الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-البحث عن الاصنام-

صوت الانتفاضة

2023 / 8 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(أصبحت عبادة الاصنام، والركض وراء الأوهام، والتسليم بالخرافات والاساطير، والتعصب لفكرة معينة، والتحيز غير المنطقي الى فكر مغلوطة.. شروطا أساسية لضمان الكفاح من اجل البقاء، من اجل القوت من جانب الضعفاء، في مجتمع لم يقم على أسس احترام الفرد، وحرية التفكير والتعبير عن الضمير).

"البحث عن الاصنام" هو أحد فصول كتاب "اصنام المجتمع"، لمؤلفه أستاذ علم الاجتماع الدكتور الراحل "عبد الجليل الطاهر 1917-1971"، الذي وبالتعاون مع الراحل علي الوردي قاما بتأسيس قسم علم الاجتماع في جامعة بغداد، صاحب المؤلفات الرائدة في علم الاجتماع : "مسيرة مجتمع، التفسير الاجتماعي للجريمة، الثورة الزراعية في الريف العراقي، العشائر العراقية، علم الاجتماع بين الفينومنيولوجية والتجريبية" وغيرها الكثير من المقالات والبحوث؛ الطاهر، كغيره من رواد علم الاجتماع في العراق لم يأخذ الحيز الذي يستحقه، لم تسلط عليه الأضواء، كزميله الوردي، فأغلب كتبه لم يعاد طبعها، نادرة وشحيحة جدا.

في كتابه هذا الذي ألفه عام 1956 يتطرق الطاهر الى ظاهرة الولاءات والانحياز والتعصب لأشخاص محددة او أحزاب او أفكار معينة، واضافة هالة من القداسة من هذا الجمهور المتعصب، ولجم واخراس وقمع كل الأصوات الحرة الناقدة، فترسم دوائر حمر لا يسمح ابدا بتخطيها، فتتحول هذه الشخصيات الى اصنام تعبد، ترسم لها مراسيم وطقوس يمارسها اتباعها، هذه الاصنام "المؤلهة" تحيط نفسها ب "سدنة قادرة على تزييف الحقائق"، وفي بعض الأحيان يلجأ هؤلاء السدنة الى "استعمال القوة والزجر لانتزاع اعتراف الناس بأهمية الصنم".

الاصنام لا تنمو ولا تعيش الا في مجتمعات تعلوها الفوضى والجهل والامية والأوضاع الاقتصادية الهشة، "فوجود الصنم مرتبط بنوع الحياة الجماعية والاجتماعية والدينية والسياسية"، فتصنع هذه المجتمعات "الأوهام والاصنام والاساطير، وينقلها عن طريق التربية من جيل الى جيل" فتستطيع هذه الاصنام ان "تمد جذورها في الواقع الاجتماعي، وتتغلغل قدسيته في أعماق القلوب".

يعد الدين الخزان الأكبر لإنتاج الاصنام، فهو كما يقول الفيلسوف الفرنسي دي كوندورسيه 1743-1794 "وسيلة من وسائل استغلال الناس وخداعهم" وقد عد هذا الفيلسوف "ضعف الدين في المجتمع مقياسا لتقدم التفكير البشري"، فالبلدان التي ينتشر فيها الدين تكون فيها نسبة الجهل والتخلف والرجعية والظلامية عالية جدا، وتنتشر فيها الاصنام والاوهام والاساطير والطقوس والخرافات، فيتحول فيها كل شيء الى صنم، من الانسان الى الأشجار والاحجار والحيوان، تاريخها مقدس ورجال حاضرها مقدسين، فلا يمكن نقد أي شيء، و"الامل الوحيد في الابتعاد عن تأثير الاصنام والاوهام في البحث عن الحقائق بحرية التفكير والمناقشة وابدأ الرأي، والتصويت" لكن "إذا تعاونت السلطة والاصنام في القضاء على الحرية فإنهم يمهدون الطريق لظهور النفاق والرياء والخداع والحيلة". وبهذه الكلمات ختم الطاهر كتابه "أصنام المجتمع".


الكتاب تم تأليفه عام 1956، أي منتصف القرن الماضي، في وقت لم تكن الاصنام منتشرة بشكل وبائي مثل هذا الزمن الذي نعيشه، فاليوم كل رجل دين هو صنم لدى اتباعه، بل ان مجلس النواب بصدد إقرار قانون "يجرم نقد رجال الدين الاحياء منهم والاموات"، ولم لا، فنحن في ذروة الحكم الديني، تم "تصنيم" كل شيء: قادة الميليشيات، رؤساء العشائر، الطقوس والشعائر الدينية، أماكن جغرافية معينة، مخلفات رجال الدين، التاريخ الديني"، لا يمكن الحديث بحرية عن أي شيء، فحياتك ستكون هي الثمن الذي ستدفعه إذا ما تجرأت على نقد المقدس.

خالص شكرنا وتقديرنا للراحل، خالد الذكر، الدكتور عبد الجليل الطاهر، على ما تركه لنا من ارث فكري رائع، خصوصا كتابه هذا، فقد الم بموضوعه بشكل رصين ودقيق، ونحن بأمس الحاجة لمثل أبحاث ودراسات كهذه، كوننا نعيش زمن عبادة الاصنام بحذافيرها، بل يجري بشكل دؤوب "البحث عن الاصنام".
طارق فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صناعة الأصنام
ماجدة منصور ( 2023 / 8 / 1 - 07:34 )
جميع الصناعات قد توقفت في الشرخ الأوسخ...أعني الشرق الأوسط...قد توقفت جملة وتفصيلا..إلا صناعة النحت و تحديدا نحت الأصنام!!!!!!!!0
قالت لي أختي الكبرى منذ عدة أعوام و بفخر و كبرياء ,,,أنا أرتشف القهوة في بلكونة منزلي التي تطل على تمثال حافظ الأسد0
و ماهي إلا أيام قليلة مما تعدون قد أخبرتني أختي المتباهية بصنم حافظ الأسد ,,أسكنه الله فسيح جهنمه,,بأن دواعش سوريا الأسد...قد أزالوا هذا التمثال الكافر و وضعوا عوضا عنه صورة أبو بكر البغدادي!!!0
و صلى الله و بارك على سيدنا محمد خاتم المرسلين0
تكبيييييييييييييييييييير

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة