الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التراث المكي وثنية الحج

طلعت خيري

2023 / 7 / 28
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لم يدخل التنزيل في حوار عقائدي مع طقوس الحج الوثنية في مكة لان آلية التغير لن تأتي بثمارها لطالما ارتبطت تلك الطقوس بمصالح اقتصادية يجني من وراءها الزعماء والكهنة أموال طائلة - فبعد الهجرة الى المدينة منعت قريش المؤمنين من زيارة المسجد الحرام فكان لذلك المنع فرصة لتعديل تلك الطقوس استعداد لتغيرها عسكريا بعد فتح مكة سنة ثمانية للهجرة - فلا بد من تعديل المصطلحات قبل بلوغ ذلك الوقت

وهدو – اندفعوا وبادروا الى الطيب من القول – الى استخدام المصطلحات الجديدة التي ستنسف قول الزور والرجس من الأوثان -- وهدوا الى صراط الحميد – الى الطريق الذي يحمد عقباه – ان الذين كفروا - مشركي قريش - ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام - الذي جعلناه للناس سواء – بمعنى ان قريش صنعت لنفسها أفضلية دينية على بقية الحجيج - للعاكف –اي للباقي في مكة – والباد- هي المجاميع التي تشترك في ما بينها في تحمل تكاليف سفر الحج -- ومن يرد فيه بالحاد بظلم – بالحاد بظلم - هو من استخدم المصطلحات الوثنية بعد التعديل -- نذقه من عذاب اليم

وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ{24} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{25}

لتصحيح المصطلحات والمفاهيم الجديدة - انتقل التنزيل الى الماضي الغيبي لنقل وقائع الحج على أصولها من بداية بناء البيت الى أخر منسك - فالبعد العقائدي من ذلك هو للإطاحة بوثنية الحج -- قال الله -- وإذ بوأنا – بوأنا -تعني حددنا -لإبراهيم مكان البيت – أولا --ان لا تشرك بي شيئا – ثانيا --وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود – ثالثا -- وإذن بالناس يأتوك رجالا وعلى كل ضامر- ضامر تعني الدواب والأنعام التي ضمر جسدها من طول السفر - يأتين من كل فج عميق – مكان بعيد – ليشهدوا منافع لهم – منافع اقتصادية وتجارية - ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الإنعام فكلوا منها وطعموا البائس والفقير – ثم ليقضوا تفثهم - التفث هو هم الفرض الذي يسعى المؤمن لإسقاطه – وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق – ذلك من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه – لقد حرم الفكر الوثني الشركي لأهل مكة الكثير من الأنعام في موسم الحج افتراء على الله – ولكي يدخل الله الأنعام المحرمة ضمن دائرة الحلال –قال - وأحلت لكم الإنعام إلا ما يتلى عليكم - إلا ما يقر به الله - فاجتنبوا الرجس من الأوثان – كل شيء حرم تحت اسم الأوثان - واجتنبوا قول الزور – كل قول مفترى على الله

وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ{26} وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ{27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ{28} ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ{29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ{30}

حنفاء - حنفاء أحنف مال عن شركة الى إلوهية الواحد - حنفاء لله غير مشركين به – مثل على المشرك بالله - ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق – ذلك من يعظم شعائر الله – شعائر الله حسب المفاهيم الجديدة -- فإنها من تقوى القلوب – ولكم فيها منافع – أي في تلك الشعائر الجديدة منافع – الظاهر ان المنافع الاقتصادية كانت مخصخصة فقط لزعماء قريش - الى اجل مسمى ثم محلها الى البيت العتيق --- ولكل امة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الإنعام فإلهكم اله واحد فله اسلموا وبشر المخبتين – من هم المخبتون - الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم– أي ارتخت لذكر الله - والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - فمن شرائع وثنية الحج -البدنَ – هي السمينة من الأنعام - ولقد حرم المشركون لحومها وامتنعوا عن إطعام الفقراء والمساكين منها - ليستلذ بها الزعماء والكهنة – ولكي يدخل الله البدن ضمن الشعائر الجديدة - قال -- والبدن جعلناها لكم من شعائر الله فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف – صواف - طريقة خاصة في نحر الإبل - فإذا وجلت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرنها لكم لعلكم تشكرون – لن ينال الله لحومها ولا دمائها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين

حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ{31} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ{32} لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ{33} وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ{34} الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{35} وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{36} لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ{37}

من المدينة ومن هذه الآيات - بدأت الاستعدادات العسكرية لإعادة الحقوق المسلوبة فما اخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة ومن من طلق عسكري استراتيجي الاستعداد للحرب يمنع وقوع الحرب - حذر الله النبي من هجوم محتمل يشنه جيش المشركين على المدينة هدفه تدمير بنا الإسلام كالمساجد فبدا المؤمنين بتسليح أنفسهم بالعدد العسكرية لتلافي أي هجوم محتمل – فمن تلك الاستعدادات تشكل سرايا استطلاع عسكرية تتوغل الى عمق الصحراء لرصد تحرك جيش المشركين وتشكيل خلية اغتيالات سرية للإطاحة بزعماء قريش -- رفض الله ذلك الإجراء -- قائلا -- ان الله يدافع عن الذين امنوا ان الله لا يحب كل خوان كفور – فالمقصود بالذين امنوا هم الضعفاء الذين بقوا في مكة تحت الإقامة الجبرية أو الذين لم يهاجروا –فالاغتيالات لربما ستكون سببا في بإبادتهم – الإذن بالاستعدادات العسكرية – إذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير – الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا ان يقولوا ربنا الله –

الإبعاد الإستراتيجية من الاستعدادات العسكرية هو لتشكيل قوة رادعة لدفع الأخطار عن المدن وعن المساجد والصوامع والبيع والصلوات -- على شروط ان يكون القتال لنصرة الله – فالقوة المشكلة سوف تدفع بكل ما لديها من قوة لردع قوة أخرى -- قال الله -- ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز --- لم يفرض الله القتال في أي وقت أخر إلا بعد التمكين المجتمعي الذي أصبح جاهزا لتأدية الأعمال الصالحة كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – استعدادا لاستقبال تشريعات التنظيم المجتمعي -- الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر والله عاقبة الأمور –

إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ{38} أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ{39} الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ{40} الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ{41}

الاستعداد للحرب كان بداية النهاية لزعماء قريش الذين أذاقوا المؤمنين في مكة شتى أنواع القمع والاضطهاد – فهلاكهم لا يختلف عمن سبقهم من الأمم -- وان يكذبوك يا محمد في نصر الله لك للمؤمنين – فقل - فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير – فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد --- أفلم يسروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها وإذن يسمعون بها فإنها لا تعمى الإبصار ولكن تعمى القلوب التي بالصدور


وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ{42} وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ{43} وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ{44} فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ{45} أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ{46}








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز