الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفتاوى .. الحكم على البشر بأسم رب البشر

يوسف يوسف

2023 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الموضوع :
1 . لنسرد أولا بعض التعاريف الخاصة بالفتوى .. تعريف الفتوى لغويا : اسم مصدر بمعنى الإفتاء ، والجمع : الفتاوى والفتاوي ، يقال : أفتيته فَتْوى وفُتْيا : إذا أجبته عن مسألته . والفتيا : تبيين المشكل من الأحكام ، وتفاتَوْا إلى فلان : تحاكموا إليه وارتفعوا إليه في الفُتيا . تعريف الفتوى في الاصطلاح : أما تعريفُ الفتوى في الاصطلاح .. قال القَرافي : " الفتوى إخبارٌ عن حكم الله تعالى في إلزام أو إباحة ". وقال الجرجاني : " الإفتاء : بيان حكم المسألة ". وقال ابن الصلاح : " قيل في الفتيا : إنها توقيع عن الله تبارك وتعالى".. ومن خلال التعريفات السابقة وغيرها يمكن تعريف الفتوى بأنها : بيان الحكم الشرعي لمن سأل عنه على غير وجه الإلزام .

2 . ولقد وردت كلمة الفتوى في عدد من الآيات القرآنية ، منها : قوله { فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ } [الصافات:11] ، يعني : فاسأَلْهم سؤال تقرير ، و { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ } [النساء:176] ، و { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِن } [النساء:127] ؛ أي: يسألونك سؤال تعلُّـم .

3 . وقد لجأ المسلمون إلى الاستفتاء منذ الصدر الأول للإسلام ، فصدرت فتاوى سيد المرسلين ، وإمام المفتين ، وأمينه على وحيهِ ، وسفيره بينه وبين عباده ، ((( فكان يُفتي عن الله بوحيه المبين ))) ، وكان كما قال له أحكم الحاكمين : { قُلْ مَاأَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } ، فكانت فتاويه جوامعَ الأحكام ، ومشتملة على فصل الخطاب ، وخَلَفَه في ذلك علماءُ الصحابة والتابعين .
* قد أستهلت هذه المقدمة / الموضوع ، من موقع طريق الأسلام - وقد تم ذلك بتصرف وبأختصار .

4 . من أهم كتب الفتاوى / لأهل السنة والجماعة - وفق موقع المكتبة الشاملة الحديثة ، التالي ( فتاوى السبكي / تقي الدين السبكي ، فتاوى قاضي الجماعة / أبن سراج الأندلسي ، الحاوي للفتاوي / السيوطي ، فتاوى الرملي / شهاب الدين الرَّمْلِي ، فتاوى ومسائل / للشيخ محمد بن عبدالوهاب .. ) . ويقف في مقدمة كل ما ذكر من شيوخ الأفتاء ، شيخ الأسلام أبن تيمية / 661 - 728 هج . الذي قال عنه الحافظ البزار ( وأما مؤلفاته ومصنفاته ، فإنها أكثر من أن أقدر على إحصائها أو يحضرني جملة أسمائها . بل هذا لا يقدر عليه غالباً أحد؛ لأنها كثيرة جداً، كباراً وصغاراً، أو هي منشورة في البلدان فقل بلد نزلته إلا ورأيت فيه من تصانيفه / نقل من موقع صيد الفوائد ) . وعلى أساس فتاوي أبن تيمية ، تم ذبح وحرق وصلب وسحل .. الكثير من البشر ، وذلك من قبل المنظات الأرهابية الأسلامية ك " القاعدة وداعش والنصرة " .

5 . كما يوجد العديد من كتب الفتاوى لأئمة الشيعة منها للمراجع التالية : الخميني والحكيم والخوئي والصدر والسيستاني .. ، وكاظم الحائري / 1938 م - ، المولود في العراق ، والمقيم في طهران ( وفي كتابه " دليل المجاهد " - المثير للجدل ، يفتي بفتاوى كارثية منها " جواز قتل الجندي العراقي المجاز ، تسميم مياه وغذاء الجيش العراقي ، يجوز قتل الأسير العراقي ، يجوز قتل البعثي في منزله وبين أفراد عائلته ، جواز قتل أشبال صدام ، جواز قتل الشرطي ، جواز قتل كل المتعاونين مع النظام .. / منقول من برنامج تلك الأيام للدكتور حميد عبدالله ) ، وكل هذه الفتاوى تخص العراقيين خلال الحرب العراقية الأيرانية ، أرأيتم عراقي يفتي بقتل أبناء جلدته تملقا لأيران ! .

6 . وكان لشيوخ الأفتاء دورا كبيرا في أرضاء الخلفاء ، فهم يسخرون ويرقعون كل النصوص من أجل نيل حضوة ولاتهم ، والقصة التالية أكبر دليل على ذلك ، أنقلها من موقع / قصة الأسلام (( أخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن ابن المبارك قال : " لما أفضت الخلافة إلى الرشيد وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي ( أبيه ) فراودها عن نفسها فقالت " لا أصلح لك فإن أباك قد طاف بي" ، فشغف بها فأرسل إلى أبي يوسف القاضي ( تلميذ أبي حنيفة ) فسأله : أعندك في هذا شيء ؟ فقال : يا أمير المؤمنين أو كلما ادّعت أمة شيئًا ينبغي أن تصدق لا تصدقها فإنها ليست بمأمونة )) . * لذا أستخدم الأفتاء في تسخير أمورا جنسية لأولى الأمر في عهود معينة - ولا زال ، والذات الألهية أرفع وأقدس من هذه الشؤون ، فكيف لهولاء أن يحكموا نيابة عن الله أو بأسمه ! .

القراءة الأولى :
أولا - أني أرى واقعة " قتل أسرى يهود بني قريضة " تشكل نموذجا دمويا لأولى الفتاوى الذي وقعت في صدر الأسلام / عام 5 للهجرة ، حيث أن بني قريضة ، أستسلموا للرسول بعد حصار 25 يوما ، وتولّى الصحابي سعد بن معاذ الحكم عليهم ، فقضى بقتل رجالهم وسَبي نسائهم وأطفالهم .. وهو ما تم بالفعل ، فقُتل منهم 700 رجلًا / وتفاصيل الواقعة مثبتة في المصادر - يمكن الرجوع أليها للأستزادة . ولابد من القول ، أن سعد بن معاذ لا يستطيع أن يحكم بالقتل ، لولا موافقة رسول الأسلام ، الذي بارك حكم القتل بقوله « قضاء الله فيهم من فوق سبع سماوات » . هذه الفتوى بني على أساسها الكثير من الأحكام من قبل شيوخ الأفتاء لاحقا ، وأخذت بها المنظمات الأرهابية الأسلامية في قتل المخالفين لهم ولأفكارهم.

ثانيا – أرى انه يمكن أن نقبل الفتاوى بشؤون محددة ، كقضايا العبادات / الصلاة وطرق الوضوء والصوم ، وقضايا الأرث والزكاة / في نطاق ضيق . وأرى أن القوانين المدنية يمكن أن تحل باقي الأشكالات المجتمعية الأخرى في عصرنا الحالي .

القراءة الأساسية :
لو تركنا القراءة الأولى جانبا ، فسنكون أمام معضلة أشكالية كبرى ، لا بد لنا أن نحلل مضامينها وفق العقل والمنطق .
(1) في صدر الأسلام كان محمدا هو الذي يفتي ، على أعتبار الرسول أنه ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى / سورة النجم: 3، 4 ﴾ ، ولكونه " الأمين على وحيه ، وسفيره بينه وبين عباده ، فكان يُفتي عن الله بوحيه المبين " ، وهذا يعني أن محمدا رسول الأسلام ، يفتي نيابة عن الله على الأرض ، وبمعنى أدق أنه يمثل الله على الأرض ، وبما أن قوم محمد لا يمكنهم مخاطبة الله ألا عن طريقه / محمد ، فكان هو الوحيد الأوحد الذي يكون الأتصال بالله من خلاله ! .

(2) ولو فرضنا جدلا أن آل محمد ، الذكور منهم - أولاد فاطمة وعلي بن أبي طالب ، والذين يمثلون نسل النبي ، لحد الأمام الثاني عشر / أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري - الأمام المهدي ، ممكن أعتبارهم أهلا للفتوى ، على أعتبار أنهم من صلب محمد / عن أبنته فاطمة ، ولو أضفنا أليهم فرضا بعض الصحابة ، لأن بعضهم من المبشرين بالجنة والتابعين أيضا لغرض الفتوى ، كل ذلك ممكن قبوله على سبيل الجدل - ولكن لا بد لنا من جانب اخر ، أن نقول ، أن هؤلاء سيمثلون الله على الأرض ، أي حالهم حال رسول الأسلام ، وهنا نكون أمام مطبا أخرا أفحم من أوله ، وهو كم ممثلا لله على الأرض أي : " محمد وآل بيته والصحابة والتابعين " .

(3) في موضوع مثير للقلق ، هو الذي يحدث في مصر ( مؤسسة الأزهر ، تتمادى في أعطاء الفتاوى ، حيث أسس " مركز الأزهر العالمي للفتوى الألكترونية " ، وأضيف أليه فتاوى عن طريق " الهاتف " ، مع فتح " أكشاك للفتوى " في محطات المترو والطرقات ) .. ختام الأمر فقد أصبحت للفتاوى دكاكين .

(4) من كل ما سبق - ونظرا لوجود مئات الألاف من شيوخ الفتاوى ، فهذا يعني ووفقا من أن الفتوى حكما ألهيا شرعيا ، فهذا يدلل بشكل غير مباشر ، من أن كل الشيوخ ممثلين عن " رب البشر " . علما أن المنطق يقول و وفق بعض المواقع أن من يخلف الرسول في الفتوى هم " الصحابة والتابعين " ، وليس كل من لبس العمامة أصبح شيخا ومن ثم مفتيا ! .

خلاصة :
رجال الدين ، يستولون على قدسية مهام الله / بشرعنة معتقدية ، بأتخاذهم تحليل وتحريم وجواز وألزام أفعال معينة ، دون أخرى ، بحجة أنهم يفتون من كتاب القرآن وسنة وأحاديث محمد ، هذه الفتاوى ، جعلت رجال الدين يشكلون جبهة دنيوية أرضية ، تحكم للبشر بأسم رب البشر ، فكم نائب وممثل ووكيل عن رب العالمين ، هذا الوضع أصبح مأساويا ، حيث أن المتاجرة بأسم رب العالمين أصبح رسميا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون في غزة يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة القديس بو


.. شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد




.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ