الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام ومفهوم الزواج والنكاح في العلاقة الشرعية بين النساء والرجال

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 8 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في تخصيص منفرد وتعيين محدد أراد الله به أن يفرق بين حالات وحالات قال في شأن النكاح "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا" النساء (3)، الملاحظات التي يمكن التنبيه عليها أستنباطا من النص والتي تصلح منطلقا لفهم الآية وحكمة تشريعها ودلالاتها تعتمد على تفكيك النص أولا، النص يحوي حمسة مفاهيم أساسية، الأول القسط في اليتامى، ثانيا كيفية معالجة الخوف من عدم القسط، ثالثا الإشارة إلى مفهوم النكاح الذي هو غير الزواج العقدي الرسمي، رابعا لماذا التعدد وهل هو فرض متاح كامل أم شرط موقوف على تحقق حالة، وأخيرا لماذا يتم تخصيص اليتامى كحالة منفردة من بين كل النساء محالة جامعة؟ وهل حقيقة أن النص يدل فقط على النساء من اليتامى، من هنا يمكن أن نسجل بعض الأستنتاجات أما جوابية أو توضيحية للحالة التي وردت في النص وهي:.
1. اليتيم لغة هو (أسم لحالة مصدره يتُمَ، يَيْتُم، يُتْماً، ويُطلق لفظ اليتيم على مَن فَقَد أباه قبل البلوغ على عكس اللطيم الذي فقد الأبوان معا، واليتيم شرعا هو الشخص الفاقد الأب من عمر الولادة وحتى البلوغ الشرعي، فلا يتم مع البلوغ لدليل قول الله تعالى (وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ)، وهذا ما يؤيد تعريف اللغة بأن اليتم هو حالة الضعف والحاجة " وأساس وأصل اليُتم الانفراد، والحاجة، والغفلة" كما ورد في تعريف اليتيم في (أحمد عمر 2008م، معجم الصواب اللغوي دليل المثقف العربي ط 1، مصر- القاهرة عالم الكتب، صفحة 807، جزء 1)، إذا العوز والحاجة هما سبب اليتم ومنشأه الحقيقي ليس فقدان الآب فقط بل فقدان العنصر الذي يؤمن للإنسان عوامل الأمان والسداد وعدم الحاجة إلى أخر، فهنا كلمة اليتامى في النص تشمل طائفة من الناس ممن يعانون من الضعف والحاجة ولكونهم معرضين أكثر ودوما للأطماع وعدم تحقيق العدالة جاء النص ليبدأ منبها لها بقولة "وإن خفتم ألا تقسطوا".
2. أن النص أشار لمحدد واحد وهم اليتامى من دون غيرهم، والمقصود في اليتامى هنا هل النساء تحديدا بدليل الطلب اللاحق هو ما طاب لكم من النساء؟ أم عموم حالة اليتم لمن فقد الأب ويكون بحاجة للحماية والأمان، علما أن النساء أسرع من الذكور بالبلوغ، وهناك ملاحظة مهمة هي أن كلمة النساء تطلق على سائر الإناث من الأطفال للعجائز على عكس مسمى الفتيات أو الإناث كحد تعريفي، طالما أننا نتكلم عن نكاح، فالنساء لسن جميعا مؤهلات للنكاح على عكس الإناث أو أي مسمى أخر، إذا السؤال الواجب هنا هو لماذا أشار لعموم وألحقه بخصوص، أي لماذا أدرد العلة الكبرى من التشريع وهو القسط باليتامى بشكل مطلق ثم عاد كما أفهمنا الشراح والفقهاء بأن التحديد جاء حصرا بالنساء؟.
3. من ظاهر النص أن التعدد لا يشمل النساء من غير اليتامى "بالمعنى العام وليس الخاص الذي يقول به بعض المفسرين عندما حددوا المعنى بأنه (حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة" وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طابَ لكم من النساء "، فقالت يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حِجر ولِّيها، فيرغب في مالها وجمالها، ويريد أن ينكحها بأدنى من سُنة صداقها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما سواهُنَّ من النساء)، والعلة الظاهرة هنا معالجة حالة أجتماعية يخاف فيها على النساء من اليتامى ولو ان رأي الفقهاء والشراح خطل وجانب المنطق الأجتماعي كما رأينا في النص المنقول من حديث عائشة، فولي اليتيم هو جده أو عمه أو أحد أفراد عائلته من المقربين أم وجده وخال وغيرهم، فلا يمكن أن ينكح هؤلاء اليتيم كما أعتمدنا على مفهوم اليتم البيولوجي، إذا المفهوم المراد من تفسير السيدة عائشة يدل على المعنى الأكبر لليتيم وهو الضعيف والمحتاج حتى يبلغ أشده، هنا يخرج مفهوم الولاية الشرعية للعائلة وتدحل فيها الولاية التشريعية والقانونية التي يعتمدها المجتمع، فالتعدد هنا هو نكاح ما طالب لكم من الضعيفات والضعفاء على حد السواء، ولا يستثني الأيتام من الذكور لسببين الأول أن اليتم عن الرجال يسقط بالبلوغ وبالتالي فالحذف من الإمكانية متعلق ليس بالذكورية بل لأنه بالغ، أما النساء فمع بلوغهن يبقين ضعيفات بحاجة لحماية ورعاية وهذا سبب يبقيهن في دائرة الإمكان دوما حتى من كانت مثلا أرملة أو مطلقة فمن تحتاج رعاية هي يتيمة بالوصف حتى ما ملكت أمرها زال عنها اليتم.
4. فإذا أنعدم السبب أنعدم التقرير، فلا يجوز للرجل أن يطبق هذا النص في جميع الأحوال ويعتبره أمرا تشريعيا عاما مع عدم توغر العلة المرخصة، وهي اليتم أولا والخوف من عدم القسط في التعامل والدليل أن الله أختار في النهاية حالة علاجية لمن لا يستطيع أن يوفر القسط في حالة التعدد الذي هو أساسا كان حلا لمعالجة عدم العدل، أن يعود المكلف بالأمر الشرعي إلى الواحدة للتخلص من عدم القسط المركب الذي حذر منه النص في البدلية.
5. السؤال هنا هل يطبق النص التشريعي في إباحة التعدد على النساء اللائي يتحولن إلى يتامى بعد زواجهن أي يصبحن يتيمات بعد ترملهن أو طلاقهن، فالشرط الأساسي هو أن يكون أو تكون المرأة يتيمة أولا ويخاف عليها من الجور وعدم العدل والقسط بحقها، وبالتالي أيضا لا يجوز التعدد ليس فقط لكل بتيمة ما لم يلحق حالة اليتم جور أو ظلم أو عدم العدل غي نوال حقوقها، إذا فهمنا أن اليتم متعدد الصور منها فقدان الأب والحاجة وأخيرا الغفلة، فيكون الجواب نعم إذا تحققت أحدى الخالات التي تجعل من النساء يتيمات يمكن أن يطبق عليهن الحكم الشرعي.
6. هناك ملاحظة لغوية ودلالية في أستخدام النص لكلمة النكاح بدل الزواج، مع أن الدلالات اللغوية التي ميزت بها العربية بين الزواج وهو الاقتران الشرعي الذي يرتب حقوق وألتزامات بين الطرفين مصدرهما الشريعة والعقد، ويسمى عقد الزواج عقدا مسمى معلنا بينا بين الناس، لا يحتاج في إثبات نتائجه على الطرفين إلى دليل، فإشهار الزواج بين الزوجين كافيا مثلا لنوال الحقوق الشرعية والنسب والأبوة والميراث وغيرهما، أما النكاح فهو علاقة بيولوجية بين ذكر وأنثى ممكن أن تكون حلالا أو حراما بزواج أو بدونه، والإشارة هنا إلى النكاح الشرعي الذي يجري في ظل ظروف لا تجبر الطرفين على الإشهار أو الإعلام، ويكفي فيها أنه يعقد وفقا للمراد والصيغة الشرعية التي تحلل العلاقة فقط، ومما يثير في موضوع النكاح أنه فقط العلاقة البيولوجية هو نص "والزاني لا ينكح إلا زانية"، فالزاني هو الناكح خلافا للقواعد الشرعية ولا يمكن ان نصف علاقته بأنه زواج أو أنه شكلا من ـشكال علاقة مبررة، فالمناكحة والنكاح المطلوب في التعدد هو إقامة علاقة بيولوجية بين طرفين الهدف منها ليس بالضرورة قيام أسرة وأولاد ونسب، بل هو تحقيق حالة جسدية ونفسية تحصن الطرفين من الوقوع في حالة لا شرعية، فالتعدد هنا ليس في تكوين اسر بعقود زواج بقدر ما هو سد حاجات بأقل التكاليف ويدفع عن المجتمع حالة الفساد والإفساد.
النتائج
أولا _ التعدد كما قلنا في النهاية هو علاج حالة لها أسبابها وتداعياتها ولا تعني رخصة عامة للجميع، ولا هي مبدأ عام في الإسلام يتيح للرجل الزواج بأكثر من واحدة، فالأصل والأستثناء هي الواحدة فقط.
ثانيا _ النكاح عقد بين طرفين محلل الحرمة الشرعية بصحيح أعتباره وينشئ قيود والتزامات متقابلة يضعها الطرفان بأتفاقهما على أن لا تحل حراما ولا تحرم حلالا كقاعدة عامة، لكنها تنشئ ما يمكن أن نسميه رخص في دائرة الحلال نظرا لطبيعة مفهوم النكاح لا الزواج.
ثالثا _ النكاح ليس مشروطا بالأربعة كما يفهم من النص بل جاء التعديد على سبيل التمديد، مثنى أو ثلاث أو رباع وهلم جرا، المهم أن لا يتعدى الحاجة والقسط وشرط اليتم في الطرف الأخر.
رابعا _ المساواة بين عقد النكاح وعقد الزواج والألتزامات الناشئة عنه يعود إلى إرادة الطرفين، فيمكن أن يتحول عقد النكاح مع العدل إلى عقد زواج، ولكن لا يمكن العكس أن يتحول عقد الزواج إلى عقد نكاح لأنه عقد تام كامل وفقا للصيغة الشرعية والأجتماعية وحالة الإشهار وأكتمال الأثر الشرعي والتشريعي فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ 33 في المنامة|


.. أردوغان: لا توجد مشاكل غير قابلة للحل بين تركيا واليونان| #م




.. رئيسة مقدونيا تشعل خلافًا دبلوماسيًا مع اليونان بسبب كلمة..


.. تفجير مسجد ومدرسة بواسطة مسّيرة إسرائيلية في قطاع غزة




.. نائب وزير الخارجية الأمريكي: هناك خلافات بين الولايات المتحد