الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باتريك زكي إرهابي بقرار من الدولة العميقة

طارق الهوا

2023 / 7 / 19
المجتمع المدني


أسأل نفسي وأنا أقرأ تاريخ صراعات الأديان الإبراهيمية والدماء التي سالت حتى بين أصحاب الدين الواحد: من هو الإله الذي أمر اليهود بإبادة سكان أرض كنعان ليحلوا محلهم؟ وبأي حق أوحى هذا الإله بإبادة بنو النضير وبني قريظة وإبادة شعوب وثقافات ولغات جنوب البحر المتوسط؟ ولماذا جعل هذا الإله الإيمان به مقترنا بالدماء والتفرقة العنصرية والكراهية والسطو المقدس على أراضي وممتلكات ونساء الغير؟
أيا كان هذا الإله، كل خططه فشلت لأنه حوّل منطقة كان مفترضا أن تكون منذ قرون أعظم من الغرب، إلى دول عالم ثالث تعيش عالة على الغرب! إله صحح له دارسو الأديان (لأنه اقتبس من أديان بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة وهو غير مدرك لمغزى ما قصدته هذه الحضارات) والنحويون وعلماء الأحياء والجغرافيون والمؤرخون والفلكيون وفلاسفة العقد الاجتماعي أخطاءه، ولم يزل المهووسون به يعتبرونه عليماً خبيراً حكيماً.
الدولة في مصر من الدول التي لم تزل تتخبط بين القانون وأحكام ورؤى ذلك الإله، خصوصاً ما يخص منها الآخر، بسبب وجود دولة عميقة فيها تبني سطوتها بسم ذلك الإله وهي تملك ولا تحكم، وتعادي أتباع أي دين أو مذهب آخر، وكان باتريك زكي، موضوع مقال اليوم، يواجه عقوبة سجن تلك الدولة حتى خمس سنوات، لنشره مقالاً على الإنترنت في عام 2020 روى فيه انتهاكات مورست بحق مسيحيي مصر، رغم أنه لم ذكر أي شيء عن دولتها العميقة.
انتهاكات لا يستطيع أي شخص في مصر أن ينكرها، لكن يوجد من يتبجح ويقول انها غير موجودة، ولذلك يعتبر التحدث عنها رسمياً "معلومات كاذبة" أو "تحريض على الاحتجاج".
تهم جاهزة تشبه الاختلال العقلي أو الجنون الذي يوصف به أي ناسف كنيسة أو قاتل كاهن أو خاطف فتاة مسيحية مصرية.
ألقي القبض على باتريك جورج زكي بعد وصوله مطار القاهرة أثناء عودته إلى وطنه من بولونيا/إيطاليا في زيارة عائلية قصيرة، وتم التحقيق معه وهو معصوب العينين مقيد اليدين طوال 17 ساعة من استجوابه في المطار، ثم تم نقله الي موقع تابع لجهاز الأمن الوطني في المنصورة لم ُيكشف عنه، حيث استُجوب حول عمله الحقوقي ودراسته في إيطاليا، وتعرض للتهديد والضرب على بطنه وظهره بشكل متكرر أثناء الاستجواب، وتم تعذيبه بالصدمات الكهربائية. ثم زعموا أنه لم يتعرض للتعذيب.
كانت الدولة العميقة في مصر أرحم مع باتريك زكي، لأنه كان يواجه عقوبة السجن حتى خمس سنوات لنشره مقالاً على الإنترنت، ورغم صدور الحكم النهائي بثلاث سنوات ضده، صوّت مجلس الشيوخ في روما على منحه الجنسية الإيطالية بسبب "الضرب والتعذيب بالكهرباء"، وأكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (لا أعلم لماذا يقولوا عنها متطرفة) أن "التزامنا بحل إيجابي لقضية باتريك زكي لم يتوقف أبدا، فهو مستمر، وما زلنا واثقين".
وقبل ذلك قدم رئيس البرلمان الأوروبي استفسارين برلمانيين في ستراسبورغ في فبراير 2020، اثار الأول في 10 فبراير انتباه الممثل السامي للاتحاد للقضية، وطُلب منه رفع القضية إلى السلطات المصرية للمطالبة بالإفراج الفوري عن باتريك زكي، والثاني في 12 فبراير يكرر الطلب، ويذكّر السلطات المصرية بأن علاقات الاتحاد الأوروبي مع الدول الاخري تعتمد على احترام حقوق الإنسان والحقوق المدنية، كما أكدته العديد من القرارات التي وافق عليها البرلمان الأوروبي، ويطالب بمراجعة علاقات أوروبا مع مصر، ويتساءل عما إذا يتطلب الأمر تعليق اتفاقية التجارة الحرة ما لم يتم الإفراج عن زكي وغيره من النشطاء الذين حوكموا ظلماً.
كما كتب ستة وعشرون عضوا في برلمان الاتحاد الأوروبي رسالة إلى السفير الإيطالي بالقاهرة، جيامباولو كانتيني، يطالبونه فيها بالتعهد والمساعدة من أجل الإفراج عن باتريك زكي. وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة المناصرة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: إن الاعتقال التعسفي والتعذيب الذي قامت به السلطات لباتريك زكي هو مثال آخر على القمع الراسخ الذي تمارسه الدولة ضد المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتي تصل إلى مستويات أكثر جرأة مع كل يوم يمر. ووقعت اثنتا عشرة جامعة إيطالية رسالة إلى السلطات المصرية تطالب بالإفراج عن زكي.
كل هذه الالتماسات كانت يجب أن توجه إلى المقر الرئيسي للدولة العميقة في مصر، وعنوانه: طريق النصر- مدينة نصر-القاهرة، رغم أن محكمة أمن الدولة طوارئ في مصر حكمت على باتريك بالسجن ثلاث سنوات، وغير مفهوم على الإطلاق لماذا حوكم باتريك أمام محكمة أمن دولة طوارىء؟ هل نسف سيارة في شارع؟ هل خطف باص سواح؟ هل اغتال شخصية سياسية؟ هل هدد أمن الدولة بما نشره عن تعسفات تمارس علانية ضد مسيحيي مصر، قالها ولم يزل حقوقيون ونشطاء وعلمانيون؟
منظمة العفو الدولية نددت "بالحكم الفاضح"، وأعلنت ثلاث شخصيات معارضة انسحابها من الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة في مطلع مايو هذا العام، لمناقشة كل القضايا الخلافية قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية، وأعلن المحامي نجاد البرعي في تغريدة أن "الحكم على الحقوقي باتريك زكي بالحبس جعل وجودي في مجلس امناء الحوار الوطني بلا جدوي. اعتذر عن الفشل". ودعت زميلته ماهينور المصري إلى الانسحاب من "مهزلة الحوار الوطني" من أجل عدم اعطاء "سلاح للسلطة تضرب به"، وقال السياسي اليساري خالد داود "أُعلن تجميد المشاركة في الحوار الوطني لأنه لا يمكن أن نزعم أننا في حالة حوار في ظل صدور مثل هذه الأحكام، وعدم تنفيذ الوعود العديدة التي تلقيناها بإخلاء سبيل عدد من السجناء نطالب بحريتهم منذ سنوات"، كما اعتبر المحامي أحمد راغب عضو هيئة حقوق الإنسان في الحوار الوطني أن الحكم الصادر بحق زكي "يثبت فشل محاولتنا للمشاركة في الحوار الوطني.. لذلك اعتذرت عن الاستمرار".
ذُكر في "نشرة حقوق الإنسان الفصلية" التي أكدت فيها الدولة بشكل خاص أنها صادقت على بناء وترميم 216 كنيسة ومبنى تابعا لها خلال الأشهر الثلاثة الماضية من أجل حرية العبادة، كما عيّن الرئيس السيسي قاضياً مسيحياً مصرياً رئيساً للمحكمة الدستورية، وهو أول رئيس جمهورية يحضر قداس عيد الميلاد بينما كان من سبقوه يكتفون بإرسال ممثلين عنهم.
ورغم ذلك تمارس الدولة العميقة تعريض مسيحيي مصر للتمييز الديني، وتخلق الصعوبات البيرقراطية التي تعترضهم من أجل بناء أو ترميم كنائسهم أو الحصول على الخدمات العامة، أو مناصب رفيعة في الجيش أو إدارت الدولة، أو حتى لعب كرة القدم في الأندية المشهورة.
هل جنّدت الدولة العميقة نفوس مسلمي مصر خلال 50 سنة من صحوة أو سطوة حكم الفقهاء الذين صنعوا ملايين الدولارات من بيع الحقد والوهم والكذب والعداوات والفتن الطائفية والكراهية؟
يبدو الأمر كذلك وسيظل كما هو حتى يرى أغلبيية أهل مصر صور تليسكوب جيمس ويب كما هي، لأنهم إذا رأوها كما هي سيدركون أن السماء غير موجودة بل الفضاء، ولا يوجد أي أعمدة ترفع الزرقة التي فوقنا لأنها مجرد خداع بصري، مثل الخداع العقلي للأديان تماماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقه مفزعه
على سالم ( 2023 / 7 / 19 - 14:53 )
من الواضح ان الكيان السرطانى المسمى مصر هو شئ مقزز وعفن وهمجى بربرى لقيط , يجب على كل دول العالم ان تقاطع هذا النظام الفاسد البلطجى المجرم بل وتدعو الى عقوبات قاسيه طويله الامد لهذا النظام الكاذب العربجى القبيح , مصر تعتبر فضيحه كبيره وبؤره نتنه ويجب القصاص منها وردعها

اخر الافلام

.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة


.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين




.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت


.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا




.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة