الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


*سردية تعبيرية فلسفية: تَخيّلوا!

لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)

2023 / 7 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


*كتب:لخضر خلفاوي*
****
تخيّلوا .. أنّي أُجيد مذ طفولتي إخاطة الملابس المقطّعة أو البالية ، إلا آلامي لا تبلى .. تخيّلوا ! و كنتُ و لا زلت أجيد ترقيع الأحذية ..الحقيقة أنِّي مازلتُ إسكافيا بارعا.. لأنّي أعرف أهمّية بصمة النّعال و لأنّي مازلت احتفظ سِرّا بأثرِ الرسول ، هذا ما يفسّر حربي الدائمة مع -السّامري - اللئيم !

-لهذا أنا أعرفُ من أيّ مخلوق بسُمِّ الخياط..
أدخلتُ فيه كل أشيائي المُستعصية
إلاّ "جُمَل" الشِّعر ..
الخُرم الذي يليق بفِكري لا يقبل بأقل من قُرص الشمس.. فلا تعجبوا من جلدي المحروق فهوَ طبق التجربة الشهي الذي أعدّه الله على مرأى ملائكته كهدية لمن التقاني في أسفاري اللامتناهية!
-عليكم أن تفهموا أنّ شِعري سابقة كونية سقطت سهواً من شراشف كرسيّ العرش؛ لهذا جرح الفكرة ما انتهى من أنينه .. أحد حملة العرش و حُرّاسه أخَذتهُ سِنة أو غَفَلهُ نوم -مّاسّة- راجزة لمّا رأى إبليس يكيدُ كيداً لي مكيدته ما -قبل- التّاريخية!.
-تخيّلوا لو لا الله الذي استدركني برحمته و بعينه التي لا تغفو لَكنتُ ذلكَ الصّعلوك الماجن يعبث غُرورا من نفسه و افتراءا في أودية المعنى ؛ أليست اللغة بيد الإله يُكَوِّرُها بمشيئته كيفما شاء و يشاء، فكنتُ إحدى مخارج الرُوح المعنوية و كنتُ معنىً من معاني " الكلمة " المُلْقاة لمَّا أُنزلنا جميعنا الأرض..آه لو أخبركم كم كان -الإنزال - صادماً و موجعا .. كنتُ أراهم يسفكون باسمي ، باسمه الدّماء و يفسدون الحرث .. و أنا تعِبتُ من الإعمار و الإنزال و التخصيب .. تعبتُ أنا من إنباتِ و زرع نفسي
في أنفسهم العقيمة مذ رحلة النفي من السّماء …الله يعلم أنّي أُحبّ الحرث و الزرع و رائحة الأتربة و الطًين الملساء بمائي ، و أحب الوطء و الارتفاع و الارتقاء لم تُخطئ مُربّيتي الخالة "شويخة " رحمها الله بتلقيبي مازحة ب ( أَبي المعارج!) كانت تُلابزُ طولي و قدميّ!.
**
عندما غادرتني أُمّي و لفظها طلاق أبي تزوجتُ أنا بالاعتماد على نفسي الأمّارة بالكبرياء و الحبّ في قلب الحروب !
-تخيّلوا لما أمرّ بالصدفة ببرج ( الإيفل) و أرى جموع الناس من السوّاح و الأجانب يبتهلون في طوافهم منبهرين بحضورهم إلى جنبه و يلتقطون بكل هوس الصور التذكارية لهيكل حديدي لا يسمن و لا يغني من جوع وطن تركته من خلفي يذرف دموع كل الخيانات، أضحك و أمرّ و أنا أتمتم ( الحمد لله ليس عندي مشكلة مع الارتفاع و الانتصاب، و التصلّب، و لست بحاجة إلى -نصب معدني - من الفولاذ طوله أكثر من ثلاث مئة مترا لتورية كبت نفسي شخصي متعلقا بالشموخ و الرّفعة الذاتية !. أعرف أن عقلي يشوّهُ أو ينغّص عليّ حقيقة الأشياء السائدة ( المُتّفق عليها !). أنا رجل يعيش دون قوالب و أمقتُ المقالب ؛ باستثناء لعب ممارسة الحب !.
-تخيّلوا أنّي أُجيد حتى الطبخ و صرت طباخا ماهرا ..
المنافي أرغمتني على إعداد طعامي المتنوّع بنفسي الأمّارة بالاعتماد عليها اتقاء منّ الناس حتى لو كانوا أقرب من القرابة!.
و كي لا أتسمم بالفقد و النوستالجيا .. كان الوطن يرافقني في كل بهارات أطباقي ..تضوع من جراحي عطور الوطن المفقود، المُحرّفة وجهته .. كل يوم فقد و بعاد كنا و الوطن نحتفل على طريقتنا بعيد الاستقلال و استرجاع السيادة التي ضحكوا بها علينا ( ورثة الاستعمار !). أنا و الوطن الآن أسياد أنفسنا .. احذروا رجلا قادم من الأوراس! المُفترون على التاريخ تركناهم يحتفلون على طريقتهم ( حوليا ) و يمارسون طقوس الفساد و الرّياء باسم الوطن و كَتَبةِ التّاربخ … الشهداء!.
-تخيّلوا أنّي لم أُخلق لأُكتب لنزهة الخاطر أو لاكتساب صفة الكاتب .. أو للبحث عن البريستيج الموجود في الأدب الافتراضي ، و لم أكن كاتبا لتُصفّق لحضوري القُطعان و الرّسومات المتحركة و الكائنات الكارتونية!
أنا أُرغمتُ نفسي الأمّارة بالإبداع و الإثمار كي أحفر في اللغة و المعنى بينما تركت هؤلاء على تلك الهوامش، أولئك الذين يحِبّون الكتابة كحب ( نادل أو مؤذّن الأسواق الشعبية لممارسة اللغط و الهدر !) ..
-تخيّلوا أنّي لا اقتني الورود و الزّهور و لا اشتريها و لا اقتني بعض الثمار و لا الفواكه … و انتظرت ثلاثين عاما
كي آكل في المنافي صنيعي من فاكهة حديقتي و استمتع بجمال و عطر الورود و الزهر المنثور على ضفاف سياج الداّر الأولى …
-تخيّلوا لا أملك و لم أملك يوماً سيارة و ليست لدي رخصة سياقة .. كُنتُ منذ مراهقتي و شبابي أُحاجج والدي اللوّام و المعاتب لي في الموضوع : لِمَ بدلاً من العجلة كل هذه ( العجلات) و الحياة قصيرة و أنا عندي أشياء كثيرة لم أقلها بعد .. نِعالي أفضل يا أبي !.
-تخيّلوا أنّ حظي -كِلّ عليّ - أينما أوجهه لا يأتي إلا بِخِضرٍ أو بنسخة من نُسخِ -أنَاوَاتي- التي أُحِيطت بي في نادي الدروايش لتكفيني شرّ الخيانات و الطعنات !..
-مهما تخيّلتم و مهما كنت صريحا معكم إلى أبعد الحدود قُرّائي القلة الأعزّاء فكل ما يتعلق بحياتي اليومية الواقعية يخجل منه الخيال .. تخيّلوا ؟!
——
*باريس الكبرى جنوبا
جويلية 23.
—*)كاتب، مفكر، مترجم ، تشكيلي، مصوّر فوتوغرافي ، إعلامي ، مدير تحرير -نشر صحيفة ( الفيصل)- باريس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة