الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استعادة لذاكرة الإنسان

عقيل عيدان

2006 / 11 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الذاكرة هي قدرة الإنسان على تذكّر التجربة الشخصية والاجتماعية وحفظها وتشخيصها واستحضارها . والذاكرة هي مستودع المعلومات الذي يقوم بتصنيفها واستحضارها . ويتألّف أساس الذاكرة من الروابط والتداعيات حسب مدى التعقيد والتشابه والتباين .
وللإنسان ذاكرة قصيرة الأمد ، كثيراً ما تسمى بـ "الذاكرة العاملة" ، وأخرى طويلة الأمد . فهو يتذكّر بيسر ما وقع توّاً من أحداث ووقائع ، بينما يتذكّر بعسر ما جرى في الماضي البعيد .
وذاكرة الإنسان انتقائية ؛ فنحن نتذكّر الممتع والمستحب ونحرص على طرد المنغّصات من الذاكرة . وهنالك ذاكرة تعبيرية تخلق تصوّرات بصرية وسمعية وحركية ، وأخرى انفعالية ترتبط بقدرة الإنسان على استحضار وتشخيص الأحاسيس والعواطف .
وكثيراً ما نجد ذاكرة الأحاسيس ، أو ما يسمى بـ "ذاكرة القلب" أقوى من الذاكرة المنطقية .
والمثبت أن الأشكال المهنية لنشاط الإنسان تؤثّر في ذاكرته ، فلدى الموسيقيين تبلغ مستوى رفيعاً الذاكرة السمعية ، ولدى الفنانين التشكيليين الذاكرة البصرية ، ولدى الفلاسفة الذاكرة الكلامية المنطقية ، ولدى المؤرخين ذاكرة تسلسل الأحداث ، ولدى ذوّاقي النبيذ وخبراء العطور ذاكرة التذوق والشم ..الخ .
والذاكرة ثابتة نسبياً ، ولا"تستيقظ" إلاّ بقدر الانتفاع منها ؛ إذ يحدث لدى الإنسان ما يشبه الارتباط "العكسي" بين صور الذاكرة ، أي ما هو معلوم وبين "التشخيص" ، أي القدرة على اكتساب الجديد .
ومهمة الذاكرة هي استحضار ما تم تلقيه في الماضي وتتجلى فيه "ثغرات" الذاكرة وعدم دقتها . وخصائص الذاكرة متناقضة ظاهرياً ؛ فشحتها تُفقر نشاط الفرد ، وفيضها – أي ما يسمى بالذاكرة المتواصلة – يشكل عقبة أمام هذا النشاط .
الذكريات بالنسبة للإنسان تقرّب الماضي من الحاضر . والذكرى ، في رأى الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي وليم جيمس ، هو القدرة على التفكير بشأن ما عاناه من خوالج في الماضي وما لم نفكر به مباشرة قبيل ذلك . لذا فالذكريات تستحضر ما عايشناه وتنقلنا لا من الماضي إلى الحاضر فحسب ، بل ومن الحاضر إلى المستقبل أيضاً .
هناك ذكريات عفوية وغير عفوية ، مستحبة وذميمة ، مجتزأة ومنتظمة . وقد تشكّل الذكريات قيمة معنوية بالنسبة لشخصية الفرد . فعلى سبيل المثال ، ذكر الأديب العالمي ليف تولستوي «1828 - 1910» في يومياته إنه يتلذّذ بالذكريات تلذذاً لا يقل ، بل ويزيد أحياناً على تلذذه بالواقع .
فما هو سرّ قدرة الإنسان الذي تجري حياته هذا الجريان السريع على معرفة وتذكّر هذا القدر الكبير من المعلومات ؟ ولماذا يكون عالم الفرد الداخلي في كل جيل تال أغنى وأكثر تنوعاً من قبل ؟
إن مردّ هذا هو أن الإنسان – بفضل طبيعته الاجتماعية – يستوعب من المهد ويحفظ في ذاكرته ما جنته الأجيال الماضية والحاضرة من أفكار ومعارف ويطلع على الثقافة التي أنتجتها البشرية .
لقد كتب أحد المؤرخين يوماً أنه لا يعرف كيف سيكون الإنسان بعد ألف سنة ، ولكن إذا انتزعت منه الخبرة التاريخية التي اكتسبها وورثها ، فسوف ينسى كل شيء ويفقد مؤهلاته ، فيتوجّب عليه أن يبتدئ كل شيء من جديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه