الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون في مدينة بيت لحم*

بلال عوض سلامة
محاضر وباحث اجتماعي

(Bilal Awad Salameh)

2023 / 7 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


سلامة، بلال عوض، و فردوس العيسة، ونبيلة الدقاق (2022). العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون في مدينة بيت لحم. مجلة دراسات في سيكولوجيا الانحراف، مجلد 7، ع. 1، 36-61.

ملخص :
هدفت الدارسة الحالية التعرف على ايجابيات وسلبيات القانون الفلسطيني للأحداث لعام 2016، وما هو أسباب العود لارتكاب مخالفات مع القانون من قبل الأطفال، وما هي الخريطة القانونية والاقتصادية والاجتماعية للأحداث للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، ومن اجل تحقيق هدف البحث قام فريق البحث بالاعتماد على المنهج التحليلي الكيفي والكمي، وتكونت عينة البحث من خمسين طفل من الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون عبر تحليل الاستبانة الاجتماعية والقانونية لمؤسسة اجتماعية اتعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون، وأيضاً إجراء مقابلات/مجموعة بؤرية مع الناشطين والحقوقيين في مجال حقوق للأطفال، وتوصل البحث الى أنه على الرغم من تبني السلطة الفلسطينية لقانون أحداث واعد، إلا ان نتائج البحث توصلت إلى وجود انتهاكات لحقوق الاطفال الذين هم على خلاف مع القانون في جميع مراحل العدالة الجنائية للأحداث، وكان من اهم أسباب العود: البنية الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية للأسر الفلسطينية المفككة، إلى جانب التأثير السلبي للأصدقاء، وأن الخلفية الاجتماعية للأطفال هم من ذوي الدخل المحدود، وهم أكثر من سكان البلدات القديمة والمخيمات الفلسطينية للاجئين.
الكلمات المفتاحية: (الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون؛ فلسطين؛ العدالة الجنائية للأحداث).

Summary:
The present study aimed to identify the pros and cons of the Palestinian Juvenile Law of 2016, and what are the reasons for recurring violations of the law by children, and what are the structural characteristics of children who are in conflict with the law. In order to achieve the goal of the study, the research team relied on the qualitative and quantitative approach, and the unit of interest consisted of analyzing the content of fifty social and legal questionnaires of Shorouq center for children who are in conflict with the law, and interviews / focus group with children and human rights activists, the results found that despite the adoption of Palestinian Authority new dimension and promising Low, however, the results showed violations in all stages of juvenile justice. One of the most important causes of repetition was the economic, social, and moral structure of dys--function--al Palestinian family, alongside the influence of friends, and that children with low incomes who are more than resident of old towns and Palestinian refugees camps.
Key words: )Children who are in conflict with low Palestine Juvenile Justice Law).

مقدمة:
تعد موضوعة العدالة الجنائية للأحداث من القضايا المهمة دراستها في المجتمع الفلسطيني، كإحدى الظواهر الاجتماعية التي من المفترض جذب انتباه المهتمين في الحقل الاجتماعي والإنساني، لما لها من أهمية، لتسليط الضوء على ظاهرة "انحراف الاحداث" والعدالة الجنائية في خضم سياق استعماري احلالي من جهة، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة في المجتمع الفلسطيني، والتي تتبنى توجهات نيوليبرالية في الاصلاحات الهيكلية، إلى جانب ضعف وترهل السلطة الفلسطينية وضعف أدائها القضائي والفساد الاداري.
وعليه، فإن المتتبع للسياق الفلسطيني يلاحظ انتشار ظاهرة العنف والجريمة "وانحراف الاحداث" في العقد الأخير بوتيرة متوالية هندسياً، وهو نتيجة للإرهاصات البنيوية الاجتصاسية(الاجتماعية والاقتصادية والسياسية) للمجتمع الفلسطيني، وتآكل في المنظومة الأخلاقية والقيمية للعقل الجمعي الفلسطيني كاستجابة للتغيرات الاقتصادية السريعة والسياسات النيوليبرالية المتبناة من قبل الحكومات الفلسطينية المتعاقبة.
فشهد عام 2008 تجسيد وتبني الرؤية النيوليبرالية في السياسات المالية والاقتصادية في المجتمع الفلسطيني؛ من الجباية والضرائب وضرائب القيمة المضافة، والخدمات المدفوعة الأجر مسبقاً ..الخ، وتخلي السلطة عن مسؤولياتها في العدالة الاجتماعية، على اعتبارها أنها دولة في طور التشكل، وتواجه أزمات بنيوية ومالية، أثرت على زيادة معدل البطالة بأنواعها المتعددة والفقر والفقر المدقع، والإضرار بالشرائح المهمشة والمقصاة في المدن والمخيمات الفلسطينية للاجئين والقرى الفلسطينية، وتزامن ذلك مع ازدياد في معدل الجريمة والعنف في المجتمع الفلسطيني، وكما سنوضح لاحقاً، نتيجة غياب العقل والتضامن الجمعيين.
ومن هنا، فإن البحث الحالي ينطلق من افتراض رئيس يقوم على أساس الربط بين تبني السياسات النيوليبرالة في المجتمع الفلسطيني وارتفاع ظاهرة انحراف الاحداث؛ ونقوم باستخدام مفهوم "الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، والمعتمد من قبل الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، والتي تؤكد على استخدام مصطلح "الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون" بدلاً من مصطلح "الأحداث أو انحراف الأحداث"، وهو مفهوم يشير الى أي شخص دون سن 18 سنة، يكون في خلاف مع القانون نتيجة للاشتباه به او ارتكابه جنحة، وذلك لتمييزهم عن البالغين(The United Nations Children’s Fund, 2006) ويؤكد المصطلح أيضاً على التمييز الإيجابي لهؤلاء الاطفال بصورة تضمن حقوقهم وكرامتهم وإنسانيتهم، حيث يواجه هؤلاء الأطفال حالة من غياب العدالة الجنائية إبتداءً؛ من عملية العدالة الجنائية للأحداث، ومروراً بأجهزة العدالة باختلاف أقسامها، وطرق التعامل معهم.

1. المنهجية وموضوعة البحث:
قام فريق البحث بالاعتماد على المنهج الوصفي الكمي والكيفي في استكشاف الأسباب البنيوية التي تقف وراء ازدياد ظاهرة الاطفال الذين هم على خلاف مع القانون، ومن أجل تحقيق هدف البحث فقد قام فريق البحث بالاعتماد على تحليل الاستبانة الاجتماعية والقانونية التي قامت بتعبئتها المؤسسة الاجتماعية التي تعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون في مدينة بيت لحم- فلسطين بين عامي 2017-2018 لـ 50 طفل في محافظة من بيت لحم، ضمن مجال اختصاصها من حيث تقديم الارشادات النفسية والاجتماعية والحماية القانونية لهم، وتضمنت الاستبانة معلومات ديموغرافية تتعلق بالطفل أو بالوضع الأسري، ومعلومات قانوينة، تتعلق بنوع التهمة، وسبب اقترافها، والانتهاكات القانوية بحقهم في سير عملية العدالة الجنائية للأحداث، ومعلومات اقتصادية تناولت الدخل والمصروف، إلى الاسباب التي دفعت الطفل للعمل، ومعلومات متعلقة بالجانب النفسي، كدافع ارتكاب الجنحة ووضع الطفل النفسي، وعوامل الخطر في بيئة الطفل.
وقام فريق البحث بإجراء ستة مقابلات فردية غير مقننة مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ممثلاً بـ(محامي المؤسسة، مسؤولة وحدة وحماية الطفل في مركز شرطة بيت لحم، الأخصائي الاجتماعي في المؤسسة الاجتماعية( ) التي تعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون ، وحقوقي من هيئة قانونية لحقوق الإنسان، الأخصائي اجتماعي في دار الأمل، والمرشدة الاجتماعية للفتيات) تناولت العدالة الجنائية وسيرها، الوساطة القانونية، وعوامل الخطر وراء أسباب العود، وأخيراً عوامل مساعدة لمنع العود إلى السجن مرة أخرى، وبعد الانتهاء من المقابلات الفردية قام فريق البحث بإجراء مجموعة بؤرية لهم لتعميق النقاش والتحليل من أجل تحقيق الإجابة على تساؤلات البحث.

2. تساؤلات البحث:
وينطلق البحث من تساؤلات عدة، أبرزها، ما هي ايجابيات وسلبيات القانون الفلسطيني للأحداث لعام 2016، وما هي الخريطة القانونية والاقتصادية والاجتماعية الذين هم على خلاف مع القانون، وما هو أسباب العود لارتكاب مخالفات مع القانون من قبل الأطفال، وحتى نجيب على التساؤلات السابقة سنقوم بمعالجتها ضمن المحاور التالية:

3. العدالة الجنائية للأحداث في السياق الفلسطيني:
على الرغم مما تختبره القضية الفلسطينية من حالة استعمار احلالي يعيق البنى القانونية والاجتماعية والاقتصادية لتطور المجتمع الفلسطيني كما هو حال الدول الأخرى، كبنية معادية لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره، إلا ان اتفاقية أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاستعمار الإحلالي"الاسرائيلي" اتاحت مجالاً ما للشعب الفلسطيني لإدارة شؤونه الاقتصادية والاجتماعية والقضائية، وإن كانت بصورة منقوصة السيادة، ومحكومة بسياسات وقوانين الاستعمار، فإنه من الصعوبة الحديث عن العدالة الجنائية أو عدالة الأحداث ما قبل تشكل السلطة، لأن من مهام الدول اصدار القوانين وتعديلها أو حتى حذفها.
فتطورت ونمت الأجهزة المدنية والعسكرية والقضائية للسلطة الفلسطينية بصورة مشوهة، نظراً لتشكلها ضمن معيقات وشروط الاستعمار وسياساته، مما ترك أثره على بنية المجتمع الفلسطيني الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وعلى الرغم مما سبق، عملت السلطة الفلسطينية على سن قوانين وتطوير سياسات لإدارة شؤونهم الاقتصادية والقانونية والاجتماعية والجنائية لكافة الشرائح الاجتماعية والعمرية، ومنها شريحة الأطفال.
ففي الجانب القانوني والقضائي، ورثت السلطة تركة من القوانين البريطانية والاستعمار"الإسرائيلي" والأنطمة الأردنية والمصرية القديمة، وعملت السلطة الفلسطينية على تطبيقها بالرغم من عدم مراعاتها خصائص واحتياجات المجتمع الفلسطيني، وتخلف تلك القوانين وعدم مجاراتها للتطورات والأزمات المتلاحقة، فعملت السلطة الفلسطينية على سن القوانين والتشريعات؛ ففي عام 2002 تم المصادقة على القانون الأساسي وقانون السلطة القضائية، الأمر الذي وحد التشريعات في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم اصدار قانون الطفل الفلسطيني عام 2004، والذي تم تعديله عام 2012، ومن ثم تم إقرار قانون عدالة الاحداث لعام 2016، والذي اختبر قفزة نوعية في سبيل حماية الطفل، وخصوصاً الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، الذي يوفر لهم القانون العدالة الجنائية والإنسانية وحمايتهم وصيانة كرامتهم، والعمل على اصلاحهم وإعادة ادماجهم في المجتمع الفلسطيني.
وبهذا يتمتع القانون الفلسطيني المتعلق بالأطفال والأحداث الذين هم على خلاف مع القانون بحماية واشراف ورقابة قانونية تضمن لهم العدالة الجنائية على الأقل بصورة نظرية، لأن العدالة الجنائية والتيّقن من تطبيقها لا تكتفي بالقوانين فحسب وإنما من خلال الممارسات والتطبيقات.
فالعدالة الاجتماعية للأحداث حسب حسنين(‏2003: 28) "ترتبط بعملية العدالة (تبدأ منذ لحظة الاعتقال والتحقيق والمحاكمة ... الخ) ومن ثم أجهزة العدالة الجنائية الذي يركز على العلاقات الداخلية بين أجهزة العدالة (الشرطة، النيابة والقضاء ومراكز الإصلاح والسجون)"، والمؤسسات الاجتماعية والحقوقية، وحتى رجال الإصلاح والعشائر، والذي أتاح قانون عدالة الاحداث لعام 2016 مجالاً لوساطة رجال العشائر والإصلاح للوساطة ).)
تركز الاتجاهات الحديثة لدراسة الجريمة والانحراف على كافة العناصر والمؤسسات التي تنخرط في عملية العدالة الجنائية(هلال، 2003)، ومن هنا يركز البحث الحالي على دراسة الاتجاهات الحديثة المنخرطة في عملية العدالة الجنائية في فلسطين المتعلقة بالأحداث، منها (جهاز الشرطة، القضاء، النيابة، القضاء، مرشد الحماية والرعاية، دور الإيواء ومراكز الاحداث، رجال العشائر والقانون، والمؤسسات الحقوقية) من أجل فهم أوسع وأشمل لمفهوم العدالة الجنائية في فلسطين.
فالتركيز ليس على القوانين والإجراءات والسياسات المتبعة فحسب، فهي حسب رأي الحقوقي (ع) :"هنالك محاولات جيدة فيما يتعلق بالأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، ولكن لا يوجد دور احتجاز مهيئة للأطفال، وتضمن حقوقهم وكرامتهم"، فيرتبط الأمر بجاهزية عملية العدالة وأجهزتها ببنيتها التحتية والفوقية للتعامل مع الأحداث بصورة تضمن حقوقهم وكرامتهم وانسانيتهم، ويرتبط أيضاً بلحظة الاستدعاء وطريقته، والتي في كثير من الأحيان تنتهك فيه شروط تحقيق العدالة الجنائية للأحداث كما سنقوم بتوضيحه لاحقاً في نتائج البحث.
إلى جانب ما سبق؛ القدرة الاستيعابية لأجهزة العدالة والتجهيزات المعدة لاستقبال الأحداث في مراكز التوقيف، والنظارة، والطواقم المتخصصة؛ كانت شُرطية أو مدنية، التي تقدم الخدمات الاجتماعية والنفسية، وتأهيل الكادر للتعامل مع شريحة الأطفال، إضافة إلى عدم وجود تخصصية لدى الشرطة الفلسطينية للتعامل مع الاحداث، "فقد تم تعيين شرطي كان يعمل في المباحث في مجال مكافحة المخدرات ليعمل على متابعة ضحايا الأطفال، وبعد مدة تم نقله إلى محافظة أخرى، مما يؤثر بالضرورة على عدم استقرار وتراكم الخبرة وتطبيق القوانين، من كثرة التنقلات لأفراد الشرطة، هذا من جانب ومن جانب آخر، على الرغم من أن قانون الأحداث أحال مهمة التحقيق مع الأطفال للشرطة وبوجود محامي أو ولي الأمر للطفل الحدث، إلا أن هنالك خروقات كثيرة، فيشير المحامي (م) :"على الرغم من أن قانون الأحداث قد منع المباحث من التحقيق مع الحدث إلا انهم يقوموا بذلك،...، ومرات عديدة بغياب المحامي أو مرشدة الحماية".
وفيما يتعلق بالمؤسسات الاجتماعية بدور ومراكز الرعاية، أو بمقدمي الخدمات الاجتماعية والنفسية، فإن الأبنية ونوعية الخدمات فيها غير جاهزة للتعامل مع التحديات التي يفرضها العمل مع الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، أبرزها العلاج النفسي وتعديل السلوك لهم( )، إلى جانب النقص في البرامج المهنية والتأهيلية لإعادة ادماج الطفل مع مجتمعه ومع محيطه الاجتماعي.

4. الخريطة القانونية والاقتصادية والاجتماعية للأحداث:
في هذا المدخل سيقوم فريق البحث برسم خريطة سوسيوقانونية للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، وذلك بإستخراج الاستجابات وتكميمها لأسئلة الاستبانة الاجتماعية والقانونية للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، والتي قامت بجمعها وتعبئتها المؤسسة الاجتماعيةالتي تعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون في عام 2017-2018، من أجل فهم سوسيولوجي للخريطة البنيوية التي ينتمي لها هؤلاء الأطفال.
تحتوي الإستبانة على عدة محاور، منها القانونية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية كما تم توضيحها سابقاً، وبما ان البحث الحالي يركز على العدالة الجنائية للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، سنقوم بمعالجة المحور القانوني بالبدء:

4. 1. المحور السوسيوقانوني:
تشير نتائج تحليل الإستبانات إلى وجود 50 طفل في عام 2017-2018 الذين هم على خلاف مع القانون حسب استبانة الوضع الاجتماعي والقانوني وفقاً لسجلات المؤسسة الاجتماعية التي تعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون ، فبعد تكميم الإجابات تبين أن (94.10%) من الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون هم أكبر من (14) سنة، في مقابل (5.9%) أقل من (13) سنة، ويعد هذا انتهاك صارخ للعدالة الجنائية للأطفال، حيث ان (طفلين من أصل 50 طفل) تم اعتقالهم وهم أقل من (12) سنة وقت إجراء المسح الاجتماعي والقانوني لهم عام 2017-2018، وهو بذلك ينتهك المادة الـ (5) من قانون الأحداث الذي ينص على "أن لا يسأل (الطفل الذي) من لم يتم الثانية عشرة من عمره وقت ارتكابه فعلاً مجرماً"، والذي من المفترض أن يتم تحويله إلى مرشدة حماية الطفولة لمتابعته ان استدعت الحالة.
وعن نسبة العود من هؤلاء الأطفال إلى السجن مرة أخرى، فقد أشارت النسب إلى (أن 10.50%) قد سبق وأن تم توقيفهم لدى الشرطة، في مقابل (89.50%) منهم لم يتم توقيفهم بالسابق، وأربعة منهم فقط تم الحكم عليهم أكثر من مرة، واحد منهم سجن لمرة واحدة، واثنين منهم سجنا لمرتين، وواحد منهم سجن لثلاث مرات، وبهذا يكون (8%) من الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون قد عاد لأكثر من مرة، وفيما يتعلق بنسبة العود يجيب الضابط (س.ز) بـ:"أن نسبة العود تكاد تكون معدومة" وينسجم ذلك مع رأي الحقوقي (ع)، على أن "نسبة الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون قليلة ونسبة العود تكاد تكون معدومة"، في حين يشير الأخصائي (أ) بأن :ـ" هنالك نسبة عود لبعض الأطفال، وهنالك أيضاً وصمة لبعض الأطفال أو عائلاتهم في المخيم أو مراكز المدن القديمة في محافظة بيت لحم" حيث يتم التعامل معهم بطريقة تختلف عن الأطفال الآخرين، وبصورة لا تراعي حقوقهم وكرامتهم.
وعلى اعتبار أن الإنحراف ظاهرة نسبية كما انطلقنا في البداية، لأنها تخضع لقواعد وتعريف الجماعة، فقد تلصق بالفرد صفات وسمات اجتماعية، باعتباره خالف قواعد الجماعة(السليماني وآخرين، 2016: 113)، فالوصمة الاجتماعية للمنحرفين هي أقرب الى وجود وصمة عار مرتبطة أولاً بالعائلة ومن ثم الفرد ثانياً، خصوصاً عند حديثنا عن الأطفال الذين ينشأوون في بيئة اجتماعية واقتصادية هشة وخطرة، والوصم هنا في السياق الفلسطيني يبدأ مع الأُسر المنحرفة عن النسق القيمي والأخلاقي المحيط بها، ويوسم أبناءهم بها، وهنا تكمن خطورة استبطان تلك الصفات بصورة سلبية نتيجة رد الفعل المجتمعي تجاههم، فيقود إلى تقوية السلوك الإنحرافي وليس إلى اختزاله، أما القيام بزجهم في السجن: "فيعمل على إفرازهم كمجرمين وليس اصلاحهم"( السليماني وآخرين، 2016: 114‏)، فيؤكد الحقوقي(ع): "أن المنظومة القانونية للسلطة ملتزمة على الصعيد القانوني وعلى صعيد الإجراءات بالعدالة الجنائية"ولكن "لا يوجد دور احتجاز تراعي الكرامة...ودور الاحتجاز غير مهيأة وغير ملائمة، حيث تستوعب أحداث وبالغين، فقد تم إنشاء غرف لتستوعب (25)سجين، يوضع بها (92) سجين"، فاختلاط الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون مع سجناء آخرين بالغين، يتعارض مع العدالة الجنائية، وبالضرورة يؤثر عليهم، وتعد هذه بيئة خصبة لعودة الأطفال لإرتكاب جرائم أخرى، والأخطر أنه من الممكن تعرضهم لخطورة الاعتداء من قبل البالغين في السجون.
إن خطورة الوصم كإشارة للرفض المجتمعي لهؤلاء تكمن في استمراريتها عبر الأجيال فتلحق بالفرد وبعائلته كعقوبة مجتمعية عليهم، مما يساهم أكثر في عزلتهم واغترابهم وعدم انتماءهم للمجتمع، هذا من جانب، ومن جانب آخر يتم بالعادة الوصم لعائلات ضعيفة وفقيرة وليس لعائلات قوية أو غنية، وتحصيل حاصل على أبنائهم، فيذكر الاخصائي الاجتماعي (أ.ع):"أن الكثير من الحالات لأطفال على خلاف مع القانون تم حلها قبل وصولها للمحكمة، ويرجع ذلك إلى نفوذ عائلات الاطفال" من حيث الوظيفة أو المكانة الاجتماعية أو وضعهم الطبقي، وهنا تنتهك العدالة الجنائية للأطفال، التي يستفيد منها العائلات القوية فقط في حين يتم حرمانها لأبناء الطبقة الفقيرة.
ومن جانب آخر، تشكل المدرسة الحيز العام الذي يمارس فيه الوصمة الاجتماعية على الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، فالإستجابة الاجتماعية لوسم الأطفال بالمجرمين أو مفتعلي المشاكل في المدرسة تؤثر على عملية إعادة اندماج الطفل في محيطه الاجتماعي، ويعكس مدى عدم تقبل هذا الحيز لوجوده أو التفاعل معه من قبل الزملاء أو الأساتذة، يدفع بهؤلاء الأطفال للانعزال أو البحث عن أصدقاء لهم نفس التجربة، أو في كثير من الأحيان يدفعهم إلى ترك المدرسة، لأنها لم تعد تشكل المكان الذي بمقدور الطفل التكييف معه، وبهذا يدفع الطفل للبحث عن أطفال آخرين يعانون من نفس الوسم والوصم الاجتماعي، وبالتالي تلعب وتشجع الوصمة في المدرسة وفي المجتمع على بلورة شلل أصدقاء ذي خلفية موصومة اجتماعية، قد تتطور إلى لبنة أساسية للسلوك الإجرامي والإنحرافي.
إلى جانب الوصمة لأسباب العود، تقف غياب الرقابة الاجتماعية للعائلات على أبنائهم وهشاشتها خصوصاً لدى تلك العائلات التي تشكل بيئة اجتماعية خطرة على أبنائهم، تقول المرشدة (ل. ع): أن "تفكك الاسرة والطلاق وخلافات في الاسرة... وإدمان أحد افراد الأسرة والبيئة الأسرية غير المستقرة" كلها عوامل خطر تدفع بالأطفال للعود مرة أخرى إلى السجون أو دار/مراكز الرعاية، وهذا ما ينسجم على حالة الطفلة (هـ)، فالأب متوفى نتيجة تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات، والأم والأخت لهن علاقات جنسية متعددة، والجدة ترفض استقبالها، وهنا افتقاد هذه الطفلة وأطفال آخرين لعوائل سليمة وبيئة اجتماعية حاضنة ومستقرة تقف عائقاً أمام إعادة اندماج الأطفال مرة أخرى في المجتمع.
وفيما يتعلق بالتهمة، فتشير نتائج التحليل إلى (22.90%) من الأطفال كانت تهمتهم تعد كجناية، في مقابل (77.10%) من الأطفال كانت كجنحة، أما بخصوص نوع التهم التي وجهت لهم، فهي كما يوضحها الرسم البياني رقم (2).
رسم بياني رقم (2). يوضح بالنسب نوع التهم.

تشير النسب في الرسم البياني رقم (2) أن تهمتي الإيذاء والمشاجرة كانتا من أعلى النسب على التوالي(23.30% و17%) للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، في حين ان تهم: التحرش، والحيازة والتعاطي، وأفعال مخلة بالآداب، وحيازة أسلحة سجلت أقل التهم بواقع (2.32%) لكل تهمة، فإذا نظرنا للرسم البياني السابق تعد أكثر تهمة تم اقترافها كانت تهمة الإيذاء والمشاجرة، فيوضح الحقوقي (ع) " بأن أسباب "الجريمة" وقتية (لحظية)، مشكلة وبعدها رد فعل"، بمعنى أن طبيعة المشكلات التي تم اتهام الأطفال بها كانت نتيجة عن المشكلات التي تنشأ بين الأطفال بالغالبية العظمى، أو من الممكن أن تكون بين العائلات فيتم الزج بالأطفال في المشكلة، خصوصاً في بيئة مولدة للعنف.
إضافة لما سبق ذكره، وجود بعد التهم الكيدية، فالقانون الفلسطيني يؤكد على أهمية وجود شكوى وشهود ضد الشخص ليتم إتخاذ إجراءات قانونية بحقه وفي كثير من الأحيان لا يتم التأكد من مصداقية الشكوى، هذا من جانب ومن جانب آخر، تميل أجهزة العدل القضائية في المشاكل اليومية للفلسطيني إلى تشجيع القانون العشائري في فض النزاعات، أو سحب القضية من المحكمة في حال تم التصالح بين الطرفين، مع جلب صك عشائري(اتفاقية بين العشائر/ العائلات المتنازعة) يفضي بحل المشكلة.
على الرغم من أهمية العرف العشائري في تحقيق السلم الاجتماعي في الظروف السياسية التي يواجهها المجتمع الفلسطيني وانصاف المظلومين، وفي ظل غياب تطبيق القانون المدني من قبل السلطة الفلسطينية، وتأكيد العرف العشائري على المصالحة المجتمعية بين العائليتين في مجتمع عشائري وقبلي، وهذا ما لا يفعله القانون المدني، إلا ان سلبياته متعددة من أبرزها؛ تكون الحلول في بعض الأحيان لصالح العائلات القوية والغنية في المجتمع الفلسطيني على حساب وحقوق الشرائح المظلومة والفقيرة للعائلات الصغيرة، ومن جانب آخر، خلق حالة من الإستهتار لدى بعض الأفراد والعائلات بافتعال المشاكل على أرضية أن العرف العشائري يميل إلى المهادنة والتقريب من وجهات النظر حتى لو لم يتم اعطاء المظلوم حقه بالكامل، فيقول القول الساخر في المجتمع الفلسطيني "راسماله فنجان قهوة" كإشارة الى الصلح بين العائلات المتشاجرة لشرب القهوة والتصالح، وكثير من حالات هتك العرض لأطفال من قبل أطفال صغار أو بالغين حلت بدفع مبلغ مادي وقدره "3000" دينار أردني، وعدم المضي في الإجراءات القانونية.
أما التهمة الثالثة للأطفال من حيث الترتيب وهي السرقة فكانت بنسبة (16.8%) وهي تعد ثالث جريمة في المجتمع الفلسطيني بشكل عام، بعد الاعتداء والايذاء/ الأخلاقي لعام 2017، وهذه النسب متشابهة بين الأطفال والبالغين، ونستطيع القول ان هنالك عدوى التأثير للجريمة والإنحراف من الكبار إلى الصغار، أو البيئة الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بهم.
وبخصوص طريقة القبض على الأطفال او إخضاعهم للقانون، فقد أشارت النتائج إلى أن (50%) من الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون تم القبض عليهم من خلال مذكرة إحضار، وبنسبة (25%) منهم تم القبض عليهم في الشارع، و(12.5%) منهم القبض عليهم متلبسين، و(4.17%) من الأطفال تم إحضارهم إلى مركز الشرطة من خلال اتصال هاتفي معه أو مع والده أو مع القوى الوطنية، وأخيراً تم القبض على الاطفال بنسبة ( 4.17%) من المستشفيات.
وإجراءات العدالة مع هؤلاء الأطفال المتعلقة بالاستجواب، فقد أشارت نتائج البحث، إلى أن (41.40%) من الأطفال كان الإستجواب لهم بحضور محامي، و(34.5%) منهم كان بحضور مرشدة حماية الطفولة، وأخيراً (24.10%) منهم كانت بحضور ولي الأمر. هذا فيما يتعلق بالإستجواب، وبخصوص مكان التوقيف، فقد تم توقيف الأطفال بما نسبته (72.20%) في نظارة/مركز شرطي غير مختص، و(22.20%) منهم تم توقيفهم في نظارة- سجن غير مركزي، و(5.6%) منهم من تم توقيفه في مركز إصلاح.
تشير النتائج السابقة إلى غياب العدالة الجنائية للأحداث من ناحية المحك التطبيقي لها والممارسات القانونية، فحسب المقابلات التي أجراها فريق البحث، ونتائج التحليل للإستبانة القانونية والاجتماعية، نستطيع القول: أن فهم أجهزة العدالة وخاصة الشرطية منها لمفهوم عدالة الاحداث من الناحية العملية يتناقض مع الناحية النظرية، فالهدف الرئيسي للشرطة هو السيطرة الاجتماعية واستتباب الأمن الذي يكون المحرك والفلسفة التي تحكم شروط عمله، فينظر إلى الطفل الحدث على إعتباره خطر و"مجرم"، وما هي الطريقة المثلى لإبعاده لحماية المجتمع منه، خصوصاً مع الحالات التي تكرر وإن عادت إلى السجن بصورة متكررة وعليها وصمة اجتماعية، وهي نمطية تتناقض مع روح العدالة الجنائية للأحداث، في حين أن المؤسسات الحقوقية والاجتماعية والقانونية والتي تعمل مع الأطفال وليست مرتبطة بأجهزة العدالة الرسمية، فإنها تعلي من شأن المصلحة الفضلى للطفل، ووجهت إنتقادات لعملية العدالة الاجتماعية وسيرها كما أوضحنا سابقاً.
كثيرة هي الحالات التي تمت بدون حضور المحامي أو مرشدة حماية الطفولة أو ولي أمره، وبخصوص هذه النقطة، يشير الشرطي (س. ز) أن المادة (18) من قانون الاحداث لعام 2016" تتحدث عن إعلام الأهل والمحامي وليس من الضروري أو الملزم أن يكونوا موجودين "، وبالعودة إلى المادة( 18) من قانون الاحداث لعام 2016، فإنها تنص بشكل واضح على ما يأتي :" 1.في حال القبض على الحدث في حالة التلبس، يتم تسليمه فوراً لشرطة الأحداث. 2. على شرطة الأحداث إعلام متولي أمره ومرشد حماية الطفولة فور القبض عليه أو تسلمه وفقاً للفقرة السابقة. " وتضيف المادة (19) من القانون" لا يجري استجواب الحدث إلا بحضور مرشد حماية الطفولة ومتولي أمره ومحاميه، ويجوز إجراء التحقيق دون حضور متولي أمره إذا اقتضت مصلحة الطفل الفضلى أو ظروف الدعوى ذلك"، فحسب القانون والنصوص الواضحة والجلية تنص على أنه: لا يجوز التحقيق بدون المحامي أو مرشد الحماية، أما بخصوص تواجد الوالد أو عدمه، فإنه فقط أذا اقتضت مصلحة الطفل يجوز أن تكون بدونه، وبهذا نلاحظ قراءة وفهم القانون تتناقض مع القانون الأساسي في الممارسات اليومية للجهاز الشرطي.
وأخيراً في المحور القانوني، موضوعة الوساطة وقانون الأحداث لعام 2016، فكما قلنا، أن قانون الأحداث الفلسطيني اختبر قفزة نوعية في مجال المصلحة الفضلى للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، ولكن هنالك بعض الانتقادات والثغرات القانونية فيه، وقد تنتهك حقوق وكرامة الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، خصوصاً في الجانب التطبيقي، وسنعالج ذلك من خلال الابعاد التالية:

4. 1.1. الوساطة؛ سلطة الضبط الاجتماعي غير الرسمي: إيجابيات وثغرات.
تعد الوساطة من الآليات المستحدثة في قانون الأحداث الفلسطيني لعام 2016، وقد تعد من بدائل السجن للأحداث، التي تعطي مجالاً لإنهاء النزاع بين الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون بطريقة ودية وتحافظ على حقوقهم وكرامتهم، وتعمل على إعادة اندماجهم في المجتمع الفلسطيني بطريقة سوية، وذلك حسب المادة (23) من القانون، وهو ما يتشابه كثيراً مع الكثير من البلدان العربية وغير العربية(جبارين، ‏15/9/2017)، ولكن على خلاف بعض الدول العربية مثل دولة الجزائر، والذي أناط الوساطة إلى النيابة والشرطة القضائية(مسعود، ‏30/1/ 2018‏)، فقد أتاح القانون الفلسطيني مجالاً لرجال الإصلاح والعشائر إلى جانب النيابة والمحامي، للتوسط بين الجاني الحدث والضحية والتي تعد نقطة إيجابية تحسب لصالح قانون الأحداث، والتي يترتب عليه سقوط الدعوة الجزائية حسب الفقرة الرابعة (4) "يترتب على تنفيذ اتفاق الوساطة انقضاء الدعوى الجزائية "، وتكون تحت إشراف النيابة.
إن اتاحة المجال للوساطة الاجتماعية لرجال الإصلاح تحمل بأبعادها مؤشرين، الأول؛ محاولة تقديم بدائل للاحتجاز، وهي خطوة جيدة في سبيل إعادة اندماج الحدث وتحقيق السلم المجتمعي، والثاني؛ إتاحة وفتح المجال لسلطة الضبط الاجتماعي غير الرسمية ممثلة بالعرف العشائري دور محوري وأساسي، وعلى الرغم من أن هاتين الإيجابيتين في موضوعة الوساطة، إلا أنه من الممكن استغلالها وتطبيقها بطريقة لا تحقق العدالة الاجتماعية المثلى للطفل، فيشير المحامي (م.ج):" إلى أن القانون على الرغم من إعطاء خصوصية وحقوق أكثر للطفل قبل التوقيف" إلا أنه من المفترض أن "تكون الشرطة هي المخولة بالكفالة بالوساطة وليست النيابة، التي يفترض أن يكون دورها كمراقب"، وهو أمر يضمن ويحافظ أكثر على السرية والكرامة للطفل، حيث أن شرطة الأطفال لا يوجد لها صلاحية في ذلك.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، على الرغم من أن القانون أعطى مجال لوسائل الضبط الاجتماعي غير الرسمية للمجتمع ممثل: برجال الإصلاح والعرف العشائري والقوى الوطنية وهو ما يتسق أكثر مع البنية العشائرية للمجتمع الفلسطيني، خصوصاً أن السلطة غير قادرة على فرض وتطبيق القانون لإعتبارات عدة، إلا أن بذلك مخاطرة، إذا ما تم استخدامه واستغلاله بصورة سلبية، كما سبق وبينا إشكاليات العرف العشائري، فيضيف الأخصائي (أ) :"الكثير من حالات الاغتصاب وهتك العرض التي تدخل بها رجال الإصلاح تم تحويلها إلى شجار"، وفي بعض ممارسة رجال الإصلاح تكريس للامساواة الجنوسية، حيث يتم التبليغ عن اسم الفتاة، في حين يبقى اسم الشاب سرياً، وكثير من الحالات بحاجة لمتابعة وتدخل نفسي واجتماعي، لا يتم التبليغ عنهم للمراكز الاجتماعية المختصة، حيث أن رجل الإصلاح هو من يقوم "بتعبئة الاستبانة الاجتماعية والقانونية للحدث دون معرفة الحدث"، وهنا نرى أن القانون الفلسطيني للأحداث أعطى مجالاً ونفوذاً لسلطة العشائر والإصلاح، ولم يعطيها بالقدر الكافي للمؤسسات الاجتماعية التي تعمل وتهتم في مجال العدالة الجنائية للأحداث.

4. 2.1. قانون الاحداث الفلسطيني لعام 2016:
راعى قانون الاحداث الفلسطيني لعام 2016 القوانين المحلية والإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال والتي تضمن الحفاظ على كرامتهم وتحقق العدالة الجنائية للأطفال، وأصبح القانون نافذاً بتاريخ (28/3/2016)، وفيما يتعلق بإيجابيات وسلبيات القانون حسب نقاش المجموعة البؤرية( ) ومراجعة نقدية لقانون الأحداث الفلسطيني لعام 2016، فنستطيع تبويبها كما يأتي.
أولاً:الإيجابيات:
● ملاءمة قانون الأحداث الفلسطيني المعايير والتشريعات والقوانين المحلية والعالمية التي تضمن حقوق الطفل الفضلى.
● لم يعد النظر للأطفال في خلاف مع القانون على أنهم جناة وإنما على أنهم ضحايا.
● الفصل بين الأحداث والبالغين في المحاكم.
● تخصيص أجهزة عدالة رسمية منفصلة مثل (شرطة الأحداث ونيابة الأحداث وقاضي الأحداث)
● الوساطة كبديل عن الاحتجاز.
ثانياً: السلبيات:
● نقص في عدد الكادر المختص من جهة، والمهارات المطلوبة من جهة أخرى سواء في أجهزة العدالة الجنائية (الشرطة، القضاة، النيابة، دور الرعاية).
● عدم وجود قناعة لدى بعض أفراد الشرطة القائمين على القانون بأن الأطفال هم ضحية بيئة اجتماعية واقتصادية هشة.
● التوقيف الاحتياطي للأطفال وهذا ما يتعارض مع قانون الطفل الفلسطيني.
● لا يوجد بدائل عملية للاحتجاز ولا للتدابير الجزائية.

4. 2. المحور السوسيواقتصادي:
ننتقل في هذا المحور لمناقشة وتحليل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، ويعد هذا المحور مكملاً للأبعاد الاقتصادية التحليلية التي تؤثر على انحراف الأحداث والجريمة في المجتمع الفلسطيني كما تمت الإشارة إليه مسبقاً، وقبل العروج على تحليل نتائج الإستبيان وتحليلها، من المهم التأكيد على أن أسباب الجريمة والانحراف للأطفال الذين هم في خلاف مع القانون ليست اقتصادية فحسب، وإنما نتيجة عوامل بنيوية اجتماعية وأخلاقية وثقافية واقتصادية، يشكل الفقر عنصر حيوي ولكنه ليس أساسي في فهم العوامل التي تقف خلف انحراف الأطفال.
نورد هنا بعض استنتاجات المسوح الاجتماعية السابقة في السياق الفلسطيني، فتشير احصائيات حديثة إلى أن نسبة الفقر بازدياد شديد في المجتمع الفلسطيني(الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ب.2018‏)، وتبين أيضاً وجود علاقة طردية بين الفقر وعدد الأبناء، بحيث كلما زاد عدد الأبناء زادت نسبة الفقر، وأن ارتفاع نسبة الفقر لدى الأُسر التي ترأسها الأنثى تكون أعلى وبنسبة (32.9%)، ويعد معدل الفقر أعلى بكثير في حال رب الاسرة لا يعمل أو يعمل بشكل مؤقت، وأن الأفراد الذين ينتمون إلى أُسر فلسطينية لاجئة هم أكثر عرضة للفقر، وتشير نتائج مسوح أخرى حديثة نسبياً إلى إرتفاع مؤشر اللامساواة، وانخفاض معدل الاستهلاك في المجتمع الفلسطيني، وأن استهلاك الأغنياء يفوق خمسة أضعاف فأكثر استهلاك الفقراء، وأن انتشار معدل الفقر في الأسر التي تعتمد على الزراعة كمصدر عيشها يصل إلى (32%)( الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني،2011: 20)
تُلخص هذه الإحصائيات السابقة حالة الفقر وانتشاره في المجتمع الفلسطيني، وعوامل تفاقمه، وهذه المؤشرات مرشحة بالزيادة في حال استمرت السلطة الفلسطينية باعتمادها السياسات النيوليبرالية في سياساتها وأدائها وقوانينها المالية والاقتصادية والاجتماعية، بتزامن مع انخفاض التوزيع العادل للثروات والخدمات الاجتماعية للطبقات المقصاة والمهمشة في المجتمع الفلسطيني.
ننتقل الآن لعرض نتائج البحث الحالي، فتشير النتائج إلى أن ما نسبته (28.94%) من الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون من سكان المخيمات الفلسطينية للاجئين، وما نسبته(31.57%) من سكان القرى، وما نسبته (39.47%) من سكان المدن، خصوصاً البلدة القديمة في المدن الثلاثة في محافظة(بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور)، وأن الوضع الاقتصادي لأسرة الأطفال حسب تقييم الأخصائي الاجتماعي في المؤسسة اجتماعية التي تعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون ، فقد تم تقييمها على أن ما نسبته (52.9%) وضعهم الاقتصادي متوسط، وأن (26.5%) من الأطفال وضعهم الاقتصادي مرتفع، وأن ما نسبته (20.6%) منهم وضعهم الاقتصادي منخفض، وبخصوص عدد أفراد الأسرة، كان عدد أفراد الأسرة أقل من (5) أفراد بما نسبته (17.94%)، في مقابل (82.05%) أكثر من (6 )أفراد بالأسرة، ويعاني أحد أفراد الأسرة من مشاكل صحية أو إعاقة بما نسبته (12.90%)، ومن حيث وضع السكن، فيوضح المسح إلى أن ما نسبته(82.35%) من الأطفال يسكنون في بيت ملك، وما نسبته(11.76%) في يسكنون في بيت مستأجر، و(5.88%) منهم يسكنون في منزل هو ملك لأقاربهم.
تزودنا المؤشرات الإحصائية السابقة بالأوضاع السوسيواقتصادية لخلفيات الأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، ومن المهم التأكيد على أنه لا يمكن فهم المؤشر الاقتصادي لوحده، لعجزه عن إعطاء صورة متكاملة بمعزل عن البعد الاجتماعي والثقافي، فلو افترضنا أن عائلة متوسطة دخلها 1000 دينار أردني، فهو متوسط دخل جيد في السياق الفلسطيني لعائلة مكونة من أربعة أفراد، لكن، ولأننا نعرف أن متوسط حجم الاسرة الفلسطينية هو(5.1) أفراد للعائلة الفلسطينية لعام 2017(الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2019: 8‏)، فيصبح هذا الدخل منخفض جداً، فلا يكفي أسرة مكونة ستة أفراد فأكثر، ناهيكم أن هنالك متغيرات أخرى تؤثر على الطفل غير أسرته، رغم أهميتها، هذا من جانب ومن جانب آخر، اعتمد الاخصائي الاجتماعي في المؤسسة الاجتماعية التي تعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون على تصور ذاتي في تصنيف الوضع الاقتصادي للأسر.
نذكر هنا مثالين للتأكيد عما سبق، عائلة تسكن في مخيم ومكونة من ستة أشخاص، الأب يعمل حلاق، بدخل شهري جيد جيداً، وسمعة الأسرة ومكانتها الاجتماعية ممتازة، ولكن لديهم طفل على خلاف مع القانون، وملامح وجه تشير إلى علامات الشجار والمشاكل التي خاضها، ولديه أخ أكبر اجتماعي ومحبوب من قبل محيطه، وتم اعتقال الطفل من قبل السلطة لارتكابه سلوك يتعارض مع القانون، وبعد خروجه بفترة وجيزة، تم اعتقاله من قبل الاستعمار "الإسرائيلي"، ومثال آخر؛ عائلة فقيرة جداً، وسمعة الأسرة ممتازة، وعدد أفرادها مكون من ستة أشخاص، يعمل رب الأسرة ببيع الملابس المستخدمة بمدينة بيت لحم، وأخوته جامعيين، أما الطفل فهو متسرب من المدرسة، ولديه أصدقاء معروفين بالسرقة، وواحد منهم عليه قضايا جنسية ومثلية، فقاموا باستئجار بيت لممارسه الجنس مع فتاة، وتم القبص عليهم بقضية دعارة.
يؤكد المثالان السابقان بصورة جازمة أنه؛ لا نستطيع أن نتكأ فقط على المؤشرات الاقتصادية رغم أهميتها لأنها غير قادرة على إعطاء تصور عن البيئة الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، ولكن كما لاحظنا، فقد لعب متغير واحد الدور الأكبر والأهم في انحراف الطفل في الأسرتين السابقتين برغم اختلاف وضعهم الطبقي أن جاز القول، وهو وجود علاقة مع أصدقاء هم على خلاف مع القانون، قد أدى إلى انحرافهم.
فكما نعلم أن أصدقاء الحي/ الحارة/المدرسة في المدينة او المخيم او القرية الفلسطينية لهم التأثير الموازي للأسرة إن لم يكن يفوقه، ويرجع ذلك إلى الفترة الزمنية التي يقضيها الطفل مع أصدقاءه وتأثره بهم وبمسلكياتهم الجمعية بل وتوجهاتهم الحياتية، ولذا إذا افترضنا أن المنظومة القيمية والأخلاقية للأسرة جيدة، فإنها تلعب دور في توجيه أطفالهم لتلك القيم التي تتبناها، وإذا افتقدت تلك المنظومة أو تم التقصير في الرقابة والتوجيه الأسري لأبنائهم في اختيار اصدقائهم في الحي أو في المدرسة، فمن الممكن أن تشكل شلة الأصدقاء الملجأ للأطفال خصوصاً لأبناء تلك العائلات التي يسود فيها جو من العنف والاهمال(حومر، 2006 ) وتآكل المنظومة الأخلاقية فيها.
وهو ما ينسجم على المثالان السابقان، فقضاء فترة طويلة مع الأصدقاء دون رقابة من الممكن أن يقع الطفل فريسة لإغراءات الشارع وأصدقاءه الذين تنعدم لديهم المرجعية الأخلاقية في غياب المتابعة الاسرية لهم، خصوصاً العائلات التي تتسم بالتفكك الأسري، وهذا ما ينطبق على حالة الطفل (ي) وصديقه (ي)، اللذان يعدان حالات متطرفة في ارتكاب مسلكيات منافية للقانون، فالإثنان أصدقاء وضحية بيئة أسرية مفككة بسب طلاق الوالدين، وأم الطفل (ي) الأول عليها شبهات بالدعارة، ومحيط عائلة الأم من أقاربها تتسم بارتكاب الجريمة والنصب والاحتيال، يعبر ما سبق عن بنية وعلاقات اجتماعية مفككتين.
فيعد التفكك الأسري وعدم الاستقرار وغياب المرجعية الأخلاقية السبب الرئيسي للإنحراف، هذا إلى جانب غياب الأب كمرجعية ضابطة وأخلاقية تحفظ توازن الأسرة من الناحية الوظيفية، فقد أشار ما نسبته (30.30%) من استبيان المؤسسة الاجتماعيةالتي تعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون إلى غياب الأب إن كان بسبب طلاق أو الموت أو تعدد الزوجات والإهمال بحق عائلته، وعلى الرغم من أهمية وجود الاب والام في أسرة مستقرة ومتوازنة، وتقوم بدورها الوظيفي في التنشئة الاجتماعية واستقرار شخصية الطفل، إلا أن البعض ذهب إلى أن نشوء وترعرع الأبناء في ثقافات يكون الأب غائب، كثيراً ما يتعرضون إلى ازدواجية وتناقص بخصوص دورهم الجنوسي، ويظهرون أشكال مبالغة من السلوك الذكوري(رابي، ‏29/9/2014‏) تكون المسلكيات العدوانية والعنف إحدى تجسيداتها.
على الرغم من عدم وجود علاقة ارتباطية في نتائج تحليل الاستبيان تؤكد ما سبق، ولكن من خلال ملاحظاتنا وجدنا علاقة بين وجود طفل ذكر وحيد في الأُسرة مع أخوات، يميل أكثر إلى مسلكيات عدوانية وعنيفة ومنافية للقانون، حتى بوجود الوالدان معاً، ولكن تتسم علاقة الآباء بالأبناء بالقسوة والتعنيف، وإلى جانب انتشار المسلكيات التي تتناقض مع القانون لدى الأُسر التي يزيد عدد أبنائها الذكور عن 3 فأكثر، فتؤكد الإحصائيات الرسمية في عام 2014 إلى أن عدد الأطفال المتهمين بمسلكيات مخالفة للقانون يزيد كلما زاد عدد أفراد الأسرة(الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2014).
ولاحظنا أيضاً من خلال تفريغ الإستبانة إلى أن نوعية السلوك المتعارض مع القانون يختلف حسب عدد أفراد الأسرة، فالأسر التي تزيد عن (5) أشخاص كانت مسلكيات الأطفال المتعارضة مع القانون هي أكثر لتهمة التهديد والايذاء، والذين كانوا أقل من (5) أفراد كانت التهمة أقرب إلى شجار، وهو نمط مرتبط أكثر بالعقلية الجهوية والقبلية في فهم السلوك العدواني.
هنالك من يربط بين" حجم الاسر الكبيرة في بعض الأحيان تكون أكثر عرضة للتصدع" والتفكك الاجتماعي، لأنها أكثر عرضة إلى التأثر بالأزمات والتحديات الاقتصادية التي تقود إلى الحرمان المادي(رابي، 2014)، لأن تلك الأسر الفقيرة وذات العدد الكبير للأبناء تكون نسبة الإعالة فيها عالية جداً، خصوصاً إذا ما كانوا من الأطفال وغير قادرين على العمل، وذلك لزيادة دخل الأسرة واشباع احتياجاتها المادية والاساسية، وهذا ما دفع والد الطفل (إ) للضغط على إبنه باعتباره الطفل الأكبر للعمل معه في أعمال البناء في سن مبكر جداً، وذلك لزيادة الدخل الاسري.
وفيما يتعلق بمصدر دخل الأسرة حسب تحليل الاستبانة الاجتماعية والقانونية، فقد أشار ما نسبته (52%) من الأطفال أن مصدر دخلهم من قبل الأب، يليه (34%) منهم مصدر الدخل من من الأخوة، و ما نسبته (8%) دخل الأسرة يعتمد على الأم، وما نسبته(6%) كان مصدر الدخل من الحدث نفسه، أما فيما يتعلق بأسباب توجه الطفل الحدث الى العمل، فهو كما يوضحه الرسم البياني رقم(3):

رسم بياني رقم (3) يوضح أسباب توجه الطفل للعمل

مع العلم بأن نسبة الأطفال الذين يعملون هم بواقع (44.11%)، ومن يعد عاطل عن العمل بنسبة (11.76)، ومن يزال يدرس بنسبة (44.11%)، توشي هذه النسب بأن الأسباب التي تدفع الأطفال للعمل إلى وجود خلل بنيوي تواجه الأُسر الفلسطينية الفقيرة، التي تدفع بإرادتها أو رغماً عنها أبنائها إلى العمل بسن مبكرة، وأن عمل الأم أو خروجها للعمل لتلك الأسر، ليس مرتبط بتحررها أو بحقوقها، بقدر ما هو مؤشر عن حجم الحاجة والعوز لتلك الأسر، في خضم ثقافة ذكورية ترفض لحد الآن عمل المرأة الفلسطينية.
إن تراجع القدرة الشرائية للأُسر الفلسطينية وانخفاض معدل الاستهلاك هو سبب آخر قد يكون وراء عمل الأطفال والمرأة الفلسطينية للأسر الفقيرة لسد الاحتياجات الأساسية، وإذا تزامن ذلك مع تآكل للبنية الأخلاقية والقيمية لبعض الأسر الفقيرة يدفع البعض منهن إلى العمل بالدعارة كما هو حال والدة الطفلة (هـ) وأخريات، وهذا ما يتوافق مع دراسة أعدتها مؤسسة سوى والتي أشارت إلى أن الأسباب الاقتصادية الصعبة والفقر تدفع ببعض الفتيات والنساء للعمل في الدعارة، والتجارة بالفتيات والنساء واستغلالهم في الدعارة(SAWA, 2008).
فالطفل لأُسرة فقيرة يؤثر على حرمانه الاقتصادي الكبير خصوصاً في الأُسر النووية، فكما نعلم أن بنية وشكل العائلة الفلسطينية ووظيفتها اختلفت وأصبحت أقرب لنمط الأسر النووية منه إلى الممتدة، التي كانت تُدعم بالسابق منها، فقد أشارت نتائج البحث الحالي إلى أن(90.24%) من الأطفال يقطنون في أُسر نووية، مما يشكل صعوبات وتحديات جمة لمواجهة المشكلات الاقتصادية، فالتعرض لظروف الحياة القاسية التي تحيط بالفقراء تؤثر أيضاً في علاقاتهم الاجتماعية، ويدفع البعض منهم إلى الشعور بالحرمان المادي الذي يغذي مشاعر الحسد والحقد والكراهية(هرهار، 2009: ‏118‏)، فيؤدي الفقر الشديد إلى "ترهل في المعايير والقيم الإنسانية، فتكون الممارسات غير السوية في حال افتقاد الكرامة التي تشكل المرجعية للسلوك الانساني، وإذا هانت الكرامة تتدهور قيمة الانسان فلا يعود هنالك ضوابط أخلاقية للمسلكيات"(حجازي، 2010: 38)، الأمر الذي قد يخلق وينتج سلوكيات عدوانية ومسلكيات تتنافى مع الحس العام والمشترك للفلسطيني وانتهاك القيم الأخلاقية المشتركة، وهذا ما قد يدفع والد طفل فلسطيني بترت قدمه نتيجة أصابته من قبل الاستعمار "الإسرائيلي" إلى التسول والاستجداء من خلال استغلال إبنه "للشحدة والاستجداء" في شوارع المدينة.
إن من أهم القيم النيوليبرالية هي النزعة الفردانية المتطرفة، حيث تستند العلاقات الاجتماعية فيه على أسس التنافس الرأسمالي والمصلحة الفردية، الذي يقود إلى التفكك الشخصي قبل التفكك الاجتماعي باعتباره من مستلزمات المجتمع الرأسمالي، ففي هذه التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية يصبح الإنسان أكثر أنانية وأكثر قدرة على ارتكاب جريمة، لتحقيق مصلحته الفردية حتى لو كانت على حساب المجموع، "فالفقر لا يكون بحد ذاته سبباً مباشراً للجريمة ولكنه بيئة اجتماعية مولدة لخصائص فردية وجماعية تساعد على الإجرام خصوصاً في المدن، حيث المنتجات الأستهلاكية بكثرة"(حومر، 2006: ‏38‏)، فنسبة الجريمة بكافة المجتمعات الاستهلاكية عامة -وينطبق على المجتمع الفلسطيني- تكون فيه منتشرة بكثرة في المدن، أكثر من القرى والمخيمات الفلسطينية للاجئين التي لم تفتقد منظومتها وشبكة العلاقات الاجتماعية المرتبطة بالعقل الجمعي تماماً وبنيتها التقليدية، رغم ضعفها في الوقت الحالي.
وتشير أيضاً نتائج البحث الحالي للخلفية الاجتماعية لعوائل الأحداث أن أعمار الآباء والامهات توزعت حسب ما يأتي: فقد كان عمر الأب أقل من (40) سنة بنسبة (45.16%) وأكبر من (41 )سنة ما نسبته (54.83%)، أما عمر الأم فكان نسبة من هن أقل من 40 سنة (55.55%)، وأكبر من (41) سنة بنسبة (44.44%)، أما مستوى التعليم للأم فكانت نسبة من هن أقل من التوجيهي (97.22%) في مقابل ما نسبته(2.77%) أعلى من توجيهي، ومستوى تعليم الأب كانت بنسبة من هم أقل من التوجيهي (91.17%) في مقابل نسبة قدرها (8.82%) منهم أعلى من التوجيهي.
فالمستوى الاقتصادي المتدني والفقر يتزامن مع مستوى معيشي وتعليمي متدني جداً، وبالتالي نستطيع القول بأن نسبة الانحراف تزيد لدى الأسر ذات التعليم المتدني، وتقل لدى الأسر ذوي التعليم العالي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تشير النسب المئوية إلى وجود إمكانية في إنحراف الأطفال الذين أعمار آبائهم أكبر من (50) سنة، وهو أمر قد يعود للفجوة الثقافية ما بين الأبناء والآباء وما يستدعيه من صراع قيمي وعدم قدرتهم على تفهم احتياجات وتوجهات ابنائهم، إلى جانب انخفاض مستوى الرقابة الاجتماعية للآباء الذين تزيد أعمارهم عن (50 )سنة فأكثر.

4. 3.المحور السوسيونفسي:
وأخيراً، نعالج في هذا المحور السوسيونفسي؛ تفاعل الأبعاد النفسية والاجتماعية كعلاقة وشائجية لا يمكن الفصل بينهما إلا في الحالات المرضية المتطرفة إن استدعت الحاجة، على قاعدة أننا نحيل أسباب وعوامل الجريمة والإنحراف إلى الأبعاد الاجتماعية أولاً، ومن ثم انعكاس هذه المؤثرات الاجتماعية على نفسية الأطفال والاستجابات النفسية لها ثانياً، مما قد يترك أثراً على نفسية الطفل المرتكب للسلوك المخالف للقانون، وأيضاً، أن النظريات والمدخل النفسي وكما نعلم، يحيل ويرجع أسباب السلوك غير السوي إلى عوامل ومسببات داخلية مرتبطة بالدوافع وبالغرائز والعدوانية وسوء التكييف، والتي نعلم أنها إرهاصات ونتائج لعوامل اجتماعية واقتصادية قاهرة دفعت الطفل للتكيف معها بإستخدام ميكانيزماته الدفاعية كالكبت والقمع والعدوانية، كصورة مشوهة ناجمة عن قمع وضراوة البنية الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية.
إن ضراوة وصعوبة الظروف الاجتماعية والاقتصادية تؤثر على الجميع دون إستثناء، فما بالكم الحديث عن الأطفال والمراهقين، الذين هم في مرحلة النمو النفسي والاجتماعي والجنسي، لما لها من أثر في توليد الكثير من الأزمات، في خضم نمو الذات وتبلورها، التي تدفع للإستكشاف والمغامرة، وقد تؤدي إلى التورط في مسلكيات منحرفة أو تتعارض وتتناقض مع الحس العام الفلسطيني.
تعد مرحلة المراهقة والبلوغ من أهم المراحل أهمية في تشكيل وصياغة وعي الطفل ومنظومته الأخلاقية والقيمية، وعليه، فصعوبة الظروف الاجتماعية تؤثر على نفسية الطفل، فتخلق لديه حالة من عدم الإستقرار في ظل غياب الأمن والرعاية النفسية السليمة، فيندفع الطفل للتمرد على المنظومة الأخلاقية، وتُكون لديه استعدادات للجنوح وارتكاب مسلكيات منافية للمنظومة الأخلاقية والقيمية لمجتمعه، ويولد لديه حالة من الإحباط المعنوي الناجم عن عدم الإستقرار الأسري والظروف الاجتماعية المحيطة(حومر، 2006)، وبتفاقم الصعوبات والتحديات الحياتية للطفل يكون عرضة للإنهيار والإنحراف، خصوصاً الأطفال الذين يفتقدون إلى "المناعة الذاتية... لفقدان أسباب العون والحماية" (حجازي، 2010: 22‏)، التي تشكل دوافع نفسية واجتماعية لارتكاب المسلكيات المتناقضة مع القانون.
ننتقل الآن لنستعرض الأسباب والدوافع التي تؤدي إلى ارتكاب الطفل السلوك المتناقض مع القانون، وكما هو موضح في الرسم البياني رقم (4).
رسم بياني رقم (4). يوضح دوافع ارتكاب الطفل للجنحة

تشير نتائج البحث الموضحة في الرسم البياني رقم (4). إلى أن دوافع ارتكاب الحدث للجنحة، وقد تدرجت من الأكثر دافعية إلى أقلها، فقد كان التأثر بالأصدقاء الدافع الأكبر، تلاه دفاع عن النفس، ومن ثم بدافع من الأهل، يليه فقدان الرقابة، فالتقليد، تلاه بدافع من شخص آخر، فالحرمان من العاطفة، فالحاجة، فنستطيع قراءة ما سبق بطرق مختلفة، كما يأتي:
أولاً؛ انطلاقاً من المدرسة الوظيفية التي ترى بأن تحليل أسباب ودوافع الجريمة والإنحراف لا يمكن فهمه بمتغيرات نفسية، وإنما باعتبارها ظواهر اجتماعية، فنجد أن الدوافع الاجتماعية قد حازت على أعلى نسبة تتعلق بالأصدقاء والدفاع عن النفس وبدافع من الأهل، نتيجة لمشكلة اجتماعية مع الحدث أو لأصدقائه أو مع أسرته، وإذا قارنا ذلك مع الرسم البياني رقم (1). لنوع الجريمة، فنجدها بالترتيب الايذاء، المشاجرة، السرقة، والحاق الضرر، وهي تُفسر بأبعاد اجتماعية، وهذا ما سبق وقمنا بتوضيحه بأن بنية العنف الاقتصادية والاجتماعية تنعكس في وعي وإدراك ومسلكيات الأطفال، وتصبح جزءً ناظماً من مسلكياتهم، وبهذا نجد أن العوامل الاجتماعية الخارجية شكلت أكبر دافع للقيام بالسلوك المتناقض مع القانون.
ثانياً؛ العوامل النفسية/الفردية الداخلية ونقصد بها النفسي/اجتماعي وليس المرضي -فهذه قضية أخرى، جاءت كأقل الدوافع لإرتكاب السلوك المتناقض مع القانون: كالتقليد والحرمان العاطفي، ومن الممكن إضافة الحاجة لهما، فتؤكد أن تأثير العوامل النفسية/الاجتماعية أقل من الاجتماعية/الاقتصادية، رغم أهميتها، ولكنها قد تؤثر على حالات فردية مرضية، وهذا لا يقع من ضمن أهداف البحث الحالي.
ثالثاً؛ لا نستطيع الجزم بتصنيف الدوافع والأسباب النفسية/الاجتماعية وأهميتها دون التحليل الاكلينيكي وهذا ليس من أهداف البحث الحالي، فمن الممكن على سبيل المثال أن تفسر الحاجة اقتصادياً، ومن الممكن أن يتم تفسيرها ببعد نفسي/اجتماعي، فالسرقة على سبيل المثال كانت من أعلى ثلاثة سلوكيات متناقضة مع القانون، وقد تكون السرقة مرضية ناتجة عن اضطراب في السلوك لدى الطفل، وقد يكون الدافع لها حرمان مادي من جراء الحرمان العاطفي للطفل وهو ما تم تأكيده أيضا كدافع للسلوك، وقد ترتبط بالحاجة نتيجة وجود رغبة لدى الطفل لشراء سلعة مرغوبة لدافع الإستهلاك والتباهي، أو للفت انتباه الأهل الذين يعانون من التمييز أو الإهمال، خصوصاً في العائلات المفككة وغير المستقرة.
يعد الطلاق من الأسباب الرئيسية لإنعدام الأمن والتوتر الوجودي للأطفال، حيث أشارت نتائج البحث إلى وجود حالات طلاق بنسبة(21.21%) من عينة الأطفال، مما يعنيه من عدم وجود الأمن العاطفي والنفسي والخوف والضياع، ومن الممكن أن تتكون لدى بعضهم عقدة الشعور بالنقص(رابي، ‏29/9/2014‏: 6) أمام اصدقائهم ومجتمعهم المحلي، فالمجتمع الفلسطيني بمرجعيته التقليدية ينظر إلى المرأة المطلقة وإلى أبنائها نظرة دونية ومتشككة، ومن الممكن أن تشوبها علاقة تخوف من الإحتكاك معها أو مع أبنائها، وتحميلها فشل العلاقة الاجتماعية، وهذا ما يسبب في سوء التكييف النفسي والاندماج الاجتماعي للأطفال في محيطهم الاجتماعي نتيجة لهذه الوصمة الاجتماعية.
وحول الوضع النفسي للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، فكما هو واضح في الرسم البياني رقم (5).

رسم بياني رقم (5). يوضح الوضع النفسي للأطفال

تشير النتائج السابقة إلى الوضع النفسي للأطفال، أبرزها العنف والعدوانية، وأقلها الخوف والفقدان، وهي بالضرورة تشير إلى أن البيئة الأسرية التي يستشري فيها العنف والقسوة والإهمال والتمييز والحرمان العاطفي في المعاملة اليومية لأبنائها، كنتاج لبنية ضاغطة وقامعة وحارمة، توشي بغياب الصحة النفسية في الأسر الفلسطينية التي شمل المسح أطفالها، الذين هم على خلاف مع القانون، وبالضرورة انعكاس وتأثير هذه المعاملة تختلف من فرد إلى آخر، ولكنها تحمل في طياتها أرضية مولدة للاضطرابات النفسية والعاطفية، نتيجة اضطراب العلاقة بين الطفل والأم أو الأب والأخوة، فيؤثر على الحرمان العاطفي والشعور بالظلم له وسوء التكييف، حيث يؤكد البعض على "أن الحرمان العاطفي يشكل عقبة للتقمص السليم ونمو الشخصية بطريقة سليمة"(حميمد ،2011: 232‏).
فالعنف اللفظي والجسدي للأطفال يؤثر على الأمن النفسي لديهم، فينشأوا في بيئة تبرر العنف وتجعل منه سلوكاً طبيعياً، فيمارس العنف على أخوته كما هو الحال لدى الطفل (ب) الذي كان يعنف أخوته بكثرة، ويقوم زوج أمه بتعنيفه بطريقة وحشية وقاسية، فمارس السلوك العنيف على طفل آخر من حارته(الحي) لأنه شتم والدته، وهكذا دواليك يدور الطفل في حلقة تقامع وعنف وإنتاج العنف على الآخرين.
أما العنف اللفظي، فإنه يطال صورة الطفل لذاته، وانخفاض مفهوم الذات لديه، أما بخصوص الإناث فيطالها التعنيف اللفظي وحتى الجنسي، الذي يخلق حالة من ضعف الثقة بالنفس في ظل ثقافة تزدري منها وتحقرها، فالمسلكيات المتعارضة مع القانون من قبل الإناث أكثرها تكون في الدعارة وممارسة البغاء كمهنة، هذا لا يعني عدم وجود مسلكيات أخرى ترتكبها الإناث من السرقة أو الاعتداء على الآخرين، ولكن لنظرة المجتمع الذي يميل إلى التقليل من خطورة مسلكيات الإناث المتناقضة مع القانون، وهو ما يعرف " بنظرية الشهامة" والتي تميل إلى التقليل من خطورة المسلكيات التي تقترفها البنت كالسرقة والاعتداء على الآخرين(جيدنز، ‏2005: 293‏)، ومع ذلك فإنها لا تتساهل بالمثل مع موضوعة الدعارة.
وعلى الرغم من أننا اشرنا سابقاً للعلاقة بين سوء الوضع الاقتصادي وممارسة الدعارة، إلا أننا نراه نتيجة وليس سبباً، فنعتقد أن البعض من الإناث التي تمارس الدعارة أو تمتهنها قد تعرضت لصدمة جنسية صادمة كان بالتحرش أو بالاغتصاب(زرارقة، 2016: 21‏)، وينسجم هذا الموقف مع حالة الطفلة (هـ)، التي أشارت فيه الاخصائية (ل. ع) إلى وجود "إتهام للأب باغتصاب ابنته"، وتناول أختها (آ) للمهدئات الجنسية حتى تمنع نفسها من ممارسة البغاء، الأمر الذي يشير إلى اضطرابات جنسية لديها، وعليه نرى أن أسباب الدعارة هي أسباب بنيوية اقتصادية ونفسية واجتماعية أولاً وأخيراً، حيث توضح الحالة عوامل الخطر المحيطة بالأطفال الذين هم على خلاف مع القانون.
وحول رأي العاملين في مجال العدالة الجنائية، عن عوامل الخطر التي تدفع بالأطفال لارتكاب المخالفات، فقد وجد الأغلبية من الحضور أن "البيئة الأسرية المفككة والعنف الاسري، والأم("( هي من الأسباب الرئيسية وعوامل الخطر التي تدفع إلى الجريمة، وان الأسرة بنفس الوقت هي عوامل الحماية لهم واشباع الحاجات النفسية والمادية، وإن التركيز على الأم لا على الأب أو الأسرة من قبل البعض، له علاقة بالبنية الاجتماعية الهرمية والذكورية للمجتمع الفلسطيني، الذي ما زال ينيط بالأم الأدوار التقليدية، وبالرغم من أهمية الأب إلا انه لا يرتقي لدور الأم، وهذا ينسجم مع الدور الأداتي للمدرسة الوظيفية التي ما زالت تختصر دور الأب حسب المذهب النفعي في مجال كسب المال، والأم في مجال التنشئة واشباع احتياجات الأسرة واستقرار الشخصية، خصوصاً الجوانب العاطفية، وعلى الرغم من الإنتقادات التي توجه إلى هذا التحليل من المدارس المختلفة منها؛ الصراع والنسوية، إلا اننا نقول أن هذا هو توجه الثقافة الشعبية للمجتمع الفلسطيني الذي نراه أقرب للمدرسة الوظيفية منه إلى النسوية والصراع، حتى ولو اختلفنا معه، ولكنه يحكم توجهات وعمل القائمين على العدالة الجنائية للأطفال!.

5. خاتمة:
لقد بات واضحاً، بعد استعراض التحليل لنتائج البحث الحالي، أن الاسباب الرئيسية لظاهرة الأطفال الذين هم في خلاف مع القانون تكمن في الجوانب البنيوية للمجتمع الفلسطيني، أهمها تآكل المنظومة القيمية والأخلاقية لبعض الأسر الفقيرة التي تعاني من الحرمان الاجتماعي والاقتصادي، وغياب الرقابة الاجتماعية، يترافق مع الوصمة الاجتماعية لتلك العائلات ولأبنائها، والتي تكرس الصورة النمطية لهم، مما يقف عائقاً أمام اعادة اندماجهم في المجتمع.
وعلى الرغم من تبني السلطة الفلسطينية قانوناً عصرياً في التعامل مع الاطفال الأحداث، إلا أنه ممارسات أجهزة السلطة الشرطية والقضائية تنتهك بصورة واعية أو غير واعية للكرامة الشخصية للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، إلى جانب افتقار البنية التحتية والمؤسساتية والقانونية، ومدى تأهليها للتعامل مع هذه الشريحة مع المجتمع، بما يكرس القيمة الفضلى للطفل، ويحافظ على كرامتهم.
حتى نستطيع التعامل مع ظاهرة الاطفال الذين هم على خلاف مع القانون نوصي بإنشاء شبكة اجتماعية تتألف من وزارة التنمية الاجتماعية، والشرطة والاخصائيين النفسيين والقضاة لوضع آلية وطنية شاملة لتوفير الأمن للأطفال الذين هم على خلاف مع القانون، والإشراف على مراكز التأهيل الحالية والبيئة المادية والخدمات وتطوير وتحسين الخدمات النفسية والاجتماعية فيها؛ ويجب أن يكون موقع المراكز آمنًا وأن تتوفر مباني نظيفة وصحية. كما وينبغي أن تلبي المراكز الاحتياجات الأساسية للأحداث مثل التغذية الجيدة والنظافة والملابس والرعاية الصحية الجيدة، إلى جانب وجود برامج تأهيلية لإعادة اندماجهم في المجتمع، وأهمية البدء ببناء استراتيجية قانونية لتنفيذ بدائل خلاقة بديلة الإحتجاز، تساهم في عملية اعادة ادماج الأطفال في مجتمعهم بصورة سوية.





مراجع الكتب:
جبارين، شادي(‏15/9/2017‏). "الوساطة في قانون الأحداث الفلسطيني"، موقع دنيا الوطن، شوهد في 21/7/2019، على الرابط الالكتروني:
>https://pulpit.alwatanvoice.com/content/--print--/445356.html
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني(‏12/8/أ.2018‏). " بين عدد من المسؤولين، وشبان خريجين عاطلين عن العمل التخصصات المهنية والتقنية والفنية.. علاج للبطالة "، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، شوهد في 16/7/2019، على الرابط الالكتروني:
>http://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3216

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني(2011). الفقر في الأراضي الفلسطينية. رام الله: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
جيدنز، أنتوني(2005) علم الاجتماع. ترجمة فايز الصياغ. بيروت: المنظمة العربية للترجمة.
حجازي، مصطفى(2010). الأحداث الجانحون ومشكلاتهم ومتطلبات التحديث والجهات الإدارية المعنية بهم في الدول الاعضاء. سلسلة الدراسات الاجتماعية. ع 57. المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
حسنين، سهيل(2003). قضاء الاحداث في الضفة الغربية وقطاع غزة : دراسة وصفية تحليلية. بيرزيت: جامعة بيرزيت، معهد الحقوق.
حميمد، فاطمة الزهراء(‏2011‏). شخصية الحدث الجانح: دراسة انثروبولوجية. جامعة ابي بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر.
حومر، سمية(2006). أثر العوامل الاجتماعیة في جنوح الأحداث: دراسة میدانية أجریت بمركزي الأحداث بمدینتي قسنطینة و عین ملیلة. جامعة منتوري ، قسنطینة الجزائر.
رابي، عبدالله مرقس(‏29/9/2014‏). "العوامل الأسرية للجريمة - دراسة ميدانية". مجلة آداب الرافدين. ، العدد 24، ص427-444 (شوهد في 24/7/2019) موقع السوسيولوجيا، على الرابط الالكتروني:
>https://www.facebook.com/Sociologie.Ibnzohr/posts/1515981958648302/
زرارقة، فضيلة(‏2016‏). عوامل إجرام المرأة الجزائرية ودور المؤسسات العقابية في إعادة تأهيلها: دراسة ميدانية على عينة من النزيلات في كل من سجن سطيف، بجاية، وباتنة. جامعة محمد خيضر-بسكرة، الجزائر .
السليماني، الكاملة وآخرين‏(2016)‏. "الوصم الاجتماعي كأحد عوامل العود للانحراف". مجلة علوم الانسان والمجتمع. ع.18 ، 101-123.
قانون الطفل الفلسطيني "رقم (7) لسنة 2004 والمعدل 2012"، صفحة مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية،(شوهد في15/9/2019)، على الرابط الالكتروني: <http://www.psi.pna.ps >
هرهار، عبد الله‏(2009)‏. "من التشرد إلى الانحراف: سوسيولوجيا الطفل في وضعية الشارع". مجلة إضافات لعلم الاجتماع. ع.8، 98-120.
هلال، جميل(2003). نظام العدالة الجنائية في فلسطين: دراسة قانونية اجتماعية. بيرزيت: جامعة بيرزيت، معهد الحقوق.

المراجع بالانجليزية:
The United Nations Children’s Fund (UNICEF).(2006). “Child Protection Information Sheet. Children in Conflict with the Law", (reviewed 21/8/2020) at the web site: https://www.unicef.org/chinese/protection/files/Conflict_with_the_Law.pdf
Sawa - All the Women Together Today and Tomorrow(‎2008‎).Trafficking and Forced Prostitution of Palestinian. Women and Girls: Forms of Modern Day Slavery. (Ramallah and Jerusalem: Sawa - All the Women Together Today and tomorrow,) (27/7/2019):
https://www.refworld.org/pdfid/4bcc13862.pdf

المقابلات:
م.ج. ( مقابلة شخصية، 28/3/2019).
س. ز.( المجموعة البؤرية، 26/5/2019)، وحدة حماية الطفل في مديرية بيت لحم.
أ. ع. (مقابلة شخصية، 2/3/2019) الاخصائي في المؤسسة الاجتماعيةالتي تعنى بالاطفال الذين هم على خلاف مع القانون
ع. غ. (المجموعة البؤرية، 26/5/2019) ممثل عن هيئة قانونية لحقوق الانسان.
مقابلة فريق البحث مع أ. أ؛ رام الله،30/6/2019. الاخصائي الاجتماعي في دار الامل.
ل. ع (المجموعة البؤرية، 26/5/2019) مرشدة اجتماعية في بيت لحم للفتيات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية