الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب هم الدفقة الحيوية للحياة المدنية

قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)

2023 / 8 / 13
المجتمع المدني


من المعروف أن صفة الشباب تطلق على الفئة العمرية التي تتراوح ما بينعام 14-30 من عمر الإنسان، وبعض علماء نفس النمو يحددها من السن الثامنة عشر حتى الأربعين وهي أفضل وأخصب وأجمل مراحل العمر، وبهذا وصف الشباب بأنه سلطان العمر! وزهرة العمر، وربيع العمر، فالشباب هو القوة والجموح والتدفق والحيوية والنشاط والطاقة الخلاقة والمغامرة والتنافس والتميز والحب والفرح والبذل والعطاء ففي هذه المرحلة العمرية تتفتح براعم الشخصية وتتكشف المواهب والقدرات الفردية عند الإنسان ذكرا كان أم أنثى. وفي هذه المرحلة العمرية البالغة الأهمية والخطورة في حياة الإنسان يزداد الشعور بالذات والانا والهوية الفردية المستقلة، والوعي العميق بالعالم والحياة والمستقبل، والشباب هو أخصب مراحل العمر الجسدية والعقلية، فهو سن ظهور العبقريات والابتكار والإبداعات العليمة والأدبية والفنية والرياضية. الخ. وقد أعتدنا على ترديد القول بأن (الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل) لكن الإحصائيات الرسمية تشير إلى إن نسبة الشباب العرب بين السكان هي أكثر بكثير، وذلك بسبب عوامل كثيرة من بينها انخفاض متوسط عمر الإنسان العربي ما بين 50-60عام. والحروب والنزوح والهجرة والفقر والمرض.. الخ. وعلى مر العصور كان الشباب هم الطاقة الحيوية الخلاقة التي تبعث الحياة والقوة والأمل في الجسد الاجتماعي وتمده بالدماء الجديدة والعقول الرشيدة إذ عليهم تُعقد الآمال وتتطلع الأفئدة إلى أفعالكم الطيبة ومشاريعكم المباركة في بناء المجتمع المدني العربي الجديد , غير أن ما ينبغي علينا أن ندركه اليوم هو أن المستقبل لا ينتظر أحد, ولا يتحقق بالمعجزات أو بالأمنيات , بل هو ما نصنعه نحن هنا والآن بأيدينا وعقولنا وتعاوننا , فإذا تركنا هذه اللحظة تمر بالتخاذل والخذلان والكسل واللامبالاة فمن المؤكد أن مستقبلنا سيكون خاسر , وإذا ما جعلنا من هذه اللحظة التي نعيشها الآن لحظة فاعلة ونشيطة وزاخرة بالحيوية والإنجاز فلا ريب أن المستقبل سيكون أفضل , فلا يحصد المرء إلا ما زرعه بيده (ومن جد وجد ومن زرع حصد((ومن يزرع الرياح يحصد العاصفة) ومن يزرع الخير والجد والعطاء يحصده ! والعمر قصير جداً فمن غير الجائز أضاعته في الانتظار فما لم نفعله اليوم يصعب اللحاق به غداً، والزمن أغلى وأثمن شيء في حياة الإنسان، أنه الحياة ذاتها، وأي تبذير للوقت هو تبذير للحياة. وقديماً قال الشاعر " ألا ليت الزمان يعود يوماً لا خبرة بما فعل المشيب!
لكي يؤثر الشباب والشابات في مرحلة البناء والعمل وتطوير النسيج الاجتماعي المدني، لابد من امتلاكهم/ كهن/ واكتسابهم/ كهن/ المعارف والمهارات والقدرات الفكرية والفرص لتلبية احتياجاتهم واحتياجات المجتمع، حيث تبرز أهمية استقلالية الشباب ومسؤولياتهم في معرفة حقوق الإنسان وقواعد القانون والانفتاح والتوسع وتشجيع الحوار بين الثقافات والوصول إلى القيم الإنسانية والنزعة الإنسانية، على اعتبار أن الإنسان هو مصدر المعرفة لإلغاء سلطة الظلم والاستبداد والتمييز والعنصرية بأساليب حضارية وسلمية ومدنية وإنسانية، تنبني على ثقافة التسامح ولغة الحوار، وما انجذاب الشباب إلى العمل من داخل تنظيمات المجتمع المدني، واهتمامهم بالفعل المؤسساتي المجتمعي، إنما هو إيمانهم بدورها القوي والمؤثر في إحداث التغيير والإصلاح لتحقيق حرية وكرامة الإنسان وتطوير المجتمع وتنميته.ويعد الشباب بحضورهم ونشاطهم التطوعي جوهر الحياة المدنية في المجتمعات المعاصرة لاسيما في عصرنا الحديث بعد ان اتسعت وتعقدت مجالات الحياة وعلاقاتها المتشابكة "إذ أن الحكومات, سواء في البلدان المتقدمة أو النامية, لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها, فمع تعقد الظروف الحياتية ازدادت الاحتياجات الاجتماعية وأصبحت في تغيّر مستمر, ولذلك كان لا بد من وجود جهة أخرى موازية للجهات الحكومية تقوم بملء المجال العام وتكمّل الدور الذي تقوم به الجهات الحكومية في تلبية الاحتياجات الاجتماعية, ويطلق على هذه الجهة المنظمات المدنية. ان الشروط الضامنة لريادة الشباب في مؤسسات المجتمع المدني تتمثل في تشجيعهم وإعطائهم الفرصة في التعبير عن تطلعاتهم وآرائهم مع أهمية زيادة انفتاح قيادات مشاريع التغيير على أفكار الشباب وطموحاتهم، والدفع بهم نحو القيام بمبادرات تنموية فاعلة مع التأكيد على ضرورة إدماجهم في مشاريع التغيير والإصلاح الوطنية إلى جانب رفع مستوى مشاركتهم في القيادة لتلك المشاريع، والعمل على استبعاد نظريات الإقصاء و التهميش لهم، وتعزيز استقلالية الانتماء والمواطنة، وأن تعيد الحكومات النظر في سرعة تشريع القوانين المؤطرة لحركة المجتمع المدني، ومن جهة أخرى فإن على الشباب هم أنفسهم أن يبادروا في اطلاقات المبادرات والمشاريع، وأن يكون مؤثرين وفاعلين في المجتمع".
وإذا ما أردنا تلخيص الشروط الضرورية لتمكين الشباب من صناعة المستقبل فيمكننا اجمالها في الآتي: إصلاح النظام التربوي والتعليمي إذ لا يمكن تغيير شيء يذكر في الاقتصاد والإدارة والسياسة والثقافة والأخلاق مالم يتحقق تغيير سيكولوجي تربوي عميق في بنية الشخصية العربية ومالم تتكون الرغبة والقدرة على التفكير والعمل بطريقة جديدة ورؤية واضحة، غير انه ينبغي إلا يغيب عن بالنا ونحن نسعى لبحث مسالة تأهيل وتنمية الشباب لصناعة المستقبل إذ أن عملية تعديل الاطر القديمة أو اكتساب الاطر العقلية الجديدة، غالبا ماتكن عملية عسيرة، بل واحيانا مؤلمة وشديدة التعقيد، ويظهر ذلك بوضوح، اكبر عندما لا يكتفى بمجرد إعادة ترتيب مكونات تلك الاطر الفكرية، وإنما ادخال اطر مطورة اساسية " ويرى شيت مايرز" في كتابة (تعليم الطلاب لتفكير الناقد)، أن احد اسباب كون عمليات إعادة هيكلة التفكير مؤلمة هو أن الاطر الفكرية ليست قضايا معرفية بحته، وإنما فيها جوانب شخصية وعاطفية كثيرة بما في ذلك من قيم ومعتقدات. وتعمل القيم الشخصية كشبكة تعرض من خلال الخبرات ". ويذهب" ينفر" إلا أن لكل منا نظرته الضمنية عن العالم وطريقة عمله وان تلك النظرة التي لم تتعرض للاختبار، والموجودة في اللاوعي، هي التي تمكنا من صياغة وتفسير وفهم عالمنا... وهي تشكل نظام معتقداتنا ومنظورنا الشخصي وهي بذلك تصبح العدسات أو أجهزة التقنية البصرية لخبراتنا اليومية إذ تملي علينا ما نراه، وكيف نفسره وهذا يعني أن نتعلم طرق جديدة في التفكير والتربية لابد أن يتضمن تحديا للنظريات المختزنة داخليا لدى الطلاب وتعليمهم منظورات جديدة لتفسير الأمور، هذه العملية لا يمكن أن تمر بسلام بل سوف تكون مشحونة بدرجة عالية من الانفعال والمجابهة والسخونة والتحدي، ولأكن مادام الحاسم في تطور أي شعب وفي جميع ألازمنه هو العامل البشري، فلا مندوحة لنا من البحث في هذه الإمكانية المجربة.وبدون أن يتحقق انعطاف جذري في عقول وأمزجة ومشاعر أفراد المجتمع من الأسفل إلى الأعلى بالعكس، فلا يحق لناانتظار شيء يذكر من المستقبل. (يجب أن نبتدئ بالمدرسة _ سوف يتكون مجتمع الغد في المدرسة أو لن يتكون. ‏ فالمثل الأعلى للمؤسسات الأكاديمية التكوينية لا يتمثل فيما تزود به طلابها وطالباتها من معارف ومهارات ، بقدر ما يتمثل اكسابهم المقدرة على الفهم وأن وظيفة المؤسسة الأكاديمية تتمثل في مقدرتها على تحويل معرفة الأولاد والبنات إلى قدرة الرجال والنساء. بحسب وايتهد.
لعلكم سمعتم عن كتاب (الشوامل والهوامل) فقد كان البدو في الصحراء ولا زالوا يطلقون جموع الإبل في الصحراء بحثاً عن الماء والكلأ ويسمونها الهوامل، ويحتفظون بثلاث إلى سبعة من الابل العتاق بقرب مضارب خيامهم، ويسموها الشوامل! إذ يطلقونها بعد بضعة أسابيع من غياب الهوامل لتقوم بجمع شملها والعودة بها إلى ديارها، ولابد من منح فرصة للقيادات الشابة لتكون هي شوامل اليوم وجعلهم رواد مشاريع بناء المجتمع الجديد التي ستظهر نتائجها المثمرة على المدى البعيد. يقول المثل الصيني : إن تبذر بذرة فستجدها سنبلة بعد عام، وأن تغرس شتلة فيمكنك أن تحصل الثمار بعد أعوام، أما حينما تنشئ الشباب والأطفال فأنت تسهم في تنمية وتأهيل الأجيال على مدى مئات الاعوام. فالمستقبل لهم ومن يأتي بعدهم أما نحن جيل ما فوق الخمسين فلم يعد لدينا غير الذكريات والحنين وكل ما نستطيع قوله اليوم:

بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني
فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النحيبُ
فيا أَسَفا أَسِفتُ عَلى شَبابِ
نعاه الشَيبُ وَالرَأسُ الخضيبُ
عريت مِنَ الشَبابِ وَكانَ غضا
كما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القضيبُ
فيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يوما
فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية