الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد أن سرقوا الكحل من عيوننا زمرة أحزاب السلطة تسرق النفط في لبنان قبل استخراجه من الآبار

حسن خليل غريب

2023 / 8 / 22
المجتمع المدني


قبل الدخول في هذا الموضوع الحساس لا بدَّ من التنويه من أننا لسنا أصحاب اختصاص في القوانين والمراسيم التشريعية حول موضوع النفط في لبنان، لذلك نستند في الكتابة عنه إلى أبحاث قام بها أكاديميون موثوقون. وإن من أهمهم نستند إلى بحث قام به الأستاذ أحمد ياسين.
وحسب الأستاذ ياسين نعرض أمام القارئ الكريم موجزاً عما حصل في هذا الملف منذ بداية الاهتمام به:
-في العام 2010، أقرَّ قانون (الصندوق السيادي) لإدارة عائدات النفط في لبنان، والذي فيه تم تشكيل الهيئة الوطنية الناظمة للثروة النفطية فيه. وكانت من أهم حسناته أنه وضع الثروة النفطية تحت رعاية سيادية للدولة اللبنانية من دون أي وسيط آخر بينها وبين الشركات التي تقوم بعملية استخراجه.
-في العام 2017، وجدت أحزاب السلطة في لبنان، التي تأسست على مبدأ ضمان المصالح النفعية لأمراء الطوائف وأحزابها، أن القانون المذكور يحرمها من تلك المنافع، فتقدمت بمشاريع للتعديل فيه بما يجعلها وصية على تلك الثروة.
-كان التعديل المفصلي الذي يضمن تلك المصالح ينص على إلغاء لـ(الهيئة الوطنية الناظمة)، واستبدالها بوسيط آخر بين الشركات المستثمرة والدولة اللبنانية. وهذا الوسيط هو عبارة عن شركات لبنانية خاصة يملكها لبنانيون من ذوي الحظوة عند أحزاب تقوم السلطة الحاكمة بأمرها، ودورها أن تحتكر الأرباح وتعطي للدولة نسبة ضئيلة منها لا تتجاوز العشرين بالمئة. وبهذا الاحتيال القانوني تحصل تلك الشركات الخاصة على ما لا يقل عن نصف عائدات الثروة النفطية في لبنان.
-الأخطر ما في هذا التشريع هو أنه بعد إقراره، تمَّ تأسيس ما لا يقل عن ثلاث وخمسين شركة خاصة، تعود ملكيتها لثلاث وخمسين شخصية لبنانية من النافذين في الأحزاب الطائفية من دون استثناء.
وعلى الرغم من أن المقدمة طويلة، وقد يكون متن المقال ضئيلاً بالنسبة لها، كان همنا الوحيد هو الكشف عن وسائل الخداع والاحتيال التي تمارسها أحزاب السلطة (كلن يعني كلن) وتستغفل فيها، ليس الشعب اللبناني كله، بل تستغفل فيه بشكل خاص عقول أتباعها ومريديها وأجرائها.
ما كان بودنا أن نقوم بإيصاله إلى حواشي الأمراء وأتباعهم ومريديهم والساكتين عن أحابيلهم ودهائهم، هو أن لا ينسوا على الإطلاق بأن من سرق الكحل من عيونهم في شتى المراحل، وأرداهم عمياناً؛ ووقر آذانهم وجعلها صماء؛ وبتر ألسنتهم وجعلها خرساء؛ فتعاموا عن المذلة التي تكويهم نيرانها بلظى الجوع والعطش. وجعلهم عمياناً لا يرون النعيم الذي يتلذذ به أمراؤهم، والبطر الذي يمارسه أولادهم. وجعلهم صُماً لا يجرأون على الجهر بما يشعرون به، ومن النقمة على وضعهم المزري. وشعروا بالعجز عن كسر اليد التي ظلمتهم بدلاً من أن (يقبِّلوها، ويدعون عليها بالكسر)، وهم واثقون أن الدعاء لن يجديهم نفعاً. وقطعوا قوة اللسان فيهم لكي لا يسمع أحد صراخهم، ودعوهم إلى الصبر على ما أصابوهم به من قلة، بل من شح بالأموال والأنفس، بـ(أن لهم الجنة).
هذه تلك وسائل الخداع والتضليل، التي يمارسونها مع المنقادين طوعاً لخزعبلاتهم. وليس هذا فحسب، بل درَّبوهم على تأديب كل من لم ينصاع إلى تلك الأخاديع واضطهادهم بـ(سحسوح) أو بتشهير، أو بتشويه سمعة، أو بإيذاء جسدي أو معنوي.
لكل هؤلا ء نقول: إذا سامحتموهم حسب منطق البسطاء على قاعدة (عفا الله عما مضى)، فلكم شأنكم، ولكم دين. ولكن لا تنسوا أن من سرق الكحل من عيونكم يخطط ليسرق مستقبل أولادكم وأحفادكم، فهؤلاء إذا سُرق مستقبلهم لن يسامحوكم، ولن يسامحوهم.
منذ ست سنوات رسم أمراء الطوائف، الذين سرقوا حاضركم، وسرقوا (قرشكم الأبيض)، وبعد أن مهدوا طريق البحث عنها بشتى الطرق الملتوية، وضعوا خارطة طريق لسرقة ثروة النفط لينعموا بمواردها، وليضعوها في جيوب أولادهم ليشتروا بها ذمم أولادكم لكي يكونوا أجراء في بلاطاتهم، وخدماً في قصورهم، وحراساً لهم في ثكناتهم الطائفية. وكما كنتم أنتم أجراء عند أمراء الطوائف، فسيبقى أولادكم، فلذات أكبادكم أجراء عند أولاد الأمراء.
وعلى قاعدة أن الإنسان العاقل لا يجوز أن يُلدغ من الحجر مرتين، وأنتم لُدغتم من الحُجر الطائفي السياسي منذ الزمن البعيد والقريب، أصبح من العار عليكم أن تعلموا أولادكم أن يحتاطوا ضد اللدغ من الحُجر ذاته، وأن يثوروا ضد الأيادي التي اعتقدتم أن عليكم (أن تقبِّلوها وتدعوا عليها بالكسر). بل علِّموهم أن باستطاعتهم أن يكسروها، وأن يرفضوا تقبيلها، لأنكم بالدعاء عليها لم تنكسر ولن تنكسر، فالدعاء هو وسيلة الضعفاء الخانعين.
في كل ثروات لبنان لأولادكم حصة، وهو حق لكم تنازلتم عنه لأمرائكم، بماضيكم وحاضركم، بمزاعم أنهم حماة الطوائف، فنهبوكم باسم طائفتكم، ونشروا الجوع في أبناء طوائفهم، ونشروا ثقافة الخنوع في نفوسهم. فجعتم أنتم وبشموا هم وأولادهم مما نهبوا، وسوف يبشمون أكثر فيما لو نالوا من الثروة النفطية واستولوا عليها، كما خططوا وشرَّعوا في الالتفاف على قانون إنشاء (الصندوق السيادي) لتلك الثروة، ووضعوها تحت رحمة شركاتهم الخاصة التي أسسوها منذ العام 2017.
يا من طأطأتم رؤوسكم أمام من يزعمون أنهم أمراؤكم، من الذين أضفيتم عليهم القداسة، بينما هم أقذر من عفاريت وشياطين مغطاة بعمائم الطائفية، أو مغطاة بربطة العنق الإفرنجية، نختتم مقالنا بتحريض أبنائكم لكي يدافعوا عن حقهم بثروات لبنان البرية والجوية والبحرية، حتى لا يندبوا مستقبلهم ويلطمون صدورهم، وتملأ الدموع عيونهم نادمين قائلين: لقد أُكلنا يوم أُكل آباؤنا، فيا ليتنا كنا مع الكاشفين لخديعة أمراء طوائفنا، ومع المتمردين على إملاءاتهم، ومع الرافضين لقداستهم، والثائرين ضدهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا


.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة




.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم


.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا




.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا