الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلان العالمي لحقوق الآلهة!

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2023 / 7 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل للآلهة حقوق؟ وماذا لو تعارضت مع حقوق الإنسان؟
قد أنفق البشر آلاف السنين الطويلة من عمرهم في البحث عن ماهية إلههم ولم يتوصلوا إلى الاتفاق على شيء. خاضت الشعوب الحروب ضد آلهة شعوب أخرى ولم يفلحوا في القضاء على هذه الآلهة أو التوحد تحت قبة إله واحد. حتى وسط الشعب الواحد ذاته، لم يكن هناك يوماً طوال هذه الآلاف من السنين أن اتفق أبناء الشعب الواحد على ماهية وعبادة إله واحد أحد. دائماً التصورات البشرية حول الماهية الإلهية متضاربة ومختلفة، وفي أفضل الأحوال متباينة ومتفاوتة لدرجة تستبيح سفك دماء الآخر المهرطق والضال عن الصراط المستقيم. لم، ولن، يحدث قط أن اتفق البشر على تعريف، لو في الحد الأدنى، لما هو الله. كيف، إذن، نُعَّرف الحقوق الواجبة لشيء غير معلومة ماهيته، أو على الأقل غير متفق عليها؟!

الإنسان في كل الدنيا واحد، مهما اختلف لون بشرته أو عرقه أو دينه أو جنسه أو أي صفة من صفاته الأخرى. كل إنسان يحتاج أن يأكل ويشرب ويسكن ويتزوج ويأمن على حياته وحياة أطفاله ويتعلم ويأويهم ويأوي نفسه في مسكن هادئ ويفرح ويحزن ويعبد ربه ويصادق الآخرين ويتعامل معهم ويتدبر معيشته ومستقبل عائلته... وغير ذلك مما لا يحصى من الاحتياجات الأساسية المتغيرة والمتطورة باطراد. وحتى يستطيع تلبية احتياجاته تلك وغيرها لابد أن يكون قادراً في الأول وقبل كل شيء على الحركة والنطق. من دون الحركة والنطق قد يتحول الإنسان إلى عبء وعالة على الآخرين من حوله. هذا النطق هو نفسه ما يسمى حالياً "حرية التعبير". من دون هذه الحرية يفقد الإنسان حقوقه الأخرى، ببساطة لأنه لا يُتصور أن يحصل الشخص على شيء وهو لا يملك أصلاً القدرة على أن يُصرح بحاجته إليه. ولهذا، كان قمع الأصوات وإسكاتها هو دائماً أول ما تنجزه الحكومات الفاشلة والمستبدة لتأمين بقائها في السلطة.

لكن بصرف النظر عن الله واختلافنا أو اتفاقنا حوله، أليس لي الحق- أنا كإنسان- في احترام مشاعري ومعتقداتي حتى لو كانت تافهة من وجهة نظرك؟!

الكرامة والمعاملة باحترام وإنسانية بصرف النظر عن الاختلاف حق أصيل من حقوق الإنسان. في حالتنا، هناك شخص ما ينتهك مقدساتك ورموزك الدينية ومن ثم تتصور أنه بتصرفه ذلك يجرح مشاعرك الشخصية، وتطالب في المقابل بمنعه من هذا الاعتداء عبر حرمانه من الحرية التي في الأساس مكنته من ذلك في المقام الأول. لكنه، من جهة
أخرى، حين اعتدى على مقدساتك ورموزك الدينية، اعتدى على "آلهتك" ولم يعتدي عليك "أنت" شخصياً. لكنك، في المقابل، حين تطالب بحرمانه من حق حرية التعبير الذي مكنه في المقام الأول من الاعتداء على مقدساتك الدينية والتسبب في جرح لمشاعرك، تطالب بحرمانه من حرية إنسانية شخصية. هل ربك له حقوق؟ وإذا كان، من يحميها، وما هو وجه الارتباط بين تلك الحقوق الربانية وبين الحقوق الإنسانية؟!

الإنسان من دون مَلَكة النُطق هو مجرد كائن أحمق ونكرة مثله مثل أي كلب أو حيوان من المخالطين لنا ليل نهار والمسخرين لمنافعنا وأهوائنا الإنسانية الشخصية، إلى حد العلف والتسمين والذبح قرابين وأضاحي. حرية التعبير ليست رفاهية أو زينة أو كمالة عدد؛ بل هي المأكل والمشرب والمسكن والابن والبنت والمستقبل...الخ، وحتى الإله ذاته. من دون القدرة على الكلام بحرية يخسر الإنسان كل شيء- حتى نفسه ودينه- ويتحول إلى مجرد حيوان قطيعي. ربما هذا بالتحديد هو ما لا تزال تُريده وتُصِّر عليه بعض النخب الحاكمة، لكي تستمر في تسخير شعوبها وتقاسم مغانم مجهوداتها الحيوانية فوق موائدهم الفسيحة وراء أسوار قصورهم الفارهة.

كيف، بالله عليك، تطالب بالتضحية بنفسك أنت ذاتك- الإنسان- لمجرد أن تتقي الجُرح الذي قد يوجع مشاعرك المرهفة بين الحين والآخر من كلمة هنا وكلمة هناك، أو حرق حزمة من الورق هنا أو هناك؟! وماذا يتبقى منك إذا ما حُرمت من حق حرية التعبير عن احتياجاتك ومشاعرك ومطالبك وأحلامك وطموحاتك الإنسانية الشخصية- حتى لو كانت تافهة وخاطئة- عدا الحيوان الأبكم الذي تتسلى به وتذبحه؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم


.. 116-Al-Baqarah




.. 112-Al-Baqarah


.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ




.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا