الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسميها البعض عوامل قوة وهي في الواقع عوامل ضعف

خليل ناصر

2023 / 7 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك عوامل تمنح الأمم القوة وعوامل أخرى تمنحها الضعف وتؤدي إلى بقائها في الدرك الأسفل في سلم الحضارات. أحد الأساتذة الجامعيين كتب مرة يشرح عوامل القوة في أمة الإسلام. لكني رأيت أن هذه العوامل التي يراها عوامل قوة هي ذاتها العوامل التي تقود الأمة إلى الضعف. وقد سمى ثمانية عوامل حاولت تفنيدها فيما يلي:
أولا: الإسلام والتخويف من الموت: "زرع الإسلام في نفس المؤمن عدم خشية الموت لأن المؤمن الصادق يؤمن بأنه لا يموت إلا بأجله الوعود".
في هذه الحقيقة بذرة التخلف وعدم احترام الحياة الإنسانية للإنسان ولهذا فالمسلون عندما يدعون إلى الحرب أو يخوضونها لا يهتمون بعدد الضحايا البشرية. وعندما وقعت الحرب الإيرانية العراقية قتل مئات الألوف من العراقيين والإيرانيين ولم يؤد ذلك إلى اهتزاز مشاعر المسلمين في أي مكان.
ثانيا: الإسلام والتخويف من الفقر: "غرس الإسلام في ذهن المسلم أن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى وأنه يرزق النملة المنفردة في الصحراء المنفردة فكيف ينسى رزق الإنسان".
وفي هذه الحقيقة يتجلى سر قعود المسلمين عن العمل والمبادرة والبحث عن أفاق جديدة وتجعل المسلمين يرضون ويقنعون بحالهم رافضين التغيير أو البحث عن بدائل لما هو قائم.
ثالثا: الإسلام والتهويل من قوة الأعداء الضاربة: "لقد وقر في ذهن المؤمن الحق أن النصر من عند الله لقوله تعالى (وما النصر إلا من عند الله)".
وهذه الحقيقة هي سر هزائم المسلمين المتتالية طوال تاريخهم. وهذه الحقيقة هي التي تجعل المسلمين يقعدون عن الجهاد واذا ما وقعت حرب وتقاعس الجنود وأخفقت القيادة عزوا ذلك إلى أنها إرادة الله. فاقعدوا أيها المسلمون وانتظروا فرج الله ونصر الله. فلا داعي لمعرفة قدرة العدو ولا داعي للخوف منها أو الإعداد لها ما دام الأمر بيد الله. هكذا فعل صدام حسين عندما وصف جيشه بالجمع المؤمن الذي سينتصر على الجمع الكافر فتلقى هزيمة لم يحدث مثلها في التاريخ.
رابعا: الإسلام والخوف من الوهن والاستسلام: "لقد زرع الإسلام في نفوس المؤمنين انهم الأعلون وأن انتصار الأعداء عليهم إن حصل فهو زائل لا محالة وإن دام ساعة فلن يدوم مطلقا".
وهذا يجعل المسلمين يطمئنون إلى وضعهم ومرتبتهم. ما دام الإسلام يقول لهم أنهم الأعلون فلا داعي إذا لكي يجهدوا من أجل الحياة الأفضل. ولا داعي للبحث في مستقبل أفضل لانهم الأعلون. ولا مجال للعلو أكثر فلا طموح للتقدم ولا رغبة في تخطي الواقع ولا نية للعمل من أجل ما هو أحسن فليس بالإمكان غير الذي كان.
خامسا : الإسلام وإشاعة الأباطيل: "لقد وضع الإسلام للمسلمين نهجا قويا لمحاربة الإشاعات والأباطيل ومروجيها وجاءت الآية القرآنية (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)".
وهذه الآية الكريمة لا تطبق ولا تفهم إطلاقا. والمسلمون لا يحاولون أبدا استخدام عقلهم لتفنيد ما يسمعون فما دام ما يسمعونه يوافق أهواءهم فهو صادق صحيح وإلا فهو العكس من ذلك باطل وإشاعة ولذا فالمسلمون ذوو طبيعة أحادية في التفكير أي أنهم يفكرون في اتجاه واحد فقط.
سادسا : الإسلام واليأس والقنوط: "المؤمن الحق لا ييأس أو يقنط من رحمة الله ونصره فرحمة الله آتية ونصره قريب".
الإيمان برحمة الله أمر واجب ولكن هذا الإيمان يأخذ لدى المسلمين شكل الإيمان المطلق الذي تتعطل معه فلسفة الثواب والعقاب ولذا فكل شيء ممكن في العالم الإسلامي والصالح والطالح في سلة واحدة.
سابعا: الإسلام والتفريق والاختلاف: "ولما كان زرع الفرقة والاختلاف بين صفوف المسلمين من أهم أهداف الحرب النفسية التي يشنها أعداء الإسلام فقد جاء القرآن بقواعد تحمي المسلمين من هذا الداء المستطير ونهاهم عن الفرقة والاختلاف بيّن لهم أن الفرقة من عوامل الاندثار والفناء والهزيمة".
وهذه الحقيقة التي يؤمن بها المسلمون جعلتهم يرفضون أي اختلافات أو خلافات يمكن أن تقع بينهم سواء فلسفيا أو فكريا أو إنسانيا وجعلتهم لا يستطيعون الاقتناع بالفروق الفردية بين الناس ولا يقتنعون أيضا بأن الاختلافات الفكرية هي طريق التقدم والازدهار ولهذا لم تستطع الديمقراطية أن تعيش أو تزدهر في ظل الحكم الإسلامي.
ثامنا: الإسلام والشعور بالضعة والدونية: "ومنذ اللحظة الأولى من الدعوة والإسلام يؤكد لاتباعه انهم الأعلون وأنهم خير أمة أخرجت للناس وافضل أهل الأرض ما داموا متمسكين بالإسلام وقرآنهم".
هذه الحقيقة تجعل المسلمين يقفون مكانهم وتجعلهم يشعرون بأنهم أفضل الناس على الأرض وبالتالي لا يستطيعون وانهم لا يريدون منافسة غيرهم من أمم الأرض وشعوبها ولا يرغبون في إحراز أي تقدم ولذا فإنهم لا يعترفون بتقدم الأمم الأخرى ولا يعترفون بإنجازاتها. ويعتقدون انهم ما داموا متمسكين بالإسلام الذي يعيدهم ألف وأربعمئة سنة إلى الوراء فإنهم خير أمم الأرض.
أخيرا هل يحق لنا أن نترجى تغيير هذه العقليات في المستقبل لأجل النهوض والوصول إلى مكانة محترمة بين الأمم والشعوب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah