الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعتقدات وتضليل العقول

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2023 / 8 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا أحد ينكر أن المعتقدات تسيطر على مجتمعاتنا والتى تشكل للأفراد ثقافتهم الجمعية وهذه الثقافة هى المرجعية التراثية، ‏فمنظومة العادات والتقاليد والمعتقدات هى التى تتحكم فى عقول البشر ولا تترك لها مساحة ما للتفكير فى الأمور البسيطة بل ‏المعتقدات الدينية تعطيه كل الإجابات وعلى المؤمن أن يسأل ويطلب من رجال دينه ليعطوه الإجابات والحلول على مشاكله، ‏المعتقدات هى التى تحد إتجاهاته وتوجهاته الدنيونية التى لا يجب أن يخرج عنها أو عليها، وهذه المنظومة العقائدية تسرى ‏على الجميع والخروج عنها هو خروج عليها يعاقبه رجال الدين التابعين للسلطة السياسية، ليس هناك رؤى جديدة للماضى ‏والحاضر والمستقبل بل هى رؤى ثابتة تأتى من تراث الماضى لتفرض نفسها على الحاضر والمستقبل.‏

هذا الإنسان لا يتفاعل مع الواقع لأنه مشبع بأفكار وصور الجنة وحورياتها أى حياة ما بعد الموت، حياة غيبية تتغلب على ‏قدرات وإرادات البشر فى تغيير بوصلة حياتهم للأحسن لأنهم فى إنتظار تحقيق الوعد العقائدى، ومن هنا توجد الكثير من العقائد ‏القاتلة لكل فكر وإبداع إنسانى ولسان حالهم: ليس فى الإمكان أبدع مما كان، وتصور للإنسان الإعتقادى عدمية المنطق وكما ‏أستطاع فهمه من حياته قال فى سفر الجامعة النبى سليمان الحكيم: " باطل الأباطيل الكل باطل ...كل شئ باطل وسعى وراء ‏الريح ولا منفعة تحت الشمس" !‏

أى منطق هذا الذى يجعلك وأنت كما يقول المعتقدين فيك إنك ملك وحكيم زمانك تلخص لهم تجربتك بعدمية الحياة وأن الكل ‏باطل! أية حكمة عقائدية هذه التى من أجلها تركت ملكة سبأ مملكتها ورعيتها وجاءت إليك لتتعلم منك كلام المعرفة والحكمة ‏الحقيقية؟ لماذا كل هذا التنكر للحياة ومنافعها ومباهجها وعلومها وأنت الذى ورثت الغنى والملك وكنت الحاكم العظيم الذى ‏أمتلك كل شئ، أى خطأ أرتكبته الحياة فى حقك حتى تخاصمها وتنفى عنها أى منافع صنعتها لك الحياة أو لشعبك ولبقية ‏شعوب الارض؟؟

يا لك من كاهن وملك شرير تكشف عن جذور حكمتك الشريرة التى لا نفع منها التى كنت تهذى بها أمام شعبك، وكنت ملك ‏أوهمتك عقائدك بأنك عاقل حكيم لذلك ظل شعبك فى تخلفه وفقره العقلى، ولم يرى أحداً أى عمل أو مشروعات تفيد شعبك بل ‏العمل الوحيد الذى أشتهرت به بحكم عقائدك التى سجنت نفسك فيها هو: هيكل سليمان!!‏

إنها الحياة التى تكشف لنا طبيعة الناس وخصائص شخصياتها وما تملكه من قدرات ومواهب على الأنتفاع بالحياة أو قتلها، ‏وهذا ما رأيناه بمرور الزمن أستطاع بنى أسرائيل أحفاد داود وسليمان أن يورثوا عقائدهم لأولاد عمومتهم العرب، وبدأوا فى ‏أكتشاف عبقريتهم وذكاءهم الحقيقى كما نراهم اليوم، الكثير من العلماء والأغنياء وأصحاب البنوك وغيرهم من شعب بنى ‏إسرائيل رغم عددهم القليل فى العالم، بينما العرب يتعايشون على العقائد ويحكمهم التراث الماضى الثابت وقصور قدراتهم على ‏فهم الفرق بين الماضى والحاضر، وسيظلون عبثاً يبحثون عن ضرورة صنع دولة العقائد القبائلية بدلاً من دولة المدينة ‏الحديثة والمتقدمة.‏

أتذكر رمزاً وعالماً مصرياً كبير هو الدكتور فاروق الباز له كل الأحترام حيث رفع رأس مصر بعلمه من خلال عمله فى وكالة ‏ناسا للفضاء، وفى تقديرى كان يستحق جائزة نوبل عن أعماله وإنجازاته الكبيرة لكن كلنا نعرف أن السياسة تحرك كل شئ، ‏المهم أنه رغم وصوله إلى قمة المعرفة والعلم وحفر أسمه فى الفضاء، إلا أنه أثناء الأستعداد لإقلاع رحلة أبولو وكان من بين ‏رواد سفينة الفضاء نيل آرموسترونج الذى كان بجانب الدكتور فاروق الباز وأثناء حديثهم شعر بخوفه من الرحلة، فما كان من ‏الباز إلا أن أخرج سورة الفاتحة وأعطاها لنيل آرمسترونج لتحميه ويكون الله معه!!‏

لم تغيب صورة الملك سليمان الحكيم القديمة قبل الميلاد، وصورة العالم الكبير فاروق الباز الحديثة عن ذهنى، هذه الصورة ‏البلاغية المعبرة عن ألف وأربعمائة سنة، المعبرة والتى تجيب مع صورة سليمان عن ملايين الأسئلة والمقالات والأبحاث والكتب ‏التى مازالت تبحث عن إشكالية غزو التراث العقائدى لعقل البشر والتحكم فى أفكارهم وسلكوياتهم، والتسليم العقائدى بدون قيد ‏ولا شرط ويصبح هذا التسليم من ضمن القواعد والمبادئ الراسخة التى لا تقبل المناقشة والمسيطرة على مساحة كبيرة من حرية ‏الإنسان العقلية، وبالتالى يظلون فى قصور الجنة ينعمون بها بينما الكفار يستهلكون عقولهم فى البحث العلمى والإختراع!!‏

إخوتى فى العقل,‏
أرجو أن تكون الفكرة واضحة وأختصرتها حتى لا تتشعب الأفكار وافقد الهدف من توصيل الفكرة لكل قارئ، وان نضع أيدينا معاً ‏للخروج من سجن العقائد وأن يعتقد كل فرد فيما يريد الأعتقاد لكن دعونا نحيا بأسم العقل والعمل من أجل إستصلاح وتعمير ‏المساحات الصحراوية التى تعطل العقل عن الإبداع والتفكير البنّاء وشكراً ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وجهه نظر
على سالم ( 2023 / 8 / 13 - 20:44 )
استاذ ميشيل نجيب , حقيقه سردك على الدكتور فاروق الباز اصابنى بخيبه امل ودهشه وتعجب , انه يعيش فى الولايات المتحده الامريكيه وعلى ما اعتقد فهو متزوج من سيده امريكيه واقنعها بالاسلام ووافقت فقط من اجل الزواج وانجب منها اربع بنات مسلمات محجبات ولايختلطوا بباقى الامريكيات الداعرات وهو على امل ان يتم زواجهم من شباب مسلمين وموحدين بالله !! فى الواقع هذا الدكتور يبين لك عن مدى تأثير العقيده على الفرد وهنا هو يلغى عقله تماما من اجل ايمان غامض توارثه عن اباؤه وليس لديه دليل عليه , هذا الدكتور حالف الحظ وتعلم وحصل على شهادات علميه وسافر الى الخارج وهنا يجب ان يكون قد وصل الى درجه كبيره من النضوج العقلى والاجتماعى والفكرى والنفسى , لكنه حبيس بسبب ان عقله ايضا حبيس خرافه الدين , سألوه مره عن الكائنات الفضائيه وهل هو يعتقد فيها وكان رده انه لايوجد ابدا اى مخلوقات من اى نوع فى الكون ؟ العجيب ومن اين وصلت الى هذا الاعتقاد الجازم وانت لم تبارح كوكب الارض الملئ بالكوارث والالام والمحن


2 - حبيس الخرافة
ميشيل نجيب ( 2023 / 8 / 13 - 23:04 )
الأستاذ/ على
بعد السلام والتحية,
أحييك على تعليقاتك المستنيرة التى أتابعها فى الكثير من المقالات وواضح ان ثقافتك تنبع من روحك الإنسانية، والحقيقة أن العرب كما قلت فى تعليقك هم حبيسى خرافة الدين ولن يتحركوا خطوة إلى الأمام ما دام تركيز عقولهم على الدين أولاً والعلم ثانياً، وكل المفكرين والعلماء الذين يعيشون فى بلادهم العربية او هاجروا لم ينفصلوا عن الدين رغم نضجهم العلمى،
وأشكراً على إضافتك التى تشهد على عمق وتجذر الدين فى عقله حتى يحجب بناته دون فهم النصوص وهو العالم المتفتح.
شكراً لك


3 - وعملت حجاب لرجال الفضاء ! - موش لهوي الأحباب
العلم والباذنجان ( 2023 / 8 / 14 - 08:56 )

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=85383


4 - حجاب سورة الفاتحة
ميشيل نجيب ( 2023 / 8 / 14 - 14:16 )
الأستاذ/ العلم والباذنجان
خالص الشكر والسلام,
أشكرك على هذا الرابط الجميل من أستاذنا الكبير / صلاح الدين محسن، الذى أوفى الرد على فعلة الدكتور الباز حقها، وهو خير من يفصل تلك السلوكيات التى لا ينتظرها مثقف من عالم بقامة فاروق الباز.
وأشكرك انك فكرتنى بأن ما فعله الدكتور فاروق أسمه حجاب، بالطبع ما أورته ققد أفادنى وأفاد القراء وأسعدنى التعرف على باقى تفاصيل مقال الأستاذ صلاح، لكنى أريد أن أشكرك بأسمك يا أستاذ/ باذنجان!! أعتقد بايخة على الأقل كنت كتبت أى أسم يعجبك فأنت لم تقول أى شئ خطأ بل تعليق جميل يحتاج ترتيب عنوان التعليق أن يكون مختصراً لتجذب به القراء مثل العلم والباذنجان، أما الجملة الكبيرة التى كتبتها كعنوان كنت كتبتها فوق الرابط ليفهم القارئ إن الموضوع جاد وليس به هزار أو تهريج.. إيه رأيك ؟ عامة أشكرك على تعليقك القصير السريع الذى أصاب هدفه بدقة.


5 - الكل باطل وقبض الريح
Magdi ( 2023 / 8 / 14 - 19:24 )
1 - سليمان كان له أسبقية التشاؤم بمقولة : باطل الأباطيل ، الكل باطل وقبض الريح ..السيد المسيح كان يقول : مملكتى ليست فى هذا العالم + ماذا ينفع الأنسان لو كسب العالم كله وخسر نفسه .القرآن أشار إلى ( متاع الغرور).
2-أكبر الفلاسفة كانوا متشائمين جدا ومنهم العظيم شوبنهاور والذى أتبعه سيروان . يقول مازحا:
من حسن الحظ أن الأنتحار ممكنا ، لو لم يكن الأنتحار ممكنا لأنهيت حياتى من زمان.
3 - الكوارث الكونية ( فضلا عن الحروب والأوبئة والجماعات ..) لن تمنع أنسان من الصراخ عند الأحساس بوجع فى الأسنان .. مصائب الغير لن تساعدنا عند فقدان أعز الأحبة ولن تمنعنا من البكاء
4 - أغنية فرنسية تقول : متعة الحب لاتستمر سوى لحظة أما الشجن فى الحب يستمر مدى الحياة
https://www.youtube.com/watch?v=gBfKlxZ6n9I
---
Add
ترجمة عربية
https://www.youtube.com/watch?app=desktop&v=IAN5b80KRyc
تحياتى للأستاذ ميشيل نجيب والحضور .مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki


6 - ثقافة الأوهام
ميشيل نجيب ( 2023 / 8 / 14 - 21:11 )
الأستاذ/ مجدى
تحية وسلام,
الحقيقة أن الثقافة فى المجتمعات العربية خلفيتها دينية كهنوتية حاخامية دمرت خلايا الدماغ السليم ، فإذا كان دماغ مثل سليمان او فاروق الباز بالتحديد وصل إلى هذه الدرجة فما بالك بالبسطاء من الناس سواء اكملوا دراستهم المتوسطة أو الجامعية، تخيل موقفهم وتفكيرهم يتساوى فجأة بجوار قامة أحد العلماء؟؟!!
ثقافة الدين ثقافة بالغة الخطورة خاصة إذا تشربها جميع أفراد المجتمع حتى النخاع، الجميع يعيش
على اوهام الدين الغيبية على رجاء الذهاب إلى جنة تعوضه عن عالم الأرض الفاسد الشرير
أشكرك على ذوقك الرقيق اغنية رائعة اول مرة اسمع لهذا الفنان منذ أيام داليدا ومارى ماثيو، وبالتوفيق فى حياتك بفرنسا وانا اعيش بإيطاليا, شكراً لك


7 - ثقافة الأوهام
ميشيل نجيب ( 2023 / 8 / 14 - 22:36 )
الأستاذ/ مجدى
تحية وسلام,
الحقيقة أن الثقافة فى المجتمعات العربية خلفيتها دينية كهنوتية حاخامية دمرت خلايا الدماغ السليم ، فإذا كان دماغ مثل سليمان او فاروق الباز بالتحديد وصل إلى هذه الدرجة فما بالك بالبسطاء من الناس سواء اكملوا دراستهم المتوسطة أو الجامعية، تخيل موقفهم وتفكيرهم يتساوى فجأة بجوار قامة أحد العلماء؟؟!! يعنى كلهم موتى بالذبحة الدينية على رجاء الجنة السماوية!
ثقافة الدين ثقافة بالغة الخطورة خاصة إذا تشربها جميع أفراد المجتمع حتى النخاع، الجميع يعيش
على اوهام الدين الغيبية على رجاء الذهاب إلى جنة تعوضه عن عالم الأرض الفاسد الشرير
أشكرك على ذوقك الرقيق اغنية رائعة اول مرة اسمع لهذا الفنان منذ أيام داليدا ومارى ماثيو، وبالتوفيق فى حياتك بفرنسا وانا اعيش بإيطاليا, شكراً لك

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب