الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الإسرائيليات في صدر الإسلام (9)‏

محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)

2023 / 7 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لم يأت كعب الأحبار من اليمن ليفسد دين المسلمين في الحجاز فقط إنما جاء في مهمة قومية صهيونية كبرى، فمهمة كعيبا ابن ماتع الحميري العميل الصهيوني الذي بعثه السندريون إلى مقر الخلافة العربية الإسلامية، لم تنحصر فقط في غرس وإدخال مجموعة الألفاظ الاصطلاحية التي رصدها إسرائيل ولفنسون مثل كلمة " ربانيين " وكلمة " الأحبار، وحبر الأمة، أو تغذية العقل الإسلامي بقصص بني إسرائيل من خلال باب الإسرائيليات، إنما كانت مهمة كعب أكبر وأضخم من ذلك بكثير، حيث كانت أولى دعائمها توطين عقيدة اليهود بشأن قدسية الشام في العقيدة الإسلامية، ولهذا حرص كعب على إقناع العرب بأن الصخرة مقدسة وأن الشام أرض مقدسة، وأقنع عمر الخطاب بأولوية زيارتها بدلاً من العراق وبلاد القبط وغيرها، وساهم في تنظيف الصخرة من القمامة واستعادة قدسيتها، باعتبارها قبلة للصلاة، وأما المهمة الثانية والأكثر خطورة، فكانت هي إقناع العرب بأن مصر التي ورد ذكرها في قرآنهم مقصود بها بلاد القبط ليؤكد بذلك على نص التوراة السبعونية المزورة، بحيث يصبح القرآن متوافقاً مع التوراة السبعوينة دون عناء .

نعود لنتذكر واقعة الصخرة، لما افتتحت إيلياء على يد عمر، ودعا عمر كعب الأحبار وقال له: أين ترى أن نجعل المصلى؟! فقال كعب: إلى الصخرة. فقال له عمر: يا ابن اليهودية، ضاهيت والله اليهود!، وفي رواية أخرى خالطتك يهودية! وقد رأيتُك وخَلعَك نَعليك! (وعادة خلع النعل هنا لدى اليهود تأسياً بالنبي موسى عندما تجلى الله فوق الجبل وأمره بأن يخلع نعليه، فخلع كعب نعليه وهو في بوتقة الصخرة التي يقدسها اليهود؛ وهي ليست مسجد للمسلمين) ولما أخذوا في تنظيف المكان من الكناسة التي كانت الروم قد دفنته بها سمع عمر التكبير من خلفه فقال ما هذا؟ فقالوا كبّر كعب وكبر الناس بتكبيره! (هكذا كان كعب يقود الفكر العربي ببساطة وسذاجة) فقال عُمر: عليَّ به، فأتىَ به فقال يا أمير المؤمنين: أنه قد تنبأ عليّ ما صنعت اليوم نبي منذ خمسمائة سنة! قال عمر وكيف؟ فقال إن الروم قد أغاروا على بني إسرائيل فأديلوا عليهم فدفنوه! إلى أن وليت فبعث الله نبياً على الكناسة (من أدبيات الفكر اليهودي هي النبوءة، فهم يقرؤون التوراة ويتأولون نصوصها ليتنبئوا بوقوع حدث ما يتمنونه، وكان في هذه الفترة تشيع نبوءة منسوبة لنبي الله زكريا تشير إلى قدوم خير لليهود باستعادة ما فقدوه) وبعدما كبّر كعب عند تنظيف الصخرة التي يقدسها اليهود قال (ابشري، أورى شلم، عليك الفاروق ينقيك مما فيك! ) ...

صاح كعب "أبشري أوروي شليم" في الوقت الذي كان اسم المدينة "إيلياء" فاليهود يصرون على غرس مسمياتهم في كل مكان كي تحتفظ الجغرافيا بمعالم قدمٍ تاريخية لهم مهما مرت الأجيال، وما زالوا إلى يومنا هذا يطمسون الذاكرة الفلسطينية ويمحون أسماء القرى والمدن والمزارع وينحتون بدلاً منها أسماء عبرية توراتية خالصة، وهو أول شيء فعلوه عقب هجوم ابن العاص على حصن بابليون إذ كان كل اليهود في القطر من الإسكندرية والدلتا والصعيد والشام بالكامل تحت إمرة عمرو ابن العاص وقدموا له كل المساعدات بكرم وسخاء لا نظير له لاقتحام أرض الوطن وقدموا له ما يكفي من الجواسيس اللازمة لاختراق الطرق بأمان إلى داخل البلد وقدموا له دليلاً يهودياً سحب الجيش العربي من الفرما والعريش إلى بابليون على ضفة النيل،((هكذا كان اليهود يقودون العقل العربي)) ثم بدأ اليهود في غرس المسمى العبري ولصقه بالغراء في العاصمة الملكية القديمة "منف " على ضفة النيل الشرقية مقابل بابليون فأصبح اسمها " مدينة مصر" بداية من هذا التاريخ، بعدما تركزت مساكنهم بالمنطقة ومنحهم ابن العاص مقابر البساتين، كتخصيص لهم، حتى إذا ما دخل الجبتيين الإسلام وقرأوا القرآن فلا يجدون اختلافاً بشأن قصة موسى وفرعون الواردة في التوراة بمسرح أحداث وقع في "إيجبت" !

ونتيجة المساعدات السخية التي قدمها اليهود للعرب أثناء دخول مملكة القبط وهزيمة الرومان، كان من أبسط حقوق اليهود على العرب أن يسكنوا في المنطقة التي يرونها، وإذا كانوا قد اشترطوا على عمر ابن الخطاب الإقامة في إيلياء " القدس فيما بعد" نظراً لما قدموه من عون ومساعدة للعرب ضد الرومان في فتح فلسطين، وما قدموه للعرب من مقاتلين وجواسيس للعرب، وأبسطها الدليل اليهودي الذي قاد جيش عمرو ابن العاص من الفرما والعريش إلى داخل البلد إلى عين شمس، حيث كان العرب يجهلون دروب بلادنا إيجبت، وكان اليهود مضطهدين من قبل الرومان فتلاقت مصالح العرب واليهود، وتعاون جميع يهود إيجبت بالداخل والخارج مع عمرو حتى تم له ما أراد، وكان المقابل أن استحصل اليهود على حق الإقامة في منطقة العاصمة (الفسطاط وبابليون أصبحت مركز تجمع لليهود، ولو لم يكونوا مقربين من العرب في هذا الوقت لكان قد تم نفيهم على الأقل إلى المناطق النائية كما تم نفي يهود المدينة، لا أن يحصلوا على تصريح علني بالإقامة في العاصمة العربية الجديدة...

ومن هنا انطلق اسم مصر بدلاً من إيجبت، فبعدما تمكن كعب الأحبار من غرس المفهوم نظرياً في الحكايات والقصص التي كان يرويها عن الأنبياء في المساجد، ومن بينها أنه أخبر العرب بأن فرعون موسى ويوسف كانا في بلاد القبط، وكان العرب كأنهم اكتشفوا اسماً جديداً لبلاد القبط لم يعرفوه من قبل، فصار اسمها مصر باعتبار أن هذا الاسم هو الذي ورد ذكره في القرآن ولم يعلموا أن كعب يضللهم في تفسير القرآن لأنه لم يخبرهم بأنه كانت هناك مملكة عبرية بائدة من عرب اليمن مثل مملكة سبأ وقوم هود وثمود ولوط وغيرهم...إلخ، فالله يقول للعرب أن موسى كان في بلد فرعون (مصر التي دمرها الله وما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون)، وكعب الأحبار يقول للعرب أن بلد فرعون هي بلاد القبط، فكان من الطبيعي عندما يدخل العرب بلاد القبط أن ينطقوا اسمها "مصر" فبالنسبة لهم مصر هي بلاد القبط، وبلاد القبط هي مصر، وكان من الطبيعي أن يتحدث العرب بلسان اليهود، لأن العرب صاروا منذ البداية خرفان بقرون يهودية وذيول عربية عريضة ... ونظراً لأن العرب كانوا أمة جهل وليس أمة علم وتدوين فهم لم يعرفوا أي شيء عن تاريخ القبط ولا تاريخ فرعون وموسى لأنهم لا يقرؤون اللغة العبرية ولم يقرؤوا التوراة الأصلية، ولا يقرأون اللغة الجبتية، وبمجرد أن قال لهم كعب أن بلد فرعون مصر هي بلاد القبط، فصدقه العرب، وبمجرد أن دخلوا بلاد القبط استشعروا بالسليقة أنهم دخلوا مصر التي ورد ذكرها في القرآن، فالاسم هنا التصق بذاكرتهم، فساعدوا اليهود بذلك على تثبيت هذا الاسم وشيوعه في بلادنا، وأول ما بدأ في منطقة مدينة منف العاصمة القديمة ثم توسع بعد ذلك خصوصاً في المناطق التي تركز فيها اليهود حول الفسطاط، فكانوا يختارون أماكن تركزهم بعناية فائقة ولهم أيديولوجية محددة يسعون إليها، بينما كان أجدادنا الجبتيين في غيبوبة مما يحدث حولهم.

ومن هذه المنطقة بدأت تنتشر الحكايات الدينية كي ترسخ مسمى "مصر" في بلاد وادي النيل، وهي عملية تقعيد للثقافة الشعبية، فظهرت حكايات من نوعية:

قال ابن ظهيرة عن الجبل المقطم والبقاع الشريفة بمصر: وبمصر من البقاع الشريفة الجبل المقطم، والوادي المقدس، وبها الطور، وبها ألقى موسى عصاه، وبها انفلق البحر لموسى، وبها النخلة التي أُمرت مريم بهزها، وبها النخلة التي أُمرت أن تضع عيسى تحتها فلم يثمر غيرها، وهي بالجيزة. وبها الجميزة التي صلى تحتها موسى، وهي بطرا. وأما الطور المقدس الذي كلم الله موسى (ع) عليه من جبلها المقطم فهو داخل فيها، وقد وقع فيه التقديس، كما قال كعب الأحبار...

قال تعالى:" وناديناه من جانب الطور الأيمن". وقال تعالى:" إنك بالوادي المقدس طوى". قال سعيد بن عفير: لما فر موسى من منف خوفاً من فرعون دخل طوى، فكانت كل شجرة فيه إذا سجد تسجد معه، شكراً لله عز وجل، ولذلك ترى كل شجرة بطوى منكسة على القبلة، وأن موسى عليه السلام ناجى ربه بوادي المقطم...

وقال عمرو بن العاص للمقوقس: ما بال جبلكم هذا أقرع لا نبات فيه كجبال الشام، فلو شققنا في سفحه نهراً من النيل، وغرسنا فيه نخلا؟ فقال المقوقس: إنا وجدنا في الكتاب أنه كان أكثر الجبال أشجارا (ونبتاً وفاكهة)، فلما كانت الليلة التي كلم الله فيها موسى أوحى إلى الجبال: إني مكلم نبياً من أنبيائي على جبل منكم، فسمت الجبال وتشامخت، إلا جبل بيت المقدس، فإنه هبط وتواضع، فأوحى الله إليه: لم فعلت ذلك؟ وهو به أعلم. قال: إعظاماً وإجلالاً لك يا رب، فأمر الله عز وجل الجبال أن يَحْوُّه كل جبل بما عليه من النبات، فجادله المقطم بكل ما عليه، حتى بقي كما ترى، فأوحى الله إليه: إني معوضك على فعلك بشجر الجنة، أو بغراس الجنة.

وكان المقوقس أراد أن يبتاع سفح الجبل المقطم من عمرو بعشرين ألف دينار، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب (بذلك)، وأخبره أنها أرض لا نبات فيها، وأن المقوقس أخبره أنه وجد في الكتب أنها غراس أهل الجنة. فكتب عمر رضي الله عنه إلى عمرو: لا أعرف غراس الجنة غير المؤمنين، فاجعلها مقبرة لهم. فأول من حفر فيها رجل يقال له عامر، فقال له عمرو: عمرت إن شاء الله تعالى، فغضب المقوقس وقال: ما على هذا صالحتني، فعوضه عن ذلك بأرض الحبش، فدفن فيها النصارى. وجعل عمرو مدافن المؤمنين في سفح المقطم وهي مقابر القرافة...

وسأل كعب الأحبار رجلاً، مراده السفر إلى مصر، أن يهدي له من تربتها، (فلما حضر الرجل أهدى له من ذلك)، فلما حضر كعب الأحبار الموت أوصى أن يفرش ذلك التراب في قبره. وفعل مثل ذلك عمر بن عبد العزيز. وروى عن كعب الأحبار رضي الله عنه أنه قال لبعض أهل مصر، لما قاله له: هل لك من حاجة؟ قال: (نعم، جراب) من تراب سفح المقطم، يعني جبل مصر. قال: فقلت له: يرحمك الله، وما تريد به؟ قال: أضعه في قبري. فقال له: تقول هذا وأنت بالمدينة، وقد قيل في البقيع ما قيل؟ قال: إنا نجد في الكتاب الأول أنه مقدس (ما بين القصير إلى اليحموم. وسمي المقطم لأن المقطم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام كان ينزله (واليحموم: جبل المقطم) ! (ابن ظهيرة، الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة، تحقيق كامل المهندس ومصطفى السقا ، ص 107- 109)

هذا بالإضافة طبعاً إلى ما ذكره الكسائي عن ترويج اليهود لهذه الحكايات بالفيوم من أنها إحدى البلاد التي استوطنها يوسف وذريته، وهذا لا يستند إلى الحقيقة ‏التاريخية وليس مذكوراً في التوراة، فهو من الأحاديث الشائعة بين يهود مصر إلى يومنا هذا فهم يقولون، بأن أرض ‏جوشن التي استوطنها بنو إسرائيل كانت في بقعة الفيوم . (قصص الأنبياء، للكسائي، ص 178.‏)

يقول الأستاذ عاطف عزت" لقد كانت قصص بني إسرائيل كما أتت بالقرآن قصص بسيطة وعادية حولها اليهود إلى أساطير، وحول المسيحيون الأساطير إلى مسلمات، وحول المسلمون المسلمات إلى مقدسات، فأصبحت هناك قصص دينية بثلاث طبعات، وكل طبعة مزيدة ومنقحة عن السابقة ورحب الجميع بهذا ".. وفي الواقع فإن هذه القاعدة المعقدة المتشعبة التي يصفها المهندس عاطف عزت لم تنشأ بفعل العرب وحدهم، بل إننا لو عدنا إلى مخطوطات الأسقف الجبتي يوحنا النقيوسي سنجد العجب العجاب! فالرجل كان يتحدث عن مصرايم ونهر جيحون وهو متخيّل أنه يتحدث عن بلده "إيجبت" وينطق اسمها إيجبت، بينما يتصور أن جيحون هذا كان اسماً قديماً لنهر النيل في زمنٍ ما مضى ! يقول يوحنا النقيوسي في الباب السادس عشر( وهناك مدينة سبقت إلى استخدام المحراث، تعلمت زرع القمح وكل أنواع الحبوب، وكانت أعلى أرض إيجبت، لأن أرض إيجبت كانت مليئة بالمياه والبحار لكثرة فيضان نهر جيحون..) (تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي - رؤية قبطية للفتح الإسلامي" من ترجمة د. عمر صابر عبد الجليل - ص 51 . مع مراعاة أن اسم البلد ورد في المخطوطة الأصلية "إيجبت" لأن يوحنا كان يكتب بلغة عصره وكان الاسم السائد والوحيد المعروف هو إيجبت، بينما في الترجمة المعاصرة تم ترجمته " مصر")

وعلى ما يبدو أن اليهود في البداية كانوا مترددين في تسمية نهر النيل (نهر جيحون أو نهر مصر الكبير) لأن مصرايم البائدة كان يحتضنها نهران هما جيحون ونهر مصريم، فحاولوا اختيار أحدهما ليلبس نهر النيل قبعته واختلفوا في بداية الأمر قالوا جيحون واستمر ذلك ألف عام منذ الترجمة السبعونية عهد بطليموس وحتى الاحتلال العربي، ولما أصبحت إيجبت اسمها أيضاً مصر، اختفى جيحون من كتب التاريخ وحل محله نهر مصر العظيم !

ولا يمكن تصور أن يجهد اليهود أنفسهم في نشر هذه الحكايات وتقديسها وتعميمها دون أن يكون وراءها مآرب خطيرة، خاصة أن هذه الحكايات مكذوبة واليهود يعلمون أنها كذب، فلماذا ينشروها بصيغة التقديس هذه ويطلقون مسميات هنا وهناك؟! وتم العبث بالتوراة لغرس مسميات أخرى، وتم تأليف كتب تاريخ كاملة لتزوير وتلفيق تاريخ للأقباط هم في حقيقة الأمر لا يعلمون عنه شيئاً... وبعدما انتهت المرحلة الأولى لمشروع اليهود في عصر البطالمة، جاء دور كعب الأحبار في عصر الخلفاء العرب ليلعب دور الكهنة السبعين من جديد..

كان الكعب ينقل حرفياً من التوراة، ويُشنف أسماع العرب البسطاء مثل ابن عباس وأبي هريرة، وهم يرفعون كلامه إلى النبي محمد مباشرة (والأكثر ترجيحاً لدينا أن اليهود هم من نجحوا في العبث بالتراث الإسلامي ودسوا رواياتهم باسم ابن عباس ورفعوها مباشرة إلى النبي دون ذكر مصدر)، وفي الحقيقة كان كعب يعيد حكاية التوراة المزورة حرفياً، لأن التوراة المزورة في عهد بطليموس هي التي قالت أن نهر النيل من أنهار الجنة وأن موسى وفرعون كانا في إيجبت، بينما نقرأ النص الأصلي للتوراة، (في سفر التكوين الإصحاح الثاني (10-14) يقول: أن كوش كانت أرضًا يسقيها دجلة والفرات؛ ( وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة، ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس. اسم الواحد فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب ... واسم النهر الثاني جيحون، وهو المحيط بجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل، وهو الجاري شرقي أشور. والنهر الرابع الفرات) أي أن المنطقة بالكامل مربوطة بشبكة من الجداول النهرية المتفرعة عن نهر واحد رئيسي منحدر من أعلى جبال السراة جنوب غرب جزيرة العرب حيث كانت تقع مصرايم، ومن بين هذه الجداول يأتي نهري حداقل ونهر الفرات اللذان يرويان أرض كوش، والنهرين الآخرين (فيشون وجيحون) يرويان أرض مصرايم (وكل هذه المنطقة عبارة عن إقليم واحد جنوب غرب الجزيرة العربية يسميه اليهود(الجنة؛ وهي بالنسبة لهم جنة الرب التي يتحدث عنها كعب). لكن التوراة المزورة قالت أن حداقل والفرات هما دجلة والفرات بالعراق، وإن كانا يرويان أرض كوش، فأرض كوش أصبحت هي إثيوبيا ! أما الشيخ العلامة ابن عباس فقد بحث في الأنهار الأربعة فلم يجد بينهم نهر اسمه (نهر النيل) ولذلك جعل أنهار الجنة خمسة، فقد أضاف لأنهار اليهود نهر خامس ليكمل سيرتهم وما نقص منها ! وكل هذا يؤكد أن القرآن كان يتحدث عن مصرايم الإسرائيلية التي جلب العرب اسمها إلى بلادنا وادي النيل (مجاراة للتوراة المزورة) .

كان كعب يستخف بعقول العرب فيقوم بتحويل الحقائق التي ذكرتها مدونات التوراة عن مصرايم العربية إلى أساطير وأحاديث عن الجنة والآخرة، فقد أورد المقريزي أن كعب الأحبار ذكر أن أربعة أنهار من الجنة وضعها الله في الأرض؛ النيل نهر العسل في الجنة، والفرات نهر الخمر فيها، وسيحان نهر الماء، وجيحان نهر اللبن في الجنة (المقريزي في الخطط ج1 ص5) ! فقد خشي كعب أن يكون الكلام واقعياً وأن يفهم العرب المعنى الحقيقي للتوراة التي تقول بأن الأنهار الأربعة هي عبارة عن أربعة رؤوس تتفرع عن نهر واحد رئيس ويتساءلون كيف لنهر واحد يعطي أربعة رؤوس واحد في العراق وواحد هو نهر النيل والجميع يروون أرض الحبشة!!، فحاول الصعود بعقول العرب من هذا الواقع إلى الخيال والأسطورة، فقال لهم أنها أنهار في الجنة ! والعرب يفهمون أن الجنة بمنظور الإسلام هي تلك الثواب الأخروي، بينما الجنة في مفهوم التوراة هي إقليم جنوب غرب الجزيرة العربية الذي دارت فيه كل أحداث التوراة وحيث تقع مصرايم وحيث تقع الأنهار الأربعة متفرعة من نهر واحد رئيس.

يُتبع ...‏‎

‏( قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت‎ (‌‎
‏ (رابط الكتاب على أرشيف الانترنت ):‏‎
https://archive.org/details/1-._20230602
https://archive.org/details/2-._20230604
https://archive.org/details/3-._20230605

‏#مصر_الأخرى_في_اليمن):‏‎
‏ ‏https://cutt.us/YZbAA

‏#ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل