الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنّ موجودات في حي الأسمرات

فاطمة ناعوت

2023 / 7 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"هُنَّ موجودات" … في حيّ "الأسمرات"

بدعوة طيبة من جمعية "جنّات الخلود" الخيرية، قضيتُ يومًا فريدًا في المدينة الشبابية الرياضية بحيّ "الأسمرات" المبهج، الذي يُعدُّ واحدًا من أعظم منجزات "الجمهورية الجديدة"، وصرحًا شاهقًا من صروح مصر الاجتماعية والإنسانية التي تُعيدُ بناء المواطن المصري على "الكود الحضاري" الذي يليقُ به، وتليقُ به مصرُ صانعةُ الحضارة.
“جنّاتُ الخلود" واحدة من أرقى جمعيات المجتمع المدني في مصر. أنشأتها الطبيبةُ الجميلة د. "زينب علوب" عام ٢٠٠٦، بعد زيارة عرضية وقدرية قامت بها لحي "الدويقة" عام ٢٠٠٠، فوخز قلبَها ما شاهدت من تهميش لسكّان نلك المناطق العشوائية واحتياجهم الماسّ لتدخّل قوى المجتمع المدني؛ ليس وحسب للارتقاء بأحوالهم المعيشية، بل كذلك، وهو الأهم، لغرس بذرة الأمل داخلهم وإنعاش رغبتهم الذاتية في التطور والارتقاء، بل والمشاركة في بناء المجتمع، بتحويلهم إلى قوى منتجة، بدلا من كونهم قوى مستهلكة وعبئًا على المجتمع. يومها قررت هذه السيدة الوطنية الجميلة تكوين فريق من صديقاتٍ تحمسن لفكرتها النبيلة، وقمن بتأسيس جمعية "جنّات الخلود" الخيرية، وإشهارها عام ٢٠٠٦. وفي رحلة تحقيق حلمهن، واجهن ما واجهن من صعاب وتحديات حتى تحوّلت الجمعيةُ من مجرد مظلّة إنسانية طيبة تقدم المساعدات المعيشية للأسر المعوزة التي تعيش تحت خط الفقر في المناطق العشوائية، إلى كيانٍ قوي يقوم على استراتيجية علمية يقدم عددًا من البرامج التنموية الشاملة تستهدف الأسرة بكاملها في منطقة "الدويقة" وخارجها، تهدفُ إلى الارتقاء بها إنسانيًّا وتعليميًّا وتثقيفيًّا وحضاريًّا لكي تخرج تلك الأسر من حقل "الاحتياج" وتدخل حقل "الإنتاج". وتطورت الجمعية وكبرت وأصبحت صرحًا حضاريًّا وكيانًا مؤسسيّا هائلاً يستهدف "الاستثمار في الإنسان" والبنيان المجتمعي الناضج والاستدامة. وبفضل إيمانهن الحقيقي بتلك الرسالة النبيلة، كلّل اللهُ جهودهن بالنجاح واستطاعت تلك السيداتُ الراقيات نشر فكرتهن الجميلة في المجتمع فعقدن شراكات مع أفراد ومؤسسات وجهات مانحة تضافرت جهودُها لتحقيق طموحاتها التي صارت يعلو سقفُها يومًا بعد يوم. ومع تحقيق النجاحات انتقلتِ الأهدافُ إلى رحاب أوسع وأعلى. وخلال وقت وجيز صارت "جنات الخلود" بناءً مؤسسيًّا ذاتي التمويل، تامَّ الاستقلال عن أي توجهات سياسية أو دينية، قادرًا على البناء والتطوير من خلال التركيز على رعاية الطفل، وتأهيل المواطن لكي يغدو عضوًا فعالا في المجتمع، عن طريق تقديم حزمة من التدخلات التنموية مثل: التعليم، التدريب، التمكين، الاستثمار، التكافل الاجتماعي.
“حيثما يكون الأمل، تكونُ الحياة"، هذا هو الشعار الذي رفعته الجمعيةُ منذ تأسيسها قبل سبعة عشر عامًا، لإيمانها بأن الأمل والرجاء في غدٍ أجمل، هو المحفزُ الرئيس المحرض على العمل والعطاء. كانت رؤية الجمعية ومنطلقها الرئيسي: بناءُ إنسان قادر على المشاركة الإيجابية، بدءًا من مرحلة الطفولة، بهدف التمكين الاقتصادي من أجل تحقيق التنمية المستدامة. ورسمت د. زينب علوب" مجموعة من القيم صارت قوانيَن صارمة مُلزمة للجمعية هي: العمل الجماعي، الشفافية، المصداقية، المساواة، المسؤولية، والإتقان.
محاور عمل الجمعية: ١ التعليم التدريب، ٢ التمكين الاقتصادي، ٣ التكافل الاجتماعي. يشمل محور التعليم: الحضانات التي تقدم للطفل مناخًا محترمًا للتنشئة والتعليم والرياضة والتنمية الفنية والرعاية الصحية والتغذية وتنظيم رحلات وحفلات وأنشطة تثقيفية مثل "البرلمان الصغير"، وفصول تقوية، ومعسكرات صيفية وغيرها. يتكلّف كلُّ طفل شهريًّا أكثر من ألف جنيه، تدفع منها الأسرة فقط مائة جنيه، من أجل الشعور بالمشاركة، والباقي تدفعه الجمعية من التبرعات. كما توفر الجمعية فصول محو الأمية لتعليم الكبار والمتسربين من التعليم من أبناء "الدويقة”. كذلك تقدم الجمعية برنامجًا للتنمية البشرية للارتقاء بالسلوك والقيم وتنمية المهارات وتعزيز الثقة بالنفس والتنمية الشاملة رياضيا وثقافيا واجتماعيا. محور التمكين الاقتصادي يهدف إلى الارتقاء بالتجمعات المهمشة وتحويل أفرادها من مرحلة العوز والاحتياج إلى مرحلة الإنتاج والاستقلال الاقتصادي عن طريق دعم الصناعات والمشاريع الصغيرة والحرف اليدوية والوصول بتلك المنتجات إلى مراحل التصدير. ويتم ذلك عن طريق التدريب المهني والتعليم الفني والحرفي. ويتم ذلك في مشاغل الخياطة ومراكز الحرف اليدوية في الدويقة، ومراكز السجاد اليدوي، ومصنع الأسمرات الذي يقدم فرص عمل طيبة للأهالي الذين انتقلوا من الدويقة للأسمرات. ويتم تسويق جميع تلك المنتجات من خلال "جاليري جنتي"، الذي شاهدنا جانبًا من منتجاتهم اليدوية فائقة الجمال بالأمس في الفعالية الختامية من مؤتمر "هنّ موجودات". المحور الثالث هو "التكافل الاجتماعي"، ويهدف إلى المساهمة في تلبية الاحتياجات الأساسية للأسر المعوزة والأكثر احتياجات في المناطق المهمشة استهدافًا لتمكينها اقتصاديا. ويجري ذلك من خلال برامج: كفالة اليتيم، كفالة طالب العلم، كفالة الأسر تحت خط الفقر، الإطعام، الكساء، والخدمات الصحية. من أهم داعمي هذا المشروع التنموي العظيم "مؤسسة بنك مصر" الوطنية العريقة. شكرًا لكل يد كريمة تغرس نبتة طيبة في بلادي. وتحيا مصر.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah