الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وأتموا الحج والعمرة لله

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2023 / 7 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


﴿وَأَتِمُّوا۟ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَیۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡیِۖ وَلَا تَحۡلِقُوا۟ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ یَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡیُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِیضًا أَوۡ بِهِۦۤ أَذࣰى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡیَةࣱ مِّن صِیَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكࣲۚ فَإِذَاۤ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَیۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡیِۚ فَمَن لَّمۡ یَجِدۡ فَصِیَامُ ثَلَـٰثَةِ أَیَّامࣲ فِی ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةࣱ كَامِلَةࣱۗ ذَ ٰ⁠لِكَ لِمَن لَّمۡ یَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِی ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [البقرة ١٩٦].

تفسير هذه الآية ببساطة يعني أن الله سبحانه وتعالى يأمر عند الحج بعد ان يتم الحجيج أركان الحج من إحرام و ذهاب لعرفات وقبل طواف الإفاضة حول الكعبة وسعي بين الصفا والمروة ، وكذلك مصداقآ لقوله تعالى ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) سورة الحج.
بأن يذبح كل منهم ما استطاع من أعداد من الهدي أي خراف أو معيز أو بقر أو إبل ، كل حسب مقدرته على الاقل واحدة من أي من هؤلاء (ويفضل في عصرنا هذا مع تطور الحضارة وتوسع وتغير احتياجات الناس بما يتجاوز مجرد ملئ بطونهم كما كان الوضع في ذاك الزمن البعيد، يجوز اخراج تبرعات بقيمة الهدي كل حسب استطاعته توزع لتمويل الابحاث العلمية والجامعات والمدارس والمستشفيات... الخ من أعمال الخير والتقدم بما يعود بالنفع على الجميع).

وبعد الهدي او (دفع التبرعات) يقوم الحجيج بحلق رؤوسهم الا من كان ذلك سيؤذيه لمرض به او أذى برأسه ، وشرع الله ذلك وأمر به لأمرين ، أولهما كاثبات من الحاج للناس أنه أتم حجه وهديه فتكون قوافل الرجوع والعودة ملأى بحليقي الرؤوس فتدرك أعين الأعراب من بعيد أنها قوافل حجيج فلا يعتدون عليهم في الأغلب الأعم، حيث كانت الأعراب وقطاع الطرق في بعض او كثير من الأحايين لا يحترمون ولا يوقرون الأشهر الحرم هذا بالاضافة الى ارتداء الحجيج لقلادة من لحاء شجرة السمر كدلالة على أنهم حجيج .

ثانيهما كانت هذه عادة جاهلية الى جانب الطواف عراة للرجال والنساء( الحُل وهم من غير أهل مكة الذين كانوا يلقبون بالحُمس) حيث يطرحون ثيابهم وتسمى (اللقي جمع لقية) فكانت العرب في ذاك الحين يعتبرون ولو بشكل رمزي أنهم بتخليهم عن ثيابهم وشعورهم هذه بأنهم يتحللون من ذنوبهم ويبدأون مرحلة جديدة من حياتهم، وكان عرب اليمن يضعون الدقيق على رؤوسهم قبل الحلق ليسقط مع شعورهم كصدقة فيتجمع الفقراء لينتبذوا الدقيق ويطرحوا الشعور ، وهي شعيرة لها نفس الدلالة الرمزية في الحج الهندوسي كذلك (مع الفارق طبعآ).

فأقر الله هذه الشعيرة كدلالة رمزية على بداية عهد جديد مع الله ، أو يمكن فهم ذلك مع اختلاف الحرف ولكن في سياق المعنى والمراد الإلهي في اطار قوله تعالى لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) سورة الحج.، وبالطبع فان الله لن ينال شعور الحجيج كذلك وانما التشريع بالحلق انما لدلالة رمزية ببدء عهد جديد من التقوى لله تعالى .

وعليه مع سقوط مبررات السبب الأول وابتعادنا الزمني والحضاري والثقافي عن رمزية السبب الثاني تلك الرمزية التي كان يتعلق بها حجيج ذاك الزمن لثقافاتهم الموروثة آنذاك ، فإن شعيرة الحلق تسقط وتترك وهي ليست من أركان الحج ولا يسقط الحج بسببها أو بتركها.

أما من كان قد وصل مكة قبل أشهر الحج لقضاء حوائجه او كان من أهل مكة واعتمر وأتم عمرته والتي كانت ولازالت تنحصر فقط في الإحرام والطواف والسعي بين الصفا والمروة ، ولم يحج لأنه لم يذهب لعرفة لبعد المسافة عن الكعبة بحوالي 22 كيلو متر في طرق غير ممهدة وغياب خدمات الحجيج من سقاية وإطعام وارشاد في شعاب مكة في غير اشهر الحج وكانت تقوم بذلك عائلات معينة من قريش تتوارث ذلك فيما بينها على مدار أجيال.

ثم مكث في مكة لسبب أو لآخر فدخل عليه الحجيج وبدأ موسم الحج ، فيحق له ساعتها هو أو المعتمر من أهل مكة إن أراد أن يشارك في الحج ثم يذبح ما استيسر من الهدي فإن لم يكن قادرآ ولم يملك مالآ كافيآ لشراء هدي والتضحية به( وهو أمر لا يسقط عن الحاج) ، فإنه يسقط عن هذا الشخص لعمرته التي أداها مقابل أن يصوم أيضآ ثلاثة أيام في أثناء الحج ويكمل العشرة بصيام سبعة أيام عندما يعود لبلده ويرتاح من وعثاء السفر طالما لم يكن من أهل مكة فإن كان من أهلها فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج ثم سبعة أيام بعيد انتهاء الحج .

في النهاية فإن الحج كغيره من شعائر الله من العبادات الطقوسية وهي الصلاة والصوم كتجارب وممارسات روحانية ذاتية وكلهم انما شرعهم الله لافادة الناس وإعانتهم على الدنيا و التقوى والعمل الصالح والبعد عن الطلاح والسوء والضياع والمنكر والبغي وبالتالي إشاعة النفع العام والخير والمحبة والسلام بين الناس ، وهي شعائر لرفع الناس درجات في الجنة اذا هم دخلوها أصلآ بتقواهم وعملهم الصالح وحسن نواياهم الخالصة لله تعالى وحسن معاملاتهم مع الناس والمجتمع وإنفاقهم في الزكاة والصدقات اللذان هما من ضمن شعائر المعاملات بين الناس.

ونتبين ذلك المعنى والهدف أيضآ في قوله تعالى لأصحاب المناهج الدينية من الصابئة المندائيين واليهود والمسيحيين والمسلمين بقوله تعالى وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) سورة الحج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah