الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحزان معمارى مسن

محمد حسين يونس

2023 / 8 / 9
المجتمع المدني


في نهاية سبعينيات القرن الماضي .. ذهبت إلي دولة بالخليج بعد إختيارى لاعمل في وظيفة مهندس بإدارة مشروعات ..
أدهشني حجم الإنشاءات الجارى تنفيذها هناك رغم قلة عدد السكان ... عمارات ضخمة قبيحة و متنافرة مع البيئة ذات الشمس الساطعة و العواصف الترابية .. مصنوعة من الخرسانة و الالمونيوم و الزجاج الموصل الجيد للحرارة .. بحيث لا يمكن سكناها إلا ومعها ستائر كثيفة و أجهزة تكييف قوية..و أساليب معقدة لتنظيف الواجهات .
غباء معمارى و مباهاة بالثروة ( مقلدين الأمريكان ) تمثل تلوث بصرى مناقض للبيئة.. وأفكار شاذة و تقاليع معمارية.. تشبر إلي محدودى الفكر و الموهبة .. الذين يصدرون الأوامر و يدفعون الأتعاب.
بعد خمس عقود .. تكرر هذا السخف في بلدى المبتلي بالديون و نقص الموارد .. و الفقر .
عندما شاهدت رسومات البرلمان أو المقر الحكومي أو القصر الجمهورى أو مدينه الثقافة في العاصمة الجديدة .... حزنت .. لقد كان يحكمها ذوق ما نسمية (نفوة ريش ) أو ما كنا نطلق عليهم أغنياء الحرب الذين إمتلكوا أموالا فجأة .. و كان ينقصهم العلم و الذوق .. فجاءات مبانيهم مشوهه .. ليس لها طابع أو طراز تأخذ من كل فيلم أغنية .. فجة في إسراف و رفاهيه ممجوجة و إنفاق في غير محله .. يليق ببتوع الجاز و ليس ببتوع الديون المتلتلة في مصر .
النموذج الذى إختارة حضرات الضباط ليكون نمط إنشاء العلمين الجديدة و العاصمة المحصنة.. المنسوخ عن مدن الخليج .. هو في الأصل نموذجا أمريكيا قام بسبب ضيق الأرض و زيادة الإحتياج للإرتفاع في مناطق معينة... ثم إعتبرة الخلايجة رمزا للتحضر .. و جاء حضرات المخططين المصريين ليقدمونه علي أساس أنه خطط تنمية أم الدنيا لتصبح قد الدنيا
.بصراحة أنا لا يهمني كل تلك الإنجازات التي يتكلمون عنها .. لا تهمني المدن الجديدة .. و لا العاصمة الإدارية .. و لا أن يبنوا علي أرضها أطول سارى علم و اضخم جامع أو كنيسة أو مباني سقيمة المنظر أو قطار كهربائي و مونوريل في بلد تعاني من نقص توليد الكهرباء و تقطعها ساعة يوميا عن كل مشترك
أريد أن اقول.. عن تلك المنشئات ذات الذوق الفج التي صممها مهندسون (أو غيرهم ) من معدومي الكفاءة ..أو أعاد تصميمها( وتشويهها ) سيادة اللواء ذو الذوق البدائي كما جرى في واجهة المتحف الكبير المزمع إفتتاحه .... أو في مدن ناطحات السحاب التي تنشأ علي عجل أو في المساحات الواسعة من الحدائق التي تروى بماء ضنين بالصحراء و ستصبح مقالب قمامة بعد عام أو عامين بسبب عدم الصيانه
الإنفاق غير الموجه لسد إحتياجات حقيقية للناس أصبح سمة هذا الزمن .. و الابهه التي يعيش فيها أسيادنا لا تخفي أن أكثر من خمسين بالمائة من المصريين دخلهم لا يفي بإحتياجات أى نوع من أنواع الحياة المتقشفة.. لتتسع الفوارق الطبقية و تطول شريحة الفقر من لم يتصوروا أبدا أنهم سيحتاجون للحسنة في يوم ما
صدقا .. لو أن هذه المدن عرض ماكيتها علي الدكتور عبد الباقي إبراهيم الذى درس لي تخطيط المدن في الستينيات .. لأخذت تقدير ضعيف ..
فهذه المنشئات ذات الذوق السقيم .. صممها مهندسون ذوى كفاءة منخفضة .. مقلدين و ناقلين .. و ليسوا مبتكرين .. تحركهم .. تعليمات و أوامر محدودى الثقافة .. و ستصبح في يوم قريب بؤر قبح علي جبين الوطن .. متناقضة مع البيئة .. مستهلكة لطاقة مهولة حتي تصبح صالحة للسكن . . في بلد يحتاس مسئولية في إطفاء حريق سوق بالدور الأرضي فما بالك بالذى سيحدث في الدور الخمسين بعد المائة
في بلد لديها مشاكل مع إدارة المرافق ( مياة و صرف صحي و كهرباء و غاز ) لا يمكن قبول تلك الناطحات للسحاب .. و في بلد يعاني من مشاكل ركن السيارات .. سيصبح اسكان مثل هذه الأعداد في أبراج مصاعب مرورية .. و في بلاد .. تعاني من الأتربة يصبح بناء واجهات عملاقة سخف و تشكل صيانتها مشكلة
سيبوا العيش لخبازة .. و بلاش أصحاب العقول المسطحة المقلدة .. إدرسوا بيئتكم و تراثكم لتروا حجم التوافق بين مباني القدماء و بين بيئتها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم يتضمن عقوبة الإعدام.. قانون جديد في العراق يجرّم المثلية


.. غانتس: لا تفويض لاستمرار عمل الحكومة إذا منع وزراء فيها صفقة




.. شبكات | الأمم المتحدة تغلق قضية وتعلق 3 في الاتهامات الإسرائ


.. هيئة البث الإسرائيلية: الحكومة تدرس بقلق احتمال إصدار -العدل




.. الأمم المتحدة: هجوم -الدعم السريع- على الفاشر يهدد حياة 800