاليم يجد معنى الشراكة في الحقوق وهذا المعنى الهام الاساسي الذي نضمن به استقرار العملية التعليمية فبوذا يوصي الوصايا من الصغير للكبير وكذلك من الكبير للصغير ويوصي بتوازن الحقوق والمسؤوليات بين الشركاء وذلك لاهمية الموضوع لان الحقوق الم تكن متوازنة سيضيع الكثير منها وكذلك سيغبن احد الطرفين في مسالة معينة كذلك يثير بوذا مبدأ القدوة الحسنة وهذا للمرة الثانية مرة في الجو الاسري عندما يوصي الابوين ان يكونا قدوة حسنة لابنائهما ويوصي المعلم ان يكون قدوة حسنة لتلميذه وهنا يضع بوذا شراكة ثانية بين دور البيت ودور المدرسة في صقل النشئ صقلا ممتازا مهما يضمن استقرار الرؤى سواء داخل البيت او في المدرسة وهذا ما طالب به علم النفس الحديث في طور تكلمه عن التلميذ وضرورة رؤيته للقدوة الحسنة في شخص ابويه وشخص معلمه كي لا يكون لديه ازدواج في الشخصية ونبقى ايضا في المستوى الاسري حيث يوصي بوذا الزوج بمعاملة زوجته باحترام ولطف وامانة وهو بذلك يضمن حقوق المراة قبل الاف السنين وبشكل رائع ويوصي الزوجة بالمحافظة على عفتها وعدم تبذير مدخول البيت من الاموال وادارة البيت ادارة موفقة وهو بذلك يحملها مسؤولية كبيرة في مسالة ادارة المنزل ويعطيها مكانة عالية في ذلك.
والقران قد تناول مجمل هذا الكلام ففي موضوع القدوة الحسنة كنا قد ذكرنا ايات تخص هذا المجال وفي موضوع التبذير يقول القران:

{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }الإسراء27
وفي موضوع احترام المرأة نجد ان بعض الايات جاءت مبهمة في تاويلاتها وخطرة على حقوق المراة ومنها قوله:
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34
فالاية السابقة تؤل حسب المفسرين تؤيلات تقول ان الضرب يجب ان يكون غير مبرح وان الضرب هو اخر الوسائل ولكن هذه الاية بالتحديد تساهم اليوم بضرب المراة وعدم مراعاة حقوقها من قبل الكثير من المسلمين مستندين عليها فهي تامرهم بضرب المراة في حين ان هنالك من الرجال من يستحق الضرب اكثر من المراة ولكن القران لا يذكره كما ان كلمة القوامة على النساء تفسر على انها- في بعض التفاسير طبعا – قوامة تأمر الرجال بالجانب الاقتصادي وتكفله عن المرأة ولكنها تؤول ايضا من قبل المتطرفين الإسلاميين على انها قوامة على النساء بشكل مطلق وهذا ما يخاف منه. وهذا هو القران حمال ذو اوجه وقابل للتاويل وفي هذه الايات بالتحديد يتبين الجانب الذكوري فيه والذي جاء ليناغم العرب الذين يعطون المكانة الكبرى للرجل على حساب المرأة .

7- يذكر بوذا في تعاليمه قواعد الصداقة ومنها ضرورة التعاطف المتبادل بين الصديقين وان يسد كل منهما ثغرات الاخر راجيا نفعه وان يستعملا على الدوام عبارات صداقة مخلصة وعلى المرء كذلك المحافظة على صديقه من التردي في دروب المنكر وصيانة ممتلكاته وأمواله وعونه في شدائده فان نزلت في صديقه نازلة ما ، خف لنجدته بل ويؤازر أسرته عند الحاجة وبهذا السبيل تصان صداقتهما ويتعاظم سرورهما باجتماعهما معا.
وهنا يخرج بوذا تعاليمه من داخل البيت إلى المجتمع للتركيز على معنى الصداقة السامي الذي يجعل أحلى العلاقات تتواتر في داخل المجتمع ويكون نتيجة لذلك المجتمع متماسك ومطمأن .
وللصداقة في الإسلام بعد آخر فهي تمنع المسلم من أن يتخذ غير المسلم وليا له وصديقا ومنها قوله:
{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ }آل عمران28
أما الصداقة التي يريدها القران والإسلام هي:

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71 بين المسلمين أنفسهم وليس بينهم وبين غيرهم وهي صداقة منغلقة وبعيدة عن المعاني الانسانية .
ولكن بوذا عندما تكلم عن الصداقة فاعطاها بعدها المطلق ولم يحدد انواع الاصدقاء وهل بالضرورة ان يكونوا من البوذية ام لا؟ ولكن عليهم ان يلتزموا باخلاق الصديق تجاه صديقه ومنها : الا يتركه يتردى بمهاوي المنكر وان يصون ممتلكاته وامواله وان يكونا مخلصين لبعضهما البعض.واكدت بعض الايات القرانية على هذه المعاني السامية ومنها قوله:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10

وللديانة البوذية امورها الكثيرة التي تشترك بها مع بعض الاديان ومنها الاراء الاربعة التي تقول:
1- عد الجسد نجسا وابتغاء الوسيلة للتخلص من اية صلة به ،وهذا المبدأ من المبادئ التي تستخدمها الاديان للتدخل بحياة الانسان وعمق هذه الحياة وله مبدأ شبيه لدى متشرعة الاسلام حين يعدون دم الانسان نجس وبعض الامور لديه التي من غير الممكن احالتها على النجاسة فالدم هو الحياة بل هو شريان الحياة لدى الانسان فكيف نعده نجسا؟واذا كان الدم نجسا فان الجسد كله نجس لانه يسري داخله .اي ان الدم نجس بمعنى اخر ان الجسد نجس فبالنتيجة فان مبدأ عد الدم نجسا لدى الانسان هو نفسه مبدأ عد الجسد نجسا وكيف لا؟ والدم هو العنصر الاساسي المكون لجسد الانسان .وقد تكلم القران عن النطفة كثيرا والماء الذي يصحبها ولم يقل عنه انه نجس ولكن فقهاء الاسلام عدوه نجسا ولا اعرف كيف يخلق الله الانسان من شيء نجس فاذا كانت النطفة والمني نجس اذن الانسان باكمله كائن نجس ولننظر كيف تكلم القران عن النطفة بوصف جميل جدا وفي اكثر من موضع وفي كل المواضع لم يذكر انها نجسة فلنر:
{خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }النحل4
{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً }الكهف37
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }الحج5
{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ }المؤمنون13
{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14
{وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }فاطر11
{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }يس77
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }غافر67
{مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى }النجم46
{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى }القيامة37
{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً }الإنسان2
{مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ }عبس19
وهذه كل الآيات التي ذكرها القران وليس فيها لفظ نجس على النطفة مما يدلل على أنها ليست نجسة كما يقول فقهاء الإسلام وكيف يخلق الله الجسد من شيء نجس وهو يقول في صاحبه الإنسان :
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }التين4
فهل من الصحيح ان هذا المخلوق في أحسن تقويم مصنوع من مادة نجسة ويجب الغسل منها .

2- عدت البوذية الحواس على إنها أصل العذاب أيا كانت أحاسيسها ألما أم سرورا وهذا مبدأ صحيح إلى حد ما .فالحواس من خلالها يستطيع الإنسان أن يكره أو يحب أو يبغض أو يصادق وهكذا فبالعين واليد والفم والأنف يستطيع الإنسان إدراك ما حوله والنتيجة إن هذه الادراكات تسبب للإنسان نتائج سواء كانت ألما أم سرورا فللألم عذاباته وللسرور عذاباته المقترنة بحياة الإنسان فالحب هو عذاب للواقع فيه أيضا.والحواس قد ذكرها القران في معرض الرد على العذابات الصادرة من الغير بقوله:
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة45
فهي اعتبرت من القران بنفس ما اعتبرتها البوذية هي أصل العذاب وهي مقياس للعذاب فالعين إذا تاذت تؤخذ العين والأذن إذا تأذت تؤخذ الأذن وهكذا ....
3- عد العقل على انه في حال انسياب مضطرد وهذا صحيح جدا فالعقل في حالة دائمة من التفكير المتوالية وإيقاف العقل يعني أن يركن الإنسان إلى حياة الحيوان بعيدا عن تعاملات الإنسانية المضطردة المتوالية .وقد ذكر القران العقل ومشتقاته سبعة وأربعين مرة للتأكيد على أهميته في تسيير الحياة العامة الإنسانية ومنها :

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }آل عمران65
{أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }البقرة75
وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }البقرة76
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46وهذه الآية أيضا تأتي في باب التأكيد على مبدأ الحواس وأهميتها في حياة الإنسان .
{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }الفرقان44
وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ }الملك10

4- عد كل ما في الدنيا على انه توال للعلل والشروط وعدم وجود ما لا يتغير الى الابد وهذا مبدأ صحيح ايضا فلا يوجد شيء بالدنيا ثابت على حاله بل كل شيء متغير اما الى خير او الى غيره.وقد ورد في القران ما يبرهن على ان الحياة الدنيا كلها متغيرة باهلها وهي ليست بخير دائما وانها ليست بذات اهمية ومنها قوله :
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24
وقوله على زوال الدنيا:
{قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا }طه72
{يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ }غافر39
حيث نرى مما تقدم بشروحاته واستنتاجاته الرؤى المتواجدة ضمن البوذية كدين يتجاذب مع الاسلام وله ايدولوجياته المتعددة حاله حال الكثير من الاديان ذات الايدولوجيات المتكررة فالبوذية تعطي المبادئ زخما وتفرض على الانسان ان يكون مؤمنا بحقوق الاخرين وراحتهم .وتعين ممارسة الصبر الاساسية في جعل الانسان متقدما في حياته فالصبر هو اساس للوقوف بوجه حياة مضطربة تواجه الانسان ومبدا الصبر قد وجد في الاسلام كثيرا يقول القران في الصبر :
{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }البقرة45 فالقران في هذه الاية يقدمه على الصلاة والآيات التالية وردت في القران كلها تؤكد كما اكدت البوذية من قبلها على الصبر وأهميته .ومنها :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة153

{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200

{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النساء25
فالصبر هو رؤية وعمل انساني بارز.
كذلك فان من عظيم الرحمة ان تجعل الناس سعداء راضين ومن عظيم الرافة ان تزيح ما يحول بين الناس وبين السعادة والرضا وهذا هو خلق الايثار الكبير الذي نستطيع من خلاله ان نجعل الناس سعداء راضين ،اما عظيم الرافة لدى بوذا هو ازاحة الاذى من طريق الناس أي طريق حياتهم مهما يستطيع الانسان وان يفعل ذلك طالما هو قادر على ذلك. وهذا يذكرنا بحديث نبوي يقول:ازاحة الاذى عن طريق المؤمنين حسنة .
ومن شان الديانة البوذية هو التفكر في امر الخلق وذلك عبر الصمت والتامل وهذه المسالة تؤكد على اهمية الصمت وهو امر تركز عليه كل الاديان فالحديث النبوي الوارد (اما تقل خيرا او تصمت)) والصمت يلازم التامل والتفكر في خلق الله كما تامر البوذية ومن غير الممكن ان تتامل بكلام بل تتامل بصمت وهنا فان تعاليم بوذا تنص على اهمية الصمت والتامل بصمت حيث نجد هذا المعنى ((وعليه تخصيص شيء من الوقت عند المساء للجلوس والتامل بصمت والسير قليلا من قبل الاخلاد الى الراحة ،ولينام نوما هادئا فان عليه الاستلقاء على الجانب الايمن وقدماه مضمومتان –وهذه المعاني نجدها كلها في اداب النوم في الاسلام التي اوصى بها الرسول وخصوصا النوم على الجانب الايمن - )) ومن هذا الباب تتضح الايديولوجيات التي تسير عليها الاديان منذ الازل والا شيء جديد فيها سوى اعادة صياغة للمفاهيم ،وقد ورد في القران الكثير من الايات التي تحض الناس على التفكر في امر الخلق ومنها :
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }آل عمران191
{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الرعد3
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ }الروم8

ومن المفاهيم التي ركزت عليها البوذية كديانة ((وعليه المحافظة-تقصد الانسان- دائما على حضور عقله اناء النهار محافظا على السيطرة على البدن والعقل معا ،مقاوما كل ميل نحو الجشع والغضب والجهل والنعاس وتشتت الانتباه والندم والشك والشهوات الدنيوية قاطبة ))وكل هذه المفاهيم نجدها في الاسلام من ناحية حضور العقل والمحافظة والسيطرة على البدن والعقل معا والتركيز على مفهوم العقل يعطي انطباعا انسانيا خالصا في هذا المجال ونجد مثل هذه الوصايا لها ما يشبهها في الاسلام فالحفاظ على البدن وغيرها من المفاهيم نجد لها امتيازات في الاديان .
ان تعاليم بوذا قد سبقت الاسلام بمفاهيم ورؤى حضارية كبيرة فتقول التعاليم البوذية :
لا تمييز على اساس الجنس في سبيل النور فان التمس عقل المراة سبيل النور صارت بطلة سبيل الحق )) فعندما تقرا هذا النص كانما تقرا معاهدة سيداو او نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان فالديانة البوذية ترفض التمييز على اساس الجنس كما سنورد نصا مهما يعتبر قمة الحداثة بخصوص العلاقة الزوجية بين المراة والرجل يقول النص البوذي: ((وعلى الزوج معاملة زوجه باحترام ولطف وامانة وعليه ان يدع لها رعاية شؤون البيت وان يمدها بشيء مما تحتاجه من الكماليات احيانا –وهذا نص صريح بضرورة مساعدة الرجل للمراة بالقضايا المنزلية لا يشبهه نص ورد في القران- وعلى الزوجة في الوقت عينه بذل قصارى جهدها في رعاية شؤون البيت وادارة الخدم ادارة حكيمة والمحافظة على عفتها كما يجدر بالزوجة الصالحة ،وعليها الا تبذر مدخول زوجها وعليها ادارة البيت ادارة موفقة بكل اخلاص وتفان فان روعيت القواعد غمرت السعادة البيت ولم يحدث ما يكدر)) وهذه التفاصيل لم ترد بالقران بل على العكس من ذلك ورد ما يبرهن على قوامة الرجال على النساء كما تكلمنا فيما سبق من البحث في حين تضع البوذية الرجال والنساء في قالب التكامل لبعضهم البعض . ومن الايات القرآنية التي تبرهن على قوامة الرجال على النساء ما ورد :

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34
وقد فصلنا هذه الاية فيما سبق.
وهنا تلقي التعاليم البوذية بالمسؤولية الكبيرة على عاتق المراة بادارة البيت وهذا شان كبير في هذا المجال وامر مهم تلقيه الديانة البوذية على عاتق المرأة وهذا ان دل على شيء انما يدل على اهمية المراة في الديانة البوذية حيث لولا الشان الكبير للمراة في هذه الديانة لما تلقي عليها كل هذه المسؤوليات التي تجعل منها قائدة في بيتها ومجتمعها ....
وبالتالي فالذي ينظر لهذه التعاليم التي تخص المراة يشعر بالانصاف الذي تتلقاه من هذا الدين ويشعر بالحالة الانسانية الوجدانية في هذا المجال ولكن يبقى السؤال الاهم ان الدين انصفها فهل انصفها الاتباع؟ والجواب:نعم فاتباع بوذا كرموها اشد التكريم وهذا يدل على اقتفاءهم للنهج الديني الخاص بهم في حين يدعي الاسلاميون ان الاسلام انصف المراة ومع ادعائهم هذا الا انهم لا ينفذون منه شيئا بتاتا بل انهم يطبقون تعاليمه بحذافيرها تجاه المراة والتي هي في غالبها الاعم لا تنصفها فبالنتيجة لا الاسلام ولا اتباعه انصف المراة انصاف مهما واساسيا ،والاسلام في بداياته الاولى قدم اسهامة لا ترقى لمستوى تحرير المراة كما فعلت البوذية وكما نرى اليوم المراة الا ان هذه الاسهامة على ضعفها لم تتطور بل انتكست في العصور القادمة من عهد الاسلام .والسؤال الذي يطرح نفسه مع كل هذا الاختلاف في قضية المراة هل انصف الغرب المراة حسب الوجهات العالمية المنادية بحقوقها وحريتها ومساواتها مع الرجل؟ والجواب:نعم انصفها كليا وفي المجالات كافة (فرص التعليم ، حريتها ، مساواتها مع الرجل، العمل .
والسؤال الاخر الذي يجب ان يسال هل حصلت المرأة في الشرق على حقوقها ؟الجواب كلا فالمراة تعاني في الشرق من عبودية الرجل لها تحت مسمى الحفاظ على زوجته او اخته حتى غدت المراة سلعة محتفظ بها من سلع المنزل فالمراة اذا ارادت العمل منعت منه واذا ارادت الخروج لقضاء حاجتها منعت فالمراة تقبع تحت الوصاية الابوية التي يمارسها ضدها الزوج او الاخ او الاب وفي كل الاحوال تعاني من فقدها لحقوقها الانسانية الاساسية اذن يتبين مما ورد ان هذه الاشكاليات التي تعاني منها المراة في الشرق والتي لا تشعر المراة بها في كثير من الاحيان انما هي ارهاصات السلطة الذكورية على المراة والمنطلقة في اغلب الاحوال من رؤى دينية مغلقة مدعاة لان يراجع الرجل نفسه في طريقة التعامل مع الزوجة وليست الخادمة ومع الام والاخت وهكذا.
وبالرجوع الى البوذية نتوقف عند بعض الحقائق فيها والتي تنال من المراة : وتجعل منها خادمة تقول البوذية ((حين تتزوج شابة عليها التعهد بالاتي: علي اكرام والدي زوجي وخدمتهما فقد وهبانا كل ما نحن فيه من نعمة وهما حاميانا الحكيمان ولذلك علي خدمتهما بسرور والتهيؤ لمساعدتهما متى استطعت)) وبالتالي هذا نص يجعل من المراة خادمة ليس فقط لزوجها بل حتى لوالدي زوجها في حين ان الاسلام على الرغم من موقفه السيء تجاه المرأة الا انه مثلا لم يفرض هذه الفرضية على المراة بل فرض على الرجل ان المراة اذا قامت برضاعة اطفالها فعلى الرجل ان يعطيها اجر الرضاعة فالإسلام لم يفرض عليها ان تخدم والدي زوجها بل خدمة والدي الزوج محصورة بالزوج نفسه وليس عليها .
ومن الامور التي تحض عليها الديانة البوذية في معرض حديثها عن الاخوة :
هي:
انه على كل فرد ان :
1- يحافظ على روح طاهرة ولا يلحف بالسؤال عنه الكثير .
2- يحافظ على التكامل وازالة كل جشع
3- يصبر فلا يلح
4- يصمت ويعرض عن اللغو
5- يخضع للتنظيمات ولا يتبجح
6- يحافظ على عقل مطمأن ولا يتبع تعليمات مغايرة
7- يكون مقتصدا حريصا في الحياة اليومية .فان اتبع الاعضاء هذه القواعد احتملت الاخوة ولم يصبها الانحلال قط.
8- وقد تناولنا فيما سبق موضوعة الصبر والصمت والعقل والاقتصاد في الحياة وعد التبذير{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }الإسراء27كما وردت في القران وكل هذه القواعد اشتركت فيها البوذية مع الاسلام.

نصل الى خلاصة في بحثنا ان هنالك مواضيع اشتركت فيها البوذية مع الاسلام عرضنا لها وهنالك مواضيع اختلفت بين الديانتين وتبقى البوذية هي الاساس في المقارنة لاسبقيتها الزمنية على الاسلام . كما ان هذه الدراسة جاءت لتبين رؤى الديانتين واهم ما ركزتا عليه لاتمام عملية نهضة مجتمعية رائدة تخص قراءة النصوص وانسنتها وابعادها عن شبح التقديس الذي يخالف النهضة الانسانية والمجتمعية .ان اساس دراسات المقارنة بين الاديان تنطلق من نظرة لتجسيد الفكر والنهضة في مجتمعات باتت تنشد التنوير والتثوير في عصر الظلاميات الفكرية والتطرفات الدينية فلكي ننهض بمجتمعاتنا نبقى بامس الحاجة لهكذا دراسات تنويرية تبعد التقديس عن الاديان وتعطي دفعات اساسية من النهضة والفكر والثقافة البنائية للمجتمعات الانسانية .


المصادر

تعاليم بوذا،بوكيو ديندو،كيوكا،ت:حازم مالك محسن،دار الشؤون الثقافية ،بغداد،ط1، 2008،ص 212
- المصدر السابق نفسه.
- تعاليم بوذا،بوكيو ديندو،كيوكا،ت:حازم مالك محسن،دار الشؤون الثقافية ،بغداد،ط1، 2008،ص 212
- المصدر السابق نفسه،ص213
- المصدر السابق،ص213
- المصدر السابق.
-المصدر السابق،ص214
- المصدر السابق،ص222








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ
سالم عاقل ( 2023 / 6 / 30 - 23:31 )
{اما فيما يخص السرقة التي نهت عنها الديانة البوذية فقد ورد في القران ما يلي من الايات تنهى عن السرقة}
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ولا داعي لايضاح او تبيان ما معنى كلمة الانفال والتي يمكن اختصارها بكلمة- الفرهود- وهي اسوء من السرقة لان السرقة ربما تحصل لبعض المواد او الاشياء.. اما الانفال فهي سرقة كل شيء وعدم ترك اي شيء.. والاغرب ان هذا الفرهود من حصة الاله ورسوله المقدام حصراً... والسلام عليكم.

اخر الافلام

.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا