الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن من يعشق خلق الالهه

ناديه كاظم شبيل

2006 / 11 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا اظن ان هناك شعبا يجيد صنع الطغاة كالشعب العراقي ،انه شعب يعشق الحزن والبكاء والرثاء ، فما ان يعتلي احد ما كرسي الحكم حتى يبدأ ابناء الشعب بالهتاف له وألقاء قصائد الشعر الرنّانه التي توصله الى مصاف الالهه ولا اقول الانبياء ،لان الانبياء بطبيعتهم يتميزون بالتواضع والبساطه فلا يكاد معاصريهم ان يفرقون بينهم وبين اصحابهم .كنت طفلة عندما حدثت ثورة الرابع عشر من تموز المجيده ،لقد رقص الناس وقتها وتغنّوا للبطل المقدام المرحوم عبد الكريم قاسم ،وبدون وعي منّا نحن الصغار تسرّب هذا الحب العارم في قلوبنا النقيه ،وأخذنا نردد ما نسمعه من الكبار :جبريل ناده بالسمه ماكو زعيم الاّكريم ، لينين ناده بموسكو ماكو زعيم الاّ كريم ، ديمقراطيه وسلام عيني كريّم للامام . وغنت المطربة المتالقه مائده نزهت العديد من الأغاني المعبّره عن هذا الحب : ياكريم احفظ كريم ،هو ابونه هو اخونه، شلّت الأيدي الأثيمه .وغنّى الأطفال في المدارس كل يوم :عبد الكريم كل القلوب تهواك عبد الكريم رب العباد يرعاك .غنى الشعراء وتفننوا في طريقة القاء القصائد ،وكانت كلّها صادرة من الأعماق ،بلا زيف أو نفاق ،مرّت الأيام وتآمر المتآمرون ،وتسامح الرجل وهو المشهور بجملته الشهيره :عفى الله عما سلف ،وفجأة بدأ الحماس يهدأ عند ابناء الشعب ،ثم عم الملل النفوس ،وبدأت الراديوات تغلق كلما اذيع برنامج (من خطب الزعيم عبد الكريم قاسم ) ، ثم بدأ السباب المبطن ،واخذ البعض يؤلّف نكاتا سخيفة في حق الوطني الذي يشهد له الجميع بذلك والذي استشهد وهو لا يملك دارا وكان بشهادة اعدائه نزيها متفانيا في خدمة جميع ابناء الشعب ،حتى انه لم يتزوج طيلة حياته وكأني به كان عالما ما كان سيؤول اليه مصيره ، فهو اعرف بمزاج ابناء شعبه . الملفت للنظر ان عشق الزعيم قد ولد من جديد في نفوس ابناء الشعب العراقي بعد استشهاد ه ، واخذت محاسنه التي اختفت في في اواخر ايام حكمه تبرز في ضمائر المخلصين ،وصدرت العديد من المؤلفات عن سيرة حياته ،وتخصص البعض منهم في هذا المجال لدرجة اثارت العديد من التساؤلات :ترىما السر في انتشار كل هذه الكتب الان ،واين كان اصحابها ؟ ما هذه القدسية التي يعطيها الموت للأنسان كائن من كان فينسينا اننا قد تخلينا عنه في اصعب الظروف التي كان يمر بها ولم نلتفت اليه الا في ساعة الصفر ؟ لم نحن جبناء عن قول الحق في وجه الطغاة ،فلم نذكر محاسن موتانا الاّ بعد ان يتأكد لنا بأننا قد بعدنا قارّات عن اعدائهم ؟ لقد عقدت العديد من الندوات والقيت العديد من المحاضرات التي انصفوا فيها الرجل ولكن بعد فوات الأوان.
جاء طاغية عصره صدام على حين غفلة من الزمن ومن الناس ايضا ، مجرم متشرد محترف ،يوجهه خاله اللص على التفنن في فن القتل والنهب ،لم ينعم في حياته بأم حنون كباقي اقرانه ،سامه زوج امه اشد العذاب ،فزرع في قلبه حقدا شيطانيا جعله يكره الجميع ويتمنى قتل كل من يصادفه ؛وهو المعروف بقتله اقرب الناس اليه،وتسببه في ترمل ابنتيه . لقد استطاع هذا الطاغيه ان يدخل الرعب في قلوب ابناء الشعب كيف لا وهو المشهور بأبي طبر،وهل ينسى العراقيون تلك الأيام الرهيبه؟ رغم هذا تغنى له الشعراء ورقص له الأطفال والقى رؤساء العشائر الأهازيح ورقصوا له وتثنوا وتخلوا عن الوقار،وقبّل ضبّاطه وحرّاسه كتفيه ،وتلقّى الاف الهدايا ،وخلعت النساء مجوهراتهن واهدينها مرغمات لأبي القادسيه الثانيه،وحوصر الشعب اقتصاديا في ام المعارك وذوّب الأبطال في احواض التيزاب ،وقطّع الأحرار وادخلهم في مفرمة اللحوم البشريه ، رمّل الاف النساء ،وفرّق شمل الأحبّه ،قتل الأطباء والعلماء ،واخرس كل من يهم ان يقول له لماذا ياسيدي الرئيس؟قتل ابناء بلدته والذين يحملون نفس مبادئه ونفس لقبه واذكر منهم الدكتور راجي التكريتي وحردان التكريتي ،والاف الاسماء التي يبكيها احبّتها كل يوم ، لقد اصبح نهار العراق ليلا طويلا مظلما ،تسلم الامهات جثث فلذات اكبادهن ويطالبن بثمن الطلقة المشؤومه بعد ان يكتب على جبين الشهدا ء كلمة مجرم او جبان ،شرّد الاف العراقيين لاسباب سياسيه او عرقيه ، واعتدى على شرف العراقيات ،وقتلت من قتلت غسلا للعار وهن اشرف من ماء المطر ،ولدت الطاهرات في سجونه النتنه اطفالا بلا نسب ، ومع كل هذا صفق الشعب له وصرخوا : بالروح بالدم نفديك يا صدّام ، لقد عبدوه بالسنتهم وكرهوه من اعماق قلوبهم ،ملأ الارض بشرا ،دفنهم احياء وتلذذ بصراخهم ويغنّون له :هله هله بيك هله وبجيتك ترد الروح هله ياشوفتك ،واكثر ما يدمي القلب اغنية المطربه رباب :ام الشهيد تكول حنّت اديّه ياريت عندي من الولد للوطن ميّه.يحصل والد مخبول على نوط شجاعه لانه قتل ولده المتخلف عن الالتحاق بالجبهه رغم علمه بان ابنه كان في اجازة مرضيّه ،ترك صدام في كل بيت انين وعويل وفي كل قلب جرح غائر، في لحظة اعلان الحكم لم اشعر باية فرحه ،فلقد امتص الحزن العميق والانتظار الطويل وميض فرحة الاعدام لأنه قد جاء في وقت متأخرا جدا.
رجائي الحار اقدمه لكل عراقي غيور على بناء عراق جديد : لا تصفقوا للرؤساء ولا تقبلوا اكتافهم ولا تهتفوا لهم ولا تقدموا اولادكم وبناتكم ضحايا لهم،لا تنتخبوهم قبل ان تعرفوا ماضيهم ، وعلى الصحافة ان تكون نزيهه وفي خدمة المواطن فقط ،وان لا تخش في الحق لومة لائم فلقد تسببت الصحافه ووسائل الاعلام في السويد في استقالة ثلاثة وزراء في الحكومه السويديه الجديده لانها وجميع وسائل الاعلام قد فضحتهم وعرّتهم للمواطنين علما بان جرائمهم لا تقارن بالجرائم التي يقترفها الوزراء في بلداننا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: ما هو المشهد السياسي الحالي؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. غزال يصطدم بحافلة مسرعة ويقتحم زجاجها الأمامي.. شاهد رد فعل




.. بوتين يتوعد الغرب بالرد بعد قرار تسليح أوكرانيا بأموال روسيا


.. بايدن وزيلنسكي يوقعان اتفاقية أمنية لمدة 10 أعوام|#عاجل




.. واشنطن تواصل مساعيها لدفع مقترح بايدن .. وحماس تتمسك بشروطها