الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الاعتداء على شرطة المرور

ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

(Dhiaa Al Mayah)

2023 / 8 / 14
المجتمع المدني


إزدادت في الآونةِ الأخيرة ظاهرة الإعتداء على رجال شرطة المرورً من قبل حمايات المسؤولين أو من أفراد عاديين أو من سائق عجلة مايسمى ب (التكتوك) أو من سائق سيارة الأجرة، بل وصل الأمر إلى اعتداء بعض النسوة ايضًا على ضابط مرور وهو يؤدي واجبه الرسمي. وهذه الإعتداءات (بجانب إعتداءات أخرى حصلت على معلمين في مدارسهم وأطباء في مستشفياتهم) حصلت في شوارع بغداد أمام انظار ومسامع الناس. كل هذه الحوادث وأكثر وثقتها كاميرات المراقبة وكاميرات الهواتف الخلوية. فكيف من الممكن أن نفسر عمليات الإعتداء هذه على أفراد يؤدون واجبهم الوطني؟
يرتكز عمل شرطي المرور على مجهوده البدني لتنفيذ واجباته في وقت خلت فيها بغداد من إشارات المرور وأصبحت الفوضى عارمة، إذ أن معظم الشوارع غير مخططة ولا منظمة ومليئة بالمطبات والحفر والتشوهات، وخطوط السير السريعة دون حواجز جانبية، في وقت كثٌر فيه سائقي السيارات (وبعضهم مراهقين) من الذين لا يحملون إجازات السوق النظامية كما وكثرت في شوارع بغداد الدراجات النارية و"التكتوك" و"الستوتة" ونحن نعلم جيدًا معظم سائقي هذه العجلات هم صغار السن ومراهقين. ضمن هذه الفوضى العارمة، فقدت الناس أعصابها بسبب الإزدحامات والتزايد غير المنظم في أعداد السيارات في بغداد مع محدودية الشوارع و الطامة الكبرى اغلاقها بعضها ايضًا، فضلا" عن إفقتقار كثير من السيارات الى مواصفات الأمان بل خلو بعضها من الأرقام، ناهيك عن أثر حرارة الجو اللاهبة. فهل يمكن أن نتصور شوارعنا بدون رجال المرور؟
من ذا الذي يعتدي على رجل المرور وهو موظف عمومي لا ينتمي لحزب أو تشكيل سياسي ولا يعمل لدين أو مذهب أو طائفة. رجل المرور يؤدي مهنة من أشرف المهن في وقتنا الحاضر منذ الاحتلال الأمريكي ولغاية يومنا هذا، فلنقدر ما يقوم به قليلًا بل ونحترم تلك المهنة النبيلة .
قال لي أحد الأساتذة أنه؛ آبان الأيام الأولى لاحتلال أمريكا للعراق وسقوط نظام الحكم وحصول الفوضى وكثرة السرقات والإعتداءات على الأفراد وإضطرار الناس إلى حماية أنفسهم بأنفسهم، إضطر كثير منهم إلى تشكيل مفارز أهلية من المواطنين وهم يحملون السلاح لحماية عوائلهم ومناطقهم السكنية من الإعتداءات التي كانت تحصل حينها. كأن أستاذي الجليل يحكي الأمر بمرارة، لكنه أستطرد معربا" عن فرحته في تلك الأيام حينما شاهد شرطي مرور ينظم سير المركبات في ساحة عدن ببغداد، فقال لقد عرفنا حينها أن الدولة موجودة والحكومة موجودة رغم ضعف الأمان إلا أن فرحتنا حينها بوجود رجل المرور في الشارع لا توصف. لهذا فشرطي المرور العراقي وحسب أحداث العراق يختلف عن أي شرطي مرور آخر في العالم.
منذ الاحتلال الأمريكي وليومنا هذا، يمارس رجل المرور عملا حكوميا" مقدسا مع تقديرنا لجميع الموظفين العموميين في جميع دوائر ومؤسسات العراق. وانطلاقًا من هذه الحقيقة، فرجل المرور يستحق منا تقديرا ودعمًا لمهنيته ولجهاده في شوارع غير نظامية، يجب أن نمجده بذكرً بسيط في شوارع بغداد تعبيرًا منا عن امتنانا وشكرنا لدوره في تنظيم سير المركبات. ولعل تخصيص يوم وطني خاص بشرطة المرور (عدا يوم المرور العالمي) يليق بما يقدمه هذا الجهاز من جهود ولنحتفل بهم وبدورهم الكبير في أيام العراق العصيبة .
وآخر ما نُنهي به الكلام، إذا كان الجيش العراقي هو قلب العراق، فإن شرطة العراق هم الشريان المغذي لهذا القلب. فدولة بلا قانون، دولة لا وجود لها، وقانون بدون تطبيق عام ليس بقانون. ورجل المرور يمثل جزء من القانون وبالتالي الدولة إذًا هو العراق، فكيف يتم الإعتداء على العراق؟ يا من تمتلكون السلطة أين سلطتكم على من يهين العراق! ندائنا بإن توقفوا الإعتداءات على صانع المجد والحضارة، بلدي العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة الرابعة | متطوعة سعودية تلفت الأنظار.. ولاجئون يسمون مو


.. الترحيل إلى رواندا.. هواجس تطارد المهاجرين شمال فرنسا الراغب




.. نشرة الرابعة | النواب البحريني يؤكد على استقلال القضاء.. وجه


.. لحظة استهــ ــداف دبـ ـابة إسرائيلية لخيام النازحين في منطقة




.. عشرات المستوطنين يعتدون على مقر -الأونروا- بالقدس وسط حماية