الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارات مع بعض رواد السوسيولوديا المغربية ج1

نورالدين لشكر
باحث

(Noureddine Lachgar)

2023 / 7 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حوار مع السوسيولوجي المغربي عمار حمداش، أجرى الحوار: نورالدين لشكر
يدخل هذا الحوار ضمن سلسلة من اللقاءات، التي جاءت في سياق إجراء مجموعة من المقابلات مع عدد من الباحثين، مغاربة وأجانب، لتكوين فكرة حول مساراتهم المعرفية والبحثية والمهنية، والتي سيم إفراد كتاب خاص بها، يتصل بموضوع سوسيولوجيا الخبرة والخبراء، وسيتم إدراج جزء من هذا الحوار ضمن هذا المقال.
- سؤال: باعتباركم ذ. عمار أحد طلبة المرحوم محمد جسوس، كيف يمكن أن تقرب القارئ من المسار العام الذي جمع ما بينك وبين وعلم الاجتماع؟
فيما يخص التعريف بالمسار العام الذي قطعته على طريق الانتماء إلى السوسيولوجيا أولا، وتعلم حرفة الباحث السوسيولوجي فيما بعد، ينبغي التنويه أن أول شعبة لانتمائي الجامعي، كانت هي الإنجليزية السنة الجامعية 76/ 77 بفاس، وقد تبين لي بعد حضور بعض الحصص الأولى من دروسها أن الأمر لا يختلف كثيرا عما سبق لي وأن درسته بالتعليم الثانوي، فقررت الرحيل إلى شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس، وهي الشعبة التي كان قد انخرط فيها زمرة من أصدقائي.. وهكذا كان التقائي الأول بدروس التخلف والتنمية وسوسيولوجيا العالم العربي والأنثروبولوجيا والمناهج، وغيرها مما كان يشكل إضافة نوعية إلى تكويننا كجيل صار منشغلا بالقضايا السياسية للبلاد، في حرم جامعي، تشكل أنشطته الموازية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، نوعا من الجامعة الثانية المكملة لمسار التكوين الرسمي.
بعد حصولي على الإجازة في علم الاجتماع بميزة سنة 1981، كانت لدي فرصة الحصول على منحة جامعية لمتابعة الدراسة بفرنسا كما فعل زملاء آخرون، بينما تهيبت من خوض المغامرة، والتحقت بالخدمة المدنية في مركز تكوين المساعدات الاجتماعيات للقوات المسلحة الملكية، في أول تجربة لهذا المركز، لألتحق بعدها بالمدرسة العليا للأساتذة قبل إنهاء المدة الرسمية للخدمة كأستاذ متدرب لمادة الفلسفة بالرباط، ولألتحق بعد التخرج بداية سنة 1983 بنيابة التعليم بإقليم القنيطرة، أستاذا للفلسفة بثانوية ابن زيدون بسيدي يحيى الغرب، من أجل تعويض أحد الأساتذة الذين كان قد أنهى مدة خدمته المدنية، حتى طال بي المقام بهذه البلدة التي كنت أجهل عنها كل شيء، سوى ما يتراءى لي خلف الشريط الغابوي على طول السكة الحديدية، عند التنقل من مدينة مكناس إلى الرباط.
- سؤال: ألم يكن قربك من مدينة الرباط، مساعدا على متابعة مسارك الجامعي؟
بالطبع، شجعني قرب مكان إقامتي من الرباط، على التسجيل بالسلك الثالث (النظام القديم، أي دبلوم الدراسات المعمقة الذي يعادل حاليا الماستر)، وكان ذلك سنة 1984، ضمن تخصص النظريات الاجتماعية، وهو التخصص الوحيد المتوفر آنذاك لدارسي علم الاجتماع، يقوم بالتأطير داخله الأساتذة المعروفون خلال هذه المرحلة، مثل رشدي فكار والمكي بنطاهر ومحمد جسوس.. بالإضافة إلى آخرين، ونظرا لكون نظام استحقاق الشهادة كان لا يسمح باجتياز الامتحان لأكثر من دورتين، حيث يؤدي الفشل إلى الإقصاء من متابعة التكوين، فإن الغالبية العظمى من الطلبة المسجلين كانوا يفضلون حسن الاستعداد لعدم تفويت فرصة النجاح، والظفر بالتالي بفرصة التسجيل في رسالة السلك الثالث، أي ما يعادل دكتوراه الجامعة، تمييزا لها عن دكتوراه الدولة، التي كانت تعتبر أرفع شهادة عليا ينالها الباحث، وغالبا ما ينالها الأساتذة بعد انخراطهم في سلك التدريس بالجامعة بناء على الشهادة أو الأطروحة الأولى التي سبق لهم إنجازها.
غير أن مستجدا سيطرأ في الساحة العلمية والجامعية المغربية بوفاة بول باسكون، حيث عمل الأستاذ محمد جسوس على تأسيس تخصص جديد تكريما للراحل، من أجل متابعة الاتجاه الذي سار عليه باسكون في إرساء دراسات سوسيولوجية قروية، تستجيب أكثر لمهام السوسيولوجيا الوطنية، وكان ذلك سنة 1986، فالتحقت بهذا التخصص الجديد ضمن أول فوج حصلت ضمنه على دبلوم الدراسات المعمقة في علم الاجتماع القروي، وأنجزت إبانها بحثا حول علاقة العامة بالخاصة في المجتمع القروي المغربي التقليدي، متأثرا ببعض مجالات البحث التي انفتحنا عليها من خلال التعرف على الدراسات الأنجلوسكسونية حول المغرب، التي عمل المرحوم محمد جسوس على تعريفنا الوافي بأهم إنتاجاتها؛ لأقترح عليه مباشرة بعد ذلك الاشتغال على موضوع التحولات الاجتماعية بالبوادي المغربية، من خلال إنجاز دراسة مونوغرافية حول البلدة التي كنت أشتغل كمدرس للفلسفة بها، والمجال القروي المحيط بها، أي منطقة سيدي يحيى الغرب، بعدما صارت عدد من أسئلة هذا المجال تتبلور في ذهني، وخاصة منها كيف صارت الغابة الاصطناعية عاملا محددا لوجود مجمل الأنشطة الاقتصادية بالمنطقة عموما وبمركزها الحضري الناشئ تحديدا، أي سيدي يحيى الغرب. وذلك ما كان ابتداء من سنة 1987.
بعد مناقشة الأطروحة الأولى، تسع سنوات بعد تسجيلها، ثم العمل المضني والمتواصل من أجل إعدادها، حتى صار تحريرها النهائي عبئا ثقيلا، تخلصت منه باتباع نهج الكتابة الشفوية أحيانا، وحذف ما يثقل العمل، ومع غياب شعبة لعلم الاجتماع تستقطب الحاملين الجدد لدبلوم الدراسات العليا، عملت على تسجيل أطروحة دكتوراه الدولة، كمساهمة في تطوير الموضوع الأول، في إطار دراسة حول السوسيولوجيا الجهوية، تعمل على رصد تطور العلاقة بين القبيلة والأرض عند بني احسن، من أجل فهم أكثر للديناميات المجالية والاجتماعية وكذا السياسية المتصلة بحيازة الأراضي الجماعية. إلا أنه بعد رحلة هامة من الإنجاز، ستضيع المادة الكبرى للعمل، بسبب خطأ تقني معلوماتي أربك العملية برمتها، وأربك الباحث، رغم محاولات الإنقاذ العديدة، حتى قرر التخلي نهائيا عن هذا الاختيار لعوامل نفسية لم تعد تسمح له بمتابعة الاشتغال على الموضوع إياه..
لقد تزامن ذلك مع بداية التحاقي بشعبة علم الاجتماع التي عمل على تأسيسها أساتذة فضلاء كانوا تابعين لشعب أخرى (الأدب العربي، الدراسات الإسلامية)، وهم الأستاذة خديجة أمتي، والأستاذ أحمد العلمي والأستاذ عبد الله محسن، الذين دافعوا عن التحاقي بالشعبة التي كان يدعمها بقوة الرئيس الأسبق للجامعة الأستاذ محمد الساوري، وذلك حتى قبل انطلاق الموسم الجامعي 2003 2004، من أجل إعداد الملف الوصفي واستكمال التحضير لانطلاق الشعبة، حيث كان قد تم تأسيس شعبة علم الاجتماع قبل أن ينضاف إليها مسلك الفلسفة فيما بعد، ثم علم النفس لاحقا. يتبع في الجزء الموالي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل