الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكيان الشيعي العراقي الموازي من دولة السلطان إلى دولة الولي الفقيه

جعفر المظفر

2023 / 8 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الكيان الشيعي العراقي الموازي
من دولة السلطان إلى دولة الولي الفقيه*

ونعني بالكيان الشيعي الموازي ذلك الذي تشكَّل برفقة العصور المختلفة للدولة الإسلامية عبوراً إلى الدولة العراقية الحديثة المتأسسة في أعقاب الحرب العالمية الأولى والذي لا يمكن إلّا التوقف أمامه لفهم المخاضات التي مر بها العمل الشيعي السياسي في العراق وصولا إلى حالة الصدام مع نظام المركز الذي كان أحد أهم أسباب قيام الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لثمان سنوات مهلكة.
ويبقى الهدف هنا هو توصيف الحالة بمهنية خالصة وصولاً إلى معالجتها وذلك لأجل قيام دولة عراقية متحضرة ومستقلة يتساوى فيها الجميع أمام القانون وتتقدم فيها هويتهم الوطنية العراقية على جميع الهويات والانتماءات الثانوية.
إن مجتمعاتنا التي لم ترتقِ من خلال سيرورة عَلمانية إلى المصاف التي تتراجع أو تنعدم فيها القيم العشائرية والطائفية والعنصرية والعرقية لكي تحل محلها قيم دولة القانون، هي مجتمعات متشظية ومنقسمة على نفسها إلى كيانات قابلة لأنّ تفترق في أية لحظة قد يصنعها الظرف الإقليمي أو الدولي لصالحه فتراه يتلاعب بها على غِرار أهوائِه ووفقاً لمصالحه.
وفي المركز من موضوعتنا هذه يقف العراق الذي لم يسعفه تاريخ ما بعد الحرب العالمية الأولى على إعادة تشكّله كدولة متحضرة فنراه وقد عاد بعد رحلة جاوز فيها قرناً بأكمله، أي منذ تأسيس دولته الجديدة على يد الإنكليز وحتى انهيارها على يد الأمريكيين، عاد إلى وضعه كتجمع لكيانات متفرّقة لا تجتمع مع بعضها على هوية مركزية واحدة فإذا بحاله المجتمعية الممزقة وقد صارت أشد بؤسأ مما وجده عليها فيصل الأول.
وفي هذا الوضع يستطيع المرء أن يلمس كيف أن الكيانات العرقية والطائفية والعشائرية صارت تتقدم على الكيان الوطني الجامع الذي كان آخذاً بالتشكل بما أوجد الحاجة للإجابة عن السؤال الأكثر أهمية والذي يتناول إمكانية عبور العراق من شكله كدولة مرشحة للزوال إلى دولة يتوفر فيها عامل التماهي والانسجام بين حالته المجتمعية المتنوعة وهويته الوطنية الجامعة.
ولا عجب بعدها أن تتقدم موضوعة (الكيان الشيعي الموازي) على كثيرٍ من الموضوعات الأساسية الأخرى التي تستحق البحث المهني المحايد وصولاً إلى اكتشاف كُنهِ المفهوم وجذوره التاريخية والمُخرَجات التي أدّت في النهاية إلى ولادة أفكار ونظريات وافتراضات تدور حول عقيدة الغيبة المؤجِلّة لحاجة بناء دولة إسلامية شيعية بما وفر للمرجعيات الشيعية قدرة النأي بعيداً عن الصدام مع أنظمة المركز، أموية كانت أم عباسية أم عثمانية، ثُمَّ محاولة الانفكاك من أسْرِ تلك العقيدة إلى حالة من الضدية الفاعلة التي تدور حول نظرية نائب الإِمام الغائب التي تمنح الفكر الإثني عشري فرصة الخروج من فقه التأجيل السياسي إلى ثقافة تعجيلية تبشر بجواز بناء الدولة الإسلامية الشيعية حتى في ظل بقاء ثقافة الإمام الغائب، وهي النظرية ذاتها التي أعطت خميني وخامنئي من بعده (شرعية) أن يكون إمام عصره، إضافة إلى كونها أيضاً قد ساهمت كثيراً برصف الطريق نحو انفجار الحرب العراقية الإيرانية.
وكما أرى فإنّ فكرة أو ثقافة الكيان الشيعي الموازي هي هنا ثقافة خاصة بالعراق لوحده وذلك ما جعلني أبحث فيها بهديٍ من تلك الخصوصية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مقدمة كتاب بنفس العنوان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran