الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصا المعلم

عماد الطيب
كاتب

2023 / 7 / 2
التربية والتعليم والبحث العلمي


لن انسَ عصا معلمي في الاول الابتدائي حين انهال على يدانِ بالعصا في صباح شتوي واول الدرس .. تعلمون مقدار الالم وهو ينظر لي دون رأفة ورحمة . لتتبادل يدانِ الضرب واصرخ بألم من شدة الضرب الموجع ببرودة الشتاء .. وقتها كان العقاب مأساوي لي . حتى زملائي بعد هذه العلقة . بدأوا يخشون ردة فعل هذا المعلم . ورسم في مخيلتنا انسان في هيئة وحش كاسر . كان عقابي بسبب اني كنت تلميذا مشاكسا ( وكح ) واصطادني حين كنت اتشقلب على رحلات ( الكراسي الخشبية ) الصف .. بعد مرور اكثر من نصف قرن وحاليا اقترب من عمر الستين مازالت تلك الحادثة محفورة في ذاكرتي كوشم لن انساها فهي علمتني معنى الانضباط في الحياة والسير على نهج تربوي صحيح .. كان المعلمون في فترة السبعينيات من القرن الماضي شديدي التعامل ومنضبطين تجاه التلميذ ... واي تقصير في الواجب او الاخلاق والسلوك داخل المدرسة فالعقاب موجود مادامت العصا في متناول اياديهم وحتى وهم في الدرس يشرحوا المادة وكانت اياديهم في الوقت نفسه تلوح بالعصا كأداة انضباط وانصياع للدرس .. فاخرجوا للدنيا اناس اذكياء مستوعبين كل ما قدمته المدرسة لهم من تربية صحيحة .. كان يكمن صدق المعلمين في منح المادة كاملة ويتأكدوا من فهم التلميذ لها لاوجود مايسمى بالدروس الخصوصية .. وكان الواجب البيتي عقابا آخرا لا احد قادر على نسيانه او تركه بمزاجية ونعمله بجد بمعاونة والدينا . وكنا نستيقظ في الصباح الباكر نشطين لاننا ننام بالثامنة او التاسعة واذا سهرت الى الساعة العاشرة فأنت اسد مغوار . هكذا كنا وهكذا كانت مدارسنا .. اليوم كل شيء اختلف فالتلميذ ماعاد يهتم لدروسه واي عقوبة فالتهديد والوعيد والثأر تنتظر المعلم من قبل الطالب واهله وعشيرته. وتعد اي محاولة للتقويم تجاوزا بحق الطالب وتنمر في ظل تعليمات رسمية غير مدروسة .. لتخرج علينا اجيال تعاني من الهشاشة النفسية وما يطلق عليهم رقائق جليدية تذوب لابسط حرارة في الحياة .. جيل هجر الدرس وهجر العلم وترك كل شيء خلفه وغدا يطارد المشاكل في الشوارع ويتسكع بالمقاهي التي تقدم الاراكيل بسهولة . وفضل العمل الهامشي على العلم الذي يمنحه في الغد عملا حقيقيا ومحترما . جيل مستعد ان يدخل دائرة الجريمة والارهاب .فكم من الجرائم ارتكبت بحق المجتمع بسبب غياب المدرسة وعصا المعلم ..جيل يسمي السرقة فهلوة وشطارة .. والاعتداء على الاخرين شجاعة وبسالة .. والتدخين نضج و رجولة . والمخدرات متعة وسلطنة . والهروب من المدرسة تحدي وقوة شخصية .. كلها بسبب غياب عصا المعلم وهيبة المعلم . ارجوكم رجعونا لتلك العصا ... صدقوني انها تبني اوطان وتقوم اجيال . والا فخراب الاجيال يعني خراب البلدان وضياع المستقبل . وعلى الاهالي الاعتراف بدور المدرسة وعصا المعلم ودعوة المعلم ان يمارس دوره القيادي والمربي الحقيقي . مجتمع دون مربي حقيقي في ضياع . ومن هنا نرسم الحكاية واصل المشكلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج