الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن الكلمة الحرة وعن حرية التعبير.

إقبال الغربي

2006 / 11 / 5
المجتمع المدني


المثقف تعريفا هو الذي يدافع عن الحقيقة ضد الأوهام والأساطير المؤسسة للأمة. هو الذي يدافع عن العقل ضد النقل، عن حرية التفكير ضد قيود التكفير، عن الحقوق الطبيعية و عن القيم الكونية ضد التقاليد والأعراف والخصوصيات المعادية لها. هو نصير الفرد ضد تسلط الجماعة. فهو على شاكلة فولتير خلال״ قضية كالاس״ وعلى شاكلة "زولا" خلال قضية "دريفوس״، يجابه الإجماع الغبي بالتميز النقدي ويزعزع آليات التطبع داخل اللعبة الاجتماعية بالابتكار و التجديد . و اعتمادا على هذا التعريف يجسد المثقف نفحة أوكسجين ضمن الوعي الزائف والتضليل المعمم الذي نعيشه .لذلك فإننا نلاحظ انه عندما عبّرت مدرسة فرانكفورت عن تشاؤمها العميق إزاء سيادة التنميط الفكري و الامتثالية في المجتمعات الحديثة، وإزاء انتشار آليات التكييف والتدجين الدقيقة، وتراكم تقنيات التلاعب بالعقول والسيطرة على الأجساد - هذه الآليات الماهرة التي تجعل القمع مستَبطناً والاستقالة لذيذة ومجالات الإبداع والانعتاق محدودة- فإنها أقرّت، رغم هذا التشخيص، بوجود استثناءات نادرة محصِّنة ضد هذه ״العبودية الاختيارية״ المَُعََمَّمة. وتتجسد بؤر المقاومة بالأساس، حسب هذه المدرسة النقدية، في فكرِ المثقف الحر و في فعل الفنان الأصيل.
يجسد المثقف إذن مناهضة الاستبداد و معاداته. وهو هذا ما يفسر محنته في عالمنا العربي أين يعاني المثقف في نفس الوقت من ظلم الراعي و من طغيان الرعية.
فقد عرف العالم نوعين من الاستبداد الاستبداد الشرقي و الاستبداد الشمولي.
الاستبداد الشرقي التقليدي هو السيادة التي تكاد تكون ملكية . هو أولوية الرغبة على القانون الثابت . هو تغليب العنصر الشخصي على المؤسسات . هو الالتذاذ الحيواني بالسلطة المطلقة و بالعنف السافر. أما الاستبداد الشمولي فهو يبتلع حرية النقد و الشك و حتى الخيال و الدعابة و يرمي إلى فرض رقابة كاملة على البشر.لذلك نراه يؤكد و يطالب بوحدانية الدين ٬ بوحدانية اللغة ٬ بوحدانية الأفكار و القناعات و المشاعر .و يؤدي هاجس الوحدة و التوحد إلى معاداة الكلمة الحرة و محاولة نفيها و في بعض الحالات إلى إبادة كل ما و من يهدد وهم التوحد و الذوبان و يكذب هذه الادعاءات الهلوسية .لماﺬا? لأنه يعرض المجموعة إلى الخطر٬ خطر الشك ٬ خطر زعزعة اليقينيات ٬خطر الانقسام و التجزؤ ٬ خطر التلوث. و الملاحظ أننا في عالمنا العربي و ضمن استثناءاتنا العديدة وغرائبنا و عجائبنا التي لا تكاد تحصى قد جمعنا بين هاذين الصنفين من التسلط. و حصيلة هذا الاستثناء العربي هو أن الراعي و الرعية على حد السواء يطالبان المفكر بنزع قيمة الحرية و النقد و تناسي الفردية في سبيل الانصهار في الجماعة –الأمة و يحولان المثقف إلى مجرد مرآة تعكس صورتهما المثالية والنرجسية و يروق لهما تأمل أمجداهم فيها.
و هذا ما جسدته أخيرا محنة الكاتبة التونسية رجاء بن سلامة التي كانت ضحية حملة متشنجة لأنها كتبت آراءها و قناعاتها بكل جرأة و صراحة.وتتمثل جريمة هذه الكاتبة في انتقاد سياسة الزعيم اللبناني حسن نصر الله و في الدفاع عن حق الفرد في أن يكون لادينيا و لاادريا أو ملحدا .و محنة رجا بن سلامة وما تعرضت إليه من خلال المقالات الهجومية و العدوانية ليست سوى فصل من فصول مسلسل التكفير و التذنيب و التأثيم التي طال كوكبة من الليبراليين التنويريين في عالمنا العربي من أمثال العفيف الأخضر و وشاكر النابلسي وسعيد الكحل وجمال البنا و نصر حامد أبو زيد و وجيهة الحويدر غيرهم من المفكرين الأحرار. ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | حرية التعبير المزعومة في أميركا تسقط داخل حرم ا


.. This Ukrainian building known locally as -Harry Potter castl




.. بلينكن: لمّ الشمل مع الأسرى في صميم ما نحاول القيام به


.. البيت الأبيض يدرس استقبال أهالي غزة كلاجئين| #الظهيرة




.. إسرائيل تعد منطقة آمنة في وسط غزة وتطالب اللاجئين في رفح بال