الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يقرر كل متطرف متخلف أنه إمام فينا

سالم جبران

2006 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"الموقف من المرأة، مساواتها واحترامها ورفع شأنها، هو معيار حاسم إذا كان المرء إنسانياً أو همجياً" (فولتير)
قرأت، وأنا مفعم بالذهول تصريحات المفتي الإسلامي في أستراليا الشيخ تاج الدين الهلالي، التي تُهين المرأة وفي الوقت نفسه تسيء إلى العرب والمسلمين وتسيء إلى الإسلام والحضارة العربية العريقة والسمحة.
أحقاً، إذا قام غلمان منحرفون باغتصاب فتاة في الخامسة عشرة، فعلينا انتقاد تلك الفتاة والزعم السافل بأنها قد تكون لبست لباساً مغرياً للشباب؟
أحقاً، بدل أن نشير بإصبع الاتهام إلى المجرم، نوبخ الضحية؟ أليس دفاع تاج الدين الهلالي عن السفلة الذين مارسوا عملية الاغتصاب الوحشية، يعطي الذريعة للعنصريين أعداء العرب والإسلام لتلطيخ سمعة العرب والمسلمين، ديناً وحضارة.
لماذا نقول إن الغرب يلطخ سمعتنا ويشوه صورتنا، ولماذا يجب أن يقوم الغرب بتلطيخ سمعتنا وتشويه صورتنا عندما يتبرع عرب ومسلمون "أتقياء" بتشويه سمعة الإسلام والعرب؟
والمشكلة ليست فقط مع تاج الدين الهلالي. ففي عالمنا العربي، وفي الأقطار الإسلامية غير العربية، تزدهر الأصولية الظلامية التي تصل إلى حد الوحشية في الموقف من المرأة وتتفوه بتصريحات عنصرية ضد الآخر المختلف، سواء كان أجنبياً، وحتّى عربياً وغير مسلم.
ليس من الصعب على كل قاريء أن يَجد في التراث العربي، والإسلامي، الغني والعريق، مئات الشواهد على الموقف الإنساني من المرأة، أمّاً وزوجةً وأختاً وابنةً. وليس من الصعب ايجاد ألوف الأمثلة والشواهد على احترام الإسلام لإنسانية المرأة. المشكلة أن متخلفين متطرفين انتزعوا القيادة الدينية في كثير من الحالات، وينشرون شعوذاتهم التي لا تمِّت إلى الدين، أي دين، بصلة وينشرون هذه الأقوال المتخلفة والرجعية وكأنها مقدسة. يا إلهي، ما أكثر رجال الدين من كل الديانات الذين ينشرون السموم ويقترفون الموبقات الأخلاقية باسم الدين، والدين منهم براء.
إن المعركة لإنقاذ الدين، كل دين، من الانكشارية الأخلاقية المزيفة هي معركة حياة أو موت بالنسبة لأمتنا العربية، وبالنسبة للمسلمين في كل مكان.
ولكن يجب القول إن المعركة ضد "تحويل الكلمة الدينية السمحة إلى خنجر مسموم"، كما قال الكاتب العظيم، المرحوم نجيب محفوظ، هي جزء من معركة أوسع، المعركة ضد الدكتاتورية والبطش، المعركة ضد اغتيال الحريات يومياً، المعركة ضد ملء السجون بأبطال الديمقراطية، بدون محاكمات، المعركة لإسقاط سرقة الوطن من قِبَل عصابات حاكمة، وصلت إلى السلطة على الدبابة، لم ينتخبها أحد، وكل الانتخابات التي تجري في ظل الدكتاتوريات الإرهابية هي انتخابات مزيفة.
علينا أن نقول، بأعلى صوت ممكن، إن أمتنا تعيش مرحلة مأساوية. الدول الاستعمارية طامعة بخيرات أوطاننا، وتسرقها بسهولة، وطامعة بتقسيم أوطانا وتمزقها، كما يفعل الجزار في الذبيحة. وشعوبنا ضحايا أنظمة تفتقر إلى الحس القومي والاجتماعي والإنساني، لا يهمها إلاّ مواصلة الهيمنة والقمع وسرقة خيرات الوطن.
رأينا أية كارثة أصابت ألعراق، نتيجة النظام الفاشي الإرهابي الفاسد لصدام حسين وعصابته. وللأسف، فإن العديد من أوطاننا مرشح لتنفيذ مؤامرات استعمارية مماثلة، والكارثة أن الغزاة يأتون كمحررين، وكلنا نشاهد يومياً، ماذا يفعل "المحَرِرون" الأمريكيون القتلة في العراق.
لقد آن الأوان للانتقال من جمعيات أهلية، وحلقات مثقفين وأصوات تصرخ في المنافي، للمبادرة إلى حركة قومية عربية عامة، تجمع بين القومي والاجتماعي، بين التحرري وبين حقوق الإنسان والوطن، وتنقش على أعلامها أن حركة لا تطالب بالمساواة للمرأة. ولا تضمن شراكة النساء، في النضال العام، هي حركة مكتوب لها الفشل.
لقد كتبت قبل أسبوع مقالاً بعنوان" المهاجرون العرب في الغرب غيتوات مغلقة أم شركاء في المجتمع" إنني أسأل: مع عقليات مثل عقلية تاج الدين الهلالي، هل بإمكان ملايين المهاجرين العرب أن يعيشوا ويتطوروا في أمريكا الشمالية والجنوبية وفي أستراليا وفي أوروبا؟ إن عزل هذه العقلية المتطرفة والمتخلفة هي شرط لمشاركة ملايين العرب في أوطانهم الجديدة، واندماجهم في حياة مجتمعاتهم، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ووظيفياً، ويجب أن تكون في المجتمعات الجديدة فرصة أسهل للنساء العربيات والمسلمات للتقدم المهني والثقافي والاجتماعي والمساواة، لا أن ننقل معنا إلى أوطاننا الجديدة عاهات تخلفنا، وأبشعها وأقرفها وأكثرها خطورة الموقف الهمجي من المرأة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah