الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نسينا؟ لم ننسَ، ولا ينبغي أن ننسى!

فاطمة ناعوت

2023 / 7 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا عيدُ الأضحى المبارك كل عامٍ ومصر في أعلى العلا، وقد صلّى الرئيسُ صلاة العيد في "دار القوات الجوية" بين جنود وقيادات قواتنا المسلّحة التي أعادت لنا الوطن في مثل هذه الأيام قبل عشر سنوات في ثورتنا الخالدة يوم ٣٠ يويو ٢٠١٣. وماذا كان قبلها؟ هل نسينا؟ لا لم ننسَ، ولا ينبغي أن ننسى. قبل عشرة أعوام كان الغدُ مظلمًا مُبهمًا. وعيونُ المصريين شاغرةٌ من الفرح تشخُصُ نحو المجهول بخوف. مصرُ تُسرَق من بين أيدينا، وهويتُنا المصريةُ تذوبُ، وخيراتُ الوطن تُبدَّد، ومعجمنا يتبدل، والشقاقُ بين المسلمين والمسيحيين يُطلُّ برأسه الدميم، وطفت على صفحة الوطن طبقةٌ من المرتزقة منحوا أنفسهم الحقَّ في تكفير الناس وإهدار دمهم والخوض في أعراضهم! وكنا ننتظر أن توقفهم الدولةُ، لكن هيهات والدولة نفسها كانت مسروقة، سرقها حاكمٌ إخوانيٌّ جاء ليُفرّق ويزرع الشتات ويجمع المغانمَ "للأهل والعشيرة"، بدلا من أن يوقفَ التكفيريين ويكفَّ سياطَهم عن الناس. خفض لهم جناح الذلّ من الضعف، ومن الطمع في مساندته، ضد الشعب الذي رفضه ورفض جماعته الإرهابية، بل غالى في منحهم الجبروت وأطلق سراح سفاحين قتلة عليهم أحكامُ إعدام واجبةُ النفاذ، ثم جلب إرهابيين عُتاة في الذبح ليدخلوا هذا البلد الآمن ليروّعوا الشعب بعدما جهزهم بالسلاح لكي يقتلوا من يعارض حكمه! هل نسينا؟ لا لم ننسَ، ولا ينبغي أن ننسى.
قبيل ٣٠ يونيو ٢٠١٣، كان الراحلُ "محمد مرسي"، عروسُ الماريونيت في يد "محمد بديع" مرشد "جماعة الإخوان" الإرهابية، كان على وشك تشكيل جيش "ملاكي" على نهج "الحرس الثوري" الخوميني الذي علّق الثوارَ على المشانق بمجرد نجاح الثورة الإيرانية التي قامت بها الإنتلجينسيا الإيرانية من علماء وشعراء وفنانين ومثقفين، تم التخلص منهم فور سرقة ثورتهم على يد التيار الخوميني، وفق عادتهم في الركوب على الثورات الشعبية وسرقتها وسرقة الأوطان. هل نسينا؟ لا لم ننسَ، ولا ينبغي أن ننسى.
هذه ذكرى ثورتنا المجيدة التي صنعناها بعقولنا وسواعدنا وقلوبنا يوم الأحد الموافق٣٠ يونيو ٢٠١٣. نحتفل بمرور عشر سنوات على ثورتنا وقد قضينا بحمد الله وبسالة جيشنا القوي على غول الإرهاب الإخواني الأسود، الذي روّع حياتنا شهورًا وسنوات بعد إسقاطنا الإخوان. ولن ننسى كيف كنا نصحو وننام على تفجيرات في سيناء وجميع محافظات مصر، وهذا قليلٌ مما كان الإخوان يرومون فعله وفق سياسة "حرق الأرض" التي اعتزموها لتدمير مصر بعدما فشلوا في سرقتها. هل نسينا؟ لا لم ننسَ، ولا ينبغي أن ننسى.
سياسة تصفية شرفاء الوطن، والاغتيال الأدبي والمعنوي والجسدي، هي أحد أسلحة تيارات الإسلام السياسي والإخوان منذ ميلادهم وكما علّمهم عرّابهم الأول "حسن البنا" فنون تصفية كل من يحب الوطن وكل من يتمرد على منطقهم الفاشي الدموي. ولم ينجُ منهم حتى مَن لبس عباءتهم وتأخون مثلهم، ثم قَدّر له القدرُ أن يفكر ويتساءل ويقول: “لماذا؟!” مثلما فجروا مهندسًا إخوانيًّا اسمه "السيد فايز" في خمسينيات القرن الماضي بعلبة من حلوى المولد المفخخة لأنه تجاسر وناقش مرشد الجماعة آنذاك فكان جزاؤه القتل مع أفراد أسرته المنكوبة. هل نسينا؟ لا لم ننسَ، ولا ينبغي أن ننسى.
قبل تسع سنوات، في الذكرى الأولى لثورة ٣٠ يونيو، في عام ٢٠١٤ وفي شهر رمضان المعظم، لم يمنعهم الشهرُ الكريم الذي نزل فيه القرآن هدى للناس ورحمة من أن يحقنوا الدماء، أو يجمدوا إرهابهم حتى انتهائه! أبوا إلا أن يحرموا أسرًا من أبنائها جنود مصر بعد قول المؤذن "الله أكبر" إيذانًا بيوم صوم وعبادة وتطهّر. ثم يزعمون إيمانًا وإسلامًا وتُقًى، ليس فيهم! فماذا نقول فيهم، وبمَ نرميهم، إلا بما رماهم به عرّابهم "حسن البنا" حين قال: “ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين"، هو عرابهم الذي لم يسيروا في جنازته، ولم يزوروه في قبره بعدما سرقوا عرش مصر، ومرّت ذكراه دون أن ينتبهوا لأن ما يشغلهم هو السلطة ودحر المعارضين.
هل نسينا؟ لا لم ننسَ، ولا ينبغي أن ننسى. كان مكتوبًا علينا أن ندفع ثمن خطأ مَن وثق بهم يومًا ومنحهم صوته ليسرقوا الوطن. وليس سوى الله فقط يعلم ماذا كان سيكون حجم الفاتورة الباهظة التي تدفعها مصرُ لولا ثورتنا بعد عام من حكمهم، وإسقاطهم إلى حيث لا رجعة بإذن الله حتى يصفو لنا وجه مصر العزيز.
علينا أن نفخر بأننا شعبٌ عظيم قال للظلام: “لا!”. قالها قويةً مدوية أمام الدنيا وملء السمع والبصر. علينا أن نفخر بأننا أنقذنا من براثن الذئاب وطنًا عظيما عزيزًا كاد أن يؤول للسقوط على يد جماعة الإرهاب والدم، ومَن والاهم من جماعات الذبح والظلم والظلام. كل ٣٠ يونيو وأنت طيب يا شعب مصر العظيم.


***
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي