الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن أن أكون متديناً وعلمانياً بنفس الوقت

كمال رزق

2006 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


-1-
بالنسبة للكثير من المتدينين فإن الدين يشمل جميع نواحي الحياة ونظمها وبالتالي فعلى الشريعة الدينية أن تطبق ابتداء بالسياسة وليس انتهاء بالاقتصاد...لذلك نراهم ينظرون ( أو يسوقون النظرة) إلى العلمانية كمنهج هدام للأسرة والمجتمع فهي منهج كافر يتنافى ويتعارض مع الدين... فنرى الكثير منهم يفتي ويحرض على أصحاب ذلك المنهج على الأقل لكي يثبتوا لما حولهم مدى ورعهم وتقواهم أو مدى تبحرهم بالعلوم الدينية ؛ تماماً كما يفعل بعض العلمانيين الذين يرون أن أقرب طريق لإثبات علمانيتهم هو الإلحاد بالله والذم برجال الدين وكأن العلمانية هي فقط إثبات للكفر.
وكما يظن بعض رجال الدين أنهم وحدهم من يملك جوهرة الحقيقة وسر الخلاص دون طبقة الرعاع ..
كذلك بعض العلمانيين يظنون أنهم وحدهم يملكون الحقيقة وسر الخلاص دون الطبقة الكادحة...
وإذا فشل أحدهما في تحقيق هدفه فذلك بسبب الخرافات والأوهام أو الضلال المتأصل في نفوس الناس وليس بسبب التحجر الإيديولوجي أو الفكر الشمولي الذي لا يمكن له أن يفرض نفسه عنوة على مجتمع بأكمله.

-2-

من هو العلماني؟
العلماني هو كل من يرفض أن يكون الدين نظاماً للدولة والمجتمع...
أي هو كل من يطالب بفصل الدين عن الدولة أو كما تعنيه تلك المقولة الشهيرة لسعد زغلول: الدين لله والوطن للجميع.. وبالتالي فالسؤال هو الآتي : هل يمكن لمتدين أن يكون علماني !!!
أي هل يمكن لمتدين أن يطالب بمجتمع علماني تكون فيه الدولة مدنية- ملك لجميع الطوائف والجماعات والأحزاب داخل الوطن الواحد - دون أن يؤثر ذلك على إيمانه؟
أطرح هذا السؤال لأوضح مدى التشوه الحاصل لذلك المصطلح إلى درجة ربطه بالكفر والإلحاد والفسق وتشويه المجتمع وذلك على يد غلاة التطرف الديني أولاً [( أولئك هم الكافرون حقاً ) : هذا هو حكم كل ديمقراطي علماني يفصل الدين عن الدولة والسياسة ، وشؤون الحياة . . وإن زعم بلسانه ـ ألف مرة ـ أنه من المسلمين المؤمنين .]1
وثانياً بعض العلمانيين أنفسهم وذلك بفهمهم غير الدقيق لذلك المصطلح…فكما يقول أحدهم:
[ ولقد آن الاوان لكي تحال تلك العقائد " أي الدينية" على التقاعد بعد ان انتهى دورها وانتهت رسالتها .[ 2
فشعار فصل الدين عن الدولة - الذي أصبح التعريف الأكثر التصاقا بالعلمانية- لا يعني بحال من الأحوال دعوة لهدم أو تخريب الدين بل كل ما يعنيه هو أن لا يكون الدين عقيدة الدولة مع صون وحفظ عقيدة الفرد الدينية وغير الدينية .
فحتى قانون حقوق الإنسان الذي نحلم باليوم الذي يتم فيه تطبيقه في بلداننا [يحمي حق الاعتقاد والأديان كما يحمي حق الإنسان في أن يكون ملحداً بلا دين. ولكن لا يعطيه الحق في تسفيه اعتقادات الآخرين ....لكن من حقه – أيضاً- أن يطالب بألا يحكم باعتقادات الآخرين...]3

-3-

العلمانية ليست نظاماً شمولياً كما الأحزاب الشيوعية والقومية أو أحزاب الإسلام السياسي هي أصلاً ليست أيديولوجية قائمة بذاتها بل هي الشرط لقيام دولة مدنية بعيدة عن حكم الأديان.. هي إذاً مجرد خطوة أولى أما الخطوة التالية فهي برأيي لإيجاد مجتمع يستطيع أن يتسع للجميع دون إقصاء أو تهميش لأي فرد من أفراده .
باختصار...
أن ضرورة أن تبقى حرية الاعتقاد حقاً للفرد يوازيها أهمية ضرورة ألا تتبنى الدولة أي معتقد بعينه وفرضه على الجميع إن كان ديناً أو حزباً سياسياً أو مهما كان نوعه.
وبالتالي:
قد أكون متديناً أو ملحداً أو لادينيا .. قد أكون مسلماً أو مسيحياً ..أو شيوعياً أو ليبرالياً وتبقى حقوقي هي نفسها في ظل مجتمع ديمقراطي يؤمن بالتعددية والعيش المشترك ؛ مجتمع يحفظ للفرد كرامته وحرياته( بكافة أشكالها).


===============================
1 http://www.khayma.com/kshf/R/3elmanyah.htm
2 نهاية العقيدة الدينية للأستاذ / رياض العصري/ الحوار المتمدن-العدد1704
3 الإسلام هو الحل ، نهاية العقيدة الدينية..وجهين لعملة واحدة/ سميه عريشه / الحوار المتمدن – العدد 1714








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah