الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سر الحياة الأكبر

وليد مهدي

2023 / 7 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يوما ما .. ستبوح لك الحياة بأخطر أسرارها ، و سيكون ممكناً ان يخرج المرء من غيبوبة الحياة , التي دفنته وهو على قيد الحياة في قلب الحياة ..
غيبوبة الامل والطموح والتطلع نحو المستقبل وتحقيق النجاح . نعم , يوماً ما ستكتشف انها كانت غيبوبة ونوم عميق وان اليقظة منها والتجرد عن هذه العناوين التي تمثل هوية تحقيق ذاتك هو الذي سيقودك الى رؤية حقيقة هذا العالم .
عندما تستفيق عن هذا السبات , وتتخلى عن هذه " الخطط " التي تحدد مسارات حياتك , ستفاجئك اليقظة ..
ستشعر بالتيه اول الامر , لا تدري ما هي الحقيقة وما هو شكل هذا العالم الحقيقي . فاليقظة تشوه صورة العالم القديمة في عينك وتدخلك في باديء الامر بما يشبه الاكتئاب ، صمت في الافكار و كأنه ظلام في الوعي ، فانت تريد ان تعرف الحقيقة , حقيقة ما بعد اليقظة , تريد ان تدرك من أنت وما هي هويتك وما هي غاية وجودك في هذا العالم .. !!؟
وقبل ان نعرج على إجابة تساؤلاتك لا بد ان نذكرك , إن اقسى الصدمات في حياتك هي اكثر نجاعة في تحقيق هذه اليقظة , بعضها يشفى بعد مدة فتعاود النوم من جديد وتنسى تساؤلاتك فترجع الى مسار حياتك السابق الذي يدخل في صراع بين تيارين :
تيار الاخلاق الذي يدفعك لبناء قيمتك الاخلاقية اجتماعيا ..
تيار المادة الذي يسحبك نحو الارتقاء وتحقيق الطموحات والثروة ..
لكن بعضها لا يشفى ويعطيك الفرصة بان تشفي نفسك بنفسك , وتبني انت لبنات وعيك انت بنفسك , فتمنعها عن العودة الى الغيبوبة القديمة بصورة تامة , لتستمر معك لحظات التساؤل اليومية :
لماذا انا في هذا العالم ؟ ما هي مهمتي بالضبط ؟
إذا حدث ذلك , تكون أنت الآن بحاجة الى مساعدة , مساعدة فكرية تعززها القراءة , وما ستقرأه سيكون ضمن اطار تيارين من الفكر لا ثالث لهما :
• تيار الفكر الروحاني الذي يخبرك بان وجودك ذو غاية روحية تتمثل في الآخرة والحياة بعد الموت
• تيار الفكر المادي الذي يخبرك ان عليك فعل كل ما يزيد ثروتك وسلطتك ويجعلك تستمع بحياتك لأقصى حد ممكن ..!!
إن رجعت الى تبني احد هذين المذهبين في قراءتك , ستصاب بخيبة امل , لان شيئاً في اعماقك مجهول الماهية يخبرك بان الحقيقة أسمى وهناك هدف وغاية لهذه الحياة تختلف عن كونها مجرد محطة عابرة للآخرة , او هي مجرد " حانة " لأجل اللهو والمرح ..!!
اليقظة التي انت فيها ستجدها اكبر مما تقرأ .. وثمة هاجس عميق في وعيك يخبرك بأن هذا العالم شيء آخر ليس ما تعودنا على القراءة عنه !!
وهنا , وحتى لا تبقى في دوامة التيه و الاكتئاب سنحاول مساعدتك في هذه السطور لقراءة رسالة الحياة نفسها وماذا تخبرك في صميم روحها ..!!
الحياة تقول بأنك اتيت ناتجاً عن عملية تلقيح , ابتدأت من تسابق ملايين النطف , لتفوز نطفة ذكرية واحدة لاختراق بيضة , بهذه الفلسفة تنطوي كل معاني الحياة , فمن يعيشون على الأرض اليوم ثمانية مليارات إنسان , وتقديرات تقول بان عدد البشر الذين عاشوا اكثر من ذلك بكثير ممن فارقوا هذه الحياة , لكنهم باقون معنا بجيناتهم ( مورثاتهم ) , فمنهم ورثنا اشكالنا وكل التفاصيل ..
وهكذا , كل هذه المليارات تسهم في النهاية بتشكيل هيئة وبنية وثقافة " إنسان واحد " نموذجي ومثالي بنفس فلسفة تنافس ملايين النطف لاختراق بيضة , الحياة تقول بان ما تراه حولك وما يحدث كله في النهاية يصب في غرض اساسي واحد للحياة :
نحن جميعاً نصنع عبر تطوير الجينات جسدا مثاليا للانسان , وجميعنا نصنع , عبر تطوير الذاكرة الثقافية والعلمية للحضارة , تاريخا وثقافة مثالية لهذا الجسد ..!!
هذه ببساطة هي الحياة وهذه هي حكمتها الكبرى والعظيمة , نحن كلنا جميعاً ، كل الكائنات الحية بلا استثناء تم تسخيرنا جميعاً نحو تحقيق إنتاج هذا النموذج " المادي – الثقافي " ..
اما تحقيق الذات , والانا , والطموحات الشخصية وحب الوطن , والدين و الإنسانية والاخلاق بصورة عامة ، فهي كلها وسائل لإكمال مسيرة الحياة الفردية القصيرة ..!!
كل تلك الهويات و الانتماءات والمفاهيم والاهداف والغايات عبارة عن معارك جانبية ليست مهمة كثيراً بقدر ضرورة المعركة الكبرى في التأريخ :
إنتاج النموذج البشري الأسمى لــ " آدم " ..
وهو ليس آدم الملكوت الذي سجد له الملائكة , او سوبرمان نيتشه ، إنما هو كائن لم يظهر على الارض بعد ويمثل نهاية التاريخ الكوني برمته , نحن نقوم بتكوينه واستكماله على مراحل في مدى العصور ..
والآن لابد وان يخطر في بالك هذا تساؤل :
من أنا ... ومن هو آدم الاكبر هذا ؟
في الحقيقة , الموت يخبرك ببساطة بأنك ستفنى ولن تبقى لك قيمة إلا بمقدار ما تسهم به في بناء هذا النموذج ، سترجع الى الأرض بشكل ذرات . لكن هذا ما قالته لك " الحياة " في مبدأ وجودها البيولوجي الحيوي ، ماذا عن معناها الاعمق في البنية " الكوانتية " الكمية للذرة التي هي موئلنا النهائي والاخير ؟
#يسألونك_عن_الإنسان
يتبع -








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بانتظار الرحلة التالية
مراد سليمان علو ( 2023 / 7 / 29 - 20:04 )
الرحلة كانت ممتعة.....أحييييييييكم


2 - الاستاذ مراد سليمان علو
وليد مهدي ( 2023 / 8 / 2 - 09:59 )
صديقي العزيز الغالي
ممتن لهذا الحضور الجميل
دمت متألقاً

اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام