الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الراسِبُ يَرفعُ يدَه

حسام محمود فهمي

2023 / 8 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


اِحتجَ الطلابُ وتَجَمهروا في كلياتٍ وعبرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي، لماذا؟ لأن الرسوبَ جماعيٌ في كلياتِ الطبِ وطبِ الأسنانِ بجنوبِ الوادي، وفي كلية الحقوقِ بالإسكندرية. الرسوبُ بمعنى إعادةِ العامِ الجامعي هو وجوبُ دخولِ الاِمتحاناتِ مرة أخرى في غالبيةِ الموادِ. هل إتفقَ أعضاءُ هيئةِ التدريسِ على رسوبِ الطلابِ؟؟ قطعًا لا. ذكرني الرسوبُ في الاِمتحانات بما رواه لي صديقٌ، كان كلما سألَ إبنَه "عملت إيه في الاِمتحان؟"، تكون إجابته "لبلب يا بابا لبلب"، إلا أن الرسوبَ عادةً نتيجَتُه!! وهو ما يُرى في شكاوى الطلابِ من رسوبِهم على الرغمِ من أنهم أحسَنوا الإجابةَ!! منطق "لبلب يا بابا لبلب" يعني أن الطلابَ لا يمَيِّزون الصوابَ من الخطأَ، وأنهم لا يَشعرون بفقرِ معلوماتِهم و ضَعفِ بِنيتِهم العلميةِ. لا لومَ عليهِم، فهم ضحيةُ نظامٍ تعليمي ضَحلٍ غرَسَ فيهم مفهومَ "هات م الآخر"، اِحفِظ كلمتين ورَدِدْهما في الإجاباتِ وكلُه ماشي؛ حتى المجتمعُ يتقبلُ الفهلوةَ والغشَ وتسريبَ الاِمتحاناتِ ويشجِعُ عليها!! كثيرٌ من الطلابِ يراهنون على ضَعفِ التصحيحِ أو التساهلُِ فيه، ومعهم في ذلك بعضٌ من صوابٍ؛ هذا في المدارسِ والجامعاتِ.

التعليمُ قبل الجامعي يتمُ في مُعظمِه من منازلِهم، لاِنشغالِ الطلابِ والأسرِ بالدروسِ والمراكزِ الخاصةِ عِوضًا عن المدارسِ التي أصبحَت عُنوانًا بلا موضوعٍ. يجتازُ الطلابُ الثانويةَ العامةَ بالطولِ وبالعرضِ ويلتحقون بالجامعاتِ وهم بنسبةٍ كبيرةٍ فاقدو كثيرًا من الأخلاقياتِ والتعليمِ، مع الأسف. أجيالٌ تُجيدُ الدخولَ بمنشوراتٍ وتعليقاتٍ على مواقعِ التواصلِ بلا اِستعدادٍ وتأهيلٍ حقيقي لتعليمٍ جامعي يقوم على بناءِ الشخصيةِ الاجتماعيةِ والعلميةِ. في ظل هذا القصورِ الذي كرَسَه التعليمُ قبل الجامعي ليس بغريبٍ أن تتدنى النتائجُ الأمينةُ في الجامعاتِ. لكن الغريبَ أن هناك من تجرأوا على التعليمِ الهندسي العالي واِبتسروا ساعاتِ وسنواتِ دراستِه وكأن ما سبَقَه من تعليمٍ مُكتملِ الأوصافِ ونسخةٍ من تعليمٍ بالغربِ!!

لكن أليسَ هناك طلبةُ دراساتٍ عُليا حاصلين على الماجستير والدكتوراة ومستواهُم للتواضعِ أقربُ، أقلُ القليلِ من اللغةِ والأسلوبِ والعِلمِ؟! أليسوا نتاجَ مفهومِ المشرفِ الإنجازي السريعِ ونظامِ الجوائزِ القائمِ على عددِ الرسائلِ التي يمنحُها المُشرفُ بغضِ النظرِ عن جودتِها؟ وماذا عن إداراتِ الكلياتِ التي تَتصورُ أن نجاحَها في رفعِ النتائجِ بحيث لا تقلُ نسبُ النجاحِ عن حدٍ معينٍ؟؟ وماذا عن رَبطِ اِستمرارَ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ في البرامجِ المدفوعةِ برضا الطلابِ؟؟ إذا كان هذا المنطقُ مَبلوعًا في الجامعاتِ الخاصةِ التِجاريةِ فكيف تَتبناه بَعضٌ من جامعاتِ الحكومة؟؟ وهل تَرضى الجودةُ الزائفةُ التي تستنزفُ أعضاءَ هيئةِ التدريسِ نفسيًا وجسمانيًا بالإعلانِ عن المُستوى الحقيقي للطلابِ وللعمليةِ التعليميةِ عمومًا من معاملٍ ومكتباتٍ وفصولٍ؟؟

التقديرُ واجِبُ لإداراتِ الكلياتِ التي لم تَرضْ الزَيفَ ولم ترضخْ لاِبتزازاتِ الراسبين ومواقعِ التواصلِ الاِجتماعي، ولم تتصورْ أن استدامةَ الكرسي والتصعيدَ في رَفعِ النتائجِ ، كما لم تَدَعْ جودةً يُكَذِبُها واقعٌ مريرٌ.

مبروك للناجحين في الثانويةِ العامةِ ولأهاليهم، سيَتضِحُ العامُ القادمُ من هم أصحابِ المَجموعِ الحقيقي.

كتَبتُ والكهرباءُ مقطوعةً، أهو طلعنا بحاجة.

أولُ مقالٍ أكتبُه بعد رحيلِ أمي الحبيبة، الله يرحمك يا أمي…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي