الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل روسيا وبوتين حليف يمكن الوثوق به للعرب والمسلمين

عارف الجواهري
كاتب وباحث

(Arif Al-jawaheri)

2023 / 7 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ الاحتلال الامريكي وحلفائها للعراق عام 2003 ولحد الان ترتفع اصوات اليسار العربي ومعهم اليسار الاسلامي من المحور ‏الايراني بوجوب التحالف مع الشرق المتمثل بروسيا والصين والتخلي نهائيا عن الغرب وامريكا. وقد عمل هذا المحور بكل جهد ‏ومثابرة من خلال الجيوش الالكترونية ووسائل الاعلام التابعه لهم لدفع الانسان العربي الى تبني هذا الاقتراح والتمسك به. ‏

الادله التي استندوا عليها ولا زالوا لحد الان يكرروها هي ان الغرب وبالخصوص امريكا لا يمكن الوثوق بوعودهم، فهي تتقلب ‏حسب مصالحهم في المنطقة والعالم، وانهم مستعدين لبيع اصدقائهم للذي يدفع أكثر وانهم لا يرغبون بأصدقاء او حلفاء حقيقيين ‏بل ما يريدونه هو عبيد لهم يطيعونهم مهما عملوا، وهذا يمكن ملاحظته من خلال الكم الهائل من الصور الكاريكاتورية والمقالات ‏والتصريحات اما الكاميرات.‏

طبعا هذه الحالة ازدادت وكثرة عندما قرر الرئيس الروسي الدخول الى سوريا ودعم نظام الحكم البعثي الحاكم فيها منذ أكثر من ‏الخمسين عام، فعندها بدأت الجيوش الاعلامية والالكترونية تصوير بوتين على انه المخلص البطل الذي تحالف مع اهل الحق ‏والمظلومين لأجل نصرتهم امام الطغيان والجبروت الغربي الامريكي الصهيوني. واستنادا لذلك تم اعطاء القاب عديدة لبوتين ‏حتى تم تلقيبه بأبو علي بوتين وتم نشر قصص عن انه من اصل عراقي وابوه كان طالب في روسيا زمن الشيوعيين وكان لقبه ‏ابو التين والذي تحول لاحقا الى بوتين وكان اسم الطفل عبد الامير وتغير لاحقا الى فلاديمير بسبب صعوبة الاسم في اللغة ‏الروسية، وتم نشر صور له وهو يلبس العمامة الدينية الشيعية وظهرت مقالات تدعي انه ربما اصبح مسلم شيعي وغيرها الكثير ‏من القصص والادعاءات ، ولا ننسى المحللين السياسيين المحسوبين على المحور الايراني وعلى المحور اليساري كانوا يكيلون ‏المديح له ولروسيا ويدعون العرب والامة الى التخلي عن امريكا والوقوف مع الشرق الروسي ومن ثم تبعها الصين في الفترة ‏المتأخرة، وكان شعارهم الذي دائما يرددوه بان "المتغطي بالغرب والأمريكان عريان".‏

لكن الضربة الروسية لهؤلاء لم يتأخر كثيرا، فخلال حوالي السنة من دخول الروس الى سوريا وبعد زيارة مفاجئة للرئيس وزراء ‏الاسرائيلي نتنياهو حوالي سنة 2016 ظهر الرئيس الروسي بوتين وكذلك وزراء ومسؤولين روس اخرين امام الاعلام وصرحوا ‏ان الوضع في سوريا يتحسن وعلى كافة القوات والمقاتلين الاجانب الخروج منها بأسرع وقت ... وكان الكلام واضح جدا ان ‏المقصود منه هي إيران وحلفائها في سوريا، حتى ان وزير الخارجية الايراني في حينها رد على هذا الكلام بان صرح قائلا ‏والروس ماذا يعتبرون قواتهم الموجود في سوريا؟ وهل هذا الكلام يقصدهم ايضا؟ ‏

وكان واضح جدا ان الرئيس بوتين اتفق مع نتنياهو وبضوء اخضر اوربي امريكي على اخراج إيران وحلفائها من سوريا مقابل ‏الموافقه على بقاء روسيا وقواتها، وهذا ما تم نشره في وسائل اعلامية غربية كثيرة. كذلك تم الاتفاق على السماح لإسرائيل ‏بضرب سوريا وبالخصوص إيران وحلفائها من اجل اضعافهم واخراجهم. وفعلا بعد هذه الزيارة لنتنياهو لموسكو بدأت عمليات ‏قصف مكثفه بالطيران وبالصواريخ لكل المواقع التي يتواجد بها الايرانيون وحلفائهم من حزب الله اللبناني والافغان والعراقيين ‏والذين دخلوا الى سوريا بدون موافقة الحكومة العراقية اي كمرتزقه. وحسب تصريحات اعلامية فقد بلغت عدد الغارات والقصف ‏الإسرائيلي للمحور الايراني في سوريا حوالي 500 هجمه قتل فيها العشرات وجرح المئات من الايرانيين واللبنانيين والعراقيين ‏والافغان بالإضافة الى السوريين.‏

الضربة الجديدة التي وجهتها روسا الى المحور الايراني هي اصدار بيان مشترك مع دول الخليج العربي يطالبون فيه الحكومة ‏الايرانية بحل مشكله الجزر الثلاثة التي تدعي الامارات انها تابعه لها حلها بشكل سلمي. وهنا ثارت ثائرة السياسيين الايرانيين ‏ضد روسيا حتى ان أحد الصحف الايرانية اعتبرتها طعنه بالظهر بينما اعتبرها رئيس البرلمان الايراني ان روسيا تجاوزت ‏الخطوط الحمر، حتى ان امام جمعة طهران استنكر هذا البيان وادان روسيا واخيرا صرح وزير الخارجية الايراني بان التصرف ‏الروسي لا يطاق وعليهم تصحيح موقفهم. رغم كل هذا الاستنكار الايراني فان الموقف الروسي كان باهت لحد الان من خلال ‏اصدار بيان عن وزارة الخارجية يؤكد على العلاقة مع إيران وان الحكومة الروسية تؤمن بوحدة الاراضي الايرانية لا أكثر من ‏هذا البيان وهذا يعتبر تجاهل وتعالي وعدم اهتمام بالقلق الايراني. ‏

طبعا هكذا مواقف لروسيا هي مشابهة لمواقف الاتحاد السوفيتي الشيوعي السابق، مثلا عندما اعترف الاتحاد السوفيتي السابق ‏بدولة اسرائيل كأول دوله قبل حتى امريكا وأوربا وكان من اشد الداعمين لقيامها ولكن موقفه تغيير بعد سنيين قلائل عندما مال ‏الاسرائيليين الى الغرب وامريكا بالذات مفضليهم على الشرق استنادا لحنكتهم السياسية واستقرائهم للمستقبل بشكل صحيح. ‏التاريخ اثبت صواب رأي الاسرائيليين وخطل راي الدول العربية القومية واليسارية في حينها والتي استمالها النظام السوفيتي ‏الحاكم في روسيا حينها. وكذلك لا ننسى كيف باع السوفييت الحزب الشيوعي العراقي عندما هجم عليهم نظام البعث العراقي في ‏اواخر السبعينات ولم يدافع السوفييت عن الشيوعيين العراقيين الذين شبعوا اعتقالا وتعذيبا وتشريدا واعداما.‏

انا أتساءل هل فعلا ان الشرق بالخصوص الروس هم اهلا للثقه والاعتماد والصداقة والتحالف أكثر من الغرب والامريكان ام ان ‏كلا الطرفان متشابهان وهما لا يبحثان الا على مصالحهم فقط ولا شيء غيرها؟ ‏

فمتى اليسار العربي والمحور الايراني سيقولون الحقيقة لشعوبهم واتباعهم ويتوقفوا عن الخداع والمداهنه والتلوي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب