الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء أحمر شيء اصفر

دينا سليم حنحن

2023 / 8 / 11
الادب والفن


شيء أحمر يتدحرج على بساط الغرفة، شيء أحمر يتجول في بيتي، شيء أحمر لا يستطيع الوقوف، يتنطنط فيظهر رأسه برهة من فوق طاولة غرفة الاستقبال، ينحني وينهض، الطاولة منخفضة ويظهر نصف رأس، هل هو رأس آدمي؟
تابعت المشهد، تسمرت مكاني لا ألوي على شيء، هل يكون كنغر، أو حيوان بوسوم دخل من الحديقة، ماذا يكون هذا الشيء الغريب؟ لم أستطع معرفة كنه الكائن الذي يتجول له بحريّة تامة، ذهبت إلى غرفة الحمام حيث تركت نظاراتي عندما غسلت وجهي، بعد مضي بعض الساعات في العمل في الحديقة، وضعت النظارات فاتضحت الرؤية، شيء أحمر خرج منه صوت يشبه الجعير، لم يدرك وجودي، خرج من تحت الطاولة وركض نحو الخارج، كان الباب مفتوحا، خرج وبيده دلو الماء الأصفر، الدلو الذي أستخدمه لإرواء مزروعاتي أمام الباب، خرجتُ خلفة مشدوهة، أردت أن أفهم كنه هذا المخلوق العجيب الذي غزا بيتي في لحظة، وخرج منه في لمحة نظر والدلو الأصفر قيد يده.

في الممر أمام البيت، بحث والده عنه " تومي أين أنتَ يا ولدي، تومي، تومي" عندما رآه ركض نحوه وأخذه في حضنه وبكى، أعاد لي الدلو وبدأ يعتذر لي قائلا:
- اعذريني، أنا آسف جدا، يجذبه اللون الأصفر، ابني ذو عاهة عقلية وتشوه خلقي، صغير الحجم والعقل، هكذا ولد، وسيبقى هكذا طوال حياته.
خمدت نار فضولي إزاء الشيء الأحمر، صغير الحجم الذي دخل بيتي متسللا، طفل داكن البشرة لا يملك من صفات الطفولة سوى ابتسامة لا معنى لها، لا يتكلم، لا يضحك، لا يسمع، لا يستجيب، لا يشبه الأطفال العاديين! لم أجد الكلام الذي يجب أن أقوله للأب المسكين الذي احتضن طفله وذهب، وقبل أن يدخل بيت جاري المسن، سألته:
- هل جئتَ لزيارة الجار، كيف صحته الآن؟
- أنا ابنه المتبنى، صحة والدي ليست جيدة، تلزمه عملية أخرى وعلاج طويل.
استفاق فضولي النائم مجددا وسألته مندهشة:
- لم أفهم، يعني جاري لم يرزق بأبناء؟
- له ابن يقيم في جنوب القارة الأسترالية، يتعذر عليه المجيء، فعمله يمنعه من ذلك، يتواصل معه كل يوم عبر الموبايل، بعد وفاة والدتي مرغريت، زوجته، ساءت صحته كثيرا، وأصبح وحيدا تماما، لكنني لن أتركه وسأبقى في رعايته دائما، لكن المشكلة هي ابني معاق كما ترين، ويعاني من الحركة الزائدة، وعلي أن أركض خلفه، لا أستطيع تركه دقيقة، وزوجتي في عملها، على أحدنا البقاء إلى جانبه.
- لماذا لا تضعه في مؤسسة خاصة؟ سألت
- لا إطار يناسب حالته الخاصة، جميع المؤسسات أغلقت أبوابها في وجهنا، هو بحاجة إلى رعاية فردية، وما نزال نبحث عن مؤسسة يمكنها استيعابه. أرجوك سيدتي، لا تتركي باب دارك مفتوحا، ولا تتركي الدلو الأصفر خارجا، لأن هذا الطفل قد أعجب فيه كثيرا، لا أريد ازعاجك، انتقلنا للعيش هنا، عند والدي، فهو بحاجة ماسة لي الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج رشيد مشهراوي من مهرجان وهران بالجزائر: ما يحدث في غزة


.. هاني خليفة من مهرجان وهران : سعيد باستقبال أهل الجزائر لفيلم




.. مهرجان وهران يحتفى بمرور عام يوما على طوفان الأقصى ويعرض أفل


.. زغاريد فلسطينية وهتافات قبل عرض أفلام -من المسافة صفر- في مه




.. فيلم -البقاء على قيد الحياة في 7 أكتوبر: سنرقص مرة أخرى-