الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ انتصار معركة الشهيدين الدريدي وبلهواري..

حسن أحراث

2023 / 8 / 15
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


14 غشت 1991، كان يوما استثنائيا بدهاليز المركز الاستشفائي الجامعي (CHU) ابن رشد بالدار البيضاء (موريزكو). لم يكن الأمر كذلك سابقا، حيث كان يوما كباقي الأيام المتداولة..
صبيحة ذلك اليوم الاستثنائي، اشْتدّت الحراسة وكثُر الدخول الى "دهليزنا" والخروج منه. لا عِلْم لأحدٍ بما كان يجري، الحُرّاس في ذهولٍ وطاقم التمريض ونحن أيضا (نور الدين جوهاري وأنا المضربين عن الطعام).
خَفَتَ الذهول في اليوم الموالي، 15 غشت، عندما أخبرتنا رفيقتي نعيمة، الممرضة حينذاك بنفس الدهليز، بأن بلاغا قد أعلن الليلة الماضية "العفو" عن بعض المعتقلين "السياسيين". من جانبنا، اعتبرنا "العفو" لا يعنينا. ورُبما تشديد الحراسة كان من باب مراقبة أي حركة ومتابعة أي محاولة للتواصل معنا، خاصة من طرف العائلات.
لكن "اللُّغز" لم يعرف نهايته حتى منتصف يوم 16 غشت. فبشكل غير متوقع، امتلأت زنزانتي/غرفتي بكل أصناف البوليس ودرجاتهم؛ فبادر أحد المسؤولين قائلا: "على سلامتكم، عفا عليكم سيدنا"، وهو ما حصل بزنزانة/غرفة الرفيق جوهاري. كان اسمي آخر اسم بلائحة "المُعفى عنهم" (39). وقيل لنا فيما بعد أن اسمينا (جوهاري وأنا) أضيفا الى اللائحة في آخر لحظة..
كانت حقا لحظة انتصار لمعركتنا، معركة "لا للولاء"، معركة الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري التي انطلق طورها الثاني وبدون توقف يوم 23 يونيو 1985. أما انطلاقة أو رصاصة معركتنا الأولى، فكانت يوم 04 يوليوز 1984. وخلّف إجرام النظام شهيدين وعاهات مستديمة في صفوف العديد من الرفاق، ومن بينهم الرفيق الفقيد لحبيب لقدور، الشاهد والشهيد..
ما يزيد عن ست سنوات من المعاناة والألم والحصار (الزيارة ممنوعة) بكاشو "بولمهارز" بمراكش وفيما بعد بدهاليز "موريزكو"، بالنسبة لنا ولعائلتينا..
ما يزيد عن ست سنوات ونحن مُقيّدين الى الأسِرّة، لم نَرَ أثناءها شمساً ولا أُفقاً ولا فرداً من أفراد عائلتينا إلا خلسة أو "مغامرة" من طرف بعض عناصر الحراسة الطيبين..
تبخّرت آلام ومعاناة ما يزيد عن ست سنوات، بل ما يزيد عن سبع سنوات (منذ اعتقالنا سنة 1984)، أمام الانتصار الباهر المُخضّب بدماء الشهيدين مصطفى وبوبكر..
كان زادنا الأمل والثقة في النفس وفي بنات وأبناء شعبنا..
إنه درس علّمني أن الاقتناع بالقضية والصمود يقودان الى الانتصار..
وإنه الدرس الذي يسكنني اليوم وغدا..
فيما يلي نصّ/لقطة من كتاب حسن أحراث "مجموعة مراكش.. تجربة اعتقال قاسية" بعنوان "عفا عليكم سيدنا":
كانت كلمة "سيدنا" تطاردنا باستمرار، "عديان سيدنا"، "قال سيدنا"، "مالكم مع سيدنا؟"، "آش دار ليكم سيدنا؟"، وتُوّج هذا المسلسل بجملة "عفا عليكم سيدنا".
بعد ظهيرة يوم 16 غشت 1991، اقتحم جيش من المدنيين و"العسكريين" (بوليس بالزي الرسمي) زنزانتي. وقبل أن أسترجع أنفاسي من هول ما رأيت، خاطبني الضابط المسؤول عن الحراسة قائلا: "عفا عليكم سيدنا".
نزع الشرطي المسؤول عن حراستي القيد من يدي، ونزعت "المسبار" (SONDE GASTRIQUE) مباشرة من أنفي، أو بالأحرى من معدتي.
فهمنا دلالة الجملة "عفا عليكم سيدنا"، إنها إعلان انتصارنا؛
انتصار معركة الشهيدين..
لم نساوم؛
لم نركع؛
لم نطلب العفو...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام