الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمراء الشرق ووزراء الغرب

فهمي قلدس

2023 / 7 / 8
المجتمع المدني


أعيش في الدائرة السابعة من مدينة باريس وتعتبر الدائرة السابعة من أرقى الأحياء في المدينة وقاطني هذا الحي من نخبة المجتمع الباريسي من السياسيين ورجال الأعمال والفنانين والكتاب،
أعيش في شارع يدعي بوردونيه (avenue de la bourdonnais)
هذا الشارع هو المجاور لحدائق برج إيفل
(les jardins de la tour eiffel) ما يفصله فقط عن حدائق بر ج ايفيل هو شارع عرضي يدعي شارع
( فريدريك لو بلاي avenue Frédéric le play )

دائما ما أمر من هذا الشارع( فريدريك ) واقطع حدائق البرج الممتدة من الدائرة الخامسة عشرة حتى الوصول لسكني في الدائرة السابعة فلابد من مروري في هذا الشارع. Avenue Frédéric le play . حتى الوصول إلى الشارع الذي أعيش به وهو
avenue de la bourdonnais
في إحدى المرات رأيت كمية أفراد أمن كبيرة جدا ومقلقة ومزعجة للسكان،
يلبسون أفراد الأمن زي موحد بدل غامقة اللون علي مساحة تتجاوز مائة. متر بطول الشارع المجاور مباشرة لحدائق البرج وعلي جاني الشارع يزداد عددهم عند قرب مبني معين في هذا الشارع
علي جانبي الشارع عدد كبير من السيارات ذات اللون الأسود من ماركت مرسيدس فمنها الرياضية ذات كرسيين فقط
فقط ومنها العائلي ذات عشرة كراسي او اكثر ونفس اللون ونفس ماركة المرسيدس وغير معتاد علي رؤيتها.
احترت كثيرا من هذا المنظر وما أزعجني كلما مررت من أمام العقار المتمركز حوله الأمن والسيارات السوداء كلما مررت من أمامهم يقومون أفراد الأمن بالنظر إلى نظرة متفرسة من الرأس إلى القدم
هذه النظرات غير معتاد عليها في المجتمع الأوروبي،
كلما نظر لي أحدهم تذكرت شخصية المخبر في أفلام الأبيض اسود الذي يختبي خلف جرناله،

في إحدى المرات عند ذهابي إلى حدائق البرج تقاربت من أحدهم وتجرأت وسألته بأسلوب راقي باللغة الفرنسية
بعد السلام والتحية سألته!!
من تكونون أنتم يا سيد؟
ولماذا كل هذا العدد من أفراد الأمن؟
ولماذا كمية السيارات المرسيدس؟
فقام فرد الأمن بالرد على السلام والتحية طبعا بالفرنسية مع ابتسامة خفيفة تخفي الكثير خلفها
وتهرب من الأسئلة وغير الموضوع!
قمت مرة أخرى بإعادة السؤال باللغة العربية؟
عندما سمع اللغة العربية تحولت ابتسامته إلى تكشيرة وتحول صوته الهادي إلى صوت غليظ.
كل هذا لأنه عرف أن من يخاطبه عربي.
فقال لي بصوت خشن ووجه متجهم أنها إجراءات أمنية يا سيد،

وحتى الآن لم أجد إجابة لاسالتي المحيرة
ذهبت بعيدا وما زلت أفكر من يكونوا هؤلاء؟
مرت عدة أيام ولم أجد إجابات ولم اكتشف ماذا يحدث
في إحدى خروجاتي من المنزل وفي الشارع الذي أعيش به تقابلت مع حارسة العقار المجاور (la gardienne) وزوجها ولاني اعلم أن جميع حارسي العقارات والمسؤولين عنها هم سيدات برتغاليات ولهم علاقة بعضهم ببعض.
فبعد السلامات والتحيات لها ولزوجها قمت بسؤالها
ماذا يحدث في الشارع الخلفي؟
انه لشيء غريب؟
خفضت السيدة صوتها وقالت لي:
إنه أمير أو ملك عربي يقضي إجازته في باريس
يا سيد (kaldas قلدس)
قلت في اندهاش هاااا
وأكملت السيدة حديثها لقد تسبب في الإزعاج والزعر لكل سكان المنطقة.
أكمل زوجها وقال: لدينا في هذا الحي الكثير من السياسيين والمفكرين والفنانين فلم نري أو نسمع مثل هذا الإزعاج.
ثم رديت عليهم بأسلوب ساخر : سيد فكتور لا تقارن ملوكنا وامرأنا بوزرائكم فنحن الشرقيين مختلفين في كل شيء.
لا تنسي أننا نحن الشرقيين أفضل نوع بشري على الأرض دون أن ننتج شي،
ضحكنا سويا وقلت لهم الي إلقاء.

■ وزراء ونخبة الغرب
وفي نفس الأسبوع الذي سمعت خبر الأمير وفي نفس الحي وفي المقهي المعتاد أن اتخذ قهوة الصباح،
في ( café roussillon مقهي روسيون ) في الشارع السياحي الجميل ( rue clair شارع كلير ) جلست علي كرسي في وجه بار القهوة مباشرة وطلبت قهوة وفي نظرة تلاقائية عابرة تجاه آخر كرسي في القهوة وجدت رئيس وزراء فرنسا الأسبق
(فرانسوا بايرو François payerou) وهذه ليست أول مرة أراه أو أرى سياسين وفنانيين ومفكرين في هذا الحي الراقي ولكن هذه المرة لفت انتباهي لوجود الأمير العربي وعدد كبير من أفراد الأمن حوله.
يجلس رئيس الوزراء في هدوء وبساطة يتناول قهوة الصباح يقلب في تليفونه ثم يكتب بقلمه في نوتة سودا
لا يوجد حوله أي حرس ولا بودي جارد لا يجتمع حوله رواد المقهى ليأخذ صورة تذكارية معه لا يناديه أحد بالألقاب: سيادة الوزير- سيادة الريس- حضرة المستشار
بل اللقب الوحيد الذي سمعت من الشابة التي تقدم الطلبات تناديه هو (monsieur bayrou السيد بايرو) نفس لقبي ولقب كل مرتادي القهوة فاي شخص لقبه هو السيد فلأن
خرج السيد فرانسوا بايرو من المقهى في هدوء سلم بيده فقط علي عاملة من عمال محل الخضار في نفس الشارع وهي من أصل تونسي تاخذ قهوتها في نفس المقهي منتهى البساطة والهدوء بعدها رأيت هذا المنظر عدة مرات
تذكرت في نفس الوقت سيادة الأمير وكمية الحراسة التي تتبعه وكمية السيارات الفخمة ،

مع مرور بعض الأيام كنت في الدائرة الثامنة لمدينة باريس وفي إحدى الشوارع الجانبية القريبة من ميدان الأوبرا وقفت أمام الإشارة لأعبر الشارع حتى فتحت الإشارة ونظرت بتلقائية في أول سيارة وجدت رئيسة بلديه أعظم وأكبر مدينة في فرنسا وهي رئيسة بلدية مدينة باريس
( انه هيدالجو Anne hidalgo) نظرت إليها في تفرس وشاورت لها بيدي فبادلتني التحية بكل بساطة واحترام مع ابتسامة جميلة سيارتها بسيطة من ماركة ( mini cooper) فهي سيارة بسيطة بالنسبة للماركات المنتشرة في باريس لا يوجد أي حراسة حولها ولا أي موتوسيكل أمني ولا يوجد سائق خاص لها بل هي تقود سيارتها بنفسها عندما وقفت السيارة في وسط الشارع لوجود إشارة حمراء لم يلتف حولها المواطنين للإدلاء بشكواهم أو أخذ صورة تذكارية بل كل شخص مهتم بأموره الشخصية فقط.
تذكرت مباشرة الأمير الشرقي الذي يسكن خلفنا يقضي إجازته.
الفرق بين الفكر الشرقي والغربي أننا نحن الشرقيين نتعامل مع وظيفة الإنسان ورتبته ونادرا ما ننظر لإنسانية الإنسان.
المجتمعات الغربية تنظر لإنسانية الإنسان ومواهبه قبل أن تنظر إلى عمله ولونه وديانته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية


.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق




.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري