الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فهم القرآن وليس تفسيره (أزمة التفسير في التراث الديني)

رياض قاسم حسن العلي

2023 / 7 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


من أسباب تفرق المسلمين وتشرذمهم هو تفسير القرآن الكريم، كيف هذا؟
من المعلوم أن القرآن الكريم نزل بلغة مستخدمة من قبل الناس ولم يأت بلغة منقرضة أو أجنبية عن القوم الذين نزل عليهم إلا في بعض المفردات التي كانت متداولة في لغات أخرى ومشاعة بحكم الاستعمال والانتقال الحضاري والتفاعل بين الشعوب كما يحدث الآن فلا توجد لغة مغلقة إلا على المتكلمين بها إلا ماتت بعد فترة أو بقيت ضمن هؤلاء القوم.
ولغة القرآن واضحة بينة (بلسان عربي مبين) واللسان يعني لغة متداولة والعربي هو الوضوح لأن من معاني كلمة (عرب) هو الوضوح ومنه جاء مصطلح الأعراب في النحو ومبين زيادة في تأكيد هذا الوضوح لذا فإن القرآن لا يحتاج إلى تفسير بل إلى فهم وإذا تتبعنا هذا التراث الضخم من التفاسير نجد أن المفسرين يخوضون في تفسير ما هو واضح فيصعبونه على الناس لذا لم تكن هذه التفاسير في يوم ما عامل توحيد للمسلمين بل على العكس من ذلك، فكل فرقة تستند في مناظراتها العقائدية والسياسية مع الفرق الأخرى على هذه التفاسير،
حيث إن هذه التفاسير لم تكن بريئة من التأثيرات السياسية والأيديولوجية والاجتماعية والنفسية فالمفسر حينما يكتب التفسير فأنه يكتب تفسيره هو وبهذه المؤثرات التي ذكرناها فكما أن الحديث النبوي استخدم في سبيل تدعيم الرؤية السياسية للسلطة الحاكمة حدث نفس الشيء بالنسبة للتفسير وكمثال على ذلك نجد أن تفسير الطبري أو تأويل القرآن كما هو عنوانه الأصلي استخدم الروايات الإسرائيلية بكثرة ودون تحميص وتدقيق فكيف يمكن الاعتماد عليه وهو الذي يعد من أفضل التفاسير بحسب الآراء.
وبعض هذه التفاسير تكون معتمدة من قبل السلطة أما لأن هذه التفاسير كتبت بناء على أمر من هذه السلطة أو أن الطبقة الدينية الداعمة للسلطة السياسية هي التي أوصت لهذه الأخيرة باعتماد هذا التفسير لأنه يتوافق مع آراء الطبقة الدينية أو لأنه لا يقف بالضد من السلطة الحاكمة أو بكلا الأمرين معا.
ومن الطبيعي أن يكون لكل طائفة دينية لديها تفسيرها الخاص بالقرآن الذي يعتمد على أيديولوجية هذه الطائفة ويكون التفسير أو التأويل لخدمة هذه الأيديولوجية وليس العكس أي أن التفسير يكون مستندا على تأثيرات خارجية كما قلنا وليس من داخل النص نفسه حتى ذلك التفسير المسمى التفسير بالمأثور حيث إنه يعتمد على مأثورات طائفة المفسر والأحاديث المعتمدة لديها.
وحتى كتب التفسير الحديثة فإن منهجها لا يختلف عن المنهج القديم بل يمكن القول إنها شروح لهذه التفاسير القديمة وتلخيص لها.
لذا فإن القرآن لا يحتاج إلى تفسير خارجي بقدر ما يحتاج إلى فهم من داخل النص نفسه ولا يمكن تحقيق هذا الأمر إلا بالاعتماد على اللغة، واللغة لا تحتمل الاختلاف إلا في مواضع يمكن السيطرة عليها وهذا الاختلاف يكون في علم النحو بالتحديد وفي مدارس معينة واهم العلوم اللغوية التي يمكن الاستعانة بها في هذا الحال هو علم المعاني وعلم التأثير (الايتيمولوجيا) وعلم البيان.
وهنا يمكن أن أذكر أن العديد من اللغويين تناولوا القرآن الكريم من جانب اللغة وقدموا أفضل فهما له يفوق العديد من التفاسير الرسمية وغير الرسمية، وحتى في بعض المواضع التي وردت في كتب التفسير القديمة تم التطرق إلى الفهم اللغوي للقرآن لكن الغلبة كانت للأثر.
ونذكر هنا الدكتور فاضل السامرائي في كتبه (على طريق التفسير البياني) بجزئيه و (التعبير القرآني) و (أسرار البيان في التعبير القرآني) و (لمسات بيانية في نصوص من التنزيل) وما قدمه في البرامج التلفزيونية.
وكذلك نذكر الدكتور محمد محمد أبو موسى وخاصة في سلسته (دراسة في أسرار البيان) والتي تناول فيها عددا من السور القرآنية من ناحية بيانية وبلاغية.
وكتاب (التفسير اللغوي للقرآن الكريم) للدكتور مساعد الطيار الذي تعرض فيه لمسألة التفسير اللغوي ونشأته وتاريخه ومصادره وقواعده وأثره في اختلاف المفسرين وانحرافهم وقدم فيه نماذج من تفسير الأقدمين بالاعتماد على اللغة.
وكتب مصطفى محمود (محاولة لفهم عصري للقرآن) و (علم نفس قرآني جديد) و (من أسرار القرآن) وذكرت كتب مصطفى محمود لأنها قدمت محاولة لفهم النص من داخل النص.
وهنا لا بد أن نشير إلى مشروع نصر حامد أبو زيد والذي لم يعجب سدنة الهيكل وانتهى به كافر بحسب رأيهم.
وعلي الأغلب أن الفهم اللغوي للقرآن تستبعد منه التأثيرات الطائفية والمذهبية والآراء الشخصية المسبقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل